سائل يسأل عن مدى ضرورة الالتزام بالقوانين التي تضعها الدول للدخول إليها والخروج منها، وهل هي واجبة شرعًا؟
يجب على كل من أراد دخول دولة من الدول أن يلتزم بالقوانين والتنظيمات واللوائح التي تنظم عملية الدخول إليها والخروج منها، ولا يجوز له أن يتجاوز هذه القوانين واللوائح؛ سواء كان من رعايا تلك الدولة أو من غيرهم.
المحتويات
القانون: هو مجموعة من القواعد التي تُنَظِّم الروابط الاجتماعية، والتي تَقْسِر الدولةُ الناسَ على اتباعها ولو بالقوة عند الاقتضاء. انظر: "علم أصول القانون" لعبد الرزاق أحمد السنهوري (ص: 4، ط. مطبعة فتح الله إلياس نوري).
لا تقوم حضارة ولا تستقيم دعائم دولة ولا ينهض وطن إلَّا على احترام القانون، بطريقة يتساوى فيها جميع المواطنين، بما يحقق العدالة والمساواة بين أفراد الوطن الواحد، فالالتزام بالقانون يحمي المجتمع من العشوائية والفوضى؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 8].
ومن المقرر شرعًا أَنَّ لولي الأمر أن يسنَّ من التنظيمات والتقنينات ما يراه محقِّقًا لمصالح العباد؛ حيث إنَّ تصرفه على الرعية منوط بالمصلحة، والإجماع منعقد على وجوب طاعة ولي الأمر في ذلك -فيما لا يخالف الشرع الشريف-؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59]، وقد أخرج الستة عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ».
وعدم السمع والطاعة في المعصية مقيَّد بما هو متفق على كونه معصية، أَمَّا ما هو مختلف فيه هل هو معصية أم لا؟ فللحاكم أن يأمر به، وتجب طاعته حينئذ؛ إذ من المعلوم أنَّ "حكم الحاكم يَرْفع الخلاف"، وأنَّ "لولي الأمر تقييد المباح"، وأنَّ له أن يتخيَّر في الأمور الاجتهادية ما يراه محقِّقًا للمصلحة، والعمل بذلك حينئذٍ واجبٌ، والخروج عنه حرام؛ لأنَّه من قبيل الافتيات على الإمام.
قال الإمام القرافي في "الفروق" (2/ 103، ط. عالم الكتب): [اعلم أنَّ حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف، ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتتغيَّر فُتياه بعد الحكم عمَّا كانت عليه على القول الصحيح من مذاهب العلماء] اهـ.
والأدلة على وجوب طاعة ولي الأمر كثيرة، ووليُّ الأمر في ذلك أعمُّ من أن يكون شخصًا طَبْعيًّا، بل يدخل فيه دخولًا أوَّليًّا النظامُ العامُّ والقوانين واللوائح التي تُنَظِّم أمورَ المعاش.
مقتضى ذلك أنه يجوز للجهات المختصة سنُّ القوانين التي تُنَظِّم عملية الدخول إلى الدولة عبر منافذها المتنوعة، والخروج منها، ويجب على سائر المواطنين الالتزام بها، سواء كانوا من رعايا تلك الدولة أم لا؛ أمَّا رعايا الدولة فلما تَقدَّم من وجوب طاعة ولي الأمر، وأمَّا غيرهم من سائر المواطنين؛ فلأنَّ تلك القوانين يكون متَّفقًا عليها بين سائر الدول، فهي بمثابة العقود والمواثيق بين الدول بعضها البعض، فيجب الالتزام بها؛ لحث الشريعة الغراء على ضرورة الوفاء بالعقود، والمحافظة على العهود؛ كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، وقوله جلَّ شأنه: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شروطِهم مَا وافقَ الحقَّ مِنْهَا» رواه أبو داود في "السنن"، وابن حبَّان في "الصحيح"، والدارقطني في "السنن"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"الصغرى" و"شعب الإيمان".
وهذه النصوص عامة في جميع الأمانات الواجبة؛ سواء كانت من حقوق الله تعالى وحقوق نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من الأوامر والنواهي، أو كانت من الحقوق المتعلقة بالعباد؛ كالودائع، والرهائن ونحوهما، أو من الحقوق المتعلقة بواجب الإنسان تجاه وطنه ومجتمعه؛ كالخدمة العسكرية، والحفاظ على المال العام، واحترام النظام والقانون، ونحو ذلك.
ومن أجل ذلك: فقد نَصَّ المُشرِّع المصري في القانون رقم (97) لسنة 1959م في مادته رقم (8) على: يُعيَّن بقرار من وزير الداخلية بموافقة وزير الخارجية شكل جواز السفر، ومدة صلاحيته، وطريقة تجديده، وشروط وإجراءات منحه.
بل إنَّ المُشرِّع قد جَرَّم في المادة رقم (9) من ذات القانون دخول الشخص الذي يحمل جواز سفر باسم جمهورية مصر العربية أي بلد غير مدونة في الجواز ما لم يحصل على إذنٍ بذلك من وزارة الداخلية أو ممَّن تفوّضه الوزارة في ذلك.
بناءً على ذلك: فلولي الأمر أو مَن ينوب عنه أن يضع القوانين التي تُنَظِّم عملية الدخول إلى بلده والخروج منها، ولا يجوز العمل في هذا الشأن خارج الإطار المُنَظِّم والمتفق عليه بين الدول، ويجب على جموع المواطنين الالتزام بها، ولا يجوز الخروج عنها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم لُبس الثياب البيضاء للمرأة التي توفى عنها زوجها أثناء مدة الحداد عليه؟
ما حكم تعليق الزينة والفوانيس في رمضان؟ فأنا سمعت أحد الناس وهو يقول عندما رأى زينة وفوانيس رمضان المعلقة في الشوارع: ما يصنعه المصريون في رمضان من تعليق الزينة والفوانيس لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا أحد من أصحابه فهو إذن بدعة، وكل بدعة ضلالة، وهذه كلها مظاهر كاذبة.
ما حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد؟ فنحن مجموعة من الشباب خرجنا معًا في رحلة، وجلسنا في استراحة الطريق لنتناول الغداء، فكنا نأكل في طبق واحد، ونتناوب زجاجة الماء نشرب منها جميعًا، فأَنِف أحدنا من هذا الفعل، وأنكر علينا إنكارًا شديدًا بحجة أنه قد تنتقل بسبب ذلك الأمراض، فرد عليه أحد الزملاء بأن ما نقوم به من التشارك في إناء الطعام والشراب سنة نبوية، فلا يجوز أن تنكر علينا ذلك، فما صحة هذا الكلام؟
ما حكم التسامح بالتنازل عن قضية منظورة أمام القضاء مراعاة لحرمة شهر رمضان؟ فنحن مقبلون على أيام كريمة في شهر رمضان، وعندي قضية مرفوعة أمام إحدى المحاكم على بعض الأفراد بخصوص أرضٍ بيني وبينهم، وقال لي بعض المقربين بأنه لن يُتقبل لي صيام، ولن يُغفر لي إلا بعد التنازل عن هذه القضية، فهل هذا صحيح؟ وهل يجب عليَّ التنازل عن القضية وعن حقوقي أو على أقل تقدير ما أظنه حقي من باب التسامح؟ وما التسامح الذي يحصل به القبول والمغفرة؟
ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟ فقد سافرتُ في مهمة للعمل خارج البلاد، وقمتُ بجمع الصلاة في أيام سفري جمعَ تقديمٍ، مع المحافظة على صلاة النوافل بترتيبها مع كلِّ صلاة، فعند الجمع بين الظهر والعصر كنتُ أصلي نافلة الظهر القَبلية، ثم الظهر، ثم نافلتَه البَعدية، ثم نافلة العصر، ثم أصلي العصر، وعند جمع المغرب مع العشاء صليتُ المغرب، ثم نافلتَها، ثم نافلة العشاء القَبلية، ثم العشاءَ ونافلتَها البَعدية.
ما حكم من يقوم بتصوير الأفعال الفاضحة المُخلّة بالحياء في الطريق العام ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل يختلف الحكم إن كان القصد من ذلك هو من باب إنكار المنكر؟