مفهوم العبادة في الإسلام ومدى شموليتها للعمل والسعي لطلب الرزق

تاريخ الفتوى: 16 أغسطس 2023 م
رقم الفتوى: 7899
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
مفهوم العبادة في الإسلام ومدى شموليتها للعمل والسعي لطلب الرزق

نرجو منكم بيان مفهوم العبادة في الإسلام وهل تقتصر على الصلاة ونحوها أو أنها تشمل العمل والسعي لطلب الرزق.

المحتويات

 

مفهوم العبادة في الإسلام ومدى شموليتها للعمل والسعي لطلب الرزق

من المقرر شرعًا أنه يجب على كلِّ إنسانٍ مكلف أن يخلص العبادة لخالقه سبحانه؛ فقد قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: 5].

قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (32/ 243، ط. دار إحياء التراث العربي): [العبادة هي التذلل، ومنه طريق مُعَبَّدٌ أي مذلل.. واعلم أن العبادة بهذا المعنى لا يستحقها إلا من يكون واحدًا في ذاته وصفاته الذاتية والفعلية] اهـ.

وقال الإمام الطبري في "جامع البيان" (24/ 541، ط. مؤسسة الرسالة): [مفردين له الطاعة، لا يخلطون طاعتهم ربهم بشرك] اهـ.

فالعبادة في الإسلام تشمل كلَّ ما يصدر عن المكلف من قول أو عمل أو اعتقاد، وذلك على حسب ما يحبه الله ويرضاه؛ يقول تعالى -في شأن المؤمنين-: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5].

يقول الشيخ ابن القيم في "مدارج السالكين" (1/ 120-121، ط. دار الكتاب العربي): [وبُنَى ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ﴾ على أربع قواعد: التحقق بما يحبه الله ورسوله ويرضاه، من قول اللسان والقلب، وعمل القلب والجوارح.

فالعبودية: اسم جامع لهذه المراتب الأربع، فأصحاب ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ﴾ حقًّا هم أصحابها.

- فقول القلب: هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه، وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته ولقائه على لسان رسله.

- وقول اللسان: الإخبار عنه بذلك، والدعوة إليه، والذب عنه، وتبيين بطلان البدع المخالفة له، والقيام بذكره، وتبليغ أوامره.

- وعمل القلب: كالمحبة له، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والخوف منه والرجاء له، وإخلاص الدِّين له، والصبر على أوامره، وعن نواهيه، وعلى أقداره، والرضا به وعنه، والموالاة فيه، والمعاداة فيه، والذل له والخضوع، والإخبات إليه، والطمأنينة به، وغير ذلك من أعمال القلوب التي فَرْضُها أفرض من أعمال الجوارح، ومستحبها أحب إلى الله من مستحبها، وعمل الجوارح بدونها إما عديم المنفعة أو قليل المنفعة.

- وأعمال الجوارح: كالصلاة والجهاد، ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات، ومساعدة العاجز، والإحسان إلى الخلق ونحو ذلك.. والله تعالى جعل العبودية وَصْفَ أَكْمَلِ خلقه، وأقربهم إليه] اهـ.

ما ورد في نصوص الشرع الشريف على اعتبار العمل عبادة

إذا أمعنَّا النظر في نصوص الشرع الشريف لوجدنا أن الإسلام قد جعل العمل والسعي في طلب الرزق وتعمير الكون من العبادات التي يثاب عليها الإنسان، فالشرع الشريف يحث الإنسان على العمل والاجتهاد في كسب الرزق الحلال الطيب؛ يقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15].

قال العلامة النسفي في "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (3/ 514، ط. دار الكلم الطيب): [﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾ لينة سهلة مذللة لا تمنع المشي فيها، ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ جوانبها استدلالًا واسترزاقًا، أو جبالها، أو طرقها، ﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ أي: من رزق الله فيها، ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ أي: وإليه نشوركم، فهو سائلكم عن شكر ما أنعم به عليكم] اهـ.

والنية الصالحة والإتقان في العمل من أهم العوامل التي تجعل العمل يصير عبادة، فالمؤمن الذي يعمل في أي مجال أو مهنة مشروعة وجائزة، إذا نوى بذلك تحقيق مرضاة الله وخدمة الناس، فإن عمله يصبح عبادة يثاب عليها في الدنيا والآخرة.

قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (2/ 537، ط. دار ابن عفان): [النية شرط في كون العمل عبادة، والنية المرادة هنا نية الامتثال لأمر الله ونهيه، وإذا كان هذا جاريًا في كل فعل وترك، ثبت أن في الأعمال المكلف بها طلبًا تعبديًّا على الجملة] اهـ.

وقد تضافرت نصوص الشرع الشريف على اعتبار العمل الحلال عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله تعالى، منها:

- ما روي عن أبي الْمُخَارِقِ رضي الله عنه، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك فَطَلَعَتْ ناقة له فأقام عليها سبعًا، فمر عليه أعرابي شاب شديد قوي يرعى غُنَيْمَةً له، فقالوا: لو كان شباب هذا وشدته وقوته في سبيل الله عز وجل! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ كَبِيرَيْنِ لَهُ لِيُغْنِيَهُمَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى صِبْيَانٍ لَهُ صِغَارٍ لِيُغْنِيَهُمْ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيُغْنِيَهَا وَيُكَافِي النَّاسَ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى رِيَاءً وَسُمْعَةً فَهُوَ لِلشَّيْطَانِ» أخرجه ابن أبي الدنيا في "النفقة على العيال".

- وكذا ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ» أخرجه البخاري ومسلم.

قال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (5/ 4، ط. دار المعرفة): [ومقتضاه أنَّ أجر ذلك يستمر ما دام الغرس أو الزرع مأكولًا منه ولو مات زارعه أو غارسه، ولو انتقل ملكه إلى غيره، وظاهر الحديث أنَّ الأجر يحصل لمتعاطي الزرع أو الغرس، ولو كان ملكه لغيره] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما أثر تركيب جهاز الكولوستومي على طهارة المريض؟


سألت امرأة قالت: إنه يلازمها الشك كثيرًا منذ ثلاث سنوات في وضوئها أثناء الوضوء وبعده، في الصلاة وخارجها، مما يترتب عليه إعادة الوضوء عدة مرات، كما أنها تشك أيضًا في صلاتها من ناحية نقصها أو زيادتها وذلك بعد تمامها، وطلبت معرفة الحكم الشرعي فيما يجب عليها أن تفعله إزاء هذا الشك حتى تكون صلاتها صحيحة.


ما هو الحكم الشرعي في وضع غطاء للرأس أثناء الصلاة؟


ما حكم صلاة المأمومين في طابق في المسجد غير الطابق الذي يصلي فيه الإمام؟ حيث يوجد مسجد مكون من طابقين، وتؤدى جميع الصلوات في الطابق الثاني، ولكن لظروف سن أو مرض عند بعض المصلين نقوم بفتح الدور الأول لهم لأداء الصلاة فيه، ويقوم بعض المصلين بأداء الصلاة معهم في الدور الأول في صفوف منتظمة رغم عدم اكتمال الصفوف بالدور الثاني. فهل تصح صلاتهم؟


ما حكم إقامة صلاة العيد بملعب النادي الرياضي؟ حيث يتم إقامة صلاة العيد بملعب النادي الرياضي بالمدينه؛ ونظرًا لانشغالنا بأنشطة رياضية بالنادي حيث نقيم المسابقات الرمضانية ولأن المساجد تعاني من شدة الحر هذا العام فقد قمنا -نحن العاملين بالنادي- بتجهيز قطعة من مصلى العيد وجهزناها بالمياه والفرش والإذاعة وبدأنا نصلي فيها العشاء والتراويح فزاد الإقبال من الجيران؛ نظرًا للجو الجميل بها.
ولكن فوجئنا بأحد المشايخ يقول على المنبر: إنها بدعة، وغير جائزة، والصلاة غير مقبولة؛ أي إنه حرمها! فأصبحنا في حيرة من أمرنا. فما حكم الشرع في ذلك؟


ما حكم إمامة الأعمى ومقطوع اليد أو جزء منها؛ فشخص كان يؤدي واجبه نحو الوطن، فانفجرت في وجهه قنبلة أدّت إلى فقد بصره وبتر كف يده اليمنى وأصابع يده اليسرى وباقٍ جزءٌ من الإصبع، فتقبل قضاء الله وقدره وبنفس راضية، وقد أحبه الناس لصبره على البلاء، وعندما كان يذهب إلى المسجد يقدمه الناس إمامًا للصلاة في حالة غياب الإمام؛ لأنه يحفظ بعض السور من القرآن الكريم، لكن بعض الناس شكّك في إمامته؛ نظرًا لإصابته؛ بحجة أنه لا يتيقن الطهارة، علمًا بأنه يتطهر تطهرًا كاملًا، وحدث خلاف بين القائمين على المسجد في صحة إمامته. وطلب بيان الحكم الشرعي في ذلك.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57