ما حكم السخرية من الأشخاص عن طريق الكوميكس؟ فقد انتشر في هذه الأوقات على مواقع التواصل الاجتماعي تصوير وبث فيديوهات وصور على شَكْل "كوميكس" تَسْخَر مِن الأشخاص الذين يتَصدَّرون لاحتواء الأزمات الصحية والبيئية والاقتصادية في بلادنا، ويُعَلِّل مَنْ يفعل ذلك بأنَّ هذا جزءٌ من حرية التعبير؛ فهل هذا صحيح، وما الحكم الشرعي فيمَنْ يفعل ذلك؟
تصوير وبث فيديوهات وصور على شَكْل "كوميكس" تَسْخَر مِن الأشخاص أمرٌ مذموم شَرْعًا، ومُجَرَّم قانونًا؛ ويزداد الأمر ذَمًّا وجُرْمًا إذا تَعَلَّق بالأشخاص الذين يتَصدَّرون لاحتواء الأزمات الصحية والبيئية والاقتصادية في بلادنا؛ لا سيما أَنَّ أوقات الأزمات تستدعي أصالةً توافر الجهود من أبناء المجتمع والتفافهم كلُحْمَة واحدة في مواجهة التحديات والصعوبات؛ وليس من أخلاق المسلم التَّذَمُّر أوقات الأزمات والسخرية ممن هو قائم على حَلِّها أو التقليل مِن شأنه دون تقديم أي جُهْدٍ إيجابي يساعد في حَلِّ الأزمات واحتوائها.
المحتويات
حرية التعبير: هو حَقٌ يُعْطِي للشخص التَّمتُّع بكامل حريته دون قيودٍ عليه في كل قولٍ أو فعلٍ يَسوِّغُه العقل ويقضي به الشرع. انظر: "المبادئ العامة في جرائم الصحافة والنشر" للدكتور عبد الفتاح بيومي حجازي (ص: 30، ط. دار الفكر الجامعي)، و"الموسوعة العربية العالمية" لمجموعة من المؤلِّفين (9/ 308، ط. مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع).
والشريعة الإسلامية قد كَفَلت حرية التعبير وأَقرَّتها، ولكن هذه الحرية ليست مُطْلَقة، بل المساحة المتاحة للتعبير عن الرأي لا بد أن تكون منضبطة بالضوابط الشرعية؛ ذلك أَنَّ تقييد حرية الفرد من مقتضيات قيام المجتمع الإنساني، خاصة مع تشابك المصالح واختلاف الأهواء، وتظل الحرية معنى نسبيًّا يتفاوت بتفاوت الزاوية التي يُنْظَر منها إليها، حتى لو تَحدَّد نطاقها وأعطيت وصفًا معينًا -سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو دينيًّا.. إلخ-؛ فقد يكون المقصود الحرية من قيد معين بالمعنى السياسي، أو الحرية بقصد تحقيق غرض معين بالمعنى الاجتماعي.
فحرية التعبير عند المسلمين حرية مُلْتَزَمة منضبطة؛ يُحْتَرَز فيها عن عدة أشياء:
منها: عدم خوض الإنسان فيما يَجْهله أو لا يُحْسِنه من أمر العامة؛ ولذا روى أبو داود وغيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَطَبَّبَ وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ». فالضمان والغُرْم ما كان إلا لتَصدُّرِه في أمرٍ لا يُحْسِنه من غير أهلية لذلك.
ومنها: أن لا يشتمل القول أو الرأي على الشائعات، والتي هي في حقيقتها: خبرٌ مجهول المصدر يحتوي على معلومات مضلِّلة تنتشر بسرعة بين الناس، وهذا الخبر في الغالب يكون ذا طابعٍ يُثير الفتنة ويُحْدِث البلبلة بين الناس.
ومنها: الـمَنْع من التَّهَكُّم وازدراء الغير على سبيل السخرية، ولو بصورةٍ أو تعليقٍ، وقد قال تعالى في الآية الجامعة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11]. وقال تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12].
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ»، قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ».
فهذه عدة ضوابط عامة تتداخل فيما بينها لتُشَكِّل سِيَاجًا حاميًا حتى لا تَجْنَح حرية التعبير لتُخْطِأ مِن حيث أرادت الصواب، أو لتُفْسِد من حيث أرادت الإصلاح؛ ولهذا فعَمْد بعض الناس -لا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي- لتصوير وبث فيديوهات وصور على شَكْل «كوميكس» للسخرية مِن الأشخاص؛ هو اختراقٌ لهذا السِّيَاج الحامي للحرية.
سائل يقول: هل هناك في الإسلام صيغة معينة لتعزية أهل الميت، أو أن الأمر على إطلاقه وعمومه وبما يتيسر؟
ما حكم الإهمال في العمل؟ وهل يثاب الموظف على التفاني فيه وبذل الجُهْد من أجل تَقدُّمه وإنجاحه؟
ما حكم زيارة قبر الوالدين كل جمعة وقراءة القرآن لهما؟ حيث أقوم كل جمعة بزيارة قبر والديَّ رحمهما الله تعالى، وأقرأ القرآن الكريم وأهب ثواب ذلك لهما، فما حكم ذلك شرعًا؟
سائل يسأل فيقول: سمعت أنَّ مكة المكرمة أفضل من المدينة المنورة؛ فما مدى صحة هذا الكلام؟
ما حكم القيام بزيارة قبر السيدة آمنة بنت وهب أم النبي عليهما السلام بعد الانتهاء من أداء المناسك من حج أو عمرة؟
هل تجب على اليمين الغموس كفارة؟ فأنا حلفت بالله وأنا كاذب؛ لكي أرفع الحرج عن نفسي في موقفٍ ما؛ إذ لو علمه أبي لغضب مني. والآن أنا تبت من هذا الذنب، فهل يجب عليَّ كفارة يمين؟