حكم التداوي بالكي

تاريخ الفتوى: 07 يونيو 2021 م
رقم الفتوى: 8089
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطب والتداوي
حكم التداوي بالكي

سائلة تقول: هل يجوز التداوي بالكيّ؟ فهناك امرأة تعاني منذ فترة من حبوب زائدة بارزة في اليد وأخذت علاج لذلك، لكن لم يتم شفاؤها، وقد أخبرها أهل الخبرة في التداوي أنها تحتاج إلى كيّ في حالة عدم نفع العلاج؛ وتسأل هل العلاج بالكي جائز شرعًا؟

يجوز شرعًا التداوي بالكيِّ للمريض الذي غلب على ظنه أن الكيّ هو الدواء المناسب له؛ لعدم جدوى غيره من أسباب التداوي؛ لحاجة المريض إلى ذلك، ولما فيه من المداواة وإزالة الضرر.

 

المحتويات

 

ما ورد في نصوص الشرع من الحث على التداوي

تضافرت النصوص الشرعية في الحثّ على التداوي والأخذ بأسباب العافية؛ فروى البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً».

وروى مسلم في "صحيحه" عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ؛ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».

وروى أبو داود في "سننه" عن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَصْحَابُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ، فَجَاءَ الْأَعْرَابُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ: «تَدَاوَوْا؛ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ: الْهَرَمُ».

حكم التداوي بالكي والأدلة على مشروعيته

الكيّ من العلاجات المعروفة في الطبّ القديم، ويكون عن طريق استعمال حديدة محماة تكوى بها مواضع معينة لعلاج بعض الأمراض، وهو مأخوذ من: [كَواهُ البيطار وغيره يَكْوِيه كيًّا: أحرق جلده بحديدة ونحوها، ومنه قولهم: "آخر الدواء الكَيُّ"]. انظر: "تاج العروس" (39/ 423، ط. دار الهداية).

والكيُّ من العلاجات التي أباحها الشرع الشريف عند عدم نفع الأدوية؛ والأصل في مشروعيَّته:

ما رواه مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه فِي أَكْحَلِهِ، قَالَ: فَحَسَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بِيَدِهِ بِمِشْقَصٍ ثُمَّ وَرِمَتْ فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ".

وما رواه أيضًا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ: "بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا، فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا، ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ".

قال الإمام النووي في شرح الحديث من "شرحه لصحيح مسلم" (14/ 193، ط. دار إحياء التراث العربي): [وذَكَرَ الكيّ؛ لأنه يُستعمل عند عدم نفع الأدوية المشروبة ونحوها، فآخر الطب الكيّ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ» إشارة إلى تأخير العلاج بالكيّ؛ حتى يُضطرَ إليه، لما فيه من استعمال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعف من ألم الكيّ] اهـ.

توجيه ما ورد في السنة النبوية من إباحة التداوي بالكي والنهي عنه

أما ما ورد في بعض الأحاديث التي ظاهرها النهي عن الكيّ فمحمول على عدم الحاجة إلى الكيّ؛ وقد جمع الحافظ ابن حجر العسقلاني بين هذه الأحاديث الواردة في الكي؛ فقال في "فتح الباري" (10/ 155-156، ط. دار المعرفة): [قوله: (باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو): كأنه أراد أن الكي جائز للحاجة، وأن الأولى تركه إذا لم يتعين، وأنه إذا جاز كان أعم من أن يباشر الشخص ذلك بنفسه أو بغيره لنفسه أو لغيره، وعموم الجواز مأخوذ من نسبة الشفاء إليه في أول حديثي الباب، وفضل تركه من قوله: «وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ»، وقد أخرج مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر قال: رُمِيَ سعد بن معاذ على أَكْحَلِهِ فَحَسَمَهُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن طريق أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "بعث إلى أبي بن كعب رضي الله عنه طبيبًا فقطع منه عرقًا ثم كَوَاهُ"، وروى الطحاوي وصححه الحاكم عن أنس رضي الله عنه قال: "كَوَانِي أبو طلحة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم"، وأصله في البخاري، وأنه كُوِيَ من ذات الجَنْبِ وسيأتي قريبًا، وعند الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كَوَى أَسْعَدَ بن زُرَارَة من الشَّوكَة، ولمسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه: "كَانَ يُسَلِّمُ عَليّ حَتَّى اكتويت فَترك ثُمَّ تَرَكْتُ الْكَيَّ فعاد"، وله عنه من وجه آخر: إن الذي كان انقطع عني رجع إلي؛ يعني تسليم الملائكة كذا في الأصل، وفي لفظ: "أنه كان يسلم عليَّ، فلما اكتويت أمسك عني، فلما تركته عاد إلي"، وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي عن عمران رضي الله عنه: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الكي، فاكتوينا، فما أفلحنا ولا أنجحنا"، وفي لفظ: "فلم يُفْلِحْنَ وَلَمْ يُنْجِحْنَ"، وسنده قوي، والنهي فيه محمول على الكراهة أو على خلاف الأولى؛ لما يقتضيه مجموع الأحاديث، وقيل إنه خاص بعمران؛ لأنه كان به الباسور وكان موضعه خطرًا فنهاه عن كيه، فلما اشتد عليه كواه فلم ينجح. وقال ابن قتيبة: الكيّ نوعان: كي الصحيح لئلا يعتل، فهذا الذي قيل فيه: لم يتوكل من اكتوى؛ لأنه يريد أن يدفع القدر، والقدر لا يدافع، والثاني: كيّ الجرح إذا نَغِلَ أي: فسد، والعضو إذا قطع فهو الذي يُشرع التداوي به، فإن كان الكي لأمر محتمل فهو خلاف الأولى؛ لما فيه من تعجيل التعذيب بالنار لأمر غير محقق، وحاصل الجمع: أن الفعل يدل على الجواز، وعدم الفعل لا يدل على المنع، بل يدل على أن تركه أرجح من فعله، وكذا الثناء على تاركه، وأما النهي عنه: فإما على سبيل الاختيار والتنزيه، وإما عما لا يتعين طريقًا إلى الشفاء، والله أعلم] اهـ.

وقال المازري في "المُعْلِم بفوائد مسلم" (3/ 169، ط. الدار التونسية للنشر): [وتعقيبه بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا أحبّ أن أكتويَ» إشارة إلى أن يؤخَّر العلاج به حتى تدفع الضرورة إليه ولا يوجد الشفاء إلا فيه؛ لما فيه من استعجال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعفَ من ألم الكيّ] اهـ.

من هنا يظهر أنَّ مقصود الشارع هو النهيُ عن الكيّ الذي يُبادر إليه الصحيح رغبةً في التَّحَصُّن من المرض أو الذي يرتكبه المريض مع وجود غيره ممَّا لا ألم معه من الأدوية، أو مع اعتقاد التأثير الذاتي للكي.

أما المريض الذي غلب على الظن أن الكيّ هو الدواء المناسب له؛ لعدم جدوى غيره من أسباب التداوي فهو: مشروع في حقه؛ للحاجة، ولما فيه من المداواة وإزالة الضرر. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم

 

ما الحكم الشرعي في المال الذي يُصرف للمتبرع بالدم على سبيل الهدية أو المكافأة والتشجيع؟ وهل يجوز أن يُتفق عليه؟


هل يجوز شرعًا إجراء عملية لزرع النخاع؟ مع العلم أن النخاع ليس عضوًا، ولكنه مادة يخلقها الجسم ويعوضها طبيعيًّا بعد التبرع به.


ما حكم استخدام الإنسان كأداة لإجراء التجارب على بعض العقاقير التي يروجها غير المتخصصين؟ فقد انتشرت مؤخرًا لدينا ظاهرة استخدام البشر كأدوات للتجارب لبعض العقاقير التي يعلن مروِّجوها أنها ذات خصائص تعالج الأمراض الخبيثة مثل السرطان والإيدز في جوٍّ من السرية والكتمان ودون أي إشراف من أي جهة مع ملاحظة:
1- لا يعلم أحد مصدر أو تركيبات أو مكونات هذه العقاقير فيما عدا أنها أعشاب.
2- لا يعلن مستخدموها عن نتائجها علميًّا، وليسوا من أهل الاختصاص في الطب أو الصيدلة.
فما رأي الشرع فيمن يقومون بإجراء التجارب في البشر كعينات تجارب؟ وكذا فيمن تُجْرى فيهم هذه التجارب كعينات تجارب؟


ما مدى مشروعية التداوي بالحجامة؟ فنظرًا للَّغطِ الشديد الذي نحن فيه فيما يتعلق بالتداوي بالحجامة، ونظرًا لأن هذا النوع من التداوي شاع في الفترة الأخيرة في العالم الغربي والشرقي على السواء، مما يجعلنا نفخر بأن نبينا وحبيبنا وطبيبنا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم قد أوصى بهذا النوع من التداوي من 1400 سنة، والذي ينظر إليه العالم الآن ليس فقط بواقع طبي ولكن أيضًا نظرة مستقبلية.
وعليه: فإننا نود أن تفيدنا سيادتكم بالرؤية الإسلامية في موضوع الحجامة.
أولًا: مشروعية التداوي بها، وهل هو تداوٍ أفناه الدهر رغم استخدام الأوروبيين والأمريكان له، أم ما زال قائمًا؟
ثانيًا: هل يفضل أن يجريه العامة أم الأطباء بما لهم من مقدرة على التشخيص وإصابة الداء بالدواء المناسب ومراعاة ظروف التعقيم المناسبة؟
ثالثًا: إذا كان العالم الغربي اهتم بهذا النوع من التداوي وأصبح له مدارسه، وإذا كانت السُّنَّة واضحة فيه، فما هو حكم قيام السلطة في دولة إسلامية باستهجان هذا الأسلوب العلاجي الراقي الذي أوصى به نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وله قوانينه الحديثة المنظمة لهذا النوع من العلاج؟


ما حكم الزكاة في عيادات الأسنان؟ وما كيفيتها؟ فهناك طبيب أسنانٍ يَملِك عيادةً، ويشتري لنشاطها كافةَ اللوازم الطبية لإجراء الفحوصات للمرضى والعلاج، سواء في ذلك الأدوات، أو المواد المستعمَلة في العلاج كالحشو والتركيبات وغير ذلك، ويسأل: هل تجب عليه زكاة هذه العيادة بمشتملاتها؟ وإذا وَجَبَت فما آلية حساب الواجب عليه من الزكاة شرعًا؟


ما حكم استخراج منظمات القلب التي سبق تركيبها في وقت سابق على وفاة المريض وما يزال في عمرها الافتراضي عدة سنوات؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 18 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :14
الشروق
6 :41
الظهر
12 : 49
العصر
4:18
المغرب
6 : 56
العشاء
8 :14