هناك شخص كان قد ابْتُلي بتتبع عورات الناس والاطلاع عليها؛ وقد تاب من هذا الذنب، وعزم ألا يعود إليه مرة أخرى؛ فماذا عليه أن يفعل؟
تتبع عورات الآخرين والتشوف إلى الاطلاع عليها من الأخلاق السيئة والأمور المحرمة التي تُشيع الفساد في المجتمع؛ فيجب على من يفعلها التوبة والإنابة والتحلل بطلب العفو والمسامحة ممن ظلمهم بتلك الطريقة إذا علموا بما فعله واقترفه، وإلا فليتب فيما بينه وبين ربه، ويستغفر لهم، ولا يحمله ما اطّلَع عليه من عورات هؤلاء الناس على كرههم ولا الحط من قدرهم.
التوبة من المعصية واجبة شرعًا باتفاق الفقهاء؛ لأنها من أهم قواعد الإسلام؛ قال الإمام القرطبي المالكي في "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 238، ط. دار الكتب المصرية) عند تفسيره لقول الله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31]: [قوله تعالى: ﴿وَتُوبُوا﴾ أمر. ولا خلاف بين الأمة في وجوب التوبة، وأنها فرض متعين.. والمعنى: وتوبوا إلى الله فإنكم لا تخلون من سهو وتقصير في أداء حقوق الله تعالى، فلا تتركوا التوبة في كل حال] اهـ.
والتوبة من الذنوب واجبة، وعلى المذنب أن يبادر بها؛ ليخرج من الدنيا سليمًا معافًى آملًا وراجيًا من الله عز وجل أن يتفضل عليه ويُدخله الجنة وينجيه من النار، وإذا تعلَّق الذنب بحقوق العباد فلا بد من التحلل من المظلمة؛ لأن الله تعالى قد يغفر ما كان من الذنوب متعلقًا بحقه، ولا يغفر ما كان متعلقًا بحقوق العباد، إلا إذا تحلَّل الظالم من المظلوم فسامحه.
فمَن كان من المسلمين يتتبع عورات الناس فعليه بالتوبة من ذلك، وقد تفضل الله تعالى على عباده بقبول توبتهم والعفو عن سيئاتهم، فمتى تاب العاصي من معصيته واستغفر الله لذنبه قَبِل الله توبته وغفر له؛ قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25]، وقال عز وجل: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110]، وهو ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه الشريف؛ فعن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» رواه ابن ماجه في "سننه".
وتتبع عورات الناس من الأمور التي تتعلق بمكانتهم بين الناس، وتؤثر على وضعهم الاجتماعي؛ ولذلك فمَن ترتب على فعله إساءة لهم أو تأثير على مكانتهم فعليه أولًا التوبة بالإنابة إلى الله والعزم على عدم العودة لذلك، وعليه أن يتحلَّى بخلق الرحمة والستر تجاه من اطلع على عوراته وعيوبه، فلا يحمله ما اطلع عليه على بُغضه ولا على الانتقاص من قدره، وإذا علم الشخص باطلاع الآخر عليه وتتبعه لعوراته فلا بد من الاعتذار إليه وطلب المسامحة منه، لتكتمل توبة هذا المذنب.
وقد ذهب العلماء إلى وجوب اعتذار المسلم إلى من جنى عليه بالقول؛ كالغيبة والنميمة ونحوها، ومثله تتبع عوراته إذا بلغه ذلك وتأذى به؛ يقول الإمام ابن قدامة الحنبلي في "مختصر منهاج القاصدين" (ص: 173-174، ط. مكتبة دار البيان-دمشق): [وأما كفارة الغيبة، فاعلم أن المغتاب قد جنى جنايتين: إحداهما: على حق الله تعالى، إذ فعل ما نهاه عنه، فكفارة ذلك التوبة والندم. والجناية الثانية: على محارم المخلوق؛ فإن كانت الغيبة قد بلغت الرجل جاء إليه واستحله وأظهر له الندم على فعله. وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَن كَانَتْ عِنْدَهُ مَظلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِن مَالٍ أَو عِرْضٍ، فَليَأْتِهِ فَلْيَستَحِلَّهَا مِنهُ قَبلَ أَن يُؤخَذ وَليسَ عِندَهُ دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ، فَإن كَانَت لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذ مِن حَسَنَاتِهِ فَأعْطِيهَا هَذَا، وَإلَّا أُخِذَ مِن سَيِّئَاتِ هَذَا فَأُلقِي عَلَيهِ». وإن كانت الغيبة لم تبلغ الرجل جعل مكان استحلاله الاستغفار له؛ لئلا يخبره بما لا يعلمه، فيُوغر صدره، وقد ورد في الحديث: «كَفَّارَةُ مَن اغْتَبتَ أَن تَسْتَغْفِرَ لَهُ». وقال مجاهد: كفارة أكلك لحم أخيك أن تثني عليه وتدعو له بخير، وكذلك إن كان قد مات] اهـ.
وبناءً على ما سبق: فإنَّ تتبع عورات الآخرين من الأخلاق السيئة والأمور المحرمة التي تُشيع الفساد في المجتمع؛ فيجب على مَن يفعلها التوبة والإنابة والتحلّل بطلب العفو والمسامحة ممَّن ظلمهم بتلك الطريقة إذا علموا بما جناه، وإلا فليتب فيما بينه وبين ربه، ويستغفر لهم، ولا يحمله ما اطّلَع عليه على بغض الناس ولا الحطّ من قدرهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إطلاق اللحية؟ فهناك من يقول إنها فرض وهناك من يقول إنها سنة وأن حالقها لا يأثم؛ لأن تارك السنة لا يأثم وإذا فعلها يثاب، وهناك من يقول إنها فرض لعموم الأدلة الواردة عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم من قوله وفعله. فهل إطلاق اللحية فرض أو سنة، وهل الأخذ منها جائز أو غير جائز؟ وما الدليل حتى نستطيع أن نرد على المخالف سواء من قال بأنها فرض أو من قال إنها سنة؟
ما حكم طلب توصيل السلام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأدائه؛ فقد طلب إنسان من آخر أن يوصل سلامه إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ وهل يكون أداؤه واجبًا عليه؟ وماذا يفعل الزائر إذا نسي بعد أن تحمل عددًا كبيرًا من الأسماء؟
ما المراد من الفاحش والمتفحش الوارد في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ»؟ وما الفرق بينهما؟
نرجو منكم بيان المكانة العلمية للسيد أحمد البدوي. فهناك سائل يقول: يفتري بعض الجهّال على السيد البدوي مدَّعين أنه جاهلٌ مجذوبٌ وليس بعالم؛ فنرجو منكم بيان الحق في هذا الأمر والرد على ذلك الافتراء.
ما حكم استعمال السواك؟
ما الدعاء المستحب عند سماع صوت الرعد؟