حكم تحديد ثمن الأضحية بوزن لحمها بعد الذبح

تاريخ الفتوى: 04 أغسطس 2023 م
رقم الفتوى: 7882
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الذبائح
حكم تحديد ثمن الأضحية بوزن لحمها بعد الذبح

هل يجوز شراءُ الأضحيةِ بوَزْنِها لحمًا بعد الذبح؟ -عِلمًا بأنَّ ذلك يحدُث عندنا في سريلانكا-؛ وذلك لتلاشي الغش والتدليس الذي قد يَحدُث مِن بعض التجار، كعَلْف الأضحية بالملح حتى تُكثِر مِن شرب الماء، فيزيد وَزْنُها وتبدو عند الشراء سمينةً على غير الحقيقة.

لا يجوز شرعًا شراءُ الأضحية بوَزْنِها لحمًا بعد الذبح، بل يُشترط مِلْكُ المضحي لها قبل الذبح، فإذا أراد المضحي أن يتلاشى الغش الذي قد يحدث مِن بعض البائعين، والذي يترتب عليه نقصانٌ كبيرٌ في الأضحية بعد الذبح، فله أن يشتريها بقيمتها قبل الذبح على ما هي عليه، على أنها إن نقصت عن وزنٍ معينٍ مِن اللحم بعد الذبح فإن البائع يضمن قيمة هذا النقص.

المحتويات

 

المراد بالأضحية والأدلة على مشروعيتها

الأضحية: هي اسم لما يُذْبَحُ من الإبل والبقر والغنم في أوقاتٍ مخصوصةٍ تقربًا إلى الله تعالى، وهي إحدى شعائر الإسلام، وأعظم أعمال يوم النحر وأحبها إلى الله تعالى؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أخرجه الأئمة: الترمذي -واللفظ له- وابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.

والأصل في مشروعيتها مِن الكتاب: قول الله تعالى في مُحكَم التنزيل: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ۝ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 1- 2].

ومِن السُّنَّة: ما أخرجه الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أنس رضي الله عنه قال: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى، وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا».

حكم تحديد ثمن الأضحية بوزن لحمها بعد الذبح

قد اتفق الفقهاء على أنه يُشترط في الأضحية أن تكون مملوكةً للمضحي قبل الذبح؛ لأنَّها قُرْبَةٌ ماليَّةٌ، فلا يَصِحُّ أداؤها بلا مِلْكٍ؛ كما في "البناية" لبدر الدين العَيْنِي الحنفي (12/ 4، ط. دار الكتب العلمية)، و"حاشية العلامة الصاوي المالكي على الشرح الصغير" (2/ 137، ط. دار المعارف)، و"تحفة المحتاج في شرح المنهاج" لشيخ الإسلام ابن حَجَر الهَيْتَمِي الشافعي (9/ 367، ط. المكتبة التجارية الكبرى)، و"الإنصاف" لعلاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي (4/ 105، ط. دار إحياء التراث العربي).

والأصل في الملك أن يكون تامًّا، ويتحقق ذلك في الأضحية باجتماع المِلْكِ مع اليَدِ (الحيازة)، بحيث تكون مملوكةً للمضحي -أو المُضَحِّين إذا كانت الأضحيةُ مِن البقر أو الإبل واشترك فيها سبعةٌ فمَن دونهم- دون أن يتعلق بها استحقاقٌ للغير.

قال العلامة أبو بكر الحَدَّادِي في "الجوهرة النيرة" (1/ 114، ط. المطبعة الخيرية): [المِلْكُ التامُّ: هو ما اجتمع فيه المِلْكُ واليَدُ] اهـ.

وقال برهان الدين ابن مُفْلِح في "المبدع" (2/ 296، ط. دار الكتب العلمية) نقلًا عن الإمام أبي المَعَالِي ابن المُنَجَّى: [المِلْكُ التامُّ: عبارةٌ عمَّا كان بيده، لَم يتعلق فيه حقُّ غيره، يَتصرف فيه على حسب اختياره، وفوائدُه حاصلةٌ له] اهـ.

وقد يكون المِلْكُ بالضمان، ويتحقق ذلك بأن تجتمع اليدُ مع ضمان قيمة الأضحية قبل الذبح، وذلك بأن يستلم المضحي الأضحيةَ مِن البائع حيَّةً، مع كونها مؤجلةَ الثمن المعلوم، ويَثبُتُ المِلْكُ في هذه الحالة مِن وقت الضمان؛ كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي (30/ 160، ط. دار المعرفة)، و"المحيط البرهاني" لبرهان الدين ابن مَازَه (7/ 65، ط. دار الكتب العلمية).

فإذا أراد المضحي أن يشتري الأضحيةَ بوَزْنِها لحمًا بعد الذبح واتَّفق مع البائع على ذلك، فإن هذا الاتفاق يُعَدُّ وعدًا بشراء اللحم، وهذا يقتضي أنَّ المبيع -وهو الأضحية- لا يدخل في مِلْكِهِ إلا بعد الذبح؛ لأنها قبل الذبح في هذه الحالة تكون في ضمان البائع لا المضحي، مما يتنافى مع شرط المِلْكِ التامِّ للأضحية أو ضمان قيمتها قبل الذبح، فلا يجزئه ذلك عن الأضحية.

قال علاء الدين الكاساني في "بدائع الصنائع" (5/ 77، ط. دار الكتب العلمية): [ولو أَوْدَعَ رجلٌ رجلًا شاةً يُضحي بها الْمُسْتَوْدَعُ عن نفسه يوم النحر، فاختار صاحبُها القيمةَ ورضي بها فأخذها، فإنها لا تجزي المستودَع مِن أضحيته، بخلاف الشاة المغصوبة والمستحقة، ووجه الفرق: أن سبب وجوب الضمان هاهُنا هو الذبح، والمِلْكُ ثَبَتَ بعد تمام السبب -وهو الذبح-، فكان الذبح مصادفًا مِلْكَ غيره، فلا يجزيه] اهـ.

وقال بدر الدين العَيْنِي في "البناية" (12/ 63): [م: (لو أُودِعَ شاةً فضَحَّى بها). ش: حيث لا تجزيه. م: (لأنه يَضمنه بالذبح، فلَمْ يَثْبُت المِلْكُ له إلا بعد الذبح). ش: فيكون غيرَ مالِكٍ عند التضحية بِوَجْهٍ] اهـ.

فإذا أراد المضحي أن يتلاشى الغش والغبن والضرر الذي قد يحدث مِن بعض البائعين، كأنْ يتم عَلْفُ الأضحية بالملح ونحوه حتى تُكثر مِن شرب الماء فيزيد وَزْنُها وتبدو عند الشراء سمينةً على غير الحقيقة، مما يترتب عليه نقصانٌ كبيرٌ في وزن لحمها بعد الذبح، فإن له حينئذٍ أن يشتريها بقيمتها على ما هي عليه قبل الذبح، على شرط أنها إن نقصت عن وزنٍ معيَّنٍ مِن اللحم -يقرِّر البائعُ أو أهلُ الخبرة أنه الحَدُّ الأدنى لها- بعد الذبح، فإن البائع يضمن قيمةَ هذا النَّقْص، ويجب حينئذٍ الالتزامُ بهذا الشرط والوفاءُ به؛ لأنَّ الأصل في الشروط التي يرتضيها المتعاقدان الصحةُ ما دامت تُحقِّق مصلحةً لهما أو لأحدهما، ولا تخالف مقتضى العقد؛ لحديث عمرو بن عوف المُزَنِي رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» أخرجه الإمامان: البيهقي في "السنن الكبرى"، والدارقطني في "السنن".

قال علاء الدين الكاساني في "بدائع الصنائع" (6/ 98): [الأصل في الشروط اعتبارُها ما أمكن] اهـ.

وقال الشيخ ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (29/ 346، ط. مجمع الملك فهد): [الأصل في الشروط الصحة واللزوم إلا ما دَلَّ الدليلُ على خلافه.. فإن الكتاب والسُّنَّة قد دَلَّا على الوفاء بالعقود والعهود وذَمِّ الغدر] اهـ.

وقال شمس الدين ابن مُفْلِح في "الفروع" (8/ 268، ط. مؤسسة الرسالة): [الأصل في الشروط: الوفاء] اهـ.

بل هذا الشرط بخصوصه يجري بالقياس على المختار عند الحنفية مِن جواز الرجوع بقيمة النقص في الْمُصَرَّاةِ، وهي "شاةٌ ونحوُهَا سُدَّ ضَرْعُهَا ليجتمعَ لبنُهَا ليظُنَّ المشتري أنَّها كثيرةُ اللَّبَنِ"؛ كما قال كمال الدين ابن الهمام في "فتح القدير" (6/ 400، ط. دار الفكر).

قال علاء الدين الحَصْكَفِي في "الدر المختار" (ص: 411، ط. دار الكتب العلمية): [الشَّاة الْمُصَرَّاة فَلا يَرُدُّهَا مع لَبَنِهَا أو صاعِ تمرٍ، بل يرجع بالنقصانِ على المختار] اهـ.

قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (5/ 44، ط. دار الفكر) مُحَشِّيًا عليه: [والحاصل كما في "الحقائق": أنَّه إذا اشتراها فحَلَبَهَا فوجدها قليلةَ اللبن، ليس له أن يرُدَّها عندنا... وهل يرجع بالنقصان عندنا؟ فعلى رواية "الأسرار": لا، وعلى رواية "الطَّحَاوِي": نعم، قال في "شرح المجموع": وهو المختار؛ لأن البائع بفعل التصرية غَرَّ المشتري، فصار كما إذا غَرَّهُ بقوله: إنها لَبُونٌ] اهـ.

هذا، ومما يلزم التنبيه إليه: أنَّ ما قرَّرناه مِن اشتراط مِلْكِ المُضَحِّي للأضحية قبل ذَبْحها، لا يتعارض مع صحة التضحية عن طريق الصكوك؛ لأنها عبارةٌ عن عقدِ وكالةٍ يتضمن شراء الأضحية وذبحها وتوزيعها، ومِن ثَمَّ فإذا اشتُرِيَت الأضحيةُ بالفعل فقد مَلَكَها المضَحِّي حقيقةً ولو بَقِيَ عليه شيءٌ مِن ثَمَنها، وثَبَت له تبعًا لذلك تمامُ مِلكِها، فإذا وَكَّل غيرَه بذبحها عُدَّ ذلك تصرفًا صحيحًا نافذًا شرعًا يحصُل به الثواب.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا يجوز شرعًا شراءُ الأضحية بوَزْنِها لحمًا بعد الذبح، بل يُشترط مِلْكُ المضحي لها قبل الذبح، فإذا أراد المضحي أن يتلاشى الغش الذي قد يحدث مِن بعض البائعين، والذي يترتب عليه نقصانٌ كبيرٌ في الأضحية بعد الذبح، فله أن يشتريها بقيمتها قبل الذبح على ما هي عليه، على أنها إن نقصت عن وزنٍ معينٍ مِن اللحم بعد الذبح فإن البائع يضمن قيمة هذا النقص كما سبق بيانه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم بيع السيارات عن طريق كراسات الشروط؟ فنحن شركة توصلنا لفكرة تجارية، صورتها بضرب المثال: أن نقوم مثلًا بشراء عدد من السيارات، وليكن مثلًا عشرين سيارة، ولنفترض أن سعر السيارة مائة ألف جنيه، ثم نبيع هذه السيارات إلى عشرين مستفيدًا بدون مقدم، وبتقسيط مباشر معنا، وبتخفيض كبير عن السعر الأصلي؛ فبذلك يمكن للمشتري الاستفادة من السعر المخفض وامتلاك السيارة بتقسيط مباشر ومناسب ماديًّا.

وأما الربح المرتجى من هذه العملية فسيكون عن طريق قيامنا بطرح عدد معين من كراسات الشروط، والتي سنضع بها شروطًا للمستفيدين من العرض؛ بحيث يقوم المتقدمون للعرض بشراء كراسات الشروط، وبناء على العدد المطروح من كراسات الشروط، سيتم توفير المبلغ المطلوب لشراء العشرين سيارة وتغطية قيمة التخفيض.

ثم نقوم بإجراء قرعة علنية في مدة معينة لاختيار عشرين منهم ليتم بيع السيارات لهم بالمميزات المذكورة سابقًا لعملائنا.

وقد بحثنا في الشكل القانوني لإجراء مثل هذه القرعات العلنية، فوجدنا أنه يجب علينا إخطار وزارة التضامن وحقوق حماية المستهلك بميعاد القرعة وقيمة الجوائز، ودفع 15% من قيمتها مقدمًا، وتحديد البداية والنهاية لهذه الفترة التي يتم بعدها تحديد الفائزين.

فنرجو إفادتنا بالرأي الشرعي: هل هذه الصورة تصح أو لا؟

وهل يوجد اقتراح أو تعديل أو تحسين؟


ما هي ضوابط أكل الذبائح في بلاد غير المسلمين؟ فالسائل مقيم في إحدى الدول الأجنبية، ويطلب الإفادة عن حكم أكل اللحوم المذبوحة هناك، وبيان شروط الذبح في الإسلام، وفي حالة وجود مكان إسلامي لبيع اللحوم، هل يجوز أكل اللحوم من غيرها؟ وما حكم أكل اللحوم من الأماكن اليهودية؟


ما حكم تخدير الحيوان قبل ذبحه؟ حيث يصدر المركز الإسلامي الرسمي في بلادنا تراخيص استهلاك للسلع الغذائية التي تعتبر من المنظور الإسلامي حلالًا، ومن بين هذه السلع اللحم، ولكن لا يوضح ترخيص الاستهلاك الخاص باللحم ما إذا كان قد تم ذبح الحيوان على الطريقة الشرعية أم أنه قد تم تخدير الحيوان قبل ذبحه. فهل يجوز للمسلم أن يأكل من لحم هذا الحيوان دون أن يعرف هل تم ذبحه وفقًا للطريقة الشرعية أم أنه قد تم تخديره؟ أم ينبغي التخلي عن هذا اللحم والاتجاه إلى اللحوم المستوردة التي يثق المرء تمامًا أنها ذُبحت على الطريقة الشرعية؟ شكرًا جزيلًا على الإجابة.


ما حكم هلاك المبيع عند المشتري في فترة الخيار؟ فقد اشترى رجل جاموسة من أحد الأشخاص على فرجة بمبلغ 73 جنيهًا، ودفع من ثمنها مبلغ 60 جنيهًا وقت استلامها، وبقي من الثمن 13 جنيهًا على حساب المعاينة والفرجة، وأحضرها إلى منزله الساعة 12 ظهرًا، فلما وضع لها الأكل أكلت خفيفًا، وعند المساء وقت الحلاب عاكست، وفي منتصف الليل أراد أن يضع لها برسيمًا فوجدها ميتة، وقد طالبه البائع بباقي الثمن وهو 13 جنيهًا، وطلب السائل الإفادة‏ عن الحكم الشرعي في هذا الموضوع.


يدعي بعض الناس أن الطريقة التي يتمُّ بها ذبح الحيوانات فيها نوع من الوحشية وخالية من الرحمة؛ لكونها تشتمل على تعذيب الحيوان قبل ذبحه! فكيف يمكن لنا أن نرد على ذلك؟


سائل يسأل عن حكم القيام ببيع السلع المدعمة في السوق السوداء؟ وما حكم مَن يقوم بذلك؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 56
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :32