ما حكم تكوين الأشجار على هيئة إنسان أو حيوان؛ فبرجاء التكرم ببيان الحكم الشرعي في القيام بتهذيب أشجار الزينة في بعض الحدائق العامة على أشكال تحاكي بعض الحيوانات، كالدببة، أو الفيلة، أو بعض الطيور، أو بعض الشخصيات الكرتونية التي تظهر ملامح الوجه الإنساني؛ فهل هذا جائز؟
تهذيب أشجار الزينة على أشكال تحاكي صور الحيوانات أو الشخصيات الكرتونية، ليس من التصوير المنهي عنه في شيء؛ بل هو جائز شرعًا؛ لانتفاء علة عبادتها وتقديسها، مع تحقق المصلحة؛ فإن في تزين الحدائق بهذه الأشكال ما يُسعد الأطفال ويُدخل السرور عليهم وعلى أسرهم، ولأجل ذلك جعلت الحدائق العامة.
المحتويات
تهذيب أشجار الزينة على صورة تحاكي بعض صور الحيوانات أو بعض الشخصيات الكرتونية بحيث تبدو وكأنها جسمٌ لما مثلت به، ليست من قبيل التجسيم والتمثيل المنهي عنه شرعًا.
فالتماثيل: جمع تمثال، والتمثال في اللغة: هو ما جُعِل على نظير مثال سابق، يقال: مثلت الشيء؛ أي: جعلت له مثالًا أو تمثالًا.
قال الإمام أبو منصور الأزهري في "تهذيب اللغة" (15/ 72، ط. دار إحياء التراث العربي): [والتمثال: اسم للشيء المصنوع مشبَّهًا بخلق من خلق الله، وجمعه: التماثيل، وأصله من: مثّلت الشيء بالشيء، إذا قدَّرته على قدره، ويكون تمثيل الشيء بالشيء تشبيها له، واسم ذلك الممثل: تمثال] اهـ.
وقال العلامة ابن منظور في "لسان العرب" (11/ 610، ط. دار صادر): [والتِّمْثالُ: الصُّورةُ، والجمع: التَّماثيل، ومَثَّل له الشيءَ: صوَّره حتى كأَنه ينظر إِليه] اهـ.
والتمثال المجسم الذي يصح عليه لفظ تمثال هو ما لا وجود لمحله بدونه، والممتد في الأبعاد الثلاثة، المصنوع من مادة صلبة؛ كالحجر، أو الخشب، أو الذهب، أو الفضة.
قال العلامة السيد الشريف الجرجاني في " التعريفات" (ص: 135، ط. دار الكتب العلمية): [الصورة الجسمية: جوهر متصل بسيط لا وجود لمحله دونه، قابل للأبعاد الثلاثة المدركة من الجسم في بادئ النظر. الصورة الجسيمة: الجوهر الممتد في الأبعاد كلها، المدرك في بادئ النظر بالحس] اهـ.
وقال العلامة ابن منظور في "لسان العرب" (13/ 443، ط. دار صادر): [الأزهري: قال شمر فيما قرأت بخطه: أصل الأوثان عند العرب كل تمثال من خشب، أو حجارة، أو ذهب، أو فضة، أو نحاس، أو نحوها] اهـ.
وقال الإمام النووي في "تحرير ألفاظ التنبيه" (ص: 163، ط. دار القلم): [وقيل: مَا كَانَ لَهُ جثة من خشب، أَو حجر، أَو فضَّة، أَو جَوْهَر، أَو غَيره سَوَاء المصور وَغَيره] اهـ.
وجعل الأشجار كهيئة الصور المجسمة لا يخرجها عن كونها أشجارًا تحتاج للرعاية والسقاية ومداومة التهذيب، لتظل مخضرة مورقة، كما أنه لا يدخلها في التجسيم والتمثيل المنهي عنه: فإن التمثال حقيقةً: هو ما يصنع من مادةٍ صلبةٍ، ويشغل حيزًا من الفراغ، وتصوير الأشجار بهذه الصور وإن استُخدم فيه بعضُ الأخشاب أو المواد الصلبة إلا أنه لا يخلو من التجويف والفراغ بين أركانها، ولا يخرجها عن الهيئة الشجرية لها، فلا تكون تمثالًا في هيئتها ولا في مادتها.
قد أجاز جماعة من الفقهاء المحققين اتخاذَ التماثيل إذا لم يقصد بها العبادة، ونصوا على أن تحريم التماثيل الوارد في الشرع إنما جاء سدًّا لذريعة عبادتها، وحسمًا لمادة تقديسها، فأما المجسمات على صور الحيوانات والبشر التي لا تُتَّخَذُ للعبادة فلا تحرم، فالنهي عن اتخاذ التصاوير والتماثيل التي على هيئة ذوات الروح وعن صناعتها، لم يكن لكونها محرمة في ذاتها، بل لما ارتبط بها في الجاهلية من العبادة، فإذا زالت عنها تلك العلة جاز اتخاذها.
قال الإمام ابن العربي المالكي في "أحكام القرآن" (4/ 9، ط. دار الكتب العلمية): [والذي أوجب النهي عنه في شرعنا والله أعلم: ما كانت العرب عليه من عبادة الأوثان والأصنام، فكانوا يصورون ويعبدون، فقطع الله الذريعة وحمى الباب] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" (14/ 91، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأما رواية "أشد عذابًا" فقيل: هي محمولة على من فعل الصورة لتُعْبَدَ، وهو صانع الأصنام ونحوها؛ فهذا كافر، وهو أشد عذابًا، وقيل: هي فيمن قصد المعنى الذي في الحديث من مضاهاة خلق الله تعالى واعتقد ذلك] اهـ.
فإذا أمن الناس من مظنة عبادتها، وغدت مجرد زينة أو حلية، ولم تُوضَع مَوْضعَ قداسةٍ لصورتها: فقد زالت علةُ تحريمها؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، ويشهد لذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن توضع الصورة في البيت بحيث تشغل عن الصلاة، أو في موضع يوحي بمظنة تقديسها، ولم ينه عن وضعها إذا زالت هذه العلل عنها، وأباحها للمصلحة.
فروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن عائشة رضي الله عنها، أنه كان لها ثوب فيه تصاوير، ممدود إلى سهوة، فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي إليه، فقال: «أَخِّرِيهِ عَنِّي»، قالت: فأخَّرته فجعلته وسائد.
وعنها رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سفر وقد اشتريت نمطًا فيه صورة، فسترته على سهوة بيتي، فلما دخل كره ما صنعت وقال: «أَتَسْتُرِينَ الْجُدُرَ يَا عَائِشَةُ؟» فطرحته فقطعته مرفقتين، فقد رأيته متكئًا على إحداهما وفيها صورة. أخرجه الإمام أحمد في "المسند".
كما أن النصوص قد وردت بجواز اتخاذ التماثيل إذا خلت عن علة العبادة أو التقديس، وكان في اتخاذها منفعة ولو يسيرة، كالتسلية عن الأطفال باتخاذها لعبًا وعرائس لهم، لإدخال السرور عليهم، وتدريبهم على تربية أولادهم فيما بعد.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل يتقمَّعن منه، فيسر بهن إلي فيلعبن معي" متفق عليه.
وعن الرُّبَيِّعِ بنتِ مُعَوِّذ ابن عفراء رضي الله عنها قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: «مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ»، فكنا بعد ذلك نصومه، ونصوم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار. متفق عليه.
بناءً على ذلك: فتهذيب أشجار الزينة على أشكال تحاكي صور الحيوانات أو الشخصيات الكرتونية، ليس من التصوير المنهي عنه في شيء؛ بل هو جائز شرعًا؛ لانتفاء علة عبادتها وتقديسها، مع تحقق المصلحة؛ فإن في تزين الحدائق بهذه الأشكال ما يُسعد الأطفال ويُدخل السرور عليهم وعلى أسرهم، ولأجل ذلك جعلت الحدائق العامة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
حكم قراءة صحيح البخاري وكتب السنة لرفع الوباء حيث ورد سؤال يقول صاحبه: في ظِلِّ ما يمرُّ به العالمُ من تفشِّي وباء كورونا يقومُ بعضُ العلماء وطلبة العلم بتنظيم قراءة "صحيح البخاري" بتقسيمه على من يحِبُّ المشاركةَ في ختمه، عن طريق وسائلِ التواصل الاجتماعي؛ تبرُّكًا وتوسُّلًا إلى الله تعالى لكشْف وباء كورونا، جريًا على ما اعتاده علماءُ الأزهر من قراءته في الملمَّات والنوازل: كدفع الوباء، وكشف البلاء، ومواجهة الغلاء.
لكن خرج بعضُ مدَّعي العلمِ على بعض المواقع زاعمًا أن التَّعبُّدَ بتلاوة صحيح البخاري لمجرد التِّلاوة بدعة، وأن التبرُّك والتوسُّل به حرام، وأنه لا فرقَ في ذلك بين "صحيح البخاري" و"مسلم" مثلًا، وأنها مجرَّد طقوس ابتدعها بعض الجهلة لمواجهة الأوبئة، وأنَّ توظيف "صحيح البخاري" للاستشفاء والتحصين لرفع البلاء أمرٌ متكلَّف، وأنَّ من ضرورياتِ الدين أنَّ المقصودَ مِن كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم هو العمل بِمَا فيهما مِن الأوامرِ والنَّواهي، والإيمان بِمَا فيهما مِن الأخبار، وليس المقصود مجرَّد تلاوتهما ألفاظًا وتعبُّدًا.. فبَيِّنوا لنا الصوابَ في ذلك مشكورين.
1- عادة إقراء "صحيح البخاري" عند النوازلِ من الكوارثِ والأوباء قديمة، جرت على لسان السراج البلقيني في اليقظة والمنام.
2- لعل أمر هذه الظاهرة يعودُ إلى أقدم من وباء الطاعون الذي عمَّ الدنيا سنة 749هـ، واشتهرت هذه الظاهرة عند قدوم تيمورلنك إلى بلاد المسلمين.
3- أشهر الإمام سراج الدين البلقيني العمل بها، ودوَّنتها كتب التراجم والتأريخ، ونقلنا ذلك عنه فيما مضى.
4- التحقيق أن هذا العمل ليس موصولًا بعصور السلف، وأنَّ شيوعَه وذيوعَه بحكم وقوعه ووجوده لا يعطيه الحجِّية، وأنه ما زال يحتاجُ للدليل، وأن مجرَّد رؤيةِ النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يأمرُ به لا يكفي مُستَدلًّا؛ فالمنامات يُسْتَأنس بها وليست -عند أهل السنة والجماعة- حجةً وبرهانًا، وأن الاتِّكاء عليها مع ترْك الأخْذ بالأسباب بدعةٌ في الدين، ومضادَّة لمقاصدِ الشريعة الكلية، والله المستعان وهو الواقي والعاصم.
سائل يقول: دار نقاش بيني وبين أحد أصدقائي حول تحديد أول الليل وآخره واحتدم الخلاف بيننا؛ فنرجو منكم بيان تحديد وقت الليل بدايةً ونهايةً ودليل ذلك.
اطلعنا على كتاب مدير العلاقات العامة بوزارة الأوقاف الذي طلب فيه الإفادة بالرأي على ما نشر بجريدة الأخبار ضمن باب يوميات الأخبار بعنوان "قرآن عربي بحروف لاتينية"، وملخص ما نشر بالجريدة المذكورة: أن أحد المحاسبين يقوم بإعداد مشروع يرمي إلى تمكين المسلمين في كل أقطار العالم من قراءة القرآن الكريم وتلاوته تلاوة صحيحة مهما اختلفت جنسياتهم ولغاتهم؛ وذلك عن طريق كتابته بحروف لاتينية تطابق في نطقها النطق العربي السليم للآيات الكريمة مع الاستعانة بتسجيلات صوتية للتلاوة والتفسير يستعين به قارئو الكتاب الكريم، ويقول المحاسب: إن عملية التمويل سيقوم بها بنك الأفكار بالإضافة إلى بعض الحكومات الإسلامية التي تبدي اهتمامها بالإسهام في هذا العمل.
ما حكم الوظائف الحكومية في البلاد غير الإسلامية؟ حيث تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: ما حكم المناصب الحكومية في داغستان، هل يجوز لواحدٍ من المسلمين أن يرشح نفسه ليكون رئيسًا لجمهورية داغستان -علمًا بأن %95 من السكان ينتسبون إلى الإسلام- أو وزيرًا من الوزراء، أو عضوًا في مجلس الشعب؟ وإذا رشح نفسه وصار واحدًا من المذكورين هل يُعتبر عميلًا للكفار لأنه يحمي وينفذ القانون الروسي، ويأمر ويحكم به؟
وما حكم شَغل المسلم لهذه المناصب في الحكومة المركزية الروسية في موسكو، هل له أن يكون منتخبًا في البرلمان الروسي، أو أن يعمل موظفًا حكوميًّا في روسيا وفي المجالات المختلفة؛ في الوزارات الداخلية والخارجية والاقتصادية وغيرها؟
وما حكم مشاركة المسلمين منا في الانتخابات العامة لاختيار رئيس روسيا الاتحادية، هل تعتبر هذه الانتخابات اختيارًا منا لتولية الكافر علينا، وإعطاءً للكافر الولاءَ، وماذا علينا أن نفعل إذا كان الحكم الشرعي كذلك فعلًا؛ والحال أننا إذا لم نُجر الانتخابات في القرية ولم نشارك فيها نهائيًّا نقع في مشاكل مع الحكومة، وفي ذات الوقت نخاف من الوقوع في الإثم إن شاركنا، وهناك من الشباب من لا يشاركون في الانتخابات ويفسِّقون أو يُكَفِّرون من شارَك، ولهم من يتبعهم في هذا الرأي، فما الحكم في ذلك؟
وهل يجوز لمسلمٍ أن يكون شرطيًّا أو يعمل في الأمن في بلدنا؟ فهناك مَن يقول بجواز قتل الشرطة ورجال الأمن والمخابرات، ولو كانوا يدَّعون الإسلام ويصلون ويصومون؛ لأن مجرد كونهم موظفين في البلد الذي هو تحت حكم الكفار يُحِلُّ دماءهم وأموالهم، ومن المعلوم أن روسيا تُنَصِّب علينا رئيسًا ووزراء وشرطة وغيرهم من أرباب المناصب والسلطات من غير المسلمين، إذا لم يَشْغَل أحدٌ مِن المسلمين هذه المناصب.
هل من قتل في المعركة بعد الحصول على الغنيمة ينتقل سهمه فيها إلى ورثته؟
ما الذي يُستحب من الأقوال والأفعال عند حدوث الزلزال؟ حيث إنه قد وقع زلزالٌ؛ ولم أعرف ما الدعاء الذي يستحب أن أقوله، وهل يجوز أن أُصلِّي ركعتين كما يُصلَّى لصلاة الكسوف والخسوف؟