سائل يقول: أرى بعض الناس عندما يأتون لزيارة المدينة المنورة يحرصون على الذهاب إلى المسجد النبوي ومسجد قباء ومسجد القبلتين؛ وذلك لكون هذه المساجد صلى فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فما حكم ذلك؟
المحتويات
المدينة النبوية المنورة مَهد الإسلام؛ قد شرَّفها الله تعالى وفضَّلها، وجعلها من خير بقاع الأرض، ودعا لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولأهلها بالبركة، وجعلها حرمًا آمنًا؛ فعَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا، وَحَرَّمْتُ المَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَدَعَوْتُ لَهَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَكَّةَ» متفقٌ عليه.
وتحظى المدينة المنورة بالعديد من المساجد الدينية التاريخية التي يرغب القاصي والداني في زيارتها؛ كالمسجد النبوي الشريف، ومسجد قباء، ومسجد القبلتين، ونحوها.
وقد تواردت النصوص على استحباب زيارة هذه المساجد والبقاع المباركة جميعًا؛ قال شهاب الدين القَسْطَلَّانِي في "المواهب اللَّدُنِيَّة بالمنح المحمدية" (3/ 623، ط. المكتبة التوفيقية): [وينبغي أيضًا بعد زيارته صلى الله عليه وآله وسلم أن يقصد المزارات التي بالمدينة الشريفة، والآثار المباركة، والمساجد التي صلى فيها صلى الله عليه وآله وسلم؛ التماسًا لبركته] اهـ.
يزيد الاستحباب في زيارة بعض المساجد التي لها مزيد فضل وشرف، ووردت بخصوصها الأحاديث والآثار؛ منها:
- المسجد النبوي الشريف: وهو أحد المساجد الثلاثة التي تشدّ إليها الرحال؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى» متفقٌ عليه؛ فأفاد منع شد الرحال إلى مسجدٍ ما بقصد تعظيمه والتقرب إلى الله تعالى بالصلاة فيه إلا إلى المساجد الثلاثة.
وَعَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَذُكِرَتْ عِندَهُ صَلَاةٌ فِي الطُّورِ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآِلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْبَغِي لِلْمَطِيِّ أَنْ تُشَدَّ رِحَالُهُ إِلَى مَسْجِدٍ يُبْتَغَى فِيهِ الصَّلَاةُ، غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".
ويزيد على ذلك أن الصلاة فيه تعدلُ ألفَ صلاة فيما سواه من المساجد في الأجر والثواب، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ» أخرجه الشيخان.
- مسجد قباء: وهو أول مسجد بُنِيَ في الإسلام، وقد شارك النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحابةَ في بنائه؛ فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا» زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، «فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ» أخرجه الشيخان.
وَعَن سَهْل بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَن تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ، فَصَلَّى فِيهِ صَلَاةً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ» أخرجه ابن ماجه -واللفظ له- والترمذي والنسائي والبيهقي في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف"، والحاكم في "المستدرك"، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ"، ووافقه الذهبي في "التلخيص".
وبوَّب له البخاري في "صحيحه" بـ (بَابِ مَنْ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ)، ومسلم في "صحيحه" بـ (بَابِ فَضْلِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ، وَفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَزِيَارَتِهِ)، والنسائي في "سننه" بـ (فَضْلِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ وَالصَّلَاةِ فِيهِ)، وعبد الرزاق في "مصنفه" بـ (بَابِ مَا تُشَدُّ إِلَيْهِ الرِّحَالُ وَالصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ).
وقال الإمام الغزالي في "إحياء علوم الدين" (1/ 260، ط. دار المعرفة): [ويستحب له أن يأتي مسجد قباء في كلِّ سبت، ويصلي فيه] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 276، ط. دار الفكر): [يستحب استحبابًا متأكدًا أن يأتي مسجد قباء، وهو في يوم السبت آكد، ناويًا التقرب بزيارته والصلاة فيه] اهـ.
-مسجد القبلتين: وهو المسجد التي صُلِّيَت فيه صلاة واحدة إلى قبلتين؛ حيث تحولت فيه قِبلة المسلمين من بيت المقدس إلى البيت الحرام أثناء صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه بأصحابه صلاة الظهر، فسُمِّي بهذا الاسم.
قال برهان الدين ابن فرحون في "إرشاد السالك" (2/ 820-833، ط. مكتبة العبيكان): [فصل: في المساجد والآثار التي ينبغي زيارتها والتبرك بها.. ومنها: مسجد القبلتين، وهو: الذي صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الظهر بأصحابه، فلما صلَّى ركعتين أُمِر أن يتوجه إِلى الكعبة، فسُمِّي لذلك مسجد القبلتين] اهـ. وممَّا سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يسأل عن حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة، وهل هذا يُؤثِّر على كونها صحيحة؟
ما حكم مَن سلك الطريق الأطول ليترخص برخص السفر؛ فهناك رجلٌ سافر لزيارة أقاربه، وبلدتهم لها طريقان، أحدهما طويلٌ يبلغ مسافة القصر، والآخر قصيرٌ لا يَبلُغها، فسَلَك الطريق الأطول مِن أَجْل أنْ يترخص برُخَصِ السَّفر ويَعمل بأحكامه مِن نحو قصر الصلاة والفطر في رمضان، لا مِن أَجْل غرضٍ آخَر، فهل له الترخُّصُ برُخَص السفر والعملُ بأحكامه في هذه الحالة؟
أرجو من فضيلتكم التكرم بإفتائي عن موضوع المحراب في المسجد؛ حيث إن قريبًا لي يبني مسجدًا ولما وصل إلى عمل المحراب اعترض عليه بعض الناس وأخبروه بأن المحراب لا يجوز في المسجد، وقال له بعض آخر: إن المحراب يجوز، فتضاربت الأقوال بين الجواز وعدمه، مما جعلني أتقدم إلى فضيلتكم لإنهاء هذه الخلاف.
هل يجوز الاعتماد على الساعات الذكية والتطبيقات الإلكترونية في تحديد أوقات الصلوات، وفي تحديد وقت الفطر خلال شهر رمضان؟ فأنا أسكن وأهلي في منزلٍ أعددته بجوار مزرعتي بعيدًا عن المدينة، وقد لا أسمع الأذان وأنا بداخله، وقد ظهرت ساعات ذكية وكذلك تطبيقات إلكترونية تساعد على معرفة مواقيت الصلاة.
ما حكم الذكر والدعاء داخل الصلاة بألفاظ لم ترد في الكتاب والسنة؟ وهل يُعَدُّ ذلك بدعة؟
ما حكم صلاة العيد؟ وما هو وقتها؟ وما هو الأفضل في مكان أدائها؟