ما حكم تأجير عقار لبنك؟ فأنا امتلك عقارًا، ويريد أحد البنوك المصرية تأجير مكان هذا العقار لممارسة نشاطه به، فهل قيامي بالتأجير له جائزٌ شرعًا أم حرام؟
يجوز للسائل شرعًا تأجير العقار للبنك، ولا حرج عليه في ذلك.
المحتويات
من المقرر في قواعد الشرع أن الأصل في العقود والمعاملات الإباحةُ، ما لم يأتِ دليلٌ شرعيٌّ على التحريم؛ لقوله تعالى: ﴿وقد فَصَّلَ لَكم ما حَرَّمَ عَلَيكم﴾ [الأنعام: 119]، وقوله سبحانه: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية: 13]، فكل ما لم يَنْهَ الشرعُ عنه: فهو مباحٌ؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَسَنَّ لَكُمْ سُنَنًا فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ أَشْيَاءَ فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَتَرَكَ بَيْنَ ذَلِكَ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ مِنْ رَبِّكُمْ رَحْمَةً مِنْهُ فَاقْبَلُوهَا وَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا» رواه الطبراني في "مسند الشاميين" -واللفظ له- وفي "المعجم الكبير"، والدارقطني في "السنن"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله": عن أبي ثَعلَبةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه، وصحّحه الحافظ ابنُ الصلاح، وحسّنه الإمام النوويُّ.
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في "الأم" (3/ 3، ط. دار المعرفة): [فأصل البيوع كلها مباحٌ إذا كانت برضا المتبايعين الْجَائِزَيِ الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى عنه صلى الله عليه وآله وسلم منها وما كان في معنى ما نهى عنه صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.
الإجارة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع:
فأما الكتاب: فقوله تعالى: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [القصص: 26].
قال الإمام الشافعي في "الأم" (4/ 26): [فدلَّ على تجويز الإجارة] اهـ.
وأما السنة: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وقد أجمعت الأمة على مشروعية الإجارة:
قال الإمام أبو المعالي الجويني في "نهاية المطلب" (8/ 65، دار المنهاج): [وقد أجمع من بإجماعه اعتبارٌ على صحة الإجارة] اهـ.
أما التخوف من التأجير لبنك تقليدي؛ بدعوى اشتمال البنوك التقليدية على بعض العقود التي قد تكون محرمة شرعًا: فهذا تخوف لا مبرر له، ولا يمنع من جواز الإجارة؛ لأنه قد تقرر في قواعد الفقه أن الحرمة إذا لم تتعين حلت؛ فلو فرضنا اشتمال البنك على أنشطة جائزة وأخرى غير جائزة: لَمَا كان هذا مانعًا صحيحًا من جواز التعامل معه؛ لعدم تعين حرمته.
وقد نص الفقهاء على جواز بيع وشراء كل ما لم يتعين استخدامه فيما هو محرم:
قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (3/ 297، ط. المطبعة الأميرية): [والخشب الذي يُتخَذُ منه المعازفُ لا يُكرَه بيعُه؛ لأنه لا معصيةَ في عينها، وكذا لا يُكرَه بيعُ الجارية المغنِّيَة، والكبش النَّطُوح، والدِّيك المقاتل، والحمَامة الطيّارة؛ لأنه ليس عينُها منكرًا، وإنما المنكَر في استعماله المحظور] اهـ.
وعلى ذلك: فإذا كان الشيءُ ذا استعمالين: أحدهما حرامٌ، والآخرُ حلالٌ: جاز بيعُه وإجارتُه، وتقع مسؤولية استعماله على المستعمِل؛ إن حلالًا فحلالٌ، وإن حرامًا فحرامٌ، وليس على البائع أو المؤجِّر إثمٌ في ذلك.
والقول في حكم تعاملات البنوك: أنها من الأُمُورِ المُختَلَفِ في تصويرها وتكييفها بين العلماء المُعاصِرِين، والذي استقرت عليه الفتوى: أن الأصل في تعاملاتِها الحل؛ لأنها من عقود التمويل المستحدثة لا القروض التي تجر النفع المحرم، ولا علاقة لها بالربا، وذلك بشرط أن لا تعود المعاملة على صاحبها بالغرر (كشأن عقود المخاطرات والمراهنات) أو الضرر (كشأن الإغراق في الديون)؛ فإن الذي عليه التحقيق والعمل جواز استحداث عقود جديدة إذا خلت من الغرر والضرر، وهذا ما جرى عليه قانون البنوك المصري رقم (88) لسنة 2003م، ولائحته التنفيذية الصادرة عام 2004م، وحكم الحاكم يرفع الخلاف ولذلك يجوز التعامل مع البنوك عملًا وتعاملًا، وأخذًا وإعطاءً.
أما وصف البنوك التقليدية بأنها بنوكٌ "غير إسلامية"؛ بدعوى أنها "ربوية": فهو وصف غير سديد، مبني على دعوى غير صحيحة؛ بل الفرق بين النوعين من البنوك: أن البنوك المسمَّاة بالإسلامية تلتزم بصيغ العقود المنصوص عليها في الفقه الموروث، أما التقليدية فلا تلتزم بذلك، بل تستحدث عقودًا جديدة، وهو اتجاه فقهي صحيح ما دام العقد خاليًا من الغرر والضرر كما سبق؛ فليس أحد النوعين أَوْلَى بالانتساب إلى الإسلام من الآخر، بل لكلا النوعين مسلكٌ صحيحٌ معتبَرٌ في الفقه الإسلامي.
بناءً على ذلك: فإنه يجوز تأجير العقارات للبنوك التقليدية وغيرها لتمارس نشاطها ومعاملاتها، وليس في ذلك إثم ولا حرج شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الأرض الزراعية المؤجرة عند وفاة مستأجرها؟ حيث تقول السائلة: استأجر والدي قطعة أرضٍ زراعية، وتوفي وهو يقوم بزراعتها ونحن معه أنا وأمي لأكثر من خمس سنوات. فهل تصير هذه القطعة ميراثًا بعد وفاة والدي لجميع الورثة، أم هي لمن كان يقوم بالزراعة معه؟
هل يجوز إيجار شجر الفاكهة مقدَّمًا لسنين؟
سأل رجل قال: إن الناس في عدن وضواحيها يعانون أزمة شديدة في المساكن، وإن ملاك المساكن لا يؤجرونها إلا لمن يدفع مبلغًا من المال بمقادير معينة خارجًا عن الأجر المسمى بعقد الإيجار، ولا يسلمون مفتاح المسكن للمستأجر إلا إذا دفع هذا المبلغ مقدمًا، ويسمونه حق المفتاح. فهل يجوز أخذ هذا المبلغ؟
ما حكم بيع الثمر قبل أن ينضج؟ فعند والدي عدد من النخل قد اعتاد على بيع ثمره قبل أن يبشر به ويقبض ثمنه على عدة شهور، فما حكم الشرع في ذلك؟
سائل يقول: لديَّ مزرعة نخيل، وهذا النخيل بلغ مرحلة يصلح فيها للإثمار، وأقوم بالاتفاق مع بعض العمَّال على أن يرعاها ويقلِّمها ويلقِّحها ويقوم بما يلزم مِن رعايتها طول الموسم، وذلك على نسبةٍ مِن ناتجها، كالثلث أو نحوه مِمَّا يتم الاتفاق عليه، فما حكم ذلك شرعًا؟
ما حكم امتداد عقد الإيجار بقوة القوانين المعمول بها في البلاد؟ وموقف الشريعة الإسلامية من غلاء ورخص وسيط التبادل بين الناس؟