حكم صيام من احتلم ولم ير أثرًا لهذا الاحتلام من منيٍّ أو بللٍ يدلّ عليه

تاريخ الفتوى: 19 مارس 2025 م
رقم الفتوى: 8582
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الطهارة
حكم صيام من احتلم ولم ير أثرًا لهذا الاحتلام من منيٍّ أو بللٍ يدلّ عليه

هل يجب الغُسل على من احتلم في نهار رمضان ورأى أنه يجامع وأنزل تبعًا لذلك؟ وهل لذلك أثر على صيامه؟ علمًا بأنه لم ير بَلَلًا أو أثرًا لذلك في ثيابه بعد استيقاظه من نومه.

احتلام الصائم أثناء النوم في نهار رمضان لا يترتب عليه فسادُ صومه، بل عليه أن يُتِمَّهُ وصومه صحيح شرعًا، وعليه الغسل إن أنزل أو وجد أثرًا لذلك من مَنِيٍّ أو ما يدُل عليه من بَلَلٍ أو نحوه، فإن لم يجد أثرًا فلا شيء عليه.

المحتويات:

 

هل الاحتلام في نهار رمضان يفسد الصوم؟

من المقرر شرعًا أن الاحتلام أثناء النهار لا يفسد الصوم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ثَلَاثٌ لَا يُفَطِّرْنَ الصَّائِمَ: الْقَيْءُ، وَالِاحْتِلَامُ، وَالْحِجَامَةُ» أخرجه الأئمة: الترمذي، والدارقطني، وأبو يعلى، وابن خزيمة، من حديث أبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي الله عنه.

وبهذا الحكم تواردت نصوص الفقهاء، حتى نقل بعضُهم الإجماعَ على ذلك.

قال الإمام شرف الدين النَّوَوِي في "المجموع" (6/ 322، ط. دار الفكر): [إذا احتلم فلا يفطر بالإجماع؛ لأنه مغلوب] اهـ.

وقال الإمام أبو المُظَفَّر بن هُبَيْرَة في "اختلاف الأئمة" (1/ 248، ط. دار الكتب العلمية): [وأجمَعوا على أن الصائم إذا نام في يوم من شهر رمضان، فحلم في نومه فأجنب، فإنه لا يفسد صومه] اهـ.

حكم اغتسال من احتلم ولم يرى أثرًا من منيٍّ أو بلل يدل عليه

أما بخصوص اغتسال من احتلم وأنزل فإنما يُفرَّق فيه بين من رأى أثرًا لذلك الاحتلام بعد استيقاظه من مَنِيٍّ أو بَلَلٍ أو نحوه يدُل عليه، وبين من لم ير شيئًا من ذلك، فمن رأى لذلك أثرًا في ثيابه من مَنِيٍّ أو بَلَلٍ أو نحوه، فإنه يجب عليه الغسل، كما هو مذهب جماهير العلماء، بل نقل بعضهم الإجماعَ على ذلك، كما في "التمهيد" للإمام أبي عمر بن عبد البَر (8/ 337، ط. أوقاف المغرب)، و"المجموع" للإمام شرف الدين النَّوَوِي (2/ 139).

وأما من رأى في نومه أنه احتلم غير أنه لم يجد لذلك أثرًا من مَنِيٍّ أو بَلَلٍ أو نحوه، فقد نص الفقهاء على أنه لا يجب عليه الغسل بالإجماع، والأصل في ذلك ما روي عن أم المؤمنين السيدة أم سَلَمَةَ رضي الله عنها أنها قالت: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ» متفق عليه.

قال الإمام ابن المُنْذِر في "الإجماع" (ص: 36، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على أن الرجل إذا رأى في منامه أنه احتَلَم أو جامَع ولم يجد بَلَلًا أنْ لا غُسل عليه] اهـ.

وقال الإمام أبو عمر بن عبد البَر في "التمهيد" (8/ 337): [وفي إجماع العلماء على أن المحتلم -رجلًا كان أو امرأةً- إذا لم يُنزل، ولم يجد بَلَلًا، ولا أثرَ للإنزال -أنه لا غُسل عليه وإن رأى الوطء والجماع الصحيح في نومه، وأنه إذا أنزل فعليه الغُسل، امرأةً كان أو رجلًا، وأن الغسل لا يجب في الاحتلام إلا بالإنزال] اهـ.

وقال الإمام شرف الدين النَّوَوِي في "شرحه على صحيح الإمام مسلم" (3/ 220، ط. دار إحياء التراث العربي): [المراد بخروج المني أن يخرج إلى الظاهر، أما ما لم يخرج فلا يجب الغُسل، وذلك بأن يرى النائم أنه يجامع وأنه قد أنزل ثم يستيقظ فلا يرى شيئًا فلا غسل عليه بإجماع المسلمين] اهـ.

وقال الإمام الحافظ ابن حَجَرٍ العَسْقَلَانِي في "فتح الباري" (1/ 389، ط. دار المعرفة): [الرجل لو رأى أنه جامَع، وعَلِمَ أنه أنزل في النوم، ثم استيقظ فلم يَرَ بَلَلًا، لم يجب عليه الغُسل اتفاقًا، فكذلك المرأة] اهـ.

وقال الإمام كمال الدين بن الهُمَام في "فتح القدير" (1/ 62، ط. دار الفكر) في بيان موجبات الغُسل: [ولو تَذَكَّرَ الاحتلامَ والشهوةَ ولم يَرَ بَلَلًا لا يجب اتفاقًا] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فاحتلام الصائم أثناء النوم في نهار رمضان لا يترتب عليه فسادُ صومه، بل صومه صحيح شرعًا، وعليه أن يُتِمَّهُ، والاغتسال في هذه الحالة مترتبٌ على الإنزال ووجود أثر له من مَنِيٍّ أو ما يدُل عليه من بَلَلٍ أو نحوه، فإن وجد له أثرًا وجب عليه الغُسل، وإن لم يجد أثرًا فلا شيء عليه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الذي يجب على المسلمين عمله في شهر رمضان الكريم؟


ما حكم من أفطر في رمضان بسبب المرض؟ ثم شفاه الله، وتمكن من قضاء الصوم الذي عليه، إلا أنه لم يقم بالقضاء حتى تُوفِّي؟


ماذا تعني ليلة القدر؟ وهل يمكن رؤيتها كما يتصور البعض؟


سائل يقول: أعيش في منطقة دائمًا تنقطع بها المياه ليلًا ولا تأتي إلا صباحًا وأحيانًا ظهرًا، ولدي قارورة مياه للشرب والاستعمال، وعندي بعض الأسئلة تتعلق بالتيمم وهي:

أولًا: ما مدى مشروعية التيمم عند وجود الماء مع الاحتياج إليه للمأكل والمشرب وعدم كفايته ليشمل الطهارة؟

ثانيًا: هل يلزمني عند انقطاع المياه في المناطق السكنية المعاصرة والعامرة والتي تتجاور وتتقارب فيها الشقق والمنازل أن أطلب الماء أولًا ممن يجاورونني من السكان، أم يشرع لي التيمم بمجرد فقدي الماء في خصوص بيتي؟

ثالثًا: هل يلزمني عند فقد الماء في الأماكن السكنية العامرة مع كثرة توافر المحلات التجارية وسهوله الحصول عليه أن أبادر أولًا بشراء الماء، أم يجوز لي التيمم مع تمكني من الشراء؟


ما حكم بخار النجاسة ودخانها؟ حيث وقعت نجاسة على ثيابي فقمتُ بغسلها بماءٍ ساخن؛ فهل يُعتبر البخار المتصاعد أثناء الغسيل طاهرًا أو نجسًا؟


ما حكم صلاة من رأى نجاسة على ثوبه بعد الانتهاء من الصلاة؟ فقد صلَّيتُ العشاء ظانًّا طهارة بدني وثوبي ومكان صلاتي، فلمَّا فرغتُ من الصلاة رأيت النجاسة في ثوبي. فهل تصح صلاتي لجهلي بالنجاسة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57