حكم البيع مع الوعد بخفض السعر وقت التسليم

تاريخ الفتوى: 23 سبتمبر 2019 م
رقم الفتوى: 4873
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: البيع
حكم البيع مع الوعد بخفض السعر وقت التسليم

ما حكم البيع مع الوعد بخفض السعر وقت التسليم؛ فرجلٌ يتاجر في الحديد، ذهب إليه رجلٌ يحتاج حديدًا، فاشترى منه قَدْرًا معينًا ودفع ثمنه، وطلب من التاجر إبقاء الحديد عنده إلى حين طلبه دون زيادة في الثمن إن زاد يوم التسليم، ثم أضاف التاجر: "وإن انخفض الثمن يوم التسليم حاسبتك بسعر يوم التسليم". فما حكم هذا التعامل؟

بالنظر في التعامل محل السؤال نجده صورةً من صور البيوع، ويزيد عليه عرض البائع على المشتري أن يحاسبه بثمن يوم التسليم إذا انخفض السعر. والعقد بهذا الوصف يُكيَّف شرعًا على أنَّه بيعٌ مع الوعد بالتَّبرُّع من البائع بالحطِّ من الثمن إذا انخفض السعر يوم تسليم المبيع، ويد البائع على السلعة إلى موعد التسليم يد أمانة؛ فيصح البيع في هذه الحالة، ويثاب البائع على وفائه بالوعد، والوفاء بالوعد في هذه المعاملة مستحب، ما لم يدخل المشتري في التزامٍ نتيجة هذا الوعد فيكون الوفاء بالوعد حينئذٍ واجبًا؛ بحيث إن تَرَكه فاته فضل عظيم ووقع في الإثم شرعًا.

المحتويات

 

حكم البيع مع الوعد بخفض السعر وقت التسليم

أباح الشرع الشريف العقود التي تحقق مصالح أطرافها إذا كانت خاليةً من الغش والغرر والضرر والربا وسائر الممنوعات، ومن أهم العقود التي أباحها الشرع الشريف -رفقًا بالعباد وتعاونًا على حصول معاشهم- عقد البيع؛ وهو كما جاء في "حاشيتا قليوبي وعميرة" (2/ 191): [عقد معاوضة مالية تفيد ملك عين أو منفعة على التأبيد لا على وجه القربة] اهـ.
والأصل في البيع أَنْ يُسَلِّم البائعُ المبيعَ، ويُسَلِّمَ المشتري الثمنَ، فتتحقق المبادلة بذلك، وقد يتفق الطرفان ويتراضيان على تعجيل الثمن وتأجيل تسليم المبيع الموجود إلى أجل، وكل هذا لا بأسَ به ما دام بالتراضي والاتفاق بين الطرفين.
وبالنظر في التعامل محل السؤال نجده صورةً من صور البيوع يلجأ إليها العاقدان -البائع والمشتري- أو أحدهما لتحقيق مصلحتهما أو مصلحة أحدهما؛ أما المشتري فيلجأ إليها طمعًا في ربط سعر الحديد خوفًا من زيادة الأسعار، كما أن هناك فائدةً قد تقع له إذا حدث انخفاض في الأسعار؛ حيث سيُعامَل بالسعر الأقل، والغرض الأول هو الأصل في لجوء المشتري إلى هذا التعامل، أما الثاني فإنْ وَقَعَ فَبِهَا ونعمت، وإن لا فلا بأس؛ إذ قد انتفع بتثبيت السعر. وأما البائع فيلجأ إليها طمعًا في تدوير رأس ماله وزيادة نشاطاته؛ حيث سيأخذ هذا المال ويستثمره في تجارته مما يحقق له نفعًا، فتتحقق بذلك منفعة المتعاقدَين: البائع والمشتري.
والتعامل المسؤول عنه أُضيفَ إليه شيءٌ جديدٌ عن الأصل السابق؛ وهو عرض البائع باختياره محاسبةَ المشتري بثمن يوم التسليم إن انخفض السعر.
وهذا العقد المسؤول عنه يُكيَّف شرعًا على أنَّه بيعٌ صحيحٌ باتٌّ مع وعد بالتَّبرُّع من البائع بالحطِّ من الثمن إذا انخفض يوم تسليم المبيع؛ ويد البائع على السلعة إلى موعد التسليم يد أمانة؛ وعلى ذلك فيصح البيع في هذه الحالة، ويثاب الإنسان على وفائه بالوعد أيضًا، فالوفاء بالوعد من مكارمِ الأخلاق وخصال الإيمان، وقد أثنى المولى سبحانه وتعالى على مَن صدق وعده، فامتدح سيدنا إسماعيل عليه السلام بقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ﴾ [مريم: ٥٤]، وكفى به مدحًا، وبما خالفه ذمًّا.

مذاهب الفقهاء في حكم الوفاء بالوعد

الوفاءُ بالوعد مُختَلَفٌ فيه من الناحية الفقهية على أقوالٍ:
القول الأول: الوعد مُلزِم ديانةً، وهو غير ملزِم قضاءً، إلا أنه يُكْرَه إخلافه، وهذا ما عليه الجمهور من الفقهاء.
قال العلامة السرخسي في "المبسوط" (21/ 29، ط. دار المعرفة): [والإنسان مندوب إلى الوفاء بالوعد من غير أن يكون ذلك مستحقًّا عليه] اهـ.
وقال العلامة القرافي في "الفروق" (2/ 24، ط. عالم الكتب): [أما مجرد الوعد فلا يلزم الوفاء به؛ بل الوفاء من مكارم الأخلاق] اهـ.
وقال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (5/ 690، ط. المكتب الإسلامي): [الوفاء بالوعد مستحبٌّ استحبابًا متأكدًا، ويُكرَهُ إخلافه كراهةً شديدةً، ودلائله من الكتاب والسنة معلومة] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (6/ 284، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا يلزم الوفاء بالوعد) نص عليه -يعني الإمام أحمد- وقاله أكثر العلماء] اهـ.
وقال العلامة المرداوي في "الإنصاف" (11/ 152، ط. إحياء التراث): [لا يلزم الوفاء بالوعد على الصحيح من المذهب، نص عليه، وعليه الأصحاب؛ لأنه لا يحرم بلا استثناء. ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ۞ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ﴾ [الكهف: 23-24]، ولأنه في معنى الهبة قبل القبض. ذكره في الفروع. وذكر الشيخُ تقيُّ الدين رحمه الله وجهًا: أنه يلزمه، واختاره. قال في الفروع: ويتوجه أنه رواية من تأجيل العارية والصلح عن عوض المتلف بمؤجل] اهـ.
القول الثاني: الوعد ملزم ديانةً ويُقضى به، وهذا قولُ العلامة ابن العربي المالكي؛ حيث قال في "أحكام القرآن" (4/ 243، ط. دار الكتب العلمية): [والصحيح عندي أَنَّ الوعد يجب الوفاء به على كُلِّ حال إلا لعذر] اهـ.
القول الثالث: الوعد مُلزِم قضاءً إذا كان مُتَعلقًا بسببٍ مطلقًا، أي: سواء تَرتَّب عليه فعلٌ للموعود له أم لا؛ كأنْ وَعَدَ شخصٌ شخصًا آخرَ ببيع بيت مثلًا، فأَقْدَم الموعود بالشراء على تحضير بعض مواد البناء، وبه قال الإمام الغزالي؛ حيث قال في "الإحياء" (3/ 133، ط. دار المعرفة): [إذا فهم مع ذلك الجزم في الوعد فلا بد من الوفاء؛ إلَّا أن يتعذَّر]، وهو قول عند المالكية أيضًا؛ قال العلامة الخطاب المالكي في "تحرير الكلام في مسائل الالتزام" (1/ 154، ط. دار الغرب الإسلامي): [الوفاء بالعدة مطلوب بلا خلاف، واختلف في وجوب القضاء بها على أربعة أقوال.. فقيل: يُقضى بها مطلقًا، وقيل: لا يُقضى بها مطلقًا، وقيل: يُقْضى بها إن كانت على سبب وإن لم يدخل الموعود بسبب العدة في شيء كقولك: أريد أن أتزوج، أو أن أشتري كذا، أو أن أقضيَ غرمائي فأسلفني كذا... فقال: نعم. ثم بدا له قبل أن يتزوج أو أن يشتري أو أن يسافر، فإن ذلك يلزمه ويُقضى عليه به ما لم يترك الأمر الذي وعدك عليه، وكذا لو لم تسأله وقال لك هو من نفسه: أنا أسلفك كذا، أو أَهَب لك كذا لتتزوج، أو لتقضيَ دَينك، أو نحو ذلك، فإن ذلك يلزمه ويقضى عليه به، ولا يقضى بها إن كانت على غير سبب كما إذا قلتَ: أسلفني كذا، ولم تذكر سببًا، أو أعِرْنِي دابتك أو بقرتك، ولم تذكر سببًا -سفرًا ولا حاجة- فقال: نعم. ثم بدا له أو قال هو من نفسه: أنا أسلفك كذا، أو أهب لك كذا، ولم يذكر سببًا ثم بدا له. والرابع يقضى بها إن كانت على سبب، ودخل الموعود بسبب العِدَةِ في شيء، وهذا هو المشهور من الأقوال] اهـ.
القول الرابع: الوعد مُلزِم قضاءً إذا كان مُتَعلِّقًا بسبب، ودخل الموعود بسبب الوعد في شيء من الالتزام، وهو قول آخر عند المالكية أيضًا.
وعليه: فإنه لا يجب على البائع -تاجر الحديد- الالتزام بالحطيطة في الثمن إذا انخفض السعر يوم التسليم عنه يوم العقد، وإنما يُستَحَبُّ له ذلك، إلا إذا دخل المشتري بالتزامٍ نتيجة هذا الوعد.
ووجه عدم الوجوب بالوفاء بالوعد من البائع أَنَّ دخول المشتري في هذا البيع لم يكن مبنيًّا على هذا الوعد، وإنما كان لغرض آخر هو تثبيت السعر، وأن انخفاض السعر والحطيطة أمر تابع إن وَقَعَا فبها ونعمت، وإلَّا فلا يضر.
كما أَنَّ يد البائع على السلعة إلى حين تسليم السلعة للمشتري يد أمانة؛ فلا يضمن البائع ما تَلَف منها إلَّا بالتعدي أو التفريط بأن يستخدمها في غير ما جُعِلَتْ له أو لا يحفظها بما يحفظ مثلها به.

الخلاصة 

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن التعامل بهذه الصورة جائزٌ شرعًا، وهو من قبيل البيع مع الوعد مِن قِبَل البائع بالحطيطة في الثمن إذا انخفض الثمن يوم التسليم عنه في يوم التعاقد، ويستحب الوفاء بالوعد من البائع، إلَّا إذا دخل المشتري بالتزامٍ نتيجة هذا الوعد؛ فيجب على البائع حينئذٍ الوفاء بالوعد، ولو تَرَكه فاته فضل عظيم ووقع في الإثم.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم بيع الدقيق المدعم من المخابز في السوق السوداء؟


ما حكم ما يقوم به بعضُ التجَّار من بيع وشراء الحيوانات المصابة بالأمراض رغبةً في زيادة المكسب؟ وهل يجوز كتم العيب عند بيعها؟


هناك رجلٌ يتعامل في البورصة، ويسأل: ما حكم نَشْرِ بعضِ الأشخاص بعضَ الأخبار الخاطئة التي ليس لها واقعٌ مِن أجْل رفع أسعار الأسهم؟


ما حكم بيع السيارات عن طريق كراسات الشروط؟ فنحن شركة توصلنا لفكرة تجارية، صورتها بضرب المثال: أن نقوم مثلًا بشراء عدد من السيارات، وليكن مثلًا عشرين سيارة، ولنفترض أن سعر السيارة مائة ألف جنيه، ثم نبيع هذه السيارات إلى عشرين مستفيدًا بدون مقدم، وبتقسيط مباشر معنا، وبتخفيض كبير عن السعر الأصلي؛ فبذلك يمكن للمشتري الاستفادة من السعر المخفض وامتلاك السيارة بتقسيط مباشر ومناسب ماديًّا.

وأما الربح المرتجى من هذه العملية فسيكون عن طريق قيامنا بطرح عدد معين من كراسات الشروط، والتي سنضع بها شروطًا للمستفيدين من العرض؛ بحيث يقوم المتقدمون للعرض بشراء كراسات الشروط، وبناء على العدد المطروح من كراسات الشروط، سيتم توفير المبلغ المطلوب لشراء العشرين سيارة وتغطية قيمة التخفيض.

ثم نقوم بإجراء قرعة علنية في مدة معينة لاختيار عشرين منهم ليتم بيع السيارات لهم بالمميزات المذكورة سابقًا لعملائنا.

وقد بحثنا في الشكل القانوني لإجراء مثل هذه القرعات العلنية، فوجدنا أنه يجب علينا إخطار وزارة التضامن وحقوق حماية المستهلك بميعاد القرعة وقيمة الجوائز، ودفع 15% من قيمتها مقدمًا، وتحديد البداية والنهاية لهذه الفترة التي يتم بعدها تحديد الفائزين.

فنرجو إفادتنا بالرأي الشرعي: هل هذه الصورة تصح أو لا؟

وهل يوجد اقتراح أو تعديل أو تحسين؟


ما حكم تقاضي السمسار عمولة من البائع والمشتري دون علم المشتري بأن البائع يدفع عمولة؟ فهناك رجلٌ يعمل كسمسار، ويتقاضى عمولةً مِن البائع والمشتري، ولا يعلم المُشتري أن هذا السمسار يتقاضى عمولةً مِن البائع، فما الحكم في ذلك شرعًا؟


 ما حكم الرجوع فيما تم شراؤه منذ مدة للاستفادة بانخفاض سعره؟ فقد اشترى رجلٌ ثلاجة من أحد المعارض، وفي اليوم التالي وجد تخفيضًا على مثيلتها في المعرض، ويريد أن يرجعها بسعرها الذي اشتراها به ليشتريها مرة أخرى بسعرها المنخفض، فهل هذا جائزٌ شرعًا؟

علمًا أنه قد جاء في بنود سياسة الاستبدال والإرجاع لهذا المنتج ما يلي:

في حالة رغبة العميل في استبدال أو استرجاع المنتج رغم عدم وجود عيب صناعة به خلال مدة الـ 14 يومًا من تاريخ استلام المنتج يراعى الآتي:

1- فى حالة أنه لم يتم فتح كرتونة الجهاز أو استخدمه والجهاز مازال بحالته الأصلية: طبقاً لنص المادة 17 من قانون حماية المستهلك، يحق للمستهلك طلب استبدال أو استرداد قيمة المنتج خلال 14 يومًا من تاريخ استلام المنتج، وذلك إذا لم يكن الجهاز به عيب صناعة، ولكن بشرط أن يكون بالحالة التى كانت عليها السلعة عند التعاقد (أي لم يتم فتحها أو استخدامها).

2- في حالة قيام العميل بفتح كرتونة الجهاز: طبقاً لنص المادة 17 فقرة 2 من قانون حماية المستهلك لايحق للمستهلك استبدال الجهاز أو استرجاعه في حالة فتح كرتونة الجهاز أو استخدام الجهاز في الحالات التالية: أ- إذا كانت طبيعة السلعة أو خصائصها أو طريقة تعبئتها أو تغليفها تحول دون استبدالها أو ردها أو يستحيل معها إعادتها للحالة التى كانت عليها وقت التعاقد.

ب- إذا لم تكن بذات الحالة التى كانت عليها وقت البيع بسبب يرجع إلى المستهلك.

واستثناءً من نص هذه المادة يتم استبدال المنتج مع تحصيل رد فرق السعر بين الموديلات إن وجد أو استرجاع الجهاز للعميل ورد قيمته ولكن بعد خصم (5%) تغليف من إجمالي قيمة الجهاز.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 06 يوليو 2025 م
الفجر
4 :14
الشروق
5 :59
الظهر
1 : 0
العصر
4:36
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :32