نرجو منكم بيان كيف حث الشرع الشريف على الإنفاق ومساعدة الفقراء والمساكين.
حثَّ الشرع الحنيف في مواطن عدة على الإنفاق ومساعدة الفقراء والمساكين؛ منها:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿إن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُمْ مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة: 271]. وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور: 22].
وقوله سبحانه وتعالى أيضًا -واصفًا عباده الأبرار-: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: 8]. والمراد بحبه: على حب الطعام وقلتهِ وشهوتهم له وحاجتهم إليه.
وقيل: على حب الله عزَّ وجلَّ؛ كما في "تفسير البغوي" (8/ 294، ط. دار طيبة).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ الله: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ» متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله عزَّ وجلَّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا» أخرجه الطبراني واللفظ له في "المعجم الأوسط"، والبيهقي في "شعب الإيمان".
فهذه النصوص ظاهرة الدلالة على فضل الإنفاق في شتَّى وجوه الخير والبر، وقد جعله الله سبحانه وتعالى قربةً يتقرب بها العبد إلى ربه.
والشواهد والأدلة في الحث على الإنفاق كثيرة؛ وهو ما يجلِّي لنا اهتمام الشرع الحنيف بالإنفاق والتصدق بالمال في جميع مصارف الخير ووجوه البرِّ؛ والتي يأتي في مقدمتها رعاية ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وإعمار بيوت الرحمن، وخصوصًا المساجد الجامعة لأوجه الحياة من العبادة والعمارة والتعليم إلى نحو ذلك من وجوه الإسهام في الخدمة المجتمعية، كلٌّ بحسب حاله وقدرته في ذلك، وهذا عمل حضاري وواجب مجتمعي، فضلًا على كونه من القربات التي ينبغي على الجميع التكاتف والتآزر حوله وخاصة في وقت الأزمات.
وهذا التكاتف والتعاون والإيثار في وقت الأزمات هو من أخلاق الأنبياء والصالحين، والتي تميز بها الأشعريون -وهم قبيلة الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري من أهل اليمن-، ومدحهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ» متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه؛ ومعنى "أرملوا": أي فني زادهم، يقال: أرمل الرجل وأقوى وأنقص: إذا فني زاده، وفى هذا الحديث فضل المواساة والإيثار والسماحة، وأنها كانت خلق نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وخلق صدر هذه الأمة، وأشراف الناس. ينظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (7/ 545، ط. دار الوفاء)، و"عمدة القاري" لبدر الدين العيني (13/ 44، ط. دار إحياء التراث العربي). وممَّا ذُكر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل الحب حرام في كل الأحوال؟
ما حكم هجر المصرّ على الأذى والضرر في ليلة النصف من شعبان؟ فقد حصل بين أحد الأشخاص وصاحب له خلافات ومشاكل، وتعاظم الأمر حتى أدى ذلك إلى القطيعة بينهما، ومَرَّ على ذلك بعض الأيام، وقد هلَّ علينا شهر شعبان المبارك، وعلم أن الله يغفر لكلِّ الناس في ليلة النصف منه إلا المشاحن، فسعى للصلح معه، إلا أنه بادره بالسب والأذية بالكلام والأفعال، واختلاق المشاكل، والخوض في الأعراض، وغير ذلك من الأمور السيئة التي تؤدي للفتنة بينه وبين جيرانه وأقاربه، ويتكرر ذلك كلما سعى في الصلح معه وإصلاح ما فسد بينهما، وبعد معاناة من هذا الأمر قرر مجانبته وهجره وعدم الحديث معه؛ تجنبًا للمشاكل والأذية، لحين أن تهدأ نفسه، أو يجد فرصة مناسبة للصلح. فهل يكون من المشاحنين الذين لا يغفر الله لهم في هذه الليلة المباركة بسبب هجره صاحبَه هذا وتجنبه؟
ما حكم حرق الأوراق القرآنية الرميمة؟
يزعم بعض المتشددين بأنه يجب على المسلم مقاطعة غير المسلم مقاطعةً تامة، وإلا كان إيمانه وتوحيده مخدوشًا، فما الحكم في هذا القول؟
هل يعد غير الراغب في القطيعة من المشاحنين والمخاصمين الذين لا يغفر لهم في ليلة النصف من شعبان؟ حيث إنه قد حصل بين أحد الأشخاص وأخيه بعض الخلافات، حتى أدى ذلك إلى القطيعة التامة بينهما، ومرَّ على ذلك شهر أو أكثر، وبعد أن راجع نفسه قرر الصلح وعزم على وصله، لكنه يمتنع عن ذلك كلما يراد الكلام معه، ونحن الآن في أيام مباركة وليلة عظيمة؛ هي ليلة النصف من شعبان، وقد علمنا أن الله يغفر لكلِّ الناس فيها إلا المشاحن، وقد بيَّن هذا الشخص رغبته في وصل أخيه وامتناع الأخ عن ذلك، فهل يكون ممن لا يغفر الله له في هذه الليلة المباركة بسبب المشاحنة والمقاطعة الحاصلة بينه وبين أخيه؟
ما حكم الحلف بالله كذبًا؟ فأنا حلفت بالله يمينًا كاذبًا على استحقاقي لشيء ليس ملكي، وأنا أعلم أنَّه غير مملوك لي. فما هي كفارة هذا اليمين؟ وهل يستوجب الأمر ردّ المال الذي حلفت عليه، وأخذته بدون وجه حقّ إلى أصحابه؟