ما حكم إهداء ثواب الأعمال الصالحة للأحياء والأموات؟ وهل ذلك يجوز شرعًا؟
يجوز شرعًا هبة مثل ثواب الأعمال الصالحة للغير مطلقًا، ويصل إليه بإذن الله؛ لأن الكريم إذا سُئِل أعطَى وإذا دُعِيَ أجاب، وقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضحَّى بكبش أقرن، وقال: «هذا عنِّي، وعمَّن لم يُضَحِّ من أمَّتي» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"؛ فقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثواب الأضحية لمن لم يُضَحِّ من أمته، ومثله سائر القُرَب؛ لاشتراكها في معنى القربة؛ فهو تعليم منه صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ الإنسان ينفعه عمل غيره، والاقتداء به هو الاستمساك بالعروة الوثقى.
المحتويات
نصَّ فقهاء الحنفية والحنابلة على جواز هبة ثواب القُرُبات للغير مطلقًا، سواء كانت تلك القربة ممَّا تقبل الإنابة أم لا، وسواء كانت الهبة للأحياء أم للأموات.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 212، ط. دار الكتب العلمية): [مَن صام، أو تصدَّق، أو صلَّى، وجعل ثوابه لغيره من الأموات أو الأحياء جاز، ويصل ثوابها إليهم عند أهل السُّنَّة والجماعة] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 595، ط. دار الفكر): [مطلب في إهداء ثواب الأعمال للغير: (قوله: بعبادة ما) أي سواء كانت صلاة أو صومًا أو صدقة أو قراءة أو ذكرًا أو طوافًا أو حجًّا أو عمرة، أو غير ذلك من زيارة قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والشهداء والأولياء والصالحين، وتكفين الموتى، وجميع أنواع البر، كما في "الهندية" ط. وقدمنا في الزكاة عن "التتارخانية" عن "المحيط" الأفضل لمن يتصدق نفلًا: أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات؛ لأنها تصل إليهم ولا ينقص مِن أجره شيء] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 147، ط. دار الكتب العلمية): [(وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه) كالثلث أو الربع (لمسلم حيٍّ أو ميت: جاز) ذلك (ونفعه ذلك لحصول الثواب له)] اهـ.
وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النُّهى" (1/ 936، ط. المكتب الإسلامي): [(وكل قربة فعلها مسلم وجعل) المسلم (بالنية، فلا اعتبار باللفظ، ثوابها أو بعضه لمسلم حي أو ميت: جاز، ونفعه ذلك بحصول الثواب له، ولو لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، ذكره المجد. (من): بيان لكل قربة (تطوع وواجب تدخله نيابة كحج) أو صوم نذره ميت (أو لا) تدخله نيابة، (كصلاة ودعاء واستغفار وصدقة) وعتق (وأضحية وأداء دين وصوم) غير منذور، (وكذا قراءة وغيرها)] اهـ.
بينما قصر فقهاء المالكية والشافعية جواز إهداء الثواب للغير على ما يقبل الإنابة؛ كالصدقة والدعاء، أمَّا ما لا يقبلها؛ كالصلاة والصوم فلا.
قال العلامة الدردير في "الشرح الكبير" (2/ 10، ط. دار الفكر): [(و) فُضِّل (تطوُّع وليِّه) أو قريبه مثلًا، يعني ولي الميت (عنه) أي عن الميت، وكذا عن الحي (بغيره) أي بغير الحجِّ (كصدقة ودعاء) وهدي وعتق؛ لأنَّها تقبل النيابة، ولوصولها للميت بلا خلاف، فالمراد بالغير غير مخصوص وهو ما يقبل النيابة كما ذكر، لا كصوم وصلاة، ويكره تطوُّعُه عنه بالحجِّ كما يأتي، وأمَّا بالقرآن فأجازه بعضهم وكرهه بعضهم] اهـ.
وقال الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير" (15/ 313، ط. دار الكتب العلمية): [أمَّا الصيام عن الحيِّ: فلا يجوز إجماعًا بأمر أو غير أمر، عن قادرٍ أو عاجزٍ؛ للظاهر من قول الله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى﴾ [النجم: 39]، ولأنَّ ما تمحَّض من عبادات الأبدان لا تصحُّ فيها النيابة، كالصلاة، وخالف الحج؛ لأنَّه لمَّا تعلق وجوبه بالمال لم يتمحَّض على الأبدان، فصحَّت فيه النيابة كالزكاة] اهـ.
المختار للفتوى: هو جواز هبة القربات للغير مطلقًا؛ لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضحَّى بكبش أقرن، وقال: «هذا عنِّي، وعمَّن لم يُضَحِّ من أمَّتي» أخرجه الإمام أحمد في "المسند".
فقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثواب الأضحية لمن لم يُضَحِّ من أمته، ومثله سائر القُرَب؛ لاشتراكها في معنى القربة؛ فهو تعليم منه صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ الإنسان ينفعه عمل غيره، والاقتداء به هو الاستمساك بالعروة الوثقى. ينظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (2/ 84، ط. الأميرية).
بناءً على ذلك: فإنَّه يجوز هبة مثل ثواب الأعمال الصالحة للغير مطلقًا، ويصل إليه بإذن الله؛ لأن الكريم إذا سُئِل أعطَى وإذا دُعِيَ أجاب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم ترك المبيت بالمزدلفة؟ فقد من الله عليَّ بالحج هذا العام ولكن بعد النفرة من عرفات بعد المغرب وأثناء وجودنا بمزدلفة صلينا المغرب والعشاء جمع تأخير قصرًا، وكان ذلك في وقت صلاة العشاء، وفي عجالة شديدة التقطنا حصوات جمرة العقبة وخرجنا من مزدلفة دون المبيت فيها أو البقاء فيها إلى بعد منتصف الليل، ولم نشاهد المشعر الحرام؛ وذلك بناءً على توجيهات المشرف وخوفًا من الزحام. وقد قرأت في إحدى الكتب بأن المبيت في مزدلفة من واجبات الحج، ومن ترك واجبًا فعليه دم يوزع لفقراء الحرم، ولمَّا عرفت ذلك سألت المجموعة، فقالت لي: ليس علينا شيء؛ لأنه ليس الأمر بيدنا.
هل هناك فرق في الاستعمال الشرعي بين لفظي الصوم والصيام؟ وهل يترتب على الفرق بينهما أيُّ أحكام شرعية؟
بم يحصل التَّحلُّل من الإحرام في الحج والعمرة؟ فأنا كنتُ قد أحرمتُ بالحجِّ هذا العام، وبعد أن رَمَيتُ الجمرات يوم النحرِ، وانتهيتُ من الحلقِ، وضعتُ الطِّيبَ، فقال لي أحدُ الحجاجِ ممن كان معنا: لا يجوز أن تَمَسَّ شيئًا من الطيب ما دُمتَ مُحرِمًا إلى أن تتحلَّل، فبماذا يحصل التَّحلُّل من الإحرام؟ وهل ما فعلتُهُ صحيح أو بَطَلَ حَجِّي؟
يقول السائل: تركت أيام شبابي قدرًا كبيرًا من الصلوات، وأنا نادم على هذه المدة، وأريد أن أكفر عن ذلك، ولكني لا أعلم عدد هذه الصلوات ولا كيفية أدائها. فكيف أستطيع أن أصلي ما فاتني من صلوات سابقة؟
سائل يسأل عن رسم المصحف: هل كان باجتهاد من الصحابة رضوان الله عليهم وليس بتوقيفٍ من النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ وما الصواب في هذا الأمر؟
ما حكم أداء الصلاة أثناء العمل ورفع الصوت بالأذان عبر مكبرات الصوت؟ فهناك شركة يعمل بها عدد كبير من العمال، وحرصًا من الشركة على أن يجد العمال مكانًا مناسبًا للصلاة أثناء تواجدهم بمكان العمل قامت ببناء مسجد، ولوحظ في الآونة الأخيرة تحول المكان من مكان مخصص للصلاة أثناء ساعات العمل إلى دار للعبادة، وإصرار مرتاديه على طلبات تتعارض مع ظروف وساعات العمل، من ذلك مكبرات الصوت لرفع الأذان بحجة أن مكانة رافع الأذان في الجنة كذا وما شابه ذلك.
وقد حاولت إدارة الشركة عدة مرات التنبيه على العمال الالتزام بالمسموح أثناء ساعات العمل، ونظرًا لحساسية الوضع بالنسبة للإدارة الأجنبية للشركة وحرصها على ألا يُضارّ أحد من الناحية الشرعية نتوجه لفضيلتكم بطلب الإحاطة في هذا الموضوع.