ما حكم سب الدين؟ وما جزاء مَن يفعل ذلك؟
سب الدين أمر مُحرم شرعًا؛ فإن قصد به المتلفِّظُ طريقةَ الشخص وتدينه وأخلاقه فهو آثمٌ شرعًا مُرتكبٌ لمعصيةٍ سمَّاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسقًا؛ فقال: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» متفقٌ عليه، أمَّا مَن سبَّ الدين مريدًا به دينَ الإسلام قاصدًا عالِمًا مختارًا فهذا هو الكفر المخرج عن الملة.
اتفق الفقهاء على أن مَن سَبَّ ملة الإسلام أو دين المسلمين فإنه يكون كافرًا، أما مَن شتم دينَ مسلم فإنه لا تجوز المسارعة إلى تكفيره؛ لأنه وإن أقدم على أمر محرَّم شرعًا إلا أنه لما كان محتملًا للدين بمعنى تدين الشخص وطريقته، فإن هذا الاحتمال يرفع عنه وصف الكفر، إلا أنه مع ذلك لا ينفي عنه الإثم شرعًا؛ لأنه أقدم على سب مسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» أخرجه الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كما أنه تجرأ بذلك على لفظ سَيِّئ قبيحٍ دائر بين الكفر والإثم؛ فإن سلِم من الكفر فإنه واقع في المعصية.
وقد نهى الشرع عن إطلاق الألفاظ الموهمة التي تحتمل معاني فاسدة، فكيف إذا احتملت الكفر وسب دين الإسلام! وعلى ذلك جرى كلام الفقهاء في تأثيم صاحبه واستحقاقه للأدب من قبل الحاكم، مع المنع مِن المبادرة بتكفيره:
فمقتضى كلام فقهاء الحنفية كما يقول العلامة ابن عابدين في "رد المحتار على الدر المختار" (4/ 230، ط. دار الفكر): [أنه لا يكفر بشتم دين مسلم؛ أي لا يحكم بكفره لإمكان التأويل. قال: ثم رأيته في "جامع الفصولين" حيث قال بعد كلام: أقول: وعلى هذا ينبغي أن يكفر من شتم دين مسلم، ولكن يمكن التأويل بأن مراده أخلاقه الرديئة ومعاملته القبيحة لا حقيقة دين الإسلام، فينبغي أن لا يكفر حينئذٍ، والله تعالى أعلم. اهـ. وأقره في "نور العين"، ومفهومه: أنه لا يحكم بفسخ النكاح، وفيه البحث الذي قلناه. وأما أمره بتجديد النكاح فهو لا شك فيه احتياطًا، خصوصًا في حق الهمج الأرذال الذين يشتمون بهذه الكلمة، فإنهم لا يخطر على بالهم هذا المعنى أصلًا] اهـ.
ونصَّ على ذلك المالكية أيضًا؛ ففي فتاوى العلامة الشيخ عليش المالكي "فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك" (2/ 347، ط. دار المعرفة): [يُؤخَذ مِن هذا: الحكم فيمن سب الدين أو الملة أو المذهب، وهو يقع كثيرًا من بعض سفلة العوام كالحمَّارة والجمَّالة والخدَّامين، وربما وقع من غيرهم؛ وذلك أنه إن قصد الشريعة المطهرة والأحكام التي شرعها الله تعالى لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فهو كافرٌ قطعًا، وإن قصد حالة شخص وتَدَيُّنَه فهو سب المسلم؛ ففيه الأدب باجتهاد الحاكم، ويفرق بين القصدين بالإقرار والقرائن] اهـ.
وعلى ذلك جرت الفتوى بدار الإفتاء المصرية؛ فقد جاء في الفتوى رقم 638 لسنة 1941م، لفضيلة المفتي الأسبق الشيخ عبد المجيد سليم: [لا يُفتَى بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن، وأن من ذلك ما يقع من العامة من سب الدين، فإنه يمكن حمل كلامهم على محمل حسن؛ لأنهم لا يقصدون سب دين الإسلام] اهـ.
وبناءً على ما ذكر وفي واقعة السؤال: فإن سب الدين أمرٌ محرمٌ شرعًا؛ فإن قصد به المتلفظ طريقة الشخص وتدينه وأخلاقه فهو آثم شرعًا مرتكب لمعصية سمَّاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسقًا، ولكنه لا يكون كافرًا ولا يجوز إطلاق الكفر عليه، أمَّا مَن سب الدين مريدًا به دينَ الإسلام قاصدًا عالمًا مختارًا فهو كافر مرتد عن الدين.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صلاتي في المنزل بدلًا من المسجد خوف الوقوع في الرياء وحبّ الظهور؟ وما الذي يجب عليَّ فعلُه؟
ما حكم تعاطي المخدرات والاتجار فيها والربح منها؟ فقد جاء من مكتب المخابرات العامة للمواد المخدرة ما يأتي: أتشرف بأن أرسل لفضيلتكم نسخة باللغة العربية من التقرير السنوي لمكتب المخدرات لسنة 1939م، وإني أنتهز هذه الفرصة فأعرب لفضيلتكم أن الحكومة المصرية قد وجهت عنايتها الكلية إلى محاربة المواد المخدرة كالكوكايين والهيروين والحشيش والأفيون؛ لما لمسته من ضررها البليغ بالأمة أفرادًا وجماعات ماديًّا وصحيًّا وأدبيًّا، وسلكت إلى ذلك مختلف الطرق الممكنة فسنت القوانين الرادعة لمنع زراعتها أو إحرازها أو تعاطيها أو الاتجار بها. وقد تصادف أثناء مكافحة هذه الزراعات والمواد بعض الجهلة من مروجيها يزعمون أن الدين لم يحرمها، وأنه لم يرد فيه نص يفيد ذلك، كما رئي أن بعض تجارها يباشرون بعض القربات من أرباحهم منها؛ كالحج والصدقات، زاعمين أن ذلك يقربهم إلى الله سبحانه وتعالى، ولما كنتم فضيلتكم المرجع في مثل هذه الشئون فإنا نتقدم إلى فضيلتكم راجين التفضل بالإجابة تفصيلًا عن الآتي:
أولًا: ما حكم تعاطي هذه المواد وبيانه؟
ثانيًا: ما حكم الاتجار فيها واتخاذها حرفة تدرّ الربح؟
ثالثًا: ما حكم زراعتها؟ أي: زراعة الأفيون والحشيش لاستخلاص المادة المخدرة منها لتعاطيها أو الاتجار بها.
رابعًا: ما حكم الربح الناتج من الاتجار في هذه المواد؟ وهل يعتبر حرامًا أو حلالًا؟ وإذا كان من قسم المحرّم فما هو الحكم في إنفاقه في القربات؟
ما الحكم الشرعي لتهرب الخاضع للضريبة من سداد ما فرضته عليه مصلحة الضرائب الحكومية، بحجة أن تقديراتها غير عادلة وظالمة؟
تواجه الإنسان في هذه الحياة بعض الصعوبات والمشكلات؛ فكيف يكون التوجيه الشرعي في ذلك؟
نرجو منكم بيان فضل مكة على غيرها من البلدان؟ ولماذا سميت بـ "أم القرى"؟
يقول السائل: أعرف رجلًا يُكثِر من الأعمال الصالحة وفعل الخير، ولكنه يتباهى مُعجبًا بذلك أمام الناس، ويرى أنه أفضل من غيره، فما التوجيه الشرعي فيما يفعله هذا الرجل؟