نرجو منكم بيان ما ورد من النصوص الشرعية التي تؤكِّد على حرص الشرع الشريف على إتاحة حقِّ التعليم للمرأة؛ وذلك حتى نستطيع بيان ذلك للناس، والرد على من يدَّعون خلاف ذلك.
المحتويات
وردت جملة من النصوص الشرعية تؤكِّد على حرص الشرع الشريف على إتاحة حقِّ التعليم للمرأة، ومن ذلك: ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ثَلاَثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَالعَبْدُ المَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ» أخرجه البخاري، وبوب عليه بقوله: (باب: تعليم الرجل أمته وأهله).
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/ 190، ط. دار المعرفة): [(قوله: باب تعليم الرجل أمته وأهله) مطابقة الحديث للترجمة في الأمة بالنصِّ، وفي الأهل بالقياس؛ إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسنن رسوله آكد من الاعتناء بالإماء] اهـ.
طلب العلم مطلوب من النساء كالرجال، فيجدر بهنَّ أن يسعَيْن في طلبه، وعلى أولياء أمورهنَّ أن يبذلوا لهنَّ سُبُل التعلم وأن يُعِينَهُنَّ عليه.
قال الإمام ابن الحاج في "المدخل" (1/ 209، ط. دار التراث): [وينبغي له أن يتفقَّد أهله بمسائل العلم فيما يحتاجون إليه؛ لأنَّه جاء من تعليم غيرهم طلبًا لثواب إرشادهم فخاصَّته ومن تحت نظره آكد] اهـ.
لما عرفت المسلمات الأولَيَات فضل العلم وشرفه، تنافسنَ فيه وسارعنَ إليه فأخذنَ يتفقَّهن في الدِّين ويطلبن العلم، حتى قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ» أخرجه الإمام مسلم.
فكُنَّ يُسَارِعْنَ لمجالس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويسألنَ عمَّا يعرض لهنَّ من أمور دينهنَّ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه قال: «قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ» أخرجه الإمام البخاري.
وعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان، قالت: «لَقَدْ كَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَاحِدًا، سَنَتَيْنِ أَوْ سَنَةً وَبَعْضَ سَنَةٍ، وَمَا أَخَذْتُ ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ إِلَّا عَنْ لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْرَؤُهَا كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، إِذَا خَطَبَ النَّاسَ» أخرجه الإمام مسلم.
قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم" (6/ 161، ط. دار إحياء التراث العربي): [قولها: "وكان تنُّورُنا وتنُّور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واحدًا" إشارة إلى حفظها ومعرفتها بأحوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقربها من منزله] اهـ.
وقد كان للإمام مالك رضي الله عنه ابنة تحفظ كتابه "الموطأ"، فإذا قرأ القارئ فأخطأ أو لحن دقَّت الباب، فيفطن الإمام مالك للخطأ فيرد عليه؛ كما في "ترتيب المدارك" للقاضي عياض (1/ 116-117، ط. مطبعة فضالة).
قال العلامة ابن الحاج في "المدخل" (1/ 215): [حكي عن أشهب أنه كان في المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وأنه اشترى خضرة من جارية وكانوا لا يبيعون الخضرة إلا بالخبز فقال لها: إذا كان عشية حين يأتينا الخبز فأتينا نعطيك الثمن فقالت: ذلك لا يجوز فقال لها: ولمَ؟ فقالت: لأنه بيع طعام بطعام غير يد بيد، فسأل عن الجارية فقيل له إنها جارية بنت مالك بن أنس رحمه الله تعالى، وعلى هذا الأسلوب كان حالهم، وإنما عيَّنتُ من عيَّنتُ تنبيهًا على من عداهم، وقد كان في زماننا هذا سيدي أبو محمد رحمه الله تعالى قرأت عليه زوجته الختمة فحفظتها، وكذلك رسالة الشيخ أبي محمد بن أبي زيد رحمه الله تعالى ونصف "الموطأ" للإمام مالك رحمه الله تعالى، وكذلك ابنتاها قريبان منها، فإذا كان هذا في زماننا فما بالك بزمان السلف رضوان الله عليهم أجمعين] اهـ.
ويقول العلامة اللكنوي في "الفوائد البهية" (ص: 158، ط. مطبعة دار السعادة) عند ترجمته للإمام علاء الدين السمرقندي: [كانت ابنته فاطمة الفقيهة العلامة زوجة علاء الدين أبي بكر صاحب "البدائع"، وكانت تفقَّهت على أبيها وحفظت تحفته وكان زوجها يخطئ فترده إلى الصواب، وكانت الفتوى تأتي فتخرج وعليها خطها وخط أبيها، فلما تزوجتْ بصاحب "البدائع" كانت تخرج وعليها خطها وخط أبيها وخط زوجها] اهـ.
وكانت أمُّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها من أفقه الناس وأعلمهم وأحسنهم رأيًا؛ قال الإمام ابن حجر العسقلاني في "الإصابة في تمييز الصحابة" (8/ 233، ط. دار الكتب العلمية): [قال أبو الضحى عن مسروق: رأيت مشيخة أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض؛ وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة؛ وقال هشام بن عروة، عن أبيه: ما رأيت أحدًا أعلم بفقه ولا بطبٍّ ولا بشعر من عائشة؛ وقال أبو بردة بن أبي موسى، عن أبيه: ما أشكل علينا أمرٌ فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علمًا، وقال الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل؛ وأسند الزبير بن بكار عن أبي الزناد، قال: ما رأيت أحدًا أروى لشعر من عروة، فقيل له: ما أرواك! فقال: ما روايتي في رواية عائشة؟ ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعرًا] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل الرضاع عن طريق جهاز يدر اللبن يثبت التحريم؟ حيث قمنا بكفالة طفل يتيم، وأرضعته زوجتي عن طريق جهاز يُدِرُّ اللبن، ثم سقته للطفل، وذلك على مدار ثلاثة أشهر. فهل يصبح الطفل أخًا لبناتي ويحرم عليه الزواج منهن؟
امرأة تزوجت بشخص بمقتضى قسيمة رسمية، وبتاريخ أول فبراير سنة 1926م حرر الزوج المذكور على نفسه ورقة لزوجته المذكورة تسجلت بمحكمة عابدين الأهلية، أقر فيها على نفسه بقوله لها: "جعلت أمرك بيدك، بحيث إنك متى وكلما أردت طلاقك مني وأظهرت إرادتك بقولك في غيبتي أو حضوري بصيغة الغائب أو صيغة الخطاب لي ما يدل على أنك طلقت نفسك مني أو حرمت نفسك علي، سواء صرحت بالواحد أو الاثنين أو الثلاث تكونين طالقًا مني فور تصريحك على الطريقة التي تصرحين بها، سواء كانت رجعية أو بائنًا بينونة صغرى أو كبرى، أولى أو ثانٍ أو ثلاث، على دفعة أو دفعات"، على الوجه المدون بالورقة التي حررها على نفسه.
وبما لها من الحق المذكور أشهدت الزوجة المذكورة على نفسها بأنها فعلت المعلق عليه الطلاق بالعقد العرفي، وأظهرت إرادتها في طلاق نفسها من زوجها المذكور بقولها: "طلقت نفسي من زوجي ... طلقة واحدة بائنة من الآن، فلا أحل له إلا بعقد ومهر جديدين"، وذلك بمقتضى إشهاد صادر منها في 14 يونية سنة 1926 بمحكمة مصر الشرعية، وهو مرفق مع هذا.
بناءً عليه نرجو من فضيلتكم التفضل بإفادتي عما إذا كان الطلاق المذكور واقعًا أم لا؟ وإذا كان واقعًا فهل يحل للزوجة المطلقة نفسها أن تتزوج بزوج آخر بعد انقضاء عدتها من مطلقها المذكور؟ أرجو الجواب، ولكم الأجر والثواب.
امرأة ماتت عن: زوجها، وأولادها الأربع ذكورًا وإناثًا من زوجها المذكور، وأوصت بثلث مالها ليصرف في الخيرات والمبرات على روحها، وأقامت شقيقها وصيًّا مختارًا من قِبلها على صرف ذلك الثلث في الخيرات، وعلى أولادها القُصَّر بموجب إعلام شرعي صادر من محكمة شرعية. فهل إقامة الوصي المذكور على أولادها جائزة مع وجود أبيهم المذكور؟ أفيدوا الجواب.
قال السائل: امرأة من مصر تزوجت في ديار غربة بالحجاز، ثم حملت، ثم مرضت وهي حامل وتعرضت لأخطار شديدة، فقرر الأطباء ضرورة سفرها عاجلًا من تلك الديار؛ لعدم وجود الأطباء الاختصاصيين هناك حيث توجد الاستعدادات من أطباء اختصاصيين ووسائل إسعاف -بمصر مثلًا-؛ وذلك درءًا لما قد يحدث لها من ضرر، وحفظًا لها وإنقاذًا لحياتها وعدم تعرضها إلى التهلكة، فطلبت من زوجها الإذن لها بذلك فأبى وأصر على عدم سفرها، ولكنها للضرورة الحتمية والسبب القهري والعذر الشرعي المشار إليه بعاليه أصرت غير باغية أن تلح وتشبثت بالسفر. ثم سافرت مع محارم من أهلها إلى وطنها مصر؛ لأجل الوضع والعلاج والاستشفاء. فهل يصح لزوجها أو خلافه أن يعتبرها ناشزًا؟ مع العلم بأنها علاوة على ما أبدته من الأسباب المستدعية لسفرها استصدرت أمرًا ساميًا من جلالة مليك البلاد، فتفضل جلالته بالإذن لها بالسفر على أن تعطي تعهدًا بأن تعود بعد الوضع والعلاج، فأعطت هذا التعهد. أفتونا مأجورين.
ما حكم الشرع في إثبات واقعة السب والقذف من زوج لزوجته أو العكس؟ وهل تصلح شهادة النساء في إثبات السب والقذف؟ وما هو نصاب الشهادة لإثبات هذه الواقعة؟ وما هي شروط أداء الشهادة؟ وهل تصلح شهادة ثلاث نساء مجتمعات، والشاهدة الثانية والثالثة لم يشهدا غير بقول: "كما قالت الشاهدة الأولى"؟ وهل تصلح الشهادة بدون حلف اليمين؟ وإذا لم تصلح شهادة هؤلاء النسوة ولم يوجد غيرهن يشهد بنفس الشهادة فما حكم الدين فيهن؟
ما هي درجة قرابة امرأة بزوج أمها؟ وهل لها الحق في الإرث؟