ما حكم الطلاق أثناء الحمل؟ فقد قرأتُ مؤخرًا على بعض مواقع التواصل الاجتماعي أن طلاق المرأة الحامل لا يقع؛ لكونها حاملًا، فهل هذا صحيح؟
طلاق الزوج لزوجته الحامل يقع طلاقا صحيحًا إذا كان مكتمل الأركان الشرعية؛ ولا إثم في ذلك ولا بدعة، وعدة المرأة في هذه الحالة إنما تكون بوضع الحمل.
المحتويات
من المقرر شرعًا أن طلاق الرجل لزوجته الحامل يقع طلاقًا صحيحًا إذا كان مكتمل الأركان الشرعية؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا، أَوْ حَامِلًا» أخرجه مسلم.
قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (15/ 81، ط. أوقاف المغرب): [فإذا استبان حملها طلقها متى شاء؛ على عموم هذا الخبر] اهـ.
وقال القاضي عياض في "المعلم بفوائد مسلم" (5/ 13، ط. دار الوفاء): [فيه دلالة على جواز طلاق الحامل على الإِطلاق دون التفصيل] اهـ.
وقال العلامة ابن ملك الكرماني في "شرح مصابيح السنة" (4/ 24، ط. إدارة الثقافة الإسلامية): [يدل على أن لا بدعة في طلاق الحامل] اهـ.
قد تواردت نصوص فقهاء المذاهب الأربعة على جواز طلاق الحامل إذا استبان حملها وصحته.
قال العلامة بدر الدين العيني الحنفي في "البناية" (5/ 291، ط. دار الكتب العلمية): [(وطلاق الحامل يجوز عقيب الجماع، لأنه لا يؤدي إلى اشتباه وجه العدة، وزمان الحبل زمان الرغبة في الوطء] اهـ.
وقال العلامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (2/ 32، ط. دار الفكر): [(وكذلك الحامل) يجوز أن يطلقها زوجها متى شاء؛ للأمن من تطويل العدة، وظاهره ولو كانت متلبسة بالحيض] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (4/ 499، ط. دار الكتب العلمية): [(و) يحل (طلاق من ظهر حملها) وإن كانت تحيض؛ لأن بأخذ العوض وظهور الحمل ينعدم احتمال الندم] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (3/ 108، ط. دار الكتب العلمية): [وكذلك الحامل التي استبان حملها لا يحرم طلاقها؛ لما روى سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا، أَوْ حَامِلًا»؛ ولأنه لا ريبة لها، ولا يتجدد لها أمر يتجدد به الندم؛ لأنه على بصيرة من حملها] اهـ.
كما نقل الإجماع على صحة طلاق الحامل جماعة من العلماء، منهم: الإمام ابن القطان، حيث قال في "الإقناع" (2/ 41، ط. الفاروق الحديثة): [ولا أعلم خلافًا أن طلاق الحامل إذا تبين حملها طلاق سنة إذا طلقها واحدة وأن الحمل منها موضع للطلاق] اهـ.
ولذلك لزوال العلة التي لأجلها نهى الشرع عن طلاق الزوج لزوجته في الحيض أو في طهر قد جامعها فيه، وعده طلاقًا بدعيًّا محرمًا، وهي تطويل فترة العدة على المطلقة في الحالة الأولى -أي الطلاق في حال الحيض-، واحتمال حصول الحمل في الحالة الثانية أي إذا كان قد طلقها في طهر جامعها فيه-، وهو لا يدري فيندم على تطليقها.
ومع ورود النهي عن الطلاق في هاتين الحالتين فإن الطلاق واقع يترتب عليه كل الآثار، مع وقوع صاحبه في الإثم شرعًا؛ لمخالفته لأمر الشرع، وهذا باتفاق الأئمة الأربعة، وهو قول عامة أهل العلم، وهذا هو المفتى به.
فإذا طلق الزوج زوجته وهو عالم بأمر حملها في أي وقت شاء وقع صحيحًا إذا كان مكتمل الأركان والشروط، ولا إثم في ذلك ولا بدعة؛ قال القاضي عبد الوهاب المالكي في "المعونة" (ص: 838، ط. المكتبة التجارية): [قلنا: يطلق الحامل أي وقت شاء؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أو حاملا قد استبان حملها» فأطلق، ولأنها معتدة في الحال؛ لأن عدتها وضع الحمل] اهـ.
عدتها حينئذ هي وضع الحمل؛ لقوله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 4].
وقد نقل الإجماع على ذلك غير واحد من الفقهاء، قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (15/ 81): [وأجمع العلماء أن المطلقة الحامل عدتها وضع حملها] اهـ.
وقال الإمام ابن رشد في "المقدمات الممهدات" (1/ 507، ط. دار الغرب الإسلامي): [إن كانت المرأة حاملًا فعدتها وضع الحمل في الوفاة والطلاق جميعًا، لا اختلاف في ذلك بين أحد من أهل العلم] اهـ.
وقال الإمام ابن حزم الظاهري في "مراتب الإجماع" (ص: 77، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا أن المطلقة وهي حامل: فعدتها وضع حملها متى وضعته ولو إثر طلاقه لها] اهـ.
قد أخذ قانون الأحوال الشخصية المصري بما ذهب إليه الجمهور من وقوع الطلاق في فترة الحمل، إذا كان صادرًا من أهله مستوفيًا لأركانه وشروطه، واقعًا على محله؛ حيث إن المواد من الأولى وحتى الرابعة من القانون رقم 25 لسنة 1929م، قد حدَّدت الصور المستثناة من وقوع الطلاق، والتي لم يكن من بينها الطلاق في فترة الحمل، مما يكون الحكم معه باقيًا على أصل الوقوع؛ عملًا بالراجح من مذهب الإمام أبي حنيفة.
كما نصت المادة الثالثة من مواد الإصدار للقانون رقم 1 لسنة 2000م: [تصدر الأحكام طبقًا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويُعمل فيما لم يَرِد بشأنه نصٌّ في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة] اهـ.
بناء على ذلك: فإن طلاق الزوج لزوجته الحامل يقع طلاقا صحيحًا إذا كان مكتمل الأركان الشرعية؛ ولا إثم في ذلك ولا بدعة، وعدتها إنما تكون بوضع الحمل.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
امرأة تزوجت بشخص بمقتضى قسيمة رسمية، وبتاريخ أول فبراير سنة 1926م حرر الزوج المذكور على نفسه ورقة لزوجته المذكورة تسجلت بمحكمة عابدين الأهلية، أقر فيها على نفسه بقوله لها: "جعلت أمرك بيدك، بحيث إنك متى وكلما أردت طلاقك مني وأظهرت إرادتك بقولك في غيبتي أو حضوري بصيغة الغائب أو صيغة الخطاب لي ما يدل على أنك طلقت نفسك مني أو حرمت نفسك علي، سواء صرحت بالواحد أو الاثنين أو الثلاث تكونين طالقًا مني فور تصريحك على الطريقة التي تصرحين بها، سواء كانت رجعية أو بائنًا بينونة صغرى أو كبرى، أولى أو ثانٍ أو ثلاث، على دفعة أو دفعات"، على الوجه المدون بالورقة التي حررها على نفسه.
وبما لها من الحق المذكور أشهدت الزوجة المذكورة على نفسها بأنها فعلت المعلق عليه الطلاق بالعقد العرفي، وأظهرت إرادتها في طلاق نفسها من زوجها المذكور بقولها: "طلقت نفسي من زوجي ... طلقة واحدة بائنة من الآن، فلا أحل له إلا بعقد ومهر جديدين"، وذلك بمقتضى إشهاد صادر منها في 14 يونية سنة 1926 بمحكمة مصر الشرعية، وهو مرفق مع هذا.
بناءً عليه نرجو من فضيلتكم التفضل بإفادتي عما إذا كان الطلاق المذكور واقعًا أم لا؟ وإذا كان واقعًا فهل يحل للزوجة المطلقة نفسها أن تتزوج بزوج آخر بعد انقضاء عدتها من مطلقها المذكور؟ أرجو الجواب، ولكم الأجر والثواب.
تزوجت من سيدة بعقد زواج رسمي، واتفقنا في بندٍ منه على أنَّه على مذهب الإمام أبي حنيفة، ولم نتفق في هذا العقد على أنه يجوز لها التطليق منه وفقًا لأي مذهب فقهي آخر خلافه.
فهل يجوز لها شرعًا الاستناد إلى المادة السادسة من قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929م التي تستقي أحكامها -مأخذها- من مذهب الإمام مالكٍ؛ لترفع ضدي دعوى تطليق للضرر بمحكمة شؤون الأسرة، مع أن القاعدة الشرعية تقرر أن: "العقد شريعة المتعاقدين"؟
ما حكم الطلاق في الغضب الشديد لمريض السكر؟ فقد قمت بتطليق زوجتي ثلاث مرات على مدى ستة وثلاثين عامًا، علمًا بأنني مريض بالسكر بشكل يجعلني لا أسيطر على نفسي عندما أغضب وهي تفقدني أعصابي وأتشاجر معها وأقول لها: أنتِ طالق في الثلاث المرات. فهل يمكن أن أُرجع إليَّ زوجتي مرة أخرى؟
ما حكم حديث النفس بالطلاق؟ حيث قد ردّد رجلٌ في سره أمام زوجته: "أنت طالق أنت طالق أنت طالق". دون أن يجهر بيمين الطلاق، فهل يقع هذا اليمين أو لا؟ علمًا بأنه تلفظ به لبعض الأشخاص.
ما حكم الطلاق على الإبراء وقت النزاع؟ فقد حلف السائل بقوله: عليَّ اليمين لأقطعن زرع والدي، ولم يفعل. ثم حدثت مشادة بينه وبين زوجته، فقال لها: قولي كلمتك -يقصد أن تطلق نفسها على الإبراء-. فقالت: أبرأك الله. فقال لها: وأنت خالصة. وأن هذين اليمينين مسبوقان بطلاق رجعي. وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعي.
ما حكم سكن المطلقة مع مطلقها؛ فقد طلَّق السائل زوجته طلاقًا بائنًا بينونة كبرى بعد أن رُزِق منها بخمسة أطفال صغار، وكانت تقيم معه أثناء الزوجية بمنزله، وقد تركته بعد الطلاق إلى مسكن أهلها، ثم عادت إلى منزله واغتصبته، وطلبت أن تقيم معه حرصًا على رعاية أولادهما. وطلب بيان الحكم الشرعي في هذه الإقامة؛ هل يحل للسائل المذكور أن يقيم مع مطلقته المبتوتة في مسكن واحد بحجة رعاية أولادهما؟ وهل يوجد نص يحرم اجتماعهما بمسكن واحد؟