سائل يقول: ورد في كتب الحديث أنّ النبي صلّى الله عليهِ وآله وسلّم ترك صلاة الجنازة على من مات وعليه دين؛ فما الحكمة من ذلك؟ وكيف نفهم هذا الحديث فهمًا صحيحًا؟
ما ورد في كتب السُّنَّة أنّ النبي صلّى الله عليهِ وآله وسلّم ترك صلاة الجنازة على من مات وعليه دَيْن ليس فيه نهيٌ عن الصلاة على من مات مديونًا، ولكنه صلّى الله عليهِ وآله وسلّم ترك ذلك لحكمة؛ وهي حث المسلمين على قضاء الدَّيْنِ عن الميت، حتى تبرأ ذمته وتطمئن روحه، ولكي يطمئن صاحب الدَّيْنِ على ماله، ويتجدّد أمله في استيفائه، فلا يكون موت المدين ضياعًا لحقوق الناس، فيتخذ الناس ذلك ذريعة لترك معاونة بعضهم بعضًا في حاجتهم تخوفًا من ضياع حقوقهم.
ورد في كتب السُّنَّة أنّ النبي صلّى الله عليهِ وآله وسلّم ترك صلاة الجنازة على من مات وعليه دَيْن؛ فيما رواه البخاري في "صحيحه" عن سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: «هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟»، قَالُوا: لا. فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ: «هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟»، قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ؛ فليس فيه نهيٌ عن الصلاة على من مات مديونًا، ولكنه صلّى الله عليهِ وآله وسلّم ترك ذلك لحكمة.
فإنه من المقرر أن الوقوف على الفَهم الصحيح لما يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أحكام أو تشريعات في حديث ما، إنما يُعلم ويُتَوَصَّلُ إليه بجمع طرق هذا الحديث ورواياته؛ ذلك أنَّ النظر في طرق الحديث ورواياته مما يُستعان به على فهم ألفاظه ومشكلاته، فربما أُبْهِمَت كلمة في رواية، وبُيِّنت في رواية أخرى، وربما أُطْلِقَ حكم في طريق وقُيّد في طريق آخر.
قال الإمام أحمد بن حنبل فيما يرويه عنه الخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (2/ 212، ط. دار المعارف): [الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضًا] اهـ.
والحديث السابق والدال في ظاهر معناه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد ترك صلاة الجنازة على من مات وعليه دين، قد كثرت رواياته وتعددت ألفاظه، وبالوقوف عليها يتبين ما يأتي:
أولًا: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد فرق في صلاته بين من مات وقد ترك ما يُقْضَى به دينه فصلى عليه، ومن مات ولم يترك شيئًا يُقضى به فتوقف في الصلاة عليه، وذلك فيما يرويه الإمام البخاري في "صحيحه"، عن سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَالَ: «هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟»، قَالُوا: لَا، قَالَ: «فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟»، قَالُوا: لَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ: «هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟» قِيلَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟»، قَالُوا: ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ: «هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟»، قَالُوا: لَا، قَالَ: «فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟»، قَالُوا: ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ".
ثانيًا: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلَّى على مَن ضمن الصحابة سداد دينه كما هو في الروايتين السابقتين، وحثَّ على ذلك فيما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أنه أُتِيَ بِرَجُلٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقَالَ: «هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ دَيْنٌ؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «فَمَا يَنْفَعُكُمْ أَنْ أُصَلِّيَ عَلَى رَجُلٍ رُوحُهُ مُرْتَهَنٌ فِي قَبْرِهِ لَا يَصْعَدُ رُوحُهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَلَوْ ضَمِنَ رَجُلٌ دَيْنَهُ قُمْتُ فَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ صَلَاتِي تَنْفَعُهُ» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
وفي لفظ أنه قال: «إِنْ ضَمِنْتُمْ دَيْنَهُ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ» وفي لفظ: «أَفَيَضْمَنُهُ مِنْكُمْ أَحَدٌ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟» أخرجهما البيهقي في "السنن الكبرى"، وفي لفظ: «لِيَقُمْ أَحَدُكُمْ فَلْيَضْمَنْ دَيْنَهُ؛ فَإِنَّ صَلَاتِي تَنْفَعُهُ» أخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء".
ثالثًا: إنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أثنى ودعا لمَن تحمَّل الدين عن الميت المدين، وبيَّن ما وراء ذلك من الثواب العظيم والأجر الوفير؛ وذلك فيما روي عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، أنه لما تكفل بقضاء دين ميت، قال له رسول الله صَلَّى اللهُ وآله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ، جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا، فَكَّ اللهُ رِهَانَكَ كَمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخِيكَ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ إِلَّا وَهُوَ مُرْتَهَنٌ بِدَيْنِهِ، فَمَنْ فَكَّ رِهَانَ مَيِّتٍ فَكَّ اللهُ رِهَانَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا لِعَلِيٍّ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ فَقَالَ: «لَا، بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى".
يُستفاد من ذلك كله:
أن ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة على من مات مدينًا وهو معسر؛ إنما كان لحث المسلمين على قضاء الدَّيْنِ عن الميت، حتى تبرأ ذمته وتطمئن روحه، وهو ما بينه لهم بقوله: «رُوحُهُ مُرْتَهَنٌ فِي قَبْرِهِ»، وما حثهم عليه بطلب القضاء عنه، ثم لكي يطمئن صاحب الدَّيْنِ على ماله، ويتجدد أمله في الإيفاء به، فلا يكون موت المدين ضياعًا لحقوق الناس، فيتخذ الناس ذلك ذريعة لترك معاونة بعضهم بعضًا في حاجتهم تخوفًا من ضياع حقوقهم؛ قال الإمام ابن حجر في "فتح الباري" (4/ 478، ط. المكتبة السلفية): [قال العلماء: كان الذي فعله صلى الله عليه وآله وسلم من ترك الصلاة على من عليه دين؛ ليحرض الناس على قضاء الديون في حياتهم، والتوصل إلى البراءة منها؛ لئلا تفوتهم صلاة النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم] اهـ. وممَّا ذُكِر يُُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
توجد مقبرة للعائلة في قرية صغيرة بمحافظة المنوفية، ونظرًا لامتلاء المقبرة بالجثث عن آخرها، وأصبحت منخفضة عن سطح الأرض كثيرًا؛ بحيث يصعب النزول دون المساس بالجثث، لذا فلقد رأينا هدم المقبرة وإعادة بنائها من جديد نظرًا لضيق زمام القرية وصعوبة الحصول على مقبرة جديدة، وأشار أصحاب الرأي بأن يتم تغطية الجثث بثوب من الدبلان ويفرش وتغطيتُه بطبقةٍ سميكةٍ من الرمل حتى نتمكن من هدم المقبرة، وإعادة بنائها وتعليتها؛ مع العلم بأن المقبرة صغيرة، ومساحتها بوصة واحدة ولا تسمح بعمل (عظَّامة).
ونظرًا لعدم درايتنا في هذا الشأن فلقد أشار الورثة (وكلهم أبناء رجل واحد) بأن نحصل على فتوى مكتوبة من دار الإفتاء بصحة ما سنقوم به؛ حتى نستفيد بها ويستفيد بها من لا يعلم. لذا أرجو من سيادتكم التكرم بإعطائنا فتوى مكتوبة؛ حتى تكون القول الفصل في هذا الموضوع.
ما مدى صحة حديث: «من قال: الحمد لله الذي تواضع كل شيء لعظمته، والحمد لله الذي ذل كل شيء لعزته، والحمد لله الذي خضع كل شيء لملكه، والحمد لله الذي استسلم كل شيء لقدرته، فقالها يطلب بها ما عند الله؛ كتب الله له بها ألف حسنة، ورفع له بها ألف درجة، ووكل بها سبعين ألف ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة»؟ وما حكم العمل به؟
ما حكم صرف مبلغ مؤخر صداق الزوجة من مستحقات زوجها المتوفى قبل توزيعها على الورثة؟ فنحن شركة تعمل في مجال الخدمات البترولية وقد توفي أحد العاملين بالشركة وتقدمت زوجته بطلب للشركة مرفق به وثيقة عقد زواجها من المتوفى مثبت بها صداق وقدره عشرون ألف جنيه، وكذا إشهاد وفاة ووراثة مثبت به أنها أحد الورثة، ويتضمن طلبها أن تقوم الشركة بصرف مبلغ مؤخر الصداق لها من مستحقات زوجها والتي تتضمن: (صافي مستحقات (التركة)، ومكافأة نهاية الخدمة، وقيمة التعويض المستحق من التأمين الجماعي، ومصاريف الجنازة) قبل توزيعها على الورثة، وفي ضوء ما سبق نلتمس من سيادتكم إفادتنا بفتوى في تلك الحالة حتى يتسنى للشركة استقطاع مبلغ مؤخر الصداق المشار إليه من التركة وصرفه للمذكورة من عدمه.
ما حكم كتابة بعض الآيات والأذكار على الكفن؟ فقد توفي رجلٌ، وبعد تكفينه اقترح بعضُ الحاضرين أن يُكتب شيءٌ من آيات القرآن الكريم والذكر على الكفن بغرض أن يكون ذلك نافعًا وشفيعًا له في القبر، ومع أننا لم نفعل ذلك، لكننا نسأل: هل هذا جائزٌ شرعًا؟
ما حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن في أوقات الكراهة؟
ما حكم إعادة صلاة الجنازة؛ فبعد وفاة أحد الناس بالقاهرة يتم صلاة الجنازة عليه، وبعد وصوله إلى القرية فأهل القرية يصرون على إعادة الصلاة عليه مرة أخرى. فما هو الحكم الشرعي في إعادة الصلاة على الجنازة مرة ثانية؟