سائل يقول: شاع بين الناس ذكر حادثة تُفيد أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم رهن درعه عند يهودي، فهل هذا صحيح؟
روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ". وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم أئمة ثقات مشاهير أعلام.
وقد ورد الحديث أيضًا من طريق أخرى عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أخرجه البخاري وغيره.
ولمّا كان الإمام البخاري رحمه الله تعالى قد أعطاه الله الفقه مع الحديث فقد تُرْجِم له تراجم أظهرت كثيرًا من الفوائد الفقهية المستنبطة من هذا الحديث؛ فقد أخرجه في عدة مواضع من كتابه "الصحيح"، منها قوله: حدثنا معلى بن أسد، حدثنا عبد الواحد، حدثنا الأعمش، قال: ذكرنا عند إبراهيم الرهن في السلم، فقال: حدثني الأسود، عن عائشة رضي الله عنها: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ".
ومن التراجم البديعة لهذا الحديث:
(باب شراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالنسيئة)، و(باب شراء الطعام إلى أجل)؛ والفرق بينهما دفع توهم الخصوصية، أو بأن الشراء بالأجَل يقدح في المروءة.
و(باب من اشترى بالدَّيْن وليس عنده ثمنه، أو ليس بحضرته) وهي واضحة، وقد ترجم النسائي: (الرجل يشتري الطعام إلى أجل ويسترهن البائع منه بالثمن رهنًا).
و(باب الرهن في الحضر)، وهذا يحتاج إليه الفقيه؛ لأن الآية التي ذكرت الرهن قيدته بالسفر؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: 283]، أما الحديث فهو دليلٌ على إباحة الرهن في الحضر أيضًا، ومعلوم أنَّ في هذا توسعةً في الأحكام الشرعية؛ إذ إنَّ معظم التعاملات تكون في الحضر. وقد ترجم الإمام النووي لهذا الحديث عند شرحه لـ"صحيح مسلم" بقوله: (باب الرهن وجوازه في الحضر كالسفر).
و(باب من رهن درعه) وهذه الترجمة تبين جواز رهن ما يكون من جنس السلاح، وأنه ليس محرمًا.
و(باب الرهن عند اليهود وغيرهم) وهذه الترجمة تبين جواز التعامل مع غير المسلم. وقد ترجم له الإمام النسائي: (مبايعة أهل الكتاب).
وعليه: فالحديث المسؤول عنه حديث صحيح أخرجه البخاري وغيره من أئمة الحديث.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
أريد تفسير الآية (63) من سورة الكهف.
ما حكم التختم بالذهب للرجال؛ فقد سأل شافعي المذهب في (كتاب الزينة) من كتاب "تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم" ما نصه: وعن سعيد بن المسيب قال: قال عمر لصهيب رضي الله عنهما: ما لي أرى عليك خاتم الذهب؟ فقال: قد رآه من هو خير منك فلم يعبه. قال: من هو؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أخرجه النسائي.
يؤخذ من فحوى هذه القصة -مع ما هو معلوم من حرص سيدنا عمر رضي الله عنه على الدين- أنها كانت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه، إذ لو كانت هذه الحادثة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهرهم لما سكت عمر بل رفع الأمر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كذا لو كان أبو بكر موجودًا رضي الله عنه لرفع سيدنا عمر رضي الله عنه الأمر إليه أيضًا.
فما قولكم دام فضلكم في الجمع بين هذا الحديث المفيد بظاهره الإباحة، وبين ما عليه أئمة المسلمين من تحريم خاتم الذهب على الرجال. مع العلم بأن هذا الحديث مروي في الصحاح. وهل للإنسان أن يعمل بظاهره خروجًا من الإثم ولو في حق نفسه؟ أفيدوا الجواب ولكم الثواب. وهل يجوز تقليد هذا الحديث ولو لغير ضرورة؟ أفيدوا ولكم من الله الأجر.
سائل يقول: لدي أرض وأقوم بزراعتها. فهل قيامي بغرس النخل وزراعة الأرض ونحو ذلك له فضل في الشرع وأنال عليه أجراً عند الله تعالى؟
من الذي يملك صلاحية تغيير المنكر باليد كما ورد في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده»؟
سائل يقول: أخبرني أحد أصدقائي أن معرفة الأحكام الشرعية وتمييز الصحيح فيها مبني على مجرد التذوق النفسي للشخص والشعور القلبي له محتجًا بحديث «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ»؛ فما مدى صحة هذا الكلام؟ وما هو المعنى الصحيح الذي يفيده الحديث؟
يقول السائل: ما الذي يفيده قول النبي عليه السلام: «إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ: آمِينَ. وَالْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ: آمِينَ، فَوَافَقَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»؟