الخطاب الوارد من هيئة قضايا الدولة المتضمن صورةً من صحيفة الدعوى المرفوعة من أحد المواطنين المصريين ضد فضيلة المفتي بصفته، وضد السيد وزير العدل بصفته أيضًا، وضد إحدى المواطنات المصريات. وهي الدعوى التي يعرض فيها أن المُعلَن إليها الثالثة حصلت منه على نفقة زوجية، وحصلت من زوجٍ سابقٍ على أجرة حضانة، وهو الأمر الذي يترتب عليه -في رأيه- أن أصبحَ الاحتباسُ ناقصًا، وفَوَّت عليه -كزوج- مصلحة حقيقية، وهو ما يتعارض مع الحظر؛ طبقًا لمذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وهو الحظر المتعلِّق هنا بالنظام العام -بحسب دعواه-.
وجاء إعلان المعلَن إليه الأول بصفته كان يتعين عليه -بحسب دعواه- أن يصدر فتواه بهذا الحظر المُدَّعَى، وأنَّ عدمَ صدوره يعتبر قرارًا سلبيًّا يتعين الطعن عليه بالإلغاء -في رأيه-.
كما جاء إعلان المعلَن إليه الثَّاني بصفته؛ لأن المحاكم لم تصلها تلك المعلومات المُدَّعاة.
وعليه فهو يطلب في دعواه إلغاء القرار الإداري السلبي الذي لم يصدر في صورة فتوى من المعلَن إليه الأول بصفته، يحظر فيها الجمع بين أجرة حضانةٍ من زوجٍ سابقٍ ونفقة زوجيةٍ من زوجٍ حاضر، وهو ما يتعارض -في رأيه- مع مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان.
ويطلب في شِقِّهِ المستعجل وقفَ تنفيذ هذا القرار السلبي مع إلزام المعلَن إليهما الثاني والثالث بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
هذه الدعوى من الناحية الشرعية غير صحيحة؛ حيث إنه ليس هناك في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رحمه الله تعالى ما يمنع الزوجة من أخذ أجرة حضانة من زوج سابق والجمع بينها وبين نفقة زوجية من زوج قائم، كما أنه لا مانع من أن تأخذ المرأة أكثر من متعة من أكثر من مُطَلِّق سابق مع كونها تأخذ نفقتها الزوجية من الزوج القائم؛ حيث إنه من المعلوم أن اختلافَ الجهات وانفكاكَها يمنع التعارضَ والتناقض؛ فنفقةُ الزوجية سببها الاحتباس؛ عملًا بالأصل العام: "أن كل مَن احتُبِسَ لِحَقِّ غيرِه ومنفعتِه فنفقتُه على مَن احتُبس لأجْله"، بينما نفقة الحضانة سببها القيام على المحضون ورعايته؛ لأن أجرَ الحضانةِ به شَبَهٌ بالنفقة من ناحية؛ لأنها جزء من نفقة الصغير، وهي تجب في مال الصغير إن كان له مالٌ، أو في مال مَن تجب عليه نفقته إن لم يكن له مال، وبه شَبَهٌ بالأجرة من ناحية أخرى؛ لأنها تُعطَى للحاضنة نظير عمل تقوم به، فهي تقوم بحفظ المحضون وتربيته وتحبس نفسها من أجل الحضانة. انظر: "حاشية ابن عابدين" (3/ 561).
فلا تعارُض لقيامِ حقِّ المكتَسِبِ في الجمع بين طريقين مختلفين للكسب كلٌّ منهما شرعيٌّ، كما أنَّه لا تعارض من جهة انتقاص حقِّ الزوج في احتباس زوجته عليه وتفويت مصلحة حقيقية عليه -كما يزعم-؛ فهي دعوى غير صحيحة من هذه الجهة أيضًا؛ حيث إن حضانتها للصغار من زوجها السابق إما أن تكون قد تمت بموافقةِ المدَّعِي؛ حيث إنَّها بعد زواجِها تَسقُطُ الحضانةُ عنها إلى مَن يليها في ترتيب المستحقين للحضانة إلَّا أن يوافق هو، بشرط ألَّا يكون أجنبيًّا عن المحضون -كما هو مقرر في موضعه من شروط الحضانة-، وإما أن يكون قد تم مخالفًا لشروط الحضانة، ولكنه لم يُبدِ اعتراضًا على ذلك في حينه، فليس له الآن أن يتراجع عما سبق وأقره إما بطريقةٍ مباشرةٍ وإما بطريقةٍ غيرِ مباشرةٍ بسكوته؛ حيث إن الاحتباس حقٌّ يتجدد، فيحتاج مِن الذي يتضرر مِن عدمه إلى إظهار ذلك في حينه، وإلا سقط؛ كما إذا اشترطت الزوجة ألا ترضع أولادها إلا بأجرٍ فلها ذلك، وموافقة الزوج على ذلك لا تُعَدُّ انتقاصًا من حقِّه في الاحتباس ولا ضياعًا لحقوقه الخاصة؛ لأنه هو مَن وافق على ذلك، وبذا تكون قد جمعت جمعًا شرعيًّا صحيحًا بين نفقة الزوجية وأجرةِ حاضنة من نفس الزوج؛ لأن مصدرَي الكسب مختلفان، ومثل ذلك ما لو وافق على عملها خارج البيت أو داخله مستأجَرةً للغير من غير أن يشترط عليها المشاركة في نفقات البيت، فهذه موافقةٌ ضِمنيَّةٌ منه على استحقاقها لكامل أجرتها من عملها مع ما وجب لها عليه من نفقة، من غير أن يُعَدَّ ذلك مُسقِطًا لنفقتها، أو يُسَوِّغ له الادعاءَ بأنها انتقصت من حقوقه وقَصَّرت في حقِّ الاحتباس بعد إذنه لها ورضاه.
وإن كان المدَّعِي يستند في دعواه إلى كون عدم الحظر المزعوم مخالفًا للنظام العام، فإن النظام العام -وهو بنود الدستور- يخلو من التفاصيل فيما يخص المسألة محلَّ الدعوى، وعليه فيتم الرجوع إلى خصوصها في قانون الأحوال الشخصية، والذي بدوره يخلو من ذلك أيضًا، وعندئذ فالمعمولُ به في الأحوال الشخصية أنه: إذا لم تندرج المسألة تحت نصوص مواد القانون فإنَّه يطبَّق عليها أرجحُ الأقوالِ في مذهب الإمام أبي حنيفة؛ طبقًا للمادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000م.
وبالرجوع إلى مذهب الإمام أبي حنيفة لا نرى هذا المنع المزعوم؛ فالمذهب الحنفي ليس فيه ما يمنع جمع الزوجة لأكثر من نفقة مِن أكثر مِن جهة بسببها الشرعي الصحيح، وإنما أُتِيَ المدعي من قِبل سوء الفهم؛ إذ إنَّ الممنوعَ هو أن تأخذ الزوجةُ نفقةَ حضانةٍ من زوجها عن حضانتها لأولادها منه أثناء قيام الزوجية أو في عدَّةِ الطلاق الرجعي؛ حيث إنَّ الحضانةَ تجب عليها ديانةً، وأجر الحضانة ليس أجرةً خالصةً، بل له شَبَهٌ بالنفقة -كما سبق بيانه-، والزوجة تتقاضى نفقتها من الزوج نظير احتباسها لمصلحته، وتأخذها في الطلاق الرجعي لقيام الزوجية بينهما حكمًا، ولا يجوز لها تقاضي نفقتين في وقتٍ واحدٍ على شيءٍ واحدٍ وإن تعدَّد السبب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يسأل عمَّا يأتي: تُوفّي تاجر عن ورثة، وأوصى قبل وفاته رجلًا بقضاء ديونه وتنفيذ وصاياه، فهل للوصي قضاء الديون الثابتة على المتوفى وتنفيذ وصاياه دون إذن من الورثة؛ اعتمادًا على وصية المتوفى ودفاتره، أو لا بُدّ من إثبات ذلك لدى القضاء؟
نرجو منكم بيان المكانة العلمية للسيد أحمد البدوي. فهناك سائل يقول: يفتري بعض الجهّال على السيد البدوي مدَّعين أنه جاهلٌ مجذوبٌ وليس بعالم؛ فنرجو منكم بيان الحق في هذا الأمر والرد على ذلك الافتراء.
سأل في دارين مختلفتين في أوضاعهما شركة بين أشخاص متعددين بالميراث الشرعي، تهدمتا من الحريق، ولم يبق منهما إلا الأساسات، ولهما أرض حريم أصله بستان لهما قائم بنفسه عن حدود الدارين مملوك للشركاء كالدارين، فطلب أحد الشركاء القسمة فيهما، وحصته جزء من عشرة، وطلب إدخال الأرض الخالية المذكورة في ضمن الدارين لإمكان القسمة؛ إذ نصيبه قليل لا يُنتفع به بعد القسمة، وفي إجابته لذلك ضرر على بقية الشركاء ذوي الأكثر؛ لفوات المقصود من الانتفاع بالأساسات المذكورة؛ لإمكان انحيازها لبعضٍ دون بعض، فهل يجاب إلى طلبه وتقسم الأرض ذات الأساسات وحريمها قسمة إفراز، أو تكون غير قابلة للقسمة فتبقى على الشيوع بين الشركاء؟ أفيدوا الجواب بالصحيح من مذهب أبي حنيفة النعمان ولفضيلتكم الثواب.
ما الحكم الشرعي في امتناع شخص مُتَّهم بالسرقة عن الحلف بالمصحف بصيغة محددة موجهة إليه من قبل المجني عليه في مجلس عرفي مما أثار الشكّ في أنه السارق؟
امرأة ادعت على آخرين دعوى شرعية بأنها وابنها القاصر يرثان في زوجها المتوفى والد القاصر المذكور الذي تزوجها بدون وثيقة زواج، واعترفت بأنها قبل أن تتزوج به كانت متزوجة برجل آخر، ودخل بها بمقتضى وثيقة عقد زواج تاريخه 20 شعبان سنة 1311هـ، ثم طلقها على الإبراء طلاقًا بائنًا بينونةً صغرى بمقتضى إشهاد طلاق رسمي تاريخه 5 رمضان سنة 1311هـ، وأنها مكثت بعد طلاقها منه وقبل أن تتزوج بالمتوفى عشرة أشهر وهي عزباء، ثم تزوجت به، وباحتساب المدة ما بين تاريخ إشهاد الطلاق المذكور الذي هو خمسة رمضان سنة 1311هـ وبين تاريخ محضر ميلاد القاصر الذي تدعي بنوته للزوج الثاني المتوفى تبين أنها تسعة أشهر عربية وعشرة أيام، فهل لإقرارها هذا قيمة بالنظر لبنوة القاصر المذكور الذي تؤيد بنوته من أبيه المتوفى المذكور شهادات الميلاد وتطعيم الجدري والمعافاة من القرعة العسكرية فلا تسمع دعواه بعد أن بلغ رشيدًا بأنه ابن للمتوفى المذكور بحجة أن أمه اعترفت الاعتراف السالف الذكر، أو لا قيمة لهذا الاعتراف وتسمع دعواه؟ مع ملاحظة أن هذا الولد وأمه المذكورة كانا يعيشان في منزل هو ملك المتوفى وسكنه حال حياته، وكان ينفق عليهما إلى أن بلغ الولد المذكور عشر سنين هي المدة التي مكثها أبوه بعد ولادته إلى أن مات، وقد قبل التهنئة بولادته وأجرى ختانه بمعرفته، كما أن الأم المذكورة ولدت بعده من المتوفى المذكور ولدًا آخر كانت حال أبيه معه كحاله مع القاصر المذكور، وقد توفي قبل وفاة أبيه وهو الذي كفنه وجهزه من ماله وأقام له المأتم وقبل التعزية فيه، وكانت الزوجية بين الأم والمتوفى معروفة بالشهرة العامة وليس معها وثيقة زواج، وكان زواجها به بعد أن خرجت من عدة الأول بالحيض ثلاث مرات كوامل في شهرين ونصف تقريبًا فور انقضاء عدتها، وعادتها أن تحيض في أول الثلث الثاني من كل شهر خمسة أيام ثم يبتدئ طهرها إلى آخر الثلث الأول من الشهر الثاني وهكذا، ولا تزال عدتها كذلك إلى الآن، وقد ولدت هذا القاصر وهي متزوجة بالزوج الثاني المتوفى، وهل تسمع من الأم دعوى زوجيتها بالمتوفى زوجية صحيحة بعد اعترافها السالف الذكر؟ لاحتمال تأخر قيد زواجها وطلاقها من الزوج الأول، ولاحتمال خطئها أو نسيانها للمدة التي مكثتها بعد الطلاق منه، إذ المسافة بين تاريخ إشهاد طلاقها من الأول وبين تاريخ الإقرار المذكور تبلغ ثمانية عشر عامًا وهي كافية لوقوع الخطأ والنسيان. نرجو الإفادة. لا زلتم نورًا للمسترشدين وهدًى للسائلين.
ما حكم زواج زوجة المفقود الذي لا يعلم موته ولا حياته؟ حيث قد سئل بإفادة من نظارة الحقانية، مضمونها أنه مرسل ضمن السبع ورقات طيه صورة من الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الشرعية بالتفريق بين امرأةٍ وزوجها؛ بناءً على عدم التحقق من وفاة زوجها الأول، الواردة هذه الصورة بمكاتبة المحكمة المذكورة بقصد نظرها بالنسبة لتضرر الزوجة المذكورة من ذلك؛ لثبوت وفاة زوجها الأول المذكور في واقعة هكس باشا بالسودان. ويفاد بما يقتضيه الحكم الشرعي.