يريد السائل التبرع بقطعة أرض يمتلكها لبناء معهد ديني عليها، ويسأل عن شروط الهبة والوصية.
الهبة في اصطلاح الفقهاء: عقدٌ يفيدُ تمليك العين في الحال بغير عوض، فهي من عقود التمليك المجانيّ والملك وارد فيها قصدًا على العين، ومنفعتها تُمَلّك تبعًا لها، وركنها ركن كلّ عقد الإيجاب والقبول؛ فالإيجاب ما صدر أولًا من أحد العاقدين للدلالة على الرضا، والقبول: ما صدر ثانيًا من الآخر للدلالة على موافقته والرضا بما رضي به. ويُشْترطُ في الواهب شروط لصحة هبته وشروط لنفاذها بدون توقّف على إجازة أحد، فيُشْتَرَطُ لصحة هبته أن يكون كاملَ الأهلية بالعقل والبلوغ، وأن يكون غيرَ محجورٍ عليه للسفه أو الغفلة، وأن يكون مختارًا غير مُكْرَه، ويُشْتَرَط لنفاذ هبة الواهب أن يكون على توفر شروط الصحة فيه غير محجورٍ عليه للدين، وأن يكون صحيحًا غير مريض مرض الموت، وأن يكون مالكًا للعين الموهوبة، ويُشْتَرَط في الموهوب له أن يكون موجودًا تحقيقًا وقت الهبة له، وأن يكون مُعَيّنًا، كما يُشْتَرَط في صيغة الهبة أن تكون منجزة لا مُعَلَّقة على شروط ولا مُضَافة إلى زمن مستقبل؛ لأنَّ معناها التمليك في الحال.
أما بالنسبة للشيء الموهوب فيُشْتَرَط فيه شروط لصحة هبته وشروط لنفاذها وشروط لتمام ملكيته؛ فيُشْتَرَط فيه لصحة هبته أن يكون وقت عقد الهبة مالًا مُتَقَوَّمًا موجودًا معلومًا مملوكًا في نفسه؛ سواء كان من العقارات أو المنقولات، ويُشْتَرَط فيه لنفاذها أن يكون وقت عقد الهبة مملوكًا للواهب، ويُشْتَرَط فيه لتمام ملكيته أن يقبضه الموهوب له.
وحكم الهبة أنه إذا تمَّت الهبة مستوفية أركانها وشروطها وقبض الموهوب له العينَ الموهوبة- ترتَّب عليها حكمها، وهو تَمَلّك الموهوب له للعين الموهوبة، ولكنه ملك غير لازم؛ لأنَّ الواهب له أن يرجع في هبته ويُعِيدَ إلى ملكه ما وهبه ما لم يمنع من رجوعه أحد الموانع المذكورة في كتب الفقه، والتي لا يتَّسع المقام لسردها.
هذا، وأمَّا بالنسبة للوصية فقد عرَّفها الفقهاء بأنَّها عقد يفيد تمليك عين أو دين أو منفعة بلا عوض تمليكًا مضافًا إلى ما بعد الموت، وركنها الإيجاب من المُوصِي والقبول من المُوصَى له، ويشترط لصحة الوصية في المُوصِي أن يكون كامل الأهلية مُختارًا غير محجور عليه لسفه أو غفلة، كما يشترط لصحة الوصية في المُوصَى له أن يكون حيًّا وقت الوصية ولو تقديرًا، ويشترط لاستحقاقه ما أُوصي له به أن يكون موجودًا ما بعد موت المُوصِي، وكما يكون المُوصَى له من أهل الاستحقاق سواء كان مُعَيّنًا بالشخص؛ مثل: أوصيت لفلان، أو بالوصف؛ مثل: أوصيت لفقراء حيٍّ أو بلدٍ معيَّن. يكون من سبل الخير ووجوه البرِّ التي ليست أهلًا للتملك والاستحقاق، فتصحّ الوصية للملاجئ والمساجد والمدارس والمستشفيات وكل جهات الخير والنفع، وتكون الوصيةُ في هذه الحالة في حكم الصدقة، تتمّ بإيجاب المُوصِي وحده، ويُشْتَرَط في المُوصَى به أن يكون قابلًا للتمليك بعد موت المُوصِي بأيّ عقد من العقود، فتصحّ الوصية بالأعيان المتقوّمة سواء كانت عقارات أو منقولات؛ لأنَّها تُمَلَّكُ بالهبة والبيع.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: تزوَّج رجلٌ امرأة عاشت معه مدة من الزمن، ولم يُنجِبا، وله أخ شقيق وأولاد أخ، وقد كتب لها قبل وفاته قطعةَ أرض ممَّا يملِك نظير خدمتها له؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
ما حكم الوصية للزوجة؟ فقد أوصى لي زوجي قبل وفاته بشقة ومحل في عقاره الذي بناه، وهو خمسة أدوار، وأودع الوصية في الشهر العقاري. فهل من حقي أن آخذ هذه الوصية؟ وهل لي حق في ميراثه؟
اشترى السائل لوالدته التي كانت تقيم معه مصاغًا من ماله الخاص بعِلم جميع إخوته، وظلَّت تتمتَّع به، وعند مرضها الأخير ردَّتْه إليه بحضور جميع إخوته، وأخذه منها فعلًا ولم يعترض أحدٌ من إخوته، ثم تُوُفِّيَتْ والدته.
وبعد الوفاة بثلاثة أشهر بدأ بعض إخوته يطالبونه بحقهم في هذا المصاغ مع مراعاة أنه قام بمصاريف الوفاةِ والدفنِ من ماله الخاص. وطلب السائلُ الإفادةَ عما إذا كان هذا المصاغُ من حقه أو من حق جميع الورثة.
ما حكم المساواة بين الأولاد في الهبة والعطاء؛ فقد سمعت أحد المشايخ يقول: إنَّ التسويةَ بين الأولاد في الهبة واجبةٌ، فهل هذا صحيح؟
ما حكم الهبة للزوجة مدة حياتها ثم العودة إلى الواهب بعد ذلك؟ فقد تزوَّج رجلٌ بزوجةٍ ثانية، وله منها أولاد صغار، ويريد أنْ تبقى الزوجة في الشقة حتى وفاتها، ويريد أن يكتب لها هبة مُدَّة حياتها، على أنها بعد وفاتها تعود إلى الورثة. فما حكم ذلك شرعًا؟
ما حكم الوصية الشفهية الزائدة عن الثلث مع إجازة الورثة لها؟