حكم استحداث عقود جديدة غير المُسمَّاة في الفقه ودليل ذلك
المحتويات
الذي عليه التحقيق والعمل: جواز استحداث عقودٍ جديدةٍ غير المُسمَّاة في الفقه الموروث، ما دامت خالية من الغرر والضرر، ومحققة لمصالح أطرافها، خصوصًا إذا كانت تهدف إلى الحدِّ مِن المخاطر المالية المحتملة التي قد تنشأ عن المعاملات التجارية، مع تحقيق أكبر فائدة لأطرافها حسب احتياجاتهم.
والأصل في العقود الصحة، وهذا هو الملائم للشريعة الإسلامية التي امتازت بصلاحيَّتها لكل زمانٍ ومكانٍ، وشموليتها لكل أحوال الإنسان؛ عبادةً ومعاملةً وتزكيةً.
يَدُلُّ على ذلك قول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة: 275]، ووجه الدلالة: أن الألف واللام في قوله: ﴿الْبَيْعَ﴾ للجنس، وهي من صيغ العموم، فلا يخصَّص منه إلا ما استثناه الشرع الشريف بالنهي عنه أو ما في معناه بنصٍّ ثابتٍ أو إجماع.
قال القاضي أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" (1/ 321، ط. دار الكتب العلمية): [تبيَّن أنَّ معنى الآية ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ﴾: المطلق الذي يقع فيه العوض على صحة القصد والعمل، وحرُم منه ما وقع على وجه الباطل] اهـ.
وقال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (3/ 356، ط. دار الكتب المصرية): [قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ هذا من عموم القرآن، والألف واللام للجنس لا للعهد؛ إذ لم يتقدم بيعٌ مذكورٌ يُرجع إليه.. وإذا ثبت أن البيعَ عامٌّ فهو مخصَّصٌ بما ذكرناه من الرِّبا وغير ذلك مما نهي عنه ومنع العقد عليه؛ كالخمر، والميتة، وحبل الحبلة، وغير ذلك مما هو ثابت في السنة وإجماع الأمة النهي عنه. ونظيره.. سائر الظواهر التي تقتضي العمومات ويدخلها التخصيص، وهذا مذهب أكثر الفقهاء] اهـ.
وقال شمس الأئمة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (23/ 92، ط. دار المعرفة): [الأصل في العقود: الصحة] اهـ.
وقال العلَّامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (2/ 217، ط. دار الفكر): [والأصل في العقود: الصحة] اهـ.
وقال الإمام ابن الرفعة الشافعي في "كفاية النبيه" (9/ 311، ط. دار الكتب العلمية): [الأصل في العقود والظاهر من حالها: الصحة] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "الفتاوى الكبرى" (4/ 79، ط. دار الكتب العلمية): [الأصل في العقود والشروط: الجواز والصحة، ولا يحرم ويبطل منها إلا ما دل على تحريمِه وإبطالِه نصٌّ أو قياسٌ عند من يقول به، وأصولُ أحمدَ المنصوصُ عنه: أكثرُها تجري على هذا القول، ومالكٌ قريب منه، لكنَّ أحمدَ أكثرُ تصحيحًا للشروط] اهـ.
يدل على جواز استحداث العقود كذلك من السنة النبوية المشرفة: ما رواه مسلم في "صحيحه" عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ؛ مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ». فدلَّ قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ» على أنَّ الشرع قد جعل الأصل في البيع هو الإباحة، وإنما بيَّن لهم ما يريد استثناءه.
تعدَّدت العقود وتنوَّعت واختلفت من مكانٍ إلى آخر بحسب عُرف أهله وما جرت به مصالحهم، وقد بوَّب الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا أسماه: (باب مَن أجرَى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة والمكيال والوزن وسننهم على نياتهم ومذاهبهم المشهورة).
قال الإمام البدر العيني في "عمدة القاري" (12/ 16، ط. دار إحياء التراث العربي): [أي: هذا بابٌ يُذكر فيه: مَن أجرى أمرها إلى الأمصار على ما يتعارفون بينهم، أي: على عرفهم وعوائدهم في أبواب البيوع والإجارات والمكيال، وفي بعض النسخ: والكيل والوزن مِثلًا بمِثلٍ: كل شيء لم ينص عليه الشارع أنه كيلي أو وزني يعمل في ذلك على ما يتعارفه أهل تلك البلدة؛ مثلًا: الأرز فإنه لم يأت فيه نصٌّ من الشارع أنه كيليٌّ أو وزنيٌّ، فيعتبر في عادة أهل كل بلدة على ما بينهم من العرف فيه، فإنه في البلاد المصرية يُكال، وفي البلاد الشامية يُوزَن، ونحو ذلك من الأشياء؛ لأنَّ الرجوع إلى العرف جملة من القواعد الفقهية] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عمَّا جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم شراء السلع المدعومة من السوق السوداء؟ وهل من يشتري منهم يكون معاونًا ومشاركًا في الإثم؟
ما حكم المشاركة في مسابقات التوقعات من خلال تطبيق إلكتروني؟ حيث أن السائل يقول: يوجد تطبيق يمكن تحميله والاشتراك من خلاله في التوقعات لأمور كثيرة؛ كلعبة كرة القدم أو غيرها، ولكي يقوم الشخص بالاشتراك يقوم بدفع مبلغ من المال، فإن صحَّ تَوقُّع المشترك استرد المال وفوقه زيادة، ومَن لم يصحّ توقعه لا يستردّ ماله، فهل هذا يجوز شرعًا؟
ما حكم أخذ الأجرة على قراءة القرآن الكريم؟
ما حكم الشرع في إضافة ما يُعرف بـ"المصنعية" إلى الثمن عند بيع الذهب والفضة المَصُوغَين؟ حيث يُضِيفُ تُجَّار المشغولات الذهبية مبلغًا مُحدَّدًا نظير تلك المصنعية التي تختلف باختلاف شكلِ القطعة ونوعها.
هل يجوز للموظف في جهة ما أن يحصل على نسبة أو عمولة لنفسه من شركة يشتري منها لصالح جهة عمله؟ وهل يُعدّ هذا من قبيل الهدية المشروعة؟
يوجد شخص يعتبر نفسه مسلمًا من عائلة مسلمة، ولكنه اكتسب أموالًا طائلة عن طريق الحرام مثل: بيع الخمر والمخدرات وأخذ الربا وغيرها من طرق شتى، وهو كان يعرف حكم بعضها ويجهل حكم الأخرى، والآن بعد جمع هذه الأموال تاب هذا الشخص عما مضى ورجع إلى الطريق المستقيم، ويسأل عن حكم ما جمع من الأموال، وهل يحل صرف تلك الأموال على نفسه؟ وما هي الوجوه الأخرى التي يحل صرف هذه الأموال فيها؟
شخص آخر مثله تمامًا، ولكنه لم يعرف قبل كسبها أن طريقته كانت غير موافقة للشريعة، فما حكمه؟