طلبت وزارة العدل إبداء الرأي بشأن الاتفاقية الخاصة بالاعتراف بالطلاق والانفصال الجسدي التي أقرتها الدورة الحادية عشرة لمؤتمر القانون الدولي الخاص بتاريخ 1/ 6/ 1970م.
أقرت الشريعة الإسلامية بحرية غير المسلمين -المصريين والأجانب- القاطنين في ديار الإسلام في اتّباع أحكام ديانتهم وذلك في مسائل الزواج والطلاق حسب مقتضيات عقائدهم كالشأن في العقيدة والعبادة، فإذا صدر حكم في دولة أجنبية بالطلاق أو الانفصال الجسدي بين زوجين غير مسلمين يدينان به فإن الشريعة الإسلامية تقر تنفيذه.
نفيد أن الأصل أن جميع المقيمين في البلاد يخضعون لأحكام الشريعة الإسلامية بما يعرف الآن -اصطلاحًا- بـ"إقليمية القوانين"، غير أن أحكام الإسلام لها صفة خاصة تطبق على المسلم أينما كان بوجه عام، وفي نطاق مسائل الأحوال الشخصية فإن أحكام الشريعة الغراء تعتبر القانون العام لهذه المسائل يخضع لها جميع المصريين (بله) المقيمين في الجمهورية المصرية فيما عدا الاستثناءات التي قضت بها القوانين المصرية في شأن طوائف غير المسلمين من المصريين والأجانب؛ ففي شأن المصريين غير المسلمين نظم القانون رقم 462 لسنة 1955م التقاضي الموضوعي بينهم إذا اتحدت ملة وطائفة الخصوم، فإذا اختلف الخصمان ملةً أو طائفةً كان الحكم للقانون العام وهو الشريعة الإسلامية بالقواعد الإسنادية التي جرى بها منطوق المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931م؛ وهي: تصدر الأحكام طبقًا للمدون في هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة، ما عدا الأحوال التي ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة؛ فيجب فيها أن تصدر الأحكام طبقًا لتلك القواعد. كما منعت المادة 99 من ذات اللائحة سماع دعوى طلاق غير المسلمين إذا كانا لا يدينان بوقوع الطلاق، وفي شأن الأجانب فقد نظم القانون رقم 126 لسنة 1951م إجراءات التقاضي فيما بينهم في مسائل الأحوال الشخصية بالإضافة إلى قواعد تنازع القوانين في الإسناد إلى القانون الواجب التطبيق في مسائل التطليق والانفصال الجسدي؛ حيث جعلت مناطها الجنسية لا الدين.
وإذا كانت أحكام الشريعة الإسلامية هي القانون العام في مسائل الأحوال الشخصية التي تسري على كل القاطنين في جمهورية مصر العربية، وكان من هذه الأحكام ما جاء في القرآن الكريم صراحةً من تحريم الإضرار بالزوجة وتعليقها بقول الله سبحانه في الآية 231 من سورة البقرة: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ وقوله تعالى في الآية 129 من سورة النساء: ﴿فَتَذَرُوهَا كَٱلۡمُعَلَّقَةِ﴾، وكان مشروع هذه الاتفاقية يدور على أمرين: الطلاق، والانفصال الجسدي بين الزوجين؛ فإنه ينظر فيها على هدي أحكام الشريعة في شأن المواطنين غير المسلمين، والذي يستخلص من كتب فقه الشريعة الإسلامية سيما فقه المذهب الحنفي: أن مبدأ تطبيق الأحكام الشرعية على غير المسلمين ليس على إطلاقه؛ إذ يخرج منه -طبقا لأرجح الأقوال في الفقه الحنفي- المسائل المتعلقة بعقائد غير المسلمين وعباداتهم، وما يتصل بها من المعاملات كمسائل الزواج والطلاق؛ حيث يبقى الحكم في هذه المسائل تبعًا لشرائعهم الخاصة التي يدينون بها؛ مما مؤداه نفاذ أحكام دينهم عملًا بالقاعدة الشرعية المقررة في هذا الشأن: "أُمِرْنَا بِتَرْكِهِم وَمَا يَدِينُون".
وعلى ذلك: فإذا كانت آيات القرآن الكريم تقضي بتحريم الإضرار بالزوجة بجعلها كالمعلقة، وكان هذا الحكم يعتبر نظامًا عامًّا لثبوته بصريح القرآن، فهل تجوز مخالفته بالموافقة على مبدأ الانفصال الجسدي بين الزوجين غير المسلمين حسبما هو مقررٌ في بعض المذاهب المسيحية، والموافقة كذلك على الطلاق حسبما هو وارد في المشروع المعروض؟
أما عن الطلاق فلا نزاع فيه؛ لأن الشريعة الإسلامية تجيز الطلاق والتطليق، أما عن الانفصال الجسدي بين الزوجين فإنه وإن كان داخلًا فيما حرمه الله تعالى من الإضرار بالزوجة بتركها كالمعلقة، إلا أنه وفاقًا لما جرى به أرجح الأقوال في فقه المذهب الحنفي من أن غير المسلمين المتبعين لدين سماوي يتركون فلا يتعرض لهم في العقيدة والعبادة، وألحق بهما الزواج والطلاق، فلا تطبق أحكام الشريعة الإسلامية عليهم في هذه المسائل، ولا يجبرون على الاحتكام إليها، بل شأنهم في هذه الأمور وما يدينون. والفقهاء الآخرون عدا الإمام أبي حنيفة يقولون: إن إجازة تطبيق ديانة غير المسلمين فيما يمس العقيدة والعبادة ومنها الزواج والطلاق دافعة للتعرض لهم في هذه المسائل؛ بمعنى أنه يكتفى بعدم التعرض المادي لهم، لكن الإمام أبا حنيفة يرى أنه ما دامت الشريعة الإسلامية قد قررت حرية غير المسلمين القاطنين في ديار الإسلام في اتباع أحكام ديانتهم في مسائل الزواج والطلاق كالشأن في العقيدة والعبادة فإن معناه نفاذ أحكام دينهم فيما أقروا عليه.
ونخلص مما تقدم: أن أحكام الشريعة الإسلامية تجيز الطلاق والتطليق عند الضرورة وبالأسباب المشروحة في محلها من كتب الفقه، ولا تعرف التفريق الجسدي بين الزوجين، بل إنها حرَّمته واعتبرته هجرًا وإضرارًا بالزوجة يجيز لها طلب التطليق، ولكن الانفصال جسديًّا إذا وقع بحكمٍ ووفقًا لديانة من الديانات السماوية الأخرى فإن الحكم ينفذ باعتبار مبدأ عقد الذمة "أُمِرْنَا بِتَرْكِهِم وَمَا يَدِينُون"؛ فإذا صدر حكم في دولة أجنبية بالانفصال الجسدي بين زوجين يدينان به وكانت هذه الدولة غير محاربة لنا، فإن الشريعة تقر تنفيذ هذا الحكم وفقًا لديانة الخصمين، كما تقره لو صدر بين زوجين مصريين يدينان بهذا المبدأ، ومن ثم فإنه من وجهة النظر في الشريعة الإسلامية أقترح الموافقة على هذه الاتفاقية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الرجعة في الطلاق إذا طلقت المرأة نفسها؟ فقد تزوج السائل بسيدة بتاريخ 19/ 9/ 1974م على يد مأذون، وقد اشترطت الزوجة أن تكون العصمة بيدها تطلق نفسها متى شاءت كما جاء في الصورة الضوئية لوثيقة الزواج المرافقة، وأنه بتاريخ 14/ 8/ 1980م بالإشهاد على يد مأذون طلقت الزوجة نفسها منه طلقة ثانية. ويقول السائل: إن زوجته وأهلها حضروا إلى منزله يوم 17/ 8/ 1980م وأبلغوه شفاهًا أنها طلقت نفسها منه، فقال لها أمام الحاضرين: وأنا راجعتك إلى عصمتي، وتكرر هذا عدة مرات. وأنه لم يتسلم إشهاد الطلاق المنوه عنه إلا في يوم 8/ 3/ 1981م بطريقة غير رسمية، وأرفق صورة ضوئية من هذا الإشهاد، وأنه حرر محضرًا بذلك بقسم الشرطة بنفس التاريخ.
وطلب السائل الإفادة بالرأي الشرعي في هذه المراجعة حتى يتمكن من مباشرة حقوقه الشرعية، وبيان موقفه من العصمة في هذه الرجعة.
ما حكم المطلقة الرجعية إذا انتهت عدتها دون أن يراجعها الزوج، وكيف تعود إلى عصمته مرة أخرى؟
امرأة تدعي على زوجها أنه حلف لها بأيمان المسلمين مجمع الطلاق والعتاق ألَّا يفعل الأمر الفلاني، وفعله، ولا بينة لها، وهو ينكر دعواها. فهل على تصديقها يكون اليمين المذكور طلاقًا ثلاثًا أم طلقة واحدة رجعية، أم بائنة، أو لا يلزم شيء، وعلى تصديقها يجوز لها أن تمكنه من نفسها مع علمها بحلفه، أو لا، ولو مكنته يكون عليها إثم أم لا؟ أفيدوا الجواب.
رجل متزوج من نحو ستة عشر عامًا، وله ابن سنُّه أربعة عشر عامًا، وقد حدثت خلافات بينه وبين زوجته كان من نتيجتها أن أثبت طلاقها رسميًّا لدى المأذون في إشهادٍ قرر فيه أنه طلقها مرتين مع أن إحدى هاتين المرتين كان الطلاق فيها في حالة غضب شديد، والأخرى التي كانت بتاريخ الإشهاد كانت في حالة عادية، ثم حدث بعد هذا أن قامت أزمة خلاف شديد احتدم بينهما، وتألمت منه الزوجة ألمًا نفسيًّا شديدًا دفعها إلى تهديده بالانتحار إن لم يطلقها، ولعلمه لظروفها النفسية وظرفه الاجتماعي، ورغبةً في تهدئة خاطرها، ومنعًا لها من إتمام تنفيذ تهديدها حيث كان نصفها خارج البلكونة من الدور الثامن نطق بالطلاق بقوله: "أنت طالق" في مواجهتها. فهل الطلاق الذي نطق به السائل وقت غضبه، والطلاق الذي نطق به في حال محاولتها الانتحار بإلقاء جسدها من البلكونة في الدور الثامن، هل هذان الطلاقان واقعان شرعًا مع هذه الظروف، أم لا؟
ما حكم التلفظ بحكاية الطلاق دون قصد وقوعه؛ فقد سئل في رجل يغني بغناء يتضمن التلفظ بالطلاق الصريح، وهل يقع الطلاق أم لا؟ والغناء كما يأتي: شم الكوكايين خلاني مسكين ... إلى أن قال: يا ناس يا هو دا اللي جرالي شمت عزالي طلقت امراتي وطردت عيالي ما دام يا ناس الجيب بقى خالي.
ما حكم الطلاق في أمريكا بإشهاد رجلين مسلمين؟ حيث إنه يقيم ابني في الولايات المتحدة الأمريكية، وقام بتطليق زوجته، وأشهد على هذا الطلاق رجلين مسلمين عدلين مصريين، ولم يراجعها في العدة، وتزوج من أخرى بعد ذلك. فما حكم هذا الطلاق في الشريعة الإسلامية؟