حكم تكفير الجماعات التي تحمل السلاح

تاريخ الفتوى: 09 فبراير 2014 م
رقم الفتوى: 3428
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: البغاة
حكم تكفير الجماعات التي تحمل السلاح

بعض الناس يروج لتكفير الجماعات الدينية المُتَّهَمة بحمل السلاح واستعماله في الاعتصامات والتظاهرات ضد الجيش والشرطة؛ مستدلًا بحديث: «مَن حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيسَ مِنَّا»، ويقول: إنه محمول على الحقيقة لا على المجاز؛ لعدم وجود قرينة صارفة، والأصل في الكلام الحقيقة، وما لا يحتاج إلى تأويل أولى مما احتاج إلى تأويل، فهل ذلك الفهم وهذا التوجيه صحيحان مستقيمان؟

حمل المسلم السلاحَ على المسلمين أمرٌ محرمٌ شرعًا، والمتلبس بهذا العمل مرتكبٌ لمعصية عظيمة، ومفسدٌ في الأرض، وضالٌّ عن الصراط المستقيم، ومع ذلك لا يجوز الحكم على المسلم بالكفر لمجرد حمله للسلاح إن كان لا يستحل ما يصنع أو كان له تأويل فيما يصنع ولو كان فاسدًا؛ لأن المستقر في عقائد أهل السنة والجماعة أن مرتكب المعصية لا يكفر بمجرد ارتكابها، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا» محمولٌ على الزجر الشديد عن هذا الفعل، وليس محمولًا على الحقيقة كما نص على ذلك جماهير العلماء من أهل السنة والجماعة؛ وذلك بتتبع النصوص الشرعية من الكتاب والسنة والجمع بينها.

المحتويات

 

المقصود بالكفر وبيان خطر تكفير المسلمين

الكفر هو جحود الإنسان لأصل من أصول الدين القطعية، أو ارتكابه لفعلٍ ينقض الإسلام؛ يقول الإمام ابن حزم في "الإحكام في أصول الأحكام" (1/ 49- 50، ط. دار الآفاق الجديدة): [والكفر أصله في اللغة: التغطية...وهو في الدِّين: صِفةُ مَن جَحَد شيئًا مما افترض الله تعالى الإيمان به، بعد قيام الحجة عليه؛ ببلوغ الحق إليه، بقلبه دون لسانه، أو بلسانه دون قلبه، أو بهما معًا، أو عمل عملًا جاء النص بأنه مُخرِجٌ له بذلك عن اسم الإيمان] اهـ. ولا يخفى أنه لا تعلق في الحكم على الناس سوى بالظاهر، وأما صاحب الجحود القلبي الذي يظهر منه الإسلام فيُكتَفى منه بالظاهر، ولا يُفَتَّش عن السرائر والضمائر، وكُفره إنما هو فيما بينه وبين الله تعالى.

ويقول الإمام تقي الدين السبكي في "فتاويه" (2/ 586، ط. دار المعارف): [التكفير حكمٌ شرعي، سببه: جحد الربوبية أو الوحدانية أو الرسالة، أو قولٌ أو فعلٌ حَكَمَ الشارعُ بأنه كُفْرٌ، وإن لم يكن جَحدًا] اهـ.
والحكم بالكفر على مسلم مُعَيَّن يستتبعه مجموعةٌ من الآثار شديدةُ الخطر؛ منها: أنه قد يحكم القضاء بقتله، وأنه لا يجوز له أن يتزوج بمسلمة أو يستبقيها زوجة له، بل يجب التفريق بينهما، وأنه لا ولاية له على مسلم، وأنه إذا مات لم يُغَّسَّل ولم يُصلَّ عليه ولم يُدْفَن في مقابر المسلمين، وأنه لا يجري التوارث بينه وبين أقاربه المسلمين، وأنه مستحق لغضب الله تعالى ولعنته والخلود أبدًا في نار جهنم.
ولما كان الحكم بالكفر على المُعَيَّن بهذه الخطورة الشديدة، فقد حَذَّرَ الشرع الشريف مِن التورط فيه مِن غير دليل أو مستند؛ لأن التكفير حكم شرعي، فلا يجوز الإقدام عليه إلا بدلالة الشريعة؛ يقول الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33]. وتكفير من لا يستحق التكفير من البغي؛ لأن البغي: الظلم، والظلم: مجاوزة الحد، وهذا النوع من التكفير تجاوز للحد.
وقال تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: 94]؛ قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (5/ 338، ط. دار الكتب المصرية): [أي: لا تقولوا لمن ألقى بيده واستسلم لكم وأظهر دعوتكم: لستَ مؤمنًا. وقيل: السلام؛ قوله: السلام عليكم، وهو راجع إلى الأول؛ لأن سلامه بتحية الإسلام مُؤذِنٌ بطاعته وانقياده] اهـ.
وروى الشيخان -واللفظ لمسلم- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ».
وروى البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لَا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالفُسُوقِ وَلَا يَرْمِيهِ بِالكُفْرِ إِلَّا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ».
قال الإمام النووي في شرح حديث مسلم (2/ 49-50، ط. دار إحياء التراث العربي): [في تأويل الحديث أوجه؛ أحدها: أنه محمول على المستحل لذلك، وهذا يَكْفُر، فعلى هذا معنى باء بها؛ أي: بكلمة الكفر...أي: رجع عليه الكفر...والوجه الثاني: معناه: رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره. والثالث: أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين، وهذا الوجه نقله القاضي عياض رحمه الله عن الإمام مالك بن أنس، وهو ضعيف؛ لأن المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون: أن الخوارج لا يكفرون، كسائر أهل البدع. والوجه الرابع: معناه أن ذلك يئول به إلى الكفر؛ وذلك أن المعاصي -كما قالوا- بريد الكفر، ويُخاف على المُكثر منها أن يكون عاقبة شؤمها المصير إلى الكفر...والوجه الخامس: معناه: فقد رجع عليه تكفيره، فليس الراجع حقيقة الكفر، بل التكفير؛ لكونه جعل أخاه المؤمن كافرًا، فكأنه كَفَّر نفسه؛ إما لأنه كَفَّر من هو مثله، وإما لأنه كَفَّر مَن لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام، والله أعلم] اهـ.
فلا يكون وَصْفُ الكفر لاحقًا بالمعين إلا بعد وجود الشروط وانتفاء الموانع، فالشيء قد يكون كفرًا في ذاته، لكنه لا يمكن تكفير من تلبس به؛ لفقد شرط -كالتكليف مثلًا- أو وجود مانع معتبر، كالجهل والتأويل في بعض المواطن.
وفي ذلك يقول الشيخ ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (7/ 619، ط. مجمع الملك فهد): [القول قد يكون كفرًا كمقالات الجهمية الذين قالوا: إن الله لا يتكلم ولا يُرى في الآخرة؛ ولكن قد يخفى على بعض الناس أنه كفر فيطلق القول بتكفير القائل؛ كما قال السلف: من قال: القرآن مخلوق، فهو كافر، ومن قال: إن الله لا يُرى في الآخرة فهو كافر، ولا يكفر الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة...كمن جحد وجوب الصلاة والزكاة واستحل الخمر والزنا وتأول. فإن ظهور تلك الأحكام بين المسلمين أعظم من ظهور هذه فإذا كان المتأول المخطئ في تلك لا يحكم بكفره إلا بعد البيان له واستتابته؛ كما فعل الصحابة في الطائفة الذين استحلوا الخمر، ففي غير ذلك أولى وأحرى] اهـ.
وقال في "المسائل الماردينية" (ص: 155، ط. دار الفلاح): [الأقوال التي يكفر قائلها، قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون عرضت له شبهات يعذره الله تعالى بها، فمن كان من المؤمنين مجتهدًا في طلب الحق وأخطأ فإن الله عز وجل يغفر له خطأه كائنًا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجماهير أئمة الإسلام،- ثم قال:- و...مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين] اهـ.
وكذلك إذا دار فعل المسلم أو قوله بين محمل حسن بعيد ومحمل قبيح قريب، حمل على الحسن ولو كان بعيدًا؛ استصحابًا ليقين إسلامه، وإحسانًا للظن به، واحترازًا من الوقوع في ورطة التكفير بغير حق.
قال الإمام أبو حامد الغزالي في "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص: 135، ط. دار الكتب العلمية): [والذي ينبغي أن يميل المُحَصِّل إليه: الاحتراز من التكفير ما وجد إليه سبيلًا؛ فإن استباحة الدماء والأموال من المُصَلِّين إلى القبلة المُصَرِّحين بقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" خطأ، والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم] اهـ.
وقال العلامة ابن نجيم في "البحر الرائق" (5/ 134، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وفي "الخلاصة" وغيرها: إذا كان في المسألة وجوه توجب التكفير، ووجه واحد يمنع التكفير، فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير؛ تحسينًا للظن بالمسلم] اهـ.

الأدلة على أن مرتكب المعصية لا يكفر بمجرد ارتكابها

المستقر في عقائد أهل السنة والجماعة أن مرتكب المعصية لا يكفر بمجرد ارتكابها؛ قال الإمام الطحاوي في "عقيدته" التي تلقتها الأمة بالقبول (ص: 102 -مع "شرح البابرتي"- ط. وزارة الأوقاف الكويتية): [ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله] اهـ.
قال شارحه العلامة البابرتي: وإنما قال هذا ردًّا على الخوارج الذين قالوا بأن المسلم إذا ارتكب كبيرة يخرج عن الإيمان ويدخل في الكفر، وعلى المعتزلة الذين قالوا: يخرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر، ويكون بين المنزلتين. اهـ.
وقد كثرت الأدلة الواردة في أن العبد المؤمن لا يكفر بمجرد ارتكابه الذنب، ولو كان ذلك الذنب من الكبائر؛ منها:
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [التحريم: 8]؛ فقد سَمَّى المذنبين مؤمنين، فَدَلَّ ذلك على أن مجرد ارتكاب الذنب لا يُخْرِج عن الإيمان.
وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: 178]؛ فالقتل معصية من الكبائر، ومع ذلك فقد سمى الله تعالى القاتل أخًا، والمتبادر من وصف الأخوة تقييده بالإيمانية، كما ورد في صدر الآية.
وروى الشيخان عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي، فَأَخْبَرَنِي -أَوْ قَالَ: بَشَّرَنِي- أَنَّهُ: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ»، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ»؛ فهذا الحديث صريح في أن ارتكاب الإنسان الكبائر لا يحول بينه وبين دخول الجنة ما دام قد مات على التوحيد.
وروى الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً»؛ فهذا الحديث يدل على أن الذنوب التي هي دون الشرك ليست حائلة بين الإنسان التي وقعت منه وبين مغفرة الله تعالى، والمغفرة لا تكون للكافرين.
وروى أبو داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي»؛ فأثبت لهم الإسلام مع وقوع الكبائر منهم.
وروى البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال -وحوله عصابة من أصحابه-: «بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللهُ فَهُوَ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ»، فبايعناه على ذلك.
قال الإمام المازَري في "المعلم بفوائد مسلم" (2/ 398، ط. الدار التونسية للنشر): [هذا الحديث رَدٌّ على من يُكَفِّر بالذنوب؛ وهم الخوارج، ورَدٌّ على من يقول: لا بد من عقاب الفاسق المِلِّي إذا مات على كبيرة ولم يتب منها؛ وهم المعتزلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذَكَرَ هذه المعاصي وأخبر أن أمر فاعلها إلى الله سبحانه: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه، ولم يقل: لا بد أن يعذبه] اهـ.

توجيه الأحاديث التي نفت الإيمان عن مرتكب المعصية

أما ما جاء في بعض النصوص الشرعية من نفي الإيمان عن مرتكب بعض الذنوب، أو وصفه بالكفر، أو بأنه: "ليس منا"، فهو مؤول بحمله على الزجر والتنفير عن المعصية، لا على الكفر الحقيقي الموجب لمفارقة صاحبه للإسلام؛ وذلك جمعًا بين الأدلة.
ومثال ذلك: ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ».
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (2/ 41-42، ط. دار إحياء التراث العربي): [هذا الحديث مما اختلف العلماء في معناه؛ فالقول الصحيح الذي قاله المحققون: أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ويراد نفي كماله ومختاره؛ كما يقال: لا عِلمَ إلا ما نفع، ولا مالَ إلا الإبل، ولا عيشَ إلا عيشُ الآخرة. وإنما تَأَوَّلناه على ما ذكرناه؛ لحديث أبي ذر وغيره: «مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله دَخَلَ الْجَنَّة، وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ»، وحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه الصحيح المشهور أنهم بايعوه صلى الله عليه وآله وسلم على أن لا يسرقوا ولا يزنوا ولا يعصوا إلى آخره، ثم قال لهم صلى الله عليه وآله وسلم: «فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ، فَأَجْرُهُ عَلَى الله، وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَته، وَمَنْ فَعَلَ وَلَمْ يُعَاقَب، فَهُوَ إِلَى الله تَعَالَى، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» فهذان الحديثان مع نظائرهما في الصحيح مع قول الله عز وجل: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 48]، مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل -وغيرهم من أصحاب الكبائر غير الشرك- لا يَكْفُرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصو الإيمان، إن تابوا سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مُصِرِّين على الكبائر كانوا في المشيئة؛ فإن شاء الله تعالى عفا عنهم وأدخلهم الجنة أَوَّلًا، وإن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة، وكل هذه الأدلة تضطرنا إلى تأويل هذا الحديث وشبهه، ثم إن هذا التأويل ظاهر، سائغ في اللغة، مستعمل فيها كثير، وإذا ورد حديثان مختلفان ظاهرًا وجب الجمع بينهما، وقد وردا هنا، فيجب الجمع، وقد جمعنا.
وتأوَّل بعض العلماء هذا الحديث على مَن فَعَلَ ذلك مُسْتَحِلًّا له، مع علمه بورود الشرع بتحريمه، وقال الحسن وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري: معناه: يُنْزَع منه اسمُ المدح الذي يُسَمَّى به أولياء الله المؤمنين، ويَستحق اسم الذم؛ فيقال: سارق، وزانٍ، وفاجر، وفاسق. وحُكِي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معناه: يُنزَع منه نور الإيمان، وفيه حديث مرفوع. وقال المهلب: ينزع منه بصيرته في طاعة الله تعالى. وذهب الزهري إلى أن هذا الحديث وما أشبهه يؤمَن بها، ويُمَر على ما جاءت، ولا يخاض في معناها، وأنَّا لا نعلم معناها، وقال: أَمِرُّوها كما أَمَرَّها مَن قبلكم. وقيل في معنى الحديث غير ما ذكرته مما ليس بظاهر، بل بعضها غلط فتركتها، وهذه الأقوال التي ذكرتها في تأويله كلها محتملة، والصحيح في معنى الحديث ما قدمناه أولًا. والله أعلم] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 34، ط. دار المعرفة): [وبه تَعَلَّق الخوارج؛ فكَفَّروا مرتكبَ الكبيرة عامدًا عالمًا بالتحريم، وحَمَل أهلُ السُّنَّة الإيمانَ هنا على الكامل؛ لأن العاصي يصير أنقص حالًا في الإيمان ممن لا يعصي، ويحتمل أن يكون المراد: أن فاعل ذلك يؤول أمره إلى ذهاب الإيمان] اهـ.
ومن الأمثلة أيضًا: ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:«لاَ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَهُوَ كُفْرٌ».
قال الإمام ابن بطال في "شرح البخاري": (8/ 383-384، ط. الرشد): [قيل: ليس معناه الكفر الذى يستحق عليه التخليد في النار، وإنما هو كفر لحَقِّ أبيه ولحَقِّ مواليه؛ كقوله في النساء: «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ»، والكفر في لغة العرب: التغطية للشيء والستر له، فكأنه تغطية منه على حق الله عز وجل فيمن جعله له والدًا، لا أنَّ مَن فعل ذلك كافر بالله حلال الدم] اهـ.
ومن الأمثلة أيضًا: الحديث المُسْتَدَلُّ به على ما ذُكِر في السؤال، وهو ما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا». والقول فيه مثل القول في نظيريه السابقين؛ أنه محمول على الزجر الشديد عن الفعل.
وقد ذكر الإمام الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3/ 378، ط. مؤسسة الرسالة) هذا الحديث وجملة أخرى من الأحاديث الشبيهة به؛ نحو: ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»، وما رواه أبو داود عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «الْوِتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا»، وما رواه الترمذي عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا»، وما رواه الحاكم في "المستدرك" عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا»، ثم قال الطحاوي: [فكانت هذه الأشياء -التي نفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كانت منه أو كانت فيه عنه- أشياءَ مذمومة، فكان الله عز وجل قد اختار له صلى الله عليه وآله وسلم الأمور المحمودة، ونفى عنه الأمور المذمومة، فكان مَن عمل الأمور المحمودة منه، ومَن عمل الأمور المذمومة ليس منه؛ كما حكى عز وجل عن نبيه إبراهيم من قوله في ذريته: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [إبراهيم: 36]، وكما قال عز وجل مخبرًا لعباده في قصة نبيه داود صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ [البقرة: 249]، في أمثالٍ لهذا موجودةٍ في الكتاب، معناها: المعنى الذي ذكرنا، فدَلَّ أن كل عامل عملًا على شريعة نبيه الذي عليه أتباعه فإنه منه، وأن كل عامل عملًا تمنع منه شريعة نبيه -الذي عليه أتباعه- ليس منه؛ لخروجه عن ما دعاه إليه وعن ما هو عليه إلى ضد ذلك] اهـ.
وقال الإمام المازَري في "المُعلِم" (1/ 306): [لا حجة فيه لمن يقول: إن العاصي خرج من الإيمان؛ لأنه يحتمل أن يكون أراد: من فعل ذلك مُستحلًّا له، أو "ليس منا" بمعنى: ليس بمتبع هدينا ولا سنتنا؛ كما يقول القائل لولده: "لست مني" إذا سلك غير أسلوبه] اهـ.
وأما القول بأنه محمول على الحقيقة لا على المجاز؛ لعدم وجود قرينة صارفة فغير صحيح؛ لأن الجمع بين الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة يُعَيِّنُ صرف الحديث عن ظاهره؛ أما القرآن الكريم: فقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ﴾ [الحجرات: 9]، فنعت الطائفتين بالإيمان رغم تقاتلهما.
وأما السنة المطهرة: فقد سبق ذكر الأحاديث الشريفة في كلام الإمام النووي السابق نقله.

حكم تكفير الجماعات التي تحمل السلاح

تلك الجماعات الدينية التي تحمل السلاح ضد إخوانهم في الجيش والشرطة لا يحملونه إلا بتأويل فاسد منهم في ذلك، فكانوا كالخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وحملوا على المسلمين السلاح، ومع ذلك فلم يحكم عليهم بالكفر؛ فقد روى عبد الرزاق في "مصنفه" عن الحسن أنه قال: لما قتل علي رضي الله عنه الحرورية قالوا: مَن هؤلاء يا أمير المؤمنين أكفارٌ هم؟ قال: "مِن الكفر فَرُّوا" قيل: فمنافقون؟ قال: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلًا وَهَؤُلَاءِ يَذْكُرُونَ اللهَ كَثِيرًا"، قيل: فما هم؟ قال: "قَوْمٌ أَصَابَتْهُمْ فِتْنَةٌ، فَعَمُوا فِيهَا وَصُمُّوا".
قال الإمام ابن بطال في "شرح البخاري" (10/ 16) -عند شرح حديث: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا»-: [قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَلَيْسَ مِنَّا»: يعنى: ليس متبعًا لسُنتنا ولا سالكًا سبيلنا، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ»؛ لأن مِن حق المسلم على المسلم أن ينصره ولا يخذله ولا يسلمه، وأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضُه بعضًا، فمن خرج عليهم بالسيف بتأويل فاسدٍ رآه فقد خالف ما سَنَّهُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم مِن نُصرة المؤمنين وتعاون بعضهم لبعض، والفقهاء مجمعون على أن الخوارج من جملة المؤمنين؛ لإجماعهم كُلِّهم على أن الإيمان لا يزيله غير الشرك بالله ورسوله والجحد لذلك، وأن المعاصي غير الكفر لا يكفر مرتكبها] اهـ.
فمن حمل السلاح على المسلمين من تلك الجماعات المذكورة فهو مفسد ضال عن الصراط المستقيم، ولكن القول بكفره لمجرد حمله السلاح خطأ وباطل مخالف للأدلة الشرعية، ما دام لم يستحل ما يفعل، أو كان له تأويل فيه وإن كان فاسدًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم التعدي على أرض لبناء مسجد عليها دون رغبة أصحابها؛فرجلٌ يملك وإخوته الأشقاء قطعة أرض عليها مبان من دور واحد، وقد قام بعض الأهالي بالتعدي على هذه الأرض وهدموا ما عليها من مبان بحجة إقامة مُصَلَّى عليها، دون رغبته هو وباقي إخوته. فما حكم الشرع في ذلك؟


ما حكم تحويل دار لتحفيظ القرآن الكريم إلى محلات تجارية؟ فقد تم جمع تبرعات لإقامة دار لتحفيظ القرآن الكريم، وبعد إقامتها قام المسؤول عنها بتحويلها إلى محلّات تجارية؛ لأغراض استثمارية. فما حكم الشرع الشريف في ذلك؟


الطلب المُقدَّم من السيد وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية عن مركز قويسنا منوفية، والمتضمن: نرجو من فضيلتكم التكرم بإصدار فتوى شرعية مُوثَّقة بخصوص رغبة بعض الأهالي مِن قرية (ميت القصري) مركز قويسنا؛ أصحاب الأفكار المتطرفة، بهدم ونقل ضريح أولياء الله الصالحين (السادة القَصاروة)، بحجة توسعة المسجد، في حين أن الضريح ملاصقٌ للمسجد وبجدرانٍ منعزلة عن المسجد، فقاموا بهدم الغرفة الخارجية للضريح تمهيدًا لإزالة الضريح نفسه أو دفنه في الأرض وعمل سيراميك والصلاة عليه؟!
ومرفق لسيادتكم بعض المستندات الدالة على ذلك، مع التأكيد أن هذا العمل أشعل نار الفتنة بين الأهالي من مؤيِّدٍ ومعارض. وإن فتاواكم الكريمة سوف تطفئ نار هذه الفتنة وهذا الجدل وهذا الفكر الدخيل علينا في تحريم الصلاة بمسجد فيه أضرحة لأولياء الله الصالحين الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن وفي الحديث القدسي: «مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ» رواه البخاري.
جعلكم الله نصيرًا لأوليائه الصالحين، ولسيادتكم منا كل الاحترام والتبجيل.
وبالنظر في المرفقات بالطلب تبين لنا ما يأتي:
- تقدم أحد أهالي القرية، بطلب إلى أوقاف قويسنا لتوسعة مسجد السادة القَصاروة، وقد حصل على الموافقة من الوزارة بعمل التوسعة اللازمة على نفقته الخاصَّة وبجهوده الذاتية، وبالاطلاع على المستندات الخاصَّة بهذا الأمر وجدنا أنَّ:
• وزارة الأوقاف اشترطت أن يتم عمل التوسعة تحت إشراف المديرية وبالشروط المعتمدة وفق ما تم اعتماده من الرسومات وطبقًا للتراخيص الصادرة من الجهات المختصة؛ كما هو مُبيَّن من تصريح مدير عام المشروعات والتصميمات بالوزارة.
• لم يتعرَّض التصريح بذكر هدم الضريح أو نقله أو هدم الغرف المجاورة للضريح؛ بل هو تفويض من الأوقاف باسم المتبرع لعمل توسعة مسجد السادة القصاروة.
• أخذ المتبرع إقرارًا على نفسه بعدم المساس بالضريح وبالحفاظ عليه حسب التعليمات الواردة من الإدارة وكما هو مُبيَّن من خطاب القسم الهندسي بالوحدة المحلية بقرية (طَهْ شبرا) الموجَّه للسيد وكيل الوزارة رئيس مجلس ومدينة قويسنا.
- تمَّ تشكيل لجنة من إدارة أوقاف قويسنا مكوَّنة من خمسة أعضاء برئاسة مدير الأوقاف، بناءً على قرارٍ من مديرية أوقاف المنوفية، وانتقلت اللجنة للمسجد، وتبين من تقريرها المرفق ما يأتي:
أولًا: قام المتبرع بعمل التوسعة من الناحية القبلية الموجودة بين دورة مياه المسجد ومكان الوضوء، وبين جدار القبلة الموجود بالمسجد القديم، (مرفق رسم توضيحي لعملية التوسعة).
ثانيًا: بعد الانتهاء من أعمال التوسعة تبيَّن وجود ضريحين وسط المسجد، وغرفة خارج المسجد، وقد أقيم على الضريحين أقفاص حديدية للحفاظ عليهما.
ثالثًا: عند وجود اللجنة للمعاينة على الطبيعة حضر بعض رواد المسجد وانقسموا إلى فريقين:
الفريق الأول: يرى عدم المساس بالضريحين ويرغب في بناء غرفة خاصة بالضريحين وعمل باب خاص للدخول لزيارة الضريحين داخل التوسعة الجديدة.
الفريق الثاني: يرى نقل الأضرحة إلى غرفة خاصة موجودة بالفعل ملصقة بالمسجد والغرفة لها بابان: باب على الشارع الرئيسي، وباب جانبي للدخول منه للمسجد، وبهذا تتحقق الفائدة من عملية التوسعة للمسجد لوجود الأضرحة في الربع الأول من التوسعة الجديدة وسط المسجد.
خامسًا: توصي اللجنةُ بأن يقوم المتبرع بطلب إلى المجلس الأعلى للطرق الصوفية للبت في الضريحين من حيث النقل وعدمه، مع الاحتفاظ بالضريحين لحين إحضار رأي المجلس الأعلى للطرق الصوفية صراحة. كما توصي اللجنة الإدارة الهندسية بشبين الكوم بعدم إصدار أي قرار يخص الضريحين أو المسجد؛ سواء بهدم جدار القبلة الحائل بين الضريحين والمسجد القديم أو الجدار الغربي في التوسعة الجديدة، إلا بعد الانتهاء التام من جميع الأعمال المتعلقة بالمسجد وإحضار قرار المجلس الأعلى للطرق الصوفية.
- تقدَّم المتبرع بطلبٍ للمشيخة العامة للطرق الصوفية، يريد فيه الموافقة على إحلال وتجديد الضريحين الموجودين بمسجد السادة القَصاروة.
- وبعد ذلك تبين أنَّ المتبرع لم يعمل بمضمون تصريح وزارة الأوقاف بخصوص التوسعة؛ بل بدأ العمل في جهة الضريح وهي غير الجهة المُصرَّح بها من الأوقاف، وقام بهدم الغرفة الخارجية لضريح السادة القصاروة، وحجرة الضيافة الخاصَّة بالضريح، وأيضًا جدار القبلة، ثم قام ببناء ضريح صوري تمهيدًا لإزالة الضريح الحقيقي ودفنه في الأرض وعمل سيراميك للصلاة عليه، فقام أهل القرية بعمل محضرٍ في النيابة العامة وأمن الدولة، ثمَّ عمل شكوى لوزارة الأوقاف؛ فقامت اللجنة الهندسية بأوقاف قويسنا بتحرير محضرٍ بذلك، ثم أخذت الإدارة إقرارًا على المتبرع أن يُعيد بناء الغرفة الخاصة بالضريح مرةً أُخرى.
- أرسل وكيل مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا خطابًا إلى الأمين العام للمشيخة العامة للطرق الصوفية، يُبيِّنُ فيه ما حدث من هدمٍ في المسجد، وأنَّ الأضرحة أصبحت عارية في ساحة المسجد، وذلك لأخذ اللازم والمحافظة على حرمة وقدسية أولياء الله الصالحين والتأدب معهم ظاهرًا وباطنًا.
- كما قام مدير إدارة أوقاف قويسنا بإخطار وكيل وزارة أوقاف المنوفية بخطابٍ محررٍ بأنَّ المتبرع ما زال يخالف التعليمات ويرفض تنفيذها، رغم الإقرارات المأخوذة عليه، ونحن نخلي مسؤولية إدارة أو قاف قويسنا والقسم الهندسي بها من أي تقصير تجاه هذا الأمر، والرجاء اتِّخاذ اللازم.
- وقد ردَّ الأمين العام للمشيخة العامة للطرق الصوفية على خطاب وكيل مشيخة طرق قويسنا بخطاب محررٍ يطلب منَّا فيه المُعاينة وأخذ التعهد الَّلازم على القائمين بعملية الإحلال والتجديد، والعمل وفق ما ورد بنصِّ الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء المصرية والتي انتهت إلى "أنَّ إزالة الضريح أو نقل رُفاته إلى مكانٍ آخر بالمسجد أو خارجه تحت أي دعوى، حتَّى لو كانت توسعة المسجد وتجديده هو أمرٌ مُحرَّمٌ شرعًا؛ لما فيه من الاعتداء السافر على حُرمة الأموات وسوء الأدب مع أولياء الله تعالى الصالحين رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم الذين توعَّد الله مَن آذاهم بأنَّه قد آذنهم بالحرب، وقد أُمرنا بتوقيرهم وإجلالهم أحياءً وأمواتًا، ولا يجوز التوصل إلى فعل الخير بالباطل؛ بل يوسع المسجد ويُجدد ويبقى الضريح في مكانه، حتَّى لو أصبح في وسط المسجد، وتبقى القُبَّة على حالها، أو يُترك المسجد كما هو حتى يُقَيِّضَ الله تعالى له مَن يتولى توسعته مِن عباده المخلصين الذين يعرفون لأوليائه قدرهم وحرمتهم، والذين ينأون بأنفسهم عن التعدي على أضرحة الصالحين؛ لتتحقق إقامةُ المساجد على تقوى مِن الله تعالى ورضوان".
فيُحرَّر من المذكور -المتبرع- إقرار بالالتزام بذلك؛ فتتم أعمال الإحلال والتجديد في ضوء ما ورد بالفتوى، ويكون العمل تحت مُراقبة ومتابعة وكيل المشيخة المُختص لإخطارنا في حال وجود أي مُخالفة في التنفيذ لاتِّخاذ اللازم قانونًا والإفادة بما يتم.
- كما قام الأمين العام للمشيخة العامَّة للطرق الصوفية بإخطار وكيل وزارة الأوقاف مدير أوقاف قويسنا بالمنوفية بخطاب منه، بشأن الخطاب الموجه إليه من مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا، ونبَّه على إعادة بناء حجرة ضريح السادة القصاروة وغرفة الزيارة الخاصة به تحت إشراف السيد وكيل مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا، وفي ضوء ما ورد بفتوى سابقة لدار الإفتاء المصرية، والمرفق صورتها مع الأوراق.
- ثم قام الأمين العام لمشيخة الطرق الصوفية بإخطار وكيل الوزارة مدير أوقاف قويسنا بالمنوفية مرةً أخرى بخطابٍ يطلب فيه تنفيذ طلب الكتاب السابق بإعادة البناء، مع التنبيه المُشدَّد بعدم التدخل في أمر الأضرحة إطلاقًا إلَّا بعد الرجوع للمشيخة العامة للطرق الصوفية، والتكرم بالإفادة بما يتم لاتِّخاذ اللازم.
- وجرت عدَّة خطابات بعد ذلك بين الأمين العام للمشيخة العامة للطرق الصوفية، ووكيل مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا تشدد الإنكار على ما حدث تجاه أضرحة مسجد السادة القصاروة، وتطلب تكاتف وزارة الأوقاف مع مشيخة الطرق الصوفية لمنع هذه الممارسات.


يُروِّج بعض المتنطعين لمقولة: إن العلماء مُقَصِّرُون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنهم يتعاملون بالحلم والصبر الزائدين، فما مدى صحة هذا الكلام؟


ماحكم التحايل على الدعم الحكومي من أصحاب المخابز؟ حيث تقوم منظومة دعم الخبز الجديدة على اعتماد الكارت الذكي، فمن المقرر في بعض القرى في السلع التموينية أنَّ المواطن إما أن يأخذ دقيقًا من المستودع الخاص لتوزيع الدقيق أو أن يصرف خبزًا من المخبز.
لكن بعض أصحاب المخابز يقوم بالتحايل وإعطاء المواطن جزءًا من الدقيق غيرَ مخبوزٍ، في مقابل أن يأخذ الكارت ويستخدمه طوال الشهر، وذلك يجعله لا يخبز الدقيق، فيوفِّر عليه العمالة والغاز، مع أن الحكومة تعطيه فرق الغاز، ولا تستطيع الحكومة إثبات أنه مخالف؛ لأنه يضع الكارت الذكي، فهل هذه المعاملة حلالٌ أو حرام؟


ما حكم الاستيلاء على أموال غير المسلمين؟ حيث إنني أعيش في بلاد يكثر فيها غير المسلمين، وأسمع كثيرًا من المسلمين المقيمين في هذه البلاد يقولون: إن الاستيلاء على الأموال التي يتملكها غير المسلمين بالطرق المختلفة مباح أخذها؛ بحجة أنهم ليسوا على ديننا ومن كان كذلك فيجوز استحلال أموالهم، فما مدى صحة ذلك، وهل يجوز لي أخذها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57