ما حكم الاستيلاء على أموال الدولة بغير حق والتهرب من دفع قيمة الفواتير؟ حيث تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-:
- ما حكم الأموال التي هي للحكومة -الغير مسلمة-؛ هل يجوز لمسلمٍ أن يستولي على هذا المال خِلْسةً أو سَرِقة وبحيث لا يتضرر أحد، أو يتحايَلَ بالاتفاق مع بعض موظفي الدولة على مقابلٍ. مثلا: يلفِّق الواحد منا أوراقًا تثبت أنه معاقٌ أو مريض وبالتالي تخصص الحكومة له راتبًا شهريًّا ولا يترتب على ذلك ضررٌ بأحد، هل يحل له هذا الراتب؟ أو بأن يلفِّق أوراقًا تثبت أن بيته قد احترق، أو انهدم بسبب العاصفة أو السيل، فتخصص له الحكومة مبلغًا من المال يحصل عليه من غير أن يتضرر أحدٌ من جرَّاء ذلك، إلا أنه أثناء تلفيق الأوراق يتم الاتفاق مع بعض الموظفين بترك قسطٍ متفقٍ عليه من هذا المال لهم.
- أرض بلدنا غنية بثروات طبيعية، كالغاز والبترول، وفي بلدنا عددٌ من مولِّدات الطاقة الكهربائية المائية، وهناك من يلعب بهذه الثروات؛ حيث إن المولدات تبنيها الحكومة الروسية على حسابها، يعني وزارة الطاقة الكهربائية، وتسلمها إلى وزارة الطاقة الداغستانية بسعرٍ معين، وتبيعها لمسئولي الطاقة القوقازية بسعرٍ آخر، وهم بدورهم يقومون ببيعها للجمهوريات القوقازية عامةً بسعر آخر، ثم في كل جمهوريةٍ أيضًا يقوم مسئولوها وبائعوها ببيعها لنا كمستهلكين بثمنٍ غالٍ جدًّا؛ بما تُقدَّر قيمته حاليًا لكل كيلوات بـ 2.5 روبل تقريبًا، ونحن يصعب علينا تسديد فواتير الغاز والكهرباء، فهل تجدون لنا رخصة نأخذ بها في أن نحتال لئلَّا ندفع قيمة هذه الفواتير الظالمة كاملةً أو لندفع جزءًا من قيمتها؟ أليس لنا حقٌّ في هذه الثروات الطبيعية التي أودعها الله سبحانه وتعالى في أرضنا، وهم يتكسبون من ورائنا وعلى حساب صحتنا؛ لأن لهذه المحطات أضرارًا صحية بالإنسان والحيوان؟ وحتى المساجد بيوت الله في الأرض لا يستثنونها من دفع قيمة هذه الفواتير.
لا يجوز شرعًا للمسلم أن يتعدى على أموال الدولة بالسرقة أو بإعطاء رشوة للتوصل إلى أخذ ما لا حق له فيه أو بالتهرب من دفع قيمة المستحق عليه من الفواتير ونحوها أو بأي طريقة من الطرق المذكورة بالسؤال، ويستوي في ذلك المسلم وغيره؛ لأن عقد المواطنة قائم مقام العهد الذي يُحفظ به الدمُ والمالُ؛ لما رُوي أن المغيرة رضي الله عنه صحب قومًا في الجاهلية فقتلهم، وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَمَّا الْإِسْلَام فَقَدْ قَبِلْنَا، وَأَمَّا الْمَالُ فَإِنَّهُ مَالُ غَدْرٍ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ» رواه أبو داود. والتحجج بدعوى أن الحكومة سلبت الأموال أو استغلت الثروات لا يبرر استباحة الأموال بحال، بل على المسلم التظلُّم أمام المحكمة أو اللجوء للتقاضي المحلي أو الدولي.
المحتويات
حفظُ المال أحدُ المقاصد الشرعية المرعية التي جاء بها الشرع الشريف وتوعَّد مَن أضَرَّ بها، وسواءٌ في ذلك حفظُ مال المسلم أو غير المسلم، ومن ثم حرم الله على المسلم التعدي على الأموال بالسرقة أو الاختلاس أو الانتهاب أو الغصب.. إلخ.
ما يحدث من سرقة أموال الدولة أو إعطاء رشوة للتوصل إلى أخذ مال بغير حق، أو التهربِ من دفع قيمة فواتير الغاز والكهرباء لا يجوز شرعًا، يستوي في هذا مال المسلم وغير المسلم؛ فقد أخرج البخاري في "صحيحه" عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه: كان المغيرة صحب قومًا في الجاهلية فقتلهم، وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَمَّا الإِسْلاَمَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا المَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ»، وعند "أبي داود": «أَمَّا الْإِسْلَام فَقَدْ قَبِلْنَا، وَأَمَّا الْمَالُ فَإِنَّهُ مَالُ غَدْرٍ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ».
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5/ 341): [قوله: «أَمَّا المَال فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ» أي لا أتعرض له؛ لكونه أخذه غدرًا، ويستفاد منه أنه لا يحل أخذ أموال الكفار في حال الأمن غدرًا؛ لأن الرفقة يصطحبون على الأمانة، والأمانة تؤدى إلى أهلها مسلمًا كان أو كافرًا] اهـ.
ما بين المسلمين ومن يساكنُهم في الوطن من المواطنة قائمٌ مقامَ العهد الذي يُحفظ به الدم والمال؛ قال العلامة الحصفكي في "الدر المختار" –مطبوع بحاشية ابن عابدين- (4/ 166): [دخَلَ مسلمٌ دار الحرب بأمان: حرُم تعرضُه لشيء من دم ومال وفرج منهم؛ إذ المسلمون عند شروطهم] اهـ. قال العلامة ابن عابدين معلِّلًا ذلك: [لأنه ضمن بالاستئمان أن لا يتعرض لهم، والغدر حرام] اهـ.
وقال الشيخ محمد أنور شاه الكشميري في "فيض الباري شرح صحيح البخاري" (5/ 365) في توصيف التعامل بين المسلمين وغيرهم في بلاد الهند: [الذي تحقق عندي أنَّ أهل الهند وإنْ لم يعاهدوهم حقيقة، غير أن المعاهدة قامت بينهم وبين السَّلطنة عملًا؛ فإِنَّ رَفْع الدَّعوْى إلى المحكمة والاستغاثة بهم، والاستعانة منهم في فَصْل الأقضية في الأموال والأنفس، والرجوعِ في كلِّ ما يُرْجع فيه إلى الحُكَّامِ معاهدةٌ حُكْمًا، وإن لم يكتبه أحدٌ من الفقهاء؛ وحينئذٍ تنقل التفاريع، ولا تكون لنا أحكام الأَسْرى، إلا أن تلك المعاهدةَ كانت قائمةً في الماضي في حق الأموال والأنفس جميعًا، وأما الآن فقد نبذنا إليهم حَقَّ الأَنفس على سواء، وهي باقية في الأموال بعد، فلا يجوزُ أَخْذُ أموالهم سرقةً، نعم إن أخذناها منهم عِوضًا عما لنا عليهم من الحقوق جاز، إلا أن أمثال تلك الأمور دناءةٌ، ولا نعطي الدنية في دِيننا، فإِنَّ القَتْلَ يُعدُّ جرأةً وشجاعةً، بخلاف السَّرِقة، والانتهاب، فإِنَّه يُعد لُؤمًا؛ نعم لو نبذنا إليهم في حقِّ الأموال أيضًا لارتفع عن الأموال أيضًا، إلا أنه ينبغي أن يكون على سواء، ليكون وفاءً لا غَدْرًا وفي حديثٍ أن كافرًا أمن، واعتمد على مسلم بدون معاهدة وموادعةِ بينهما، لا ينبغي للمُسْلم أن يقتله»] اهـ.
التحجج بأن الحكومة سلبت الأموال أو استغلت الثروات لا يبرر استباحة الأموال بحال؛ فإنه إذا تحقق ذلك فعلى المسلم سلوك الطرق المشروعة لمواجهة العدوان مِن التظلُّم أمام المحكمة أو اللجوء للتقاضي المحلي أو الدولي.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما هي كيفية سداد الدين المرهون بالذهب؟ وما حكم أخذ الأجرة على حفظه؟ فقد اقترض رجلٌ من صاحِبٍ له مبلغًا قدرُه سبعة آلاف جنيه، ورهن بهذا الدَّين مشغولاتٍ ذهبيةً قيمتُها وقت الاقتراض اثنا عشر ألف جنيه، وقبل حلول أجَل الدَّين عَرَض على الدائن أن يدفع ما عليه من الدَّين، فقال له: إن سعر الذهب قد ارتفع كثيرًا، وإنه يريد منه زيادة على المال المقتَرَض بما يساوي نسبته من الذهب وقت الاقتراض، فما حكم ذلك شرعًا؟ وهل يجوز له أن يطلب أجرةً مقابل حفظ الذهب المرهون؟
هل للدائن أن يؤخِّر أَجَل السداد إذا تَعَسَّر المدين مُقابِل الزيادة على المال المستحق بالتراضي بينهما؟
جمعية خيرية تم تسجيلها في وزارة الشؤون الاجتماعية، والغرض منها هو مساعدة المرضى غير القادرين للحصول على خدمات علاجية مميزة عن طريق العلاج في المركز الخيري الطبي الذي أنشئ خصيصًا لهذا الغرض.
والسؤال: هل يجوز للجمعية الصرف من أموال الزكاة لتسديد الديون المتراكمة على الجمعية لصالح كلٍّ من: التأمينات الاجتماعية، ووزارة الكهرباء، ومصلحة الضرائب؟
وهل يجوز للجمعية الصرف من أموال الزكاة على تطوير أماكن تقديم الخدمات الطبية للمرضى القادرين وغير القادرين، مثل: أماكن الإقامة، وغرف العمليات، والبنية التحتية؟
ما حكم حرق البضاعة من أجل الحصول على المال؟ مثل شراء سلعة بالتقسيط وبيعها في نفس الوقت للحصول على سيولة مالية؟ حيث ظهر في هذه الأيام ما يسمّونه بـ"حرق البضائع" وهي طريقة بيع يلجأ إليها البعض للحصول على سيولة مالية، وصورته: أن يشتري من التاجر سلعة معينة بالتقسيط، ثم يبيعها لذات التاجر بسعر حالٍّ معجل، لكنه أقل؛ رغبة في توفير سيولة نقدية لقضاء بعض الحوائج الحياتية أو التجارية، فهل هذا جائز؟
وهل هذه المعاملة هي العِينَة التي ورد النهي عنها في السنة المشرفة؟
وهل يختلف الأمر لو كان المشتري للسلعة ثانيًا ليس هو بائعها الأول؟
السلام عليكم، زوجي ضَمِنَ أخي في شراء سيارة عندما كنّا في إحدى دول الخليج، وتوفي زوجي في فترة الغزو، وفوجئنا بالبنك يطلب زوجي لتسديد دين أخي، وعندما عرفوا أنه توفي طالبوا أخي، وعندما أبلغناه قال: إن الحكومة عفت عن الديون لأهل هذه الدولة، وأكيد عَفَوَا عني.
ورجع إلى هذه الدولة مرة أخرى وعمل بها عدة سنوات ولم يسدد الدين، وعرف أخيرًا بعد إلحاحي لسؤاله عن: هل سقط الدين عليه أم لا؟ فعرف أن الدين لم يسقط عنه، وأخي عنده الآن ما يضمن سداد الدين ولكنه يدر عليه دخلًا للإنفاق على أسرته، وأنا أرملة لا أعمل الآن ولي خمسة أبناء في مراحل التعليم المختلفة، ولي بنات أريد زواجهن.
فهل أنا وأبنائي مجبرون على سداد دين أخي لأن زوجي ضامن؟ مع العلم بأن أخي اعترف بالدين وأبرأ زوجي منه وسيحاول سداده فيما بعد، وأنا أعرف أن المتوفى لا يبرأ إلا بعد سداد الدين، وهذا ليس عليه ولكن على أخي وهو معترف به وأبرأ زوجي منه.
فرجائي أن تخبرني برأي الدين هل الدَّين ما زال على زوجي -ورثته- أم على أخي؟ وفقكم الله.
سائل يقول: نرجو منكم بيان المراد من قول النبي عليه الصلاة والسلام: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ»؟