شراء الأجهزة الطبية وتجهيز العناية المركزة من أموال الزكاة

تاريخ الفتوى: 11 أغسطس 2009 م
رقم الفتوى: 6788
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: الزكاة
شراء الأجهزة الطبية وتجهيز العناية المركزة من أموال الزكاة

ما حكم الشرع في شراء معدات طبية تستخدم للمرضى في العناية الفائقة بشكل خدمي بدون مقابل، وذلك من أموال الزكاة؟

الأصل في الزكاة أنَّها تُمَلّك مباشرة للفقراء، ولكن يجوز استثناءً شراء الأجهزة الطبية لمرضى العناية المركزة وتجهيزها لعلاج فقراء المرضى عمومًا؛ وهذا من باب التوسع في مصرف (في سبيل الله)، ولعموم الحاجة إلى ذلك.

الأصل أنَّ الزكاة لا تكون إلا للأصناف الثمانية الواردين في قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60] أي: أنَّها لبناء الإنسان قبل البنيان.

واشترط العلماء فيها: التمليك إلَّا حيث يعسر ذلك؛ كما في مصرف: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾، والمحققون من العلماء على قصر هذا المصرف على الجهاد والعلم والدعوة إلى الله تعالى؛ لأنَّ الدعوة كما تكون بالسنان تكون باللسان أيضًا، كما قال تعالى في الجهاد بالقرآن: ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: 52]، غير أن بعض العلماء جعل مِن مصرف سبيل الله مجالًا للتوسع في صرف الزكاة عند الحاجة إلى ذلك في كل القُرَب، وسبل الخير ومصالح الناس العامة، حتى مع انعدام شرط التمليك في ذلك.

قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 45، ط. دار الكتب العلمية): [وأما قوله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ عبارة عن جميع القُرَب، فيدخل فيه كل مَن سعى في طاعة الله وسبيل الخيرات إذا كان محتاجًا] اهـ.

وقال الإمام الفخر الرازي في "مفاتيح الغيب" (16/ 87، ط. دار إحياء التراث العربي) عند تفسيره لهذه الآية: [واعلم أن ظاهر اللفظ في قوله: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ لا يوجب القصر على كل الغزاة؛ فلهذا المعنى نقل القفال في "تفسيره" عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى، وبناء الحصون، وعمارة المساجد؛ لأن قوله: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ عام في الكل] اهـ.

وبناء على ذلك: فيمكن اللجوءُ إلى هذا القول عند الحاجة؛ كما هو الحال في تجهيز المعدات الطبية المستخدمة للمرضى في العناية الفائقة بشكل خدمي من غير مقابل وشرائها بما يرجع بشكل مباشر إلى علاج المرضى.

ومع أنَّ الزكاة في الأصل يختص مصرفها بفقراء المسلمين إلا أنه يمكن استفادة غير المسلمين من المواطنين وغيرهم بهذه الأجهزة والمعدات التي أجاز بعض العلماء شراءها وتجهيزها من الزكاة كحال الطرق والجسور؛ لأنَّ الاستفادة بالشيء بعد إنشائه غيرُ مِلكِيّته من أول الأمر، فهو كالمسلم الذي استحق الزكاة فأخذها وضَيَّفَ بها غيرَ المسلم، وهو جائز بلا خلاف، وقد عبر العلماء عن ذلك بقولهم: "يجوز في الدوام ما لا يجوز في الابتداء".

ويجب أن يُوضَع في الاعتبار أنَّ كفاية الفقراء والمحتاجين في الملبس، والمأكل، والمسكن، والمعيشة، والتعليم، والعلاج، وسائر أمور حياتهم هي التي يجب أن تكون في المقام الأول عند صرف الزكاة؛ تحقيقًا لحكمتها الأساسية التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» متفق عليه.

وشراء الأجهزة الطبية لمرضى العناية الفائقة وتجهيزها وإن كان مآله يرجع إلى علاج فقراء المرضى إلا أنَّه ليس فيه تمليكُ الزكاة المباشر المخصوص للفقراء الذي هو المقصود الأصلي لها، ومن ثَم فقد أُجِيز ذلك استثناءً على خلاف الأصل للحاجة الداعية إليه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

برجاء التكرم بإفادتنا؛ هل يجوز إعطاء زكاة المال والصدقات لصالح أحد المراكز المتخصصة للاكتشاف المبكر وعلاج سرطان السيدات بالمجَّان، على أن يتم إنفاق تلك الزكاة والصدقات في مجالات تجهيز المركز وتشغيله؟


ما الحكم الشرعي في قيام بعض الصيادلة بالاتجار غير المشروع في بعض أنواع الأدوية المؤثرة على الحالة النفسية التي تستخدم في العلاج من بعض الأمراض لتحقيق أرباح طائلة؟


ما حكم توزيع الصدقات عند زيارة المقابر؛ فقد سمعت بعض الناس يقول: إن توزيع الصدقات وإطعام الطعام عند زيارة المقابر بدعة محرَّمة محتجًّا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كل بدعة ضلالة». فنرجو منكم توضيح هذا الأمر.


هل يجوز الصرف من زكاة المال في علاج فقراء المسلمين وتوفير الرعاية الصحية الشاملة لهم؛ من إجراء الفحوصات الطبية، والعمليات الجراحية، وصرف الدواء، ونحو ذلك؟


هل الأطراف الصناعية والأجهزة الخاصة بمرضى الشلل التي تُعطى مجانًا للفقراء والمحتاجين تُعتَبَر من الصدقة الجارية؟


ما حكم دفع الزكاة للسجناء الفقراء المفرج عنهم؟ ففي إطار اهتمام وزارة الداخلية بالجوانب الإنسانية في مجال رعاية أسر السجناء المفرج عنهم باعتبارهم ركائز إعادة التأهيل في برامج إصلاح السجناء فقد تساءلت بعض الهيئات والأفراد عمَّا إذا كانت المساعدات التي تقدم لأسر السجناء والمفرج عنهم الفقراء المعدمين تدخل ضمن زكاة المال من عدمه؟ ويطلب السائل الرأي في ذلك.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 يوليو 2025 م
الفجر
4 :12
الشروق
5 :57
الظهر
12 : 59
العصر
4:35
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :33