ما حكم إيقاظ النائم للصلاة؟ وهل يجب ذلك على المُسْتَيْقِظ؟
يُستحب إيقاظ النائم للصلاة، ولا يجب ذلك؛ لأنَّ النائم يسقط في حقه التكليف، ولا يتوجه إليه الخطاب حال نومه، وإنما يتوجَّه إليه بعد الاستيقاظ، ويكون الواجب عليه حينئذٍ أداء الصلاة إن كان في الوقت متسع، وقضاء ما فاته إن كان الوقت قد خرج، وهذا الاستحباب مُقَيَّد بما إذا لم يُخش عليه ضرر بسبب إيقاظه.
المحتويات
عظَّم الله شأن الصلاة في القرآن الكريم ونَوَّه بأهميتها وعلوّ مكانتها في الإسلام، فأوصى بالمحافظة عليها في أوقاتها المفروضة، مُؤكِّدًا على ما فيها من الذِّكْر والخشوع وخضوع القلب والبدن لله سبحانه وتعالى، والإتيان بما أمر به والابتعاد عما نهى عنه؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، وقال تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: 78].
وإذا جاء وقت الصلاة والـمُكلَّف نائمٌ؛ فقد اختلف الفقهاء هل يجب إيقاظه أو لا؛ فذهب فقهاء الحنفية والحنابلة إلى وجوب إيقاظ النائمِ للصلاة، وقَيَّد الحنابلة ذلك بضيق الوقت.
قال العلامة ابن نجيم في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (2/ 292، ط. دار الكتاب الإسلامي) عند كلامه على تَذْكَرة الشيخ الكبير الصائم عند فِطْره ناسيًا: [والصواب أن يقال: إن ما يفعله -أي: الشيخ الكبير من الفِطْر أثناء الصوم- معصية في نفسه، وكذا النوم عن صلاة، كما صرحوا أنه يكره السهر إذا خاف فوت الصبح، لكن الناسي أو النائم غير قادر فسقط الإثم عنهما، لكن وجب على من يعلم حالهما تذكير الناسي وإيقاظ النائم] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 395، ط. دار الفكر): [يُكْرَه السَّهْر إذا خاف فوت الصبح. قال "ح" عن شيخه: ومثل أكل الناسي النوم عن صلاة؛ لأنَّ كُلًّا منهما معصية في نفسه، كما صرحوا أنَّه يكره السهر إذا خاف فوت الصبح، لكن الناسي أو النائم غير قادر، فسقط الإثم عنهما، لكن وَجَب على مَن يعلم حالهما تذكير الناسي وإيقاظ النائم، إلَّا في حق الضعيف عن الصوم مرحمةً له] اهـ.
وقال العلامة المِرْدَاوي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (1/ 389، ط. دار إحياء التراث العربي): [أَمَّا النائم: فتجب الصلاة عليه إجماعًا، ويجب إعلامه إذا ضاق الوقت على الصحيح] اهـ.
وقال العلامة الرحيباني في "مطالب أولي النهى" (1/ 275، ط. المكتب الإسلامي): [(ويلزم) مستيقظًا (إعلام نائم بدخول وقتها) -أي الصلاة- (مع ضيقه) أي: الوقت، وظاهره: ولو نام قبل دخوله، (ويُتَّجه): إنما يلزم إعلام نائم (إنْ ظنّ أنه يصلي)، أما إذا علم أنَّ إعلامه لا يفيد، فالأولى تركه، وهذا مبني على أنَّ الأمر بالمعروف لا يجب إلا إذا ظنَّ امتثال المأمور، وهو قول لبعضهم، والمذهب وجوبه أفاد أو لم يفد] اهـ.
ذهب الشافعية إلى أنَّه يستحب إيقاظ النائم للصلاة لا سيما عند ضيق الوقت، إذا لم يخش عليه ضرر.
قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (3/ 74، ط. دار الفكر): [يستحب إيقاظ النائم للصلاة، لا سيما إن ضاق وقتها؛ لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، ولحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُصلِّي صلاته من الليل، وأنا معترضة بين يديه، فإذا بقي الوتر أيقظني، فأوترت"] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 464، ط. دار الكتب العلمية) عند كلامه على هذه المسألة: [هذا إن لم يخف ضررًا، وإلَّا فلا يستحب ذلك، بل يَحْرُم] اهـ.
توسَّط المالكيةُ في هذه المسألة؛ فوافقوا الحنفية والحنابلة في أنَّه يجب إيقاظ النائمِ للصلاة الواجبة خاصة، أَمَّا في المندوبة فوافقوا الشافعية في أنه يستحب الإيقاظ.
قال العلامة الخرشي في "شرح مختصر خليل" (1/ 220 ط. دار الفكر): [وهل يجب إيقاظ النائم؟ لا نص صريح في المذهب، إلَّا أَنَّ القرطبي قد قال: لا يَبْعُد أن يقال إنه واجب في الواجب، ومندوب في المندوب؛ لأنَّ النائم وإن لم يكن مكلفًا لكن مانعه سريع الزوال، فهو كالغافل، وتنبيه الغافل واجب] اهـ.
وقال العلامة الصاوي في "بلغة السالك لأقرب المسالك" (1/ 234، ط. دار المعارف): [ووجب على مَن عَلِمه نائمًا إيقاظه إن خيف خروج الوقت] اهـ.
ما يقتضيه التيسير والتدليل في هذه المسألة هو ما ذهب إليه فقهاء الشافعية من استحباب إيقاظ النائم للصلاة؛ لا سيما وأنَّ الصلوات الخمس المكتوبة وإن كانت فَرْضَ عينٍ، إلا أنَّها نِيْطت بالتكليف، فغير المكلَّف يَسْقُط في حقه الخطاب بالتكليفات الشرعية، وهو -أي: المكلف- مَنْ توافرت فيه شروط الأهلية؛ من الإسلام والبلوغ والعقل، ويلحق النائم بمختل العقل من وجهٍ، فإذا اختلَّ شرطٌ منها أصبح الإنسان فاقدًا للأهلية، غيرَ صالحٍ للتكليف بالصلاة؛ استدلالًا بحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِه، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ». رواه أبو داود والنسائي والدارقطني في "سننهم"، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم في "المستدرك"، وصَحَّحه.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيُستحب إيقاظ النائم للصلاة، ولا يجب ذلك؛ لأنَّ النائم غير مُكَلَّف، ولا يتوجه إليه الخطاب حال نومه، وإنما يتوجَّه إليه بعد الاستيقاظ، ويكون الواجب عليه حينئذٍ قضاء ما فاته إن كان الوقت قد خرج، أو الأداء إن كان في الوقت متسع، وهذا الاستحباب مُقَيَّد بما إذا لم يخش عليه ضرر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صلاة ركعتي الطواف في غير مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؟ حيث يوجد رجلٌ أكرمه الله بالعمرة، وبعد أن انتهى مِن طوافه صلى ركعتي الطواف في مكانٍ مِن المسجد الحرام بعيدًا عن زحام الطائفين، وأكمل عمرته إلى أن انتهى منها، ثم أخبره أحد الأشخاص بأنه كان ينبغي عليه أن يصلي الركعتين في مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام. فهل تجزئ صلاة الركعتين في المسجد الحرام بعيدًا عن المقام؟
ما حكم طهارة من وجد الماء بعد التيمم؟ فقد انقطعت المياه في قريتنا كلِّها للصيانة مدةً طويلة بحيث لا يمكنني الحصول على ماءٍ للوضوء، وحضَرَت صلاةُ الظهر، وانتظرتُ حتى قَرُب موعدُ صلاة العصر، ولم تأتِ المياه، ولا يمكنني الوصول إلى مكان قريبٍ فيه ماءٌ لأتوضأ، فتيممتُ بالتراب لصلاة الظهر، وبعد الفراغ مِن الصلاة مباشرةً سمعتُ صوت الماء في الصنبور، فهل يجب عليَّ الوضوء وإعادة الصلاة؟ وما الحكم إن وجدتُ المياه بعد التيمم قبل الصلاة أو في أثنائها؟
سائل يقول: يغلبني النعاس أحيانًا في الصلاة؛ فما حكم الصلاة والوضوء في هذه الحالة؟
ما حكم مَن سلك الطريق الأطول ليترخص برخص السفر؛ فهناك رجلٌ سافر لزيارة أقاربه، وبلدتهم لها طريقان، أحدهما طويلٌ يبلغ مسافة القصر، والآخر قصيرٌ لا يَبلُغها، فسَلَك الطريق الأطول مِن أَجْل أنْ يترخص برُخَصِ السَّفر ويَعمل بأحكامه مِن نحو قصر الصلاة والفطر في رمضان، لا مِن أَجْل غرضٍ آخَر، فهل له الترخُّصُ برُخَص السفر والعملُ بأحكامه في هذه الحالة؟
هل يجوز لإمام صلاة الجماعة أن يقرأ في الصلوات الجهرية بالقراءات المختلفة، أم يجب عليه الاقتصار على قراءة البلد الذي يصلي فيها؟
سائل يقول: أقوم بالتدريس في العديد من الكليات، وإن الجدول الزمني الثابت للمحاضرات يصعب أن يكون متوافقًا مع زمن أذان الصلوات على مدار الأيام والفصول، وكنت أتعرض لرغبة قليل من بعض الطلبة في قليل من بعض الكليات إلى الرغبة في الاستئذان أثناء المحاضرة والتغيب لأداء فريضة الصلاة عند حلول موعد الأذان، وكنت أقنعهم غالبًا بأن الصلاة التي كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا ذات وقت مفتوح ومتاح على مدى ما يقرب من ثلاث ساعات تقريبًا من بعد الأذان، ونستطيع إدراك ثواب الجماعة مع الآخرين بعد انتهاء وقت المحاضرة، وأن الأذان يعني بدء دخول وقت الصلاة، وكنت أنجح في ذلك كثيرًا، وقد ارتضينا بذلك، ويقتضينا الأمر الخضوع للجدول المقرر للمحاضرات، إلا أن بعض الطلبة أصر على مقاطعتي ومحاولة إقناعي بحقه في ترك المحاضرة والذهاب إلى المسجد فور سماعه الأذان، وسرد لي مجموعة من الأحاديث النبوية التي يعتقد أنها مؤيدة لتصرفه، وكنت نصحته بأن التغيب عن المحاضرات سيكون له تأثير في تقدير درجات أعمال السنة عملًا لمبدأ المساواة بين الطلبة جميعًا، إلا أنه رفض الاستماع وأصر على الخروج من المحاضرة معلنًا أن صلاته أهم من المحاضرات مما أثار البلبلة والاندهاش بين الطلاب. ويطلب السائل رأي دار الإفتاء في هذا التصرف.