حكم بيع أسنان الإنسان المخلوعة للأطباء وطلاب كليات الطب

تاريخ الفتوى: 09 أغسطس 2022 م
رقم الفتوى: 7073
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطب والتداوي
حكم بيع أسنان الإنسان المخلوعة للأطباء وطلاب كليات الطب

يقول السائل: ما حكم بيع الأسنان المخلوعة لطلاب كلية الطب بقصد التَّعلُّم؟

لا يجوز خَلْع الأسنان بهدف بيعها والمعاوضة عليها، وكذا لا يجوز للآدمي استئصال جزء من جسده للمعاوضة عليه بالبيع والشراء.

أمَّا الأسنان المخلوعة والمنفصلة: فيجوز بيعها لطلاب كليات الطب والأطباء للحاجة العامة، ما دام ذلك مسموحًا به طِبًّا وقانونًا، مع توافر كافَّة الشروط للبيع الصحيح.

المحتويات

 

التحذير من التعرُّض لجسد الإنسان وأعضائه بالبيع والشراء

كرَّم الله الإنسان ورفع شأنه وعظَّم حرمته؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]، واعتبر جسده أمانةً؛ فلا يجوز التصرف فيه بما يسوؤه أو يرديه، ولو كان هذا التصرف من صاحب الجسد نفسه، ولذا حَرَّم اللهُ تعالى إزهاقَ الروح وإتلافَ البدن إلَّا بالحق؛ فقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا﴾ [البقرة: 195].

يقول الإمام القرافي في "الفروق" (1/ 141، ط. عالم الكتب): [حرَّم.. القتل والجرح صونًا لمهجته وأعضائه ومنافعها عليه، ولو رضي العبد بإسقاط حقه من ذلك، لم يعتبر رضاه، ولم ينفذ إسقاطه] اهـ.

ومن مقتضيات هذا التكريم: حرمة التعرُّض لجسد الآدمي، أو أجزائه بالبيع والشراء؛ إذ في إيراد العقد على شيءٍ من ذلك بالبيع والشراء امتهانٌ وإذلالٌ له.

قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (5/ 58، ط. دار الفكر): [الآدمي مكرَّمٌ شرعًا ولو كافرًا (قوله: ذكره المصنف) حيث قال: والآدميُّ مكرَّمٌ شرعًا وإن كان كافرًا، فإيراد العقد عليه وابتذاله به وإلحاقه بالجمادات إذلالٌ له. اهـ. أي: وهو غير جائز، وبعضه في حكمه وصرَّح في فتح القدير ببطلانه] اهـ.

وقال العلامة العدوي المالكي في "حاشيته على شرح مختصر خليل للخرشي" (1/ 83، ط. دار الفكر): [(تنبيه): سُئِلَ مالكٌ عن بيع الشعر الذي يُحلَقُ من رءوس الناس؟ فكرهه] اهـ. والشَّعْر جزء من الإنسان يُلْحَق به غيره بجامع اشتراكهما في أنهما جزء الإنسان.

والكراهة المنقولة هنا عن الإمام مالكٍ حَمَلَهَا بعضُ المالكية على التنزيه، وظاهر كلام الإمام ابن عبد البر يفيد حَمْلَهَا على التحريم. ينظر: "الكافي" لابن عبد البر (ص: 328، ط. دار الكتب العلمية-بيروت).

وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 406، ط. دار الكتب العلمية): [والآدمي يحرم الانتفاع به وبسائر أجزائه؛ لكرامته] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 57، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا يجوز استعمال شَعْر الآدمي) مع الحكم بطهارته (لحرمته) أي: احترامه؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء:70]، وكذا عظمه وسائر أجزائه] اهـ.

حكم بيع أسنان الإنسان المخلوعة للأطباء وطلاب كليات الطب

من شروط البيع المتَّفق عليها كون المبيع ملكًا للبائع، أو مأذونًا له بالتَّصرُّف فيه؛ -ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام للكاساني (5/ 147)، و"المجموع" للإمام النووي (9/ 259، ط. دار الفكر)، و"المغني" للعلامة ابن قدامة (4/ 155، ط. مكتبة القاهرة)- فقد روى الإمامان أحمد في "المسند"، وأبو داود في "السنن"، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ». أي: ما لا تملك.

وأسنان الإنسان وأجزاؤه ليست ملكه، كما أنَّها ليست محلًّا للتعامل بيعًا وشراءً ما دامت متَّصلةًّ به؛ فلا يُؤذَن له في خلعها والمعاوضة عليها، فإن باعها كان بيعه داخلًا في "بيع ما لا يملك" الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

ويُفْهَم من نصوص الفقهاء السابقة أنَّه لا يجوز إجراء البيع والشراء على الآدميِّ الحُرِّ، أو أجزائه المتَّصلة به، كما لا يجوز أيضًا ذلك على أجزائه المنفصلة منه عديمة المنفعة؛ لأنَّ ذلك هو المقصود من تكريمه وحُرْمة جسده، وليس المقصود مطلق النهي، وإلَّا لَمَا جوَّزوا بيع العبد والأَمَة بالاتفاق.

أمَّا بالنسبة للأسنان المخلوعة والمنفصلة عن جسد الإنسان التي يتدرَّب عليها طلَّاب كليات الطب فلا يتعارض استعمالها مع تكريم الإنسان وصيانة جسده وأجزائه، ولا يمكن إغفال المصلحة العامة التي تعود على المجتمع من حصول ذلك؛ إذ العبرة من عدم جواز بيع وشراء أجزاء الآدميِّ اتِّصالها به؛ إذ لو جاز ذلك لأصبح مُمْتَهنًا، وهو مُكرَّم كما سبق تقريره.

كما أنَّ العبرة من عدم جواز بيع وشراء أجزائه المنفصلة عنه كونها غير ذي نَفْعٍ، أمَّا الأجزاء المنفصلة ذات النفع العام فجائز بيعها للحاجة؛ وذلك قياسًا على ما جاء في مذهب الشَّافعية، والأصح من مذهب الحنابلة من القول بجواز بيع لبن الآدمية، مع كونه جزءًا منها.

قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (9/ 254): [بيع لبن الآدميَّات جائزٌ عندنا، لا كراهة فيه، هذا المذهب، وقطع به الأصحاب] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (4/ 196): [فأمَّا بيع لبن الآدميَّات، فقال أحمد: أكرهه. واختلف أصحابنا في جوازه. فظاهر كلام الخرقي جوازه؛ لقوله: "وكل ما فيه المنفعة". وهذا قول ابن حامد، ومذهب الشافعي. وذهب جماعة من أصحابنا إلى تحريم بيعه، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك؛ لأنَّه مائع خارج من آدمية، فلم يجز بيعه، كالعَرَق، ولأنَّه من آدمي، فأشبه سائر أجزائه. والأوَّل أصح؛ لأنَّه لبن طاهر منتفع به، فجاز بيعه؛ كلبن الشاة، ولأنَّه يجوز أخذ العوض عنه في إجارة الظئر فأشبه المنافع، ويفارق العرق، فإنَّه لا نفع فيه، ولذلك لا يباع عرق الشاة، ويباع لبنها. وسائر أجزاء الآدمي يجوز بيعها، فإنَّه يجوز بيع العبد، والأمة، وإنَّما حرم بيع الحر؛ لأنَّه ليس بمملوك، وحرم بيع العضو المقطوع؛ لأنَّه لا نفع فيه] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا يجوز خَلْع الأسنان بهدف بيعها والمعاوضة عليها، وكذا لا يجوز للآدمي استئصال جزء من جسده للمعاوضة عليه بالبيع والشراء.

أمَّا الأسنان المخلوعة والمنفصلة: فيجوز بيعها لطلاب كليات الطب والأطباء للحاجة العامة، ما دام ذلك مسموحًا به طِبًّا وقانونًا، مع توافر كافَّة الشروط للبيع الصحيح.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الأذى المترتب على توسعة زاوية واستخدام سماعات تؤذي الجيران؟ فقد أقام أناس مبنى فوقه تسقيفة -تندة- مثبتة بطول واجهة منزلي كله، وذلك بعَرض الرصيف فابتلعته بأكمله، وبارتفاع سور بلكونة الدور الأول -فوق الأرضي- كله، والمنزل على طريق عمومي يسير به نقل ثقيل ونقل عام فلم يعد هناك رصيف، وكذلك أعتم هذا البناء على حجرة البواب حتى تساقطت حوائطها، وكذلك التندة تشكل منطًّا لنا ويتجمع فوقها كم شديد من الأتربة وتدخل عن طريقها القطط والفئران، فمنعت استخدام البلكونة والشباك في الحجرات المطلة على الشارع، وكذلك أوقفت حال المنزل من بيع واستئجار، ونحن في حاجة لذلك، وهذا كله بحجة توسعة لزاوية موجودة بالدور الأرضي للمنزل، كما أن هناك عدة سماعات صوتها مرتفع تؤذينا وتزعجنا، فأرجو بيان الحكم الشرعي في ذلك.


نرجو منكم بيان كيف حث الشرع الشريف الإنسان أن يستر على نفسه إذا وقع في معصية؟ حيث إننا معرضون للوقوع في الذنب، لكن بعض الناس يتغافل عن ستر نفسه بل يخرج ويحكي ما حصل منه من معصية وذنب بعد أن ستره الله.


يقول السائل: نرجو منكم بيان مدى صحة قول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَهُوَ يُطَيِّبُ نَفْسَ الْمَرِيضِ»، وما معناه؟


ما حكم شراء السلع التي عليها خصومات ثم بيعها بسعر أعلى من سعر الشراء؟ فهناك رجلٌ يعمل في شركةٍ توفر للعاملين بها خصوماتٍ على منتجاتها، فهل يجوز له شراء السلع للحصول على تلك الخصومات ثم بيعها بالثمن الأصلي بالسُّوق المحلي؟ علمًا بأنه قد لا يكون في حاجة إليها عند شرائها، وإنما يشتريها لغرض أن يبيعها بهامش ربح.


ما حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه؟ فهناك شخصٌ يُصَوِّر بعضَ المنتَجات بالمحلات بعد إذن أصحابها مِن التُّجَّار، ثم يَعرِضُها على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة به، مُشيرًا إلى أنه سيُوَفِّرُها حسب الطلب، فإذا طلب المنتَجَ أحدُ المتابعين لصفحاته، فإن هذا الشخص المُعلِن يشتري المنتَجَ المطلوب مِن التاجر صاحب المحل الذي سَبَق أنْ أَذِنَ له بعَرْض مُنتَجه، ثم يبيعه للشخص الذي طلبه مِن خلال صفحته بزيادة عن السعر الذي اشتراه به من المحل، على أن يتم دفع ثمن السلعة عند الاستلام، فما حكم ذلك شرعًا؟


هل هناك مفهوم لحقوق الإنسان في الإسلام؟ وما سنده الفلسفي إن وجد؟ وما العلاقة بينه وبين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما تبعه من إعلانات ومواثيق؟ وهل حال المسلمين اليوم حجة على الإسلام في هذا المجال؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 22 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 57
العصر
4:33
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :33