24 يوليو 2017 م

مؤمن آل ياسين

مؤمن آل ياسين

من القصص الشَّيِّقة التي يرويها لنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، قصة الرجل المؤمن الذي سمع بقدوم رسلٍ لمدينته، فرفض أهل المدينة دعوة هؤلاء الرسل الذين أرسلهم الله إليهم، وهمُّوا بقتلهم، إلا أنَّ هذا الرجل لم يأبه برفض قومه وعنادهم، بل واجههم وحاول إنقاذ الرسل بدعوة قومه إلى الإيمان بالله واتباع هؤلاء الرسل، وفي سبيل موقفه هذا دفع الرجل حياته ثمنًا لصدعه بالحقِّ ومواجهة قومه الكافرين، فكافأه الله تعالى على هذه الشَّجاعة خير الجزاء، والتي لم تكن مجرد شجاعة الإقدام والمواجهة، بل تضمنت أيضًا عددًا من المعاني والدلالات التي سنحاول بيانها فيما يلي.
في البداية يصور لنا القرآن قصة إرسال الرسل إلى إحدى الأماكن والتي ذهب كثير من المفسرين إلى أنها أنطاكية؛ فقال تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ۞ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ﴾ [يس: 13-14]، فكان جواب القوم المكابرة والعناد: ﴿قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ﴾ [يس: 15]، وبعد أن أكَّدَ لهم الرسل أنهم من عند الله استمرَّ القوم في غيِّهم: ﴿قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [يس: 18]، وهذا من عادة أهل الجهل؛ أن يتفاءلوا بكل شيء مالوا إليه واشتهوه وقَبِلَتْهُ طباعُهم، ويتشاءموا بما نفروا عنه وكرهوه، فإنْ أصابتهم نعمةٌ أو بلاءٌ قالوا: ببركة هذا وبشؤم هذا.
فماذا حدث بعد ذلك؟
يقول الله تعالى: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ۞ اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ۞ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ۞ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ۞ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ۞ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ﴾ [يس: 20-25]، يقال: إن هذا الرجل اسمه حبيب النجار، وقيل: إنه كان يصنع الأصنام، لكنه حين أدرك طريق النجاة سَلَكَهُ، ولم يكتفِ بذلك، بل إنه حاول أن يدعو قومه لسلوك ذات الطريق عسى أن ينجُوا في الدنيا والآخرة.
وهذا الرجل له لفتات في دعوته لقومه تدلُّ على ذكاءٍ وحسن تصرفٍ وإدراكٍ صافٍ للحقيقة الدينية، وكيفية دعوة قومه الكافرين.
لقد التفت هذا الرجل المؤمن في البداية إلى عدم سعي هؤلاء الرسل لتحصيل أي منفعة دنيوية، وذلك شأن الدعوة الحقَّة؛ ألَّا تكون وسيلةً للتكسب، فذلك مما يُخلُّ بقيمتها ويقلل من قدرها، إذ الدعوة الصادقة تقوم على البذل لا الأخذ؛ فقال الرجل لقومه: إنهم لا يسألونكم أجرًا على ما جاءوكم به من الهدى، وباتباعكم إياهم لن تخسروا شيئًا، بل إنكم ستربحون بالاحتفاظ بما تملكون، وبالنجاة من عذاب الله والفوز بجنته باتباع الدين الحق.
ثم إنه اتَّخذ سبيلًا في النُّصح لقومه بأسلوب منطقي بليغ لطيف، فتحدث كأنه ينصح نفسه، وهو يريد تقديم النصح لهم؛ فقال: ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾وهو يريد أن يقول لهم: ومالكم لا تعبدون الذي فطركم؛ بدليل أنه قال: ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ولم يقل: وإليه أرجع.
وعلى هذه الطريقة في الحديث أخذ يخاطب قومه، فيتساءل مستنكرًا: كيف يتخذ آلهة يعبدهم من دون الله، وهي في حقيقتها مخلوقات لا تضر ولا تنفع! وأنه إن فعل ذلك يكون في ضلال مبين! وأعلن إيمانه بالله داعيًا قومه أن يسمعوا له ويطيعوه، لكن قومه -كما يذكر المفسرون- قاموا بقتله، فأخبرنا الله بحاله وجزائه، قال تعالى: ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ۞ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ [يس: 26-27].
ومن دلالات قصة هذا الرجل المؤمن أيضًا أن المرء ينبغي أن يكون حريصًا على قومه وأهله ومجتمعه، يرجو لهم الخير، ويسعى لخيرهم وصلاحهم.
إن هذا الرجل المؤمن لم يشمت في قومه حين دخل الجنة، بل إنه تأسَّى على حالهم، وقال: يا ليتهم يعلمون بما رزقني الله به من نعيم وتكريم، وفي هذا تنبيه على وجوب كظم الغيظ، والحلم عن أهل الجهل والبغي، وعدم الشماتة بهم والدعاء عليهم.
المصادر:
- "تفسير الطبري".
- "الكشاف" للزمخشري.
- "التحرير والتنوير" للطاهر بن عاشور.
  

كان عقبةُ بنُ أبي مُعَيْطٍ مِن كفار قريش الذين قاموا بأفعال شديدة الوضاعة صدًّا عن دين الله ومحاربةً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بفناء الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكرٍ فأخذَ بمنكبِه ودفعَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [غافر: 28]" رواه البخاري.


كان ثوبانُ بن بجدد (أو جحدر) مولًى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان قد سُبِيَ من أرض الحجاز، فاشتراه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأعتقَه؛ فلزم ثوبانُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وصَحِبَه، وحفظ عنه كثيرًا من العلم.


سيدنا أنس بن النضر رضي الله عنه، هو عم سيدنا أنس بن مالك، خادم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قتل يوم أُحُدٍ شهيدًا، ويحكي أنس بن مالك عن عمه أنس بن النضر أنه غاب عن قتال بدر فقال: "يا رسول الله، غِبْتُ عن أول قتال قاتلت فيه المشركين، والله لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرينَّ الله ما أصنع"، فلما كان يوم أُحُدٍ انكشف المسلمون، فقال: "اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء"، يعني


أبو لبابة رفاعة بن عبد المنذر رضي الله عنه، كان نقيبًا من الأوس، شهد العَقَبَةَ، وسار مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى غزوة بدرٍ، فردَّه إلى المدينة فاستخلفه عليها، وبعد انتصار المسلمين ورجوعهم بالغنائم، ضرب له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنصيبه وأجره، واعتُبر كأنه شهد غزوة بدر؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي ردَّه واستخلفه على المدينة.


كان سيدنا سهيل بن عمرو قبل دخوله الإسلام من عتاة المشركين وكان أحد أشراف قريش وعقلائهم وخطبائهم وساداتهم، ومفاوضها مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، أُسر يَوْم بدر كافرًا، وروي أن عمر قال وسهيل في الأسر: "يا رَسُول اللَّهِ، أنزع ثنيتيه، فلا يقوم عليك خطيبًا أبدًا؟" فقال: «دعه يا عمر، فعسى أن يقوم مقامًا تحمده عليه»، فكان ذلك المقام أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 56
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :32