حكم استخدام أموال الزكاة في صورة قروضٍ للمشروعات

تاريخ الفتوى: 24 أكتوبر 2013 م
رقم الفتوى: 2533
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
حكم استخدام أموال الزكاة في صورة قروضٍ للمشروعات

هل يجوز استخدام أموال الزكاة في صورة قروضٍ حسنةٍ للمشروعات، على أن يتم تدويرها على مستفيدين آخرين حتى تَعُمَّ الفائدةُ على أكبر عددٍ مُمْكِنٍ مِن الفقراء؟

لا يجوز شرعًا استخدام أموال الزكاة في صورة قروضٍ للمشروعات؛ لأنَّ الأصل هو تمليكها للفقراء؛ إذ عبَّر تعالى باللام التي تفيد المِلك فقال: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ [التوبة: 60]، كما أن تأخيرها عن وقتها بتدويرها يضرُّ بمصلحة الفقير، ويتعارض مع المقصد الذي من أجله شرعت الزكاة وهو الإغناء.

حَدَّدَت الشريعةُ مصارفَ الزكاة في قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، فجعل الله تعالى الفقراء والمساكين في صدارة مصارفها؛ لبيان أولويتهم في استحقاق الزكاة، وأنَّ الأصلَ فيها كِفايتُهم وإقامةُ حياتِهم ومَعاشِهم، ولذلك خَصَّهُم النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم في حديث إرسال معاذٍ رضي الله عنه إلى اليمن بقوله: «فَإن هُم أَطاعُوا لَكَ بِذلكَ فأَخبِرهم أَنَّ اللهَ قد فَرَضَ عليهم صَدَقةً تُؤخَذُ مِن أَغنِيائِهم فتُرَدُّ على فُقَرائِهم» متفقٌ عليه.
وعَبَّرَت الآيةُ بِاللَّامِ المفيدةِ لِلمِلك؛ ولذلك اشتَرَطَ جمهورُ الفقهاء فيها التمليك؛ فأوجبوا تمليكها للفقير أو المسكين حتى يُنفِقَهَا في حاجَتِهِ التي هو أدرى بها مِن غيره، وهو ما يُخالف عملية الإقراض التي تَجعلُ أموالَ الزكاة مُعَلَّقَةً بِذِمَّةِ آخِذِهَا ويكون مُطَالَبًا بِرَدِّهَا، فيَجعَلُ ذلك مُستَحِقَّ الزكاة في دائرة الاستِحقاق لها على الدوام؛ فهو إنْ خَرَجَ مِن كونه فقيرًا دَخَلَ في كونه مِن الغارمين؛ فيَكِرُّ بذلك على المَعنَى الأَجَلِّ الذي شُرِعَت مِن أَجْلِهِ الزكاة بالبُطلان؛ وهو كفاية المحتاجين وإغناؤهم عن سؤال الناس وذُلِّ المُطالَبَةِ حتى يَصِلوا إلى الكفاية والِاستِغناء.
قال الإمام الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 313، ط. دار الكتب العلمية): [أضاف جميعَ الصدقات إليهم بِلَامِ التمليكِ وأَشْرَكَ بينهم بِوَاوِ التشريكِ؛ فَدَلَّ على أنه مَمْلُوكٌ لَهُم مُشتَرَكٌ بينهم] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" (1/ 229، ط. دار الفكر): [وأضاف في الآية الكريمة الصدقاتِ إلى الأصناف الأربعة الأولى بِلَامِ المِلكِ، وإلى الأربعة الأخيرة بـفي الظرفية للإشعار بإطلاق المِلكِ في الأربعة الأولى وتقييده في الأربعة الأخيرة، حتى إذا لم يَحصُل الصرفُ في مصارفها استُرجِع] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني" (2/ 500، ط. مكتبة القاهرة): [وأربعةُ أصنافٍ يأخذون أخذًا مُستَقِرًّا ولا يُراعَى حالُهُم بعد الدفع وهم الفقراء والمساكين والعاملون والمؤلَّفَة؛ فمَتَى أخذوها مَلَكوها مِلكًا دائمًا مُستَقِرًّا لا يجب عليهم رَدُّها بِحَالٍ، وأربعةٌ منهم وهم: الغارمون وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل، فإنهم يأخذون أخذًا مُرَاعًى، فإن صَرَفُوهُ في الجهة التي استَحَقُّوا الأخذَ لِأَجْلِهَا وإلَّا استُرجِعَ منهم. والفرق بين هذه الأصناف والتي قبلها: أن هؤلاء أَخَذُوا لِمَعنًى لَم يَحصُل بأخذهم للزكاة، والأَوَّلُون حَصَلَ المقصودُ بأخذهم وهو غِنَى الفقراء والمساكين وتأليف المؤلَّفِين وأداء أجر العاملين] اهـ.
ثم إنَّ إقراض أموال الزكاة للفقير مُشتَمِلٌ على مَضَرَّةٍ اقتصاديةٍ عامةٍ؛ وهي ما يُعرَفُ بالإغراق؛ حيث يَصِير الفقيرُ في دائرةٍ مفرغة من الدُّيُون، وهو ما يؤول به إلى الغَرَقِ في الدُّيُون بما يُعَرِّضُهُ وغيرَه إلى المُلَاحَقَةِ المُستَمِرَّةِ بالمساءلة الاجتماعية أو القانونية، وإلى دَوَامِ حالة إعساره؛ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ على وفائه بالديون، وهذا مخالفٌ لمقصود إعطاء الزكاة للفقير، ولا زالت عادةُ السلف والكرماءِ وأهلِ السماحةِ عبر العصور أنهم إذا أعطَوا أغنوا، وبذلك وصَّى أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنَّفَيْهما"، وأبو عبيد القاسم بن سلام وابن زنجويه في كتابيهما في "الأموال"، وابن أبي الدنيا في "الإشراف في منازل الأشراف"، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "إِذَا أَعْطَيْتُمْ فَأَغْنُوا". ورواه الطبراني في "الجود والسخاء" من قول عمرو بن دينار رحمه الله.
قال الإمام أبو عُبَيْد القاسم بن سلام في "الأموال" (ص: 676، ط. دار الفكر): [وقد رُوِيَ ما هو أجَلُّ مِن هذا، ثم روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال للسُّعَاة: "كَرِّرُوا عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ، وَإِنْ رَاحَ عَلَى أَحَدِهِمْ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ"] اهـ.
كما أن هذا الأمرَ يَضَعُ كثيرًا مِن الفقراء أمام تقليل استهلاكهم مِن حاجاتهم الضرورية، وشُيُوعُ هذا السلوكِ معناه تحجيم الاستهلاك وتعطيل حركة المال في المجتمع بما يعني كَنْزَ الأموال، ومِن ثَمَّ يَقَعَ الإضرار بقطاعِ الإنتاجِ والأعمالِ والعامِلِين، وهذه مَفسَدَةٌ عظيمة.

وبِناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا يجوز شرعًا للجمعية المذكورة أنْ تُعطِيَ أموال الزكاة للفقراء على هيئة قروضٍ؛ لأن الزكاة يُشتَرَط فيها التمليك عند إعطائها الفقراء، وحفاظًا على المقاصد الشرعية للزكاة في إغناء الفقير وسد حاجته وتمكينه من المال بما يساعد على بناء شخصيته والانتفاع بقدراته.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الزكاة في القمح والشعير؟ وما قيمتها؟ وهل ينطبق ذلك على كل البلاد الإسلامية؟ 


رجل يعول أولاد بنته الفقراء حيث استشهد أبوهم في حرب أكتوبر وهم في سن التعليم العالي، ويقوم بكل ما يلزمهم. ويسأل: هل يجزئه ذلك عن زكاة ماله المفروضة؟


ما هو وقت إخراج زكاة الفطر؟ وهل يجوز إخراجها مالًا نقديًا؟ حيث يرى البعض أنه لا يجوز إخراج زكاة الفطر إلا بعد رؤية هلال شوال، وحتى قبل صلاة العيد فقط، وأنَّها لا تُخْرَج إلا في صورة حبوب فقط، ولا تخرج بالقيمة، فما مدى صحة هذا الكلام؟


ما حكم الزكاة في المال الذي بلغ النصاب وحال عليه الحول، لكنه مدَّخر لشراء مسكنٍ للزوجية ولمصاريف الزواج؟ وإن كان فيه زكاة، فكيف يتم حساب زكاة المال عن السنوات السابقة؟


ما حكم زكاة مخزون البيت من المواد الغذائية لمدة سنة؟ فهناك رجلٌ يعمل تاجرًا، وفي أول شهر المحرم من كل عام يقوم بجرد ما في محله من بضاعة ويقدرها بالثمن ويخرج عنها الزكاة، ويقوم في أيام الحصاد بشراء كمية من الأرز الشعير ويخزنه في المنزل لتموين العام، كما يقوم أيضًا في أيام الشتاء بشراء كمية من المَسْلَى ويخزنه في المنزل لتموين العام أيضًا. وطلب السائل الإفادة عما إذا كان يجب أن يخرج عن كل من المَسْلَى والأرز الزكاة، أم لا.


ما حكم شراء الزكاة بعد التسليم للفقير؟ فأنا صاحب محل تجاري أُخرج زكاة مالي حبوبًا لمستحقيها، ثم يأتيني أحد المستحقين لبيع ما أخَذَه، فأشتريه منه بأقل من ثمنه الحقيقي؛ فما حكم ذلك؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 مايو 2025 م
الفجر
4 :36
الشروق
6 :11
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :58