ما حكم التطوع بالطواف من غير الحاج والمعتمر؟ حيث إن هناك شخصًا قد دخل المسجد الحرام لصلاة فريضة الظهر، وكان الوقت قبل الصلاة كبيرًا، فأراد أن يتطوع بطواف البيت. فهل يجوز له ذلك مع كونه غير قاصدٍ لنسكٍ من حجٍ أو عمرة؟
الطواف بالكعبة المشرفة عبادة يثاب عليها المسلم؛ سواء فعلها على سبيل الوجوب والفريضة، أم فعلها على سبيل الندب والتطوع؛ قال تعالى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج: 26]، وقال تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
والحكمة من مشروعية التعبد بالطواف: إقامة ذكر الله تعالى؛ فعن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، وأبو دواد في "السنن"، والترمذي في "جامعه" وصحّحه، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك" وقال: صحيح الإسناد.
ومشروعية التطوع بالطواف ثابتة بالقرآن الكريم، والسنة النبوية المشرفة، والإجماع:
فمن الكتاب الكريم: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158].
قال العلامة البيضاوي في "تفسيره" (1/ 115، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ أي: فعل طاعة؛ فرضًا كان أو نفلًا، أو زاد على ما فرض الله عليه من حج أو عمرة، أو طواف أو تطوع بالسعي] اهـ.
وقال العلامة أبو حيان الأندلسي في "البحر المحيط" (2/ 68، ط. دار الفكر): [فيكون المراد: التبرع بأي فعل طاعة كان، وهو قول الحسن، أو بالنفل على واجب الطواف، قاله مجاهد] اهـ.
ومن السنة النبوية المشرفة:
ما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه -في قصة فتح مكة- قال: "أقبل رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قدم مكةَ.. حتى أقبل إلى الحجر، فاستلمه، ثم طاف بالبيت.." إلى آخر الحديث.
قال الإمام النووي الشافعي في "شرح مسلم" (12/ 129، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه: الابتداء بالطواف في أول دخول مكة؛ سواء كان محرمًا بحج أو عمرة، أو غير محرم، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخلها في هذا اليوم وهو يوم الفتح غير محرم بإجماع المسلمين، وكان على رأسه المغفر، والأحاديث متظاهرة على ذلك والإجماع منعقد عليه] اهـ.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ طَافَ بِالبَيْتِ خَمْسِينَ مَرَّةً خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أخرجه الترمذي في "جامعه".
وعن الحجاج بن أبي رُقَيَّةَ قال: كنت أطوف بالبيت فإذا أنا بابن عمر رضي الله عنهما، فقال: يا ابن أبي رقية! استكثروا من الطواف؛ فإني سمعت رسول الله صلى عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ حَتَّى تُوجِعَهُ قَدَمَاهُ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يُرِيحَهُمَا فِي الْجَنَّةِ» أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة".
وروى نعيم بن حماد في "الفتن"، وأبو عبيد القاسم بن سلام في "غريب الحديث"، والفاكهي والأزرقي في "أخبار مكة"، وغيرهم، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "اسْتَكْثِرُوا مِنَ الطَّوَافِ بِهَذَا الْبَيْتِ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ".
وأما الإجماع:
فقد قال العلامة السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص: 412، ط. دار الكتب العلمية): [ولم يذهب أحدٌ إلى كراهة تكرار الطواف، بل أجمعوا على استحبابه] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما هي حِكم الحج ومقاصده؟
ما حكم التبرع بنفقات الحج والعمرة للوالد؟ فزوجتي تعمل ولها دخل مستقلٌّ ووالدها رجل طاعن في السن وغير قادر ماديًّا على أداء مناسك الحج والعمرة، وولداه الذكور غير قادرين على مساعدته في ذلك، وتريد زوجتي وأنا أتفق معها على تخصيص المال الكافي من ذمتها المالية لأبيها حتى يتمكن من أداء مناسك الحج والعمرة، وأنا وزوجتي أدَّينا فريضة الحج والحمد لله، هل يجوز شرعًا أن يحج أو يعتمر والد زوجتي على نفقتها؟
ما حكم من اعتمر عن نفسه وحج عن غيره؟ فهناك رجلٌ اعتمر في أَشْهُر الحج ولم يخرج مِن الحرم، ثم أَحْرَم بالحج نيابةً عن ميت، هل هذا تَمَتُّع؟ وهل يجب عليه هدْيُ تَمَتُّع؟ ومَن الذي يجب عليه الهدي في هذه الصورة؟
أخذتُ ابني الصبي معي في الحج، فهل يصح حجُّه؟ وهل يُغنِي عن حج الفريضة؟
ما حكم طواف المريض حاملًا القسطرة؟
ما حكم الكلام في الهاتف المحمول أثناء الطواف؟ حيث إن هناك من تأتي إليهم مكالمات على هواتفهم المحمولة أثناء الطواف بالبيت فيقومون بالرَّدِّ عليها؛ فهل هذا جائز شرعًا؟