ما حكم تعدد الصلوات بتيمم واحدٍ بالنسبة لمريض كورونا الذي يشق عليه استعمال الماء في كل فرض؟
صلاة مريض كورونا لأكثر من فرض بتيمم واحد صحيحة شرعًا ما دام يشق عليه استعمال الماء لرفع الحدث، ولا حرج عليه فيه ذلك، وله أيضًا في هذه الحالة أن يُصلي ما تيسر له من النوافل القبلية والبعدية.
المحتويات
اتفق الفقهاء على أن التيمم جُعل شرطًا في صحة الأفعال التي اشتُرط في صحتها الوضوء؛ من الصلاة، ومس المصحف، ونحو ذلك.
غير أنهم اختلفوا في جواز استباحة أكثر من صلاة بتيممٍ واحدٍ؛ فعند الحنفية:
يجوز للمتيمم الجمع بما شاء من الفرائض والنوافل؛ لأنه طهور عند عدم الماء، والحدث الواحد لا يجب له طهران؛ لما في حديث أبي ذر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ» متفقٌ عليه.
قال العلَّامة بدر الدين العيني الحنفي في "منحة السلوك" (ص: 79، ط. وزارة الأوقاف): [قوله: (ويصلي بتيممه) أي: بتيممه الواحد (ما شاء من الفرائض والنوافل جميعًا)؛ لأنها طهارة مطلقة كالوضوء] اهـ.
وعند المالكية:
فالمشهور من المذهب المالكي أنه لا يجوز للمتيمم أن يصلي أكثر من فرض بتيممٍ واحد، بخلاف النوافل فإنه يجوز له الجمع بينها، بينما يجوِّزون الجمع بين فريضة ونافلة بشرط تقدُّم الفريضة على النافلة:
ففي "المدونة" (1/ 149، ط. دار الكتب العلمية): [قال مالك: لا يصلي مكتوبتين بتيمم واحد، ولا نافلة ومكتوبة بتيمم واحد إلا أن تكون نافلة بعد مكتوبة، فلا بأس بذلك. وإن تيمم فصلى مكتوبة ثم ذكر مكتوبة أخرى كان نسيها فليتيمم لها أيضًا، ولا يجزئه ذلك التيمم لهذه الصلاة] اهـ.
وقد استثنى بعض المالكية من ذلكَ: المريض بما لا يستطيع معه استعمال الماء؛ ففي "الرسالة" لأبي زيد القيرواني (ص: 21، ط. دار الفكر): [لا يُصلي صلاتين بتيممٍ واحدٍ من هؤلاء إلا مريض لا يقدر على مس الماء؛ لضررٍ بجسمه مقيم، وقد قيل: يتيمم لكل صلاة، وقد روي عن مالك فيمن ذكر صلوات أن يصليها بتيمم واحد] اهـ.
وقال العلَّامة ابن شاس المالكي في "عقد الجواهر الثمينة" (1/ 63، ط. دار الغرب الإسلامي): [وأجاز الشيخ أبو إسحاق أن يجمع المريض بين فرضين بتيمم واحد] اهـ.
واختلف في المعنى الذي من أجله لم يجز للمتيمم الجمع بين صلاتين على قولين، جاز في أحدهما الجمع بين المكتوبات الفائتة بتيممٍ واحدٍ؛ كما حكاهما العلَّامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (1/ 202، ط. دار الغرب الإسلامي)؛ فقال:
[وقد اختلف في المعنى الذي من أجله، لم يجز للمتيمم أن يصلي صلاتين بتيمم واحد، فقيل: إن المعنى في ذلك أن الله أوجب الوضوء لكل صلاة، أو التيمم إن لم يجد الماء بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ [المائدة: 6]، فخصصت السنة الوضوء؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى يوم فتح مكة صلوات بوضوء واحد، وبقي التيمم على الأصل.
وقيل: بل المعنى في ذلك أن الله لم يبح التيمم إلا أن لا يوجد الماء، ولا يكون غير واجد له إلا إذا طلبه فلم يجده، فصار الطلب للماء شرطًا من صحة التيمم للصلاة عند القيام إليها بعد دخول وقتها، وكذلك صار طلب القدرة على استعمال الماء للمريض الذي لا يقدر على مس الماء شرطًا في صحة التيمم للصلاة عند القيام إليها، عند من جعله من أهل التيمم، فعلى هذا المعنى أجاز مالك في رواية أبي الفرج عنه لذاكر صلوات أن يصليها بتيمم واحد؛ لأنه جعل الصلوات المذكورة في حكم صلاة واحدة لوجوب صلاتها عليه جميعًا حين يذكرها في الوقت الذي يذكرها فيه.
ولم يجز ذلك في رواية غيره؛ لأنه رأى أن طلب الماء واجب عليه كلما سلم من صلاة، وأراد القيام إلى أخرى، فالطلب على هذا القول شرط من صحة التيمم لكل صلاة عند القيام إليها، وعلى رواية أبي الفرج هو شرط في صحة التيمم، لما اتصل من الصلوات المفروضات، وعلى هذا المعنى أيضًا أجاز من أجاز من متأخري أصحابنا للمريض الذي لا يقدر على مس الماء أن يصلي صلاتين بتيمم واحد؛ لأنه لما كان الأغلب من حاله أنه لا يقدر على مس الماء، لم يوجب عليه طلب القدرة على استعماله، والأظهر أن ذلك عليه واجب، إذ قد يتحامل فيقدر، وليس لما يلزمه من التحامل على نفسه في ذلك حد لا يتجاوز، وإنما هو مصروف إلى استطاعته، وموكول إلى أمانته. وأما على المعنى الأول، فلا يتجه هذا القول ولا رواية أبي الفرج في ذاكر صلوات، والله أعلم.
والقياس على المذهب فيمن صلى صلاتين بتيمم واحد أن يعيد الأخيرة أبدًا، ومن قال: إنه يعيدها في الوقت، وفرق بين المشتركتين في الوقت وغير المشتركتين، فليس قوله بقياس، وإنما هو استحسان لمراعاة قول من قال من العلماء: إن التيمم يرفع الحدث كما يرفعه الوضوء، وإنه لا وضوء عليه، وإن وجد الماء ما لم يحدث، وبالله التوفيق] اهـ.
وعند الشافعية:
يجوز للمتيمم أن يتنفَّل ما شاء من الصلوات قبل صلاة الفريضة أو بعدها؛ لكن لا يجوز الجمع بين فريضتين مطلقًا سواء كانتا في وقت أو وقتين قضاءً أو أداءً -خلافًا لما حكاه الرافعي والروياني وغيرهما من أنه يجوز الجمع بين فوائتَ بتيممٍ، وبين فائتة ومؤداة-؛ لما تواردت عليه من آثار بعض الصحابة كعلي وابن عباس وعمرو بن العاص وعبد الله بن عمرَ رضي الله عنهم بأن يتيمم لكلِّ صلاةٍ.
قال العلَّامة الماوردي الشافعي في "الإقناع" (1/ 209، ط. دار المنهاج): [ولا يجمع بتيممٍ واحدٍ بين صلاتي فرضٍ، ويصلي بتيممِ الفرضِ ما شاء من نفلٍ، ولا يجوز إذا تيمم لنافلةٍ أن يصلي به فرضًا، ويجوز إذا توضأ لنفلٍ أن يُصلي به ما شاء من فرضٍ ونفلٍ ما لم يحدث] اهـ.
وقد استثنى بعض الشافعية من ذلك المريض والجريح اللذَيْن لا يقدران على استعمال الماء:
قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (2/ 293، ط. دار الفكر): [مذهبنا أنه لا يجوز الجمع بين فريضتين بتيمم، ولا بين طوافين مفروضين ولا طواف وصلاة مفروضين، ويتصور هذا في الجريح والمريض، وسواء في هذا الصحيح والمريض والصبي والبالغ، وهذا كله متفق عليه، إلا وجهًا حكاه الرافعي عن حكاية الحناطي أنه يجوز الجمع بين فوائت بتيممٍ، وبين فائتة ومؤداة، وإلا وجهًا حكاه الدارمي أنَّ للمريض جمع فريضتين بتيمم، وإلَّا وجهًا حكاه صاحب "البحر"، والرافعي: أنه يصح جمع الصبي فريضتين بتيممٍ، وهذه الأوجه شاذة ضعيفة، والمشهور ما سبق] اهـ.
وعند الحنابلة:
فإنَّ تيمُّمَ المُتيَمِّم كوضوء المستحاضة؛ له أن يُصلي بتيممٍ واحد الصلاة الحاضرة وغيرها من الفوائت، وله أن يتطوع بما شاء ما دامَ في الوقت، أمَّا إذا دخل وقتُ صلاةٍ أخرى وجب عليه التيمم مرةً أُخرى:
قال العلَّامة المرداوي في "الإنصاف" (1/ 293، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: (وإن نوى فرضًا فله فعله والجمع بين الصلاتين وقضاء الفوائت): به على الصحيح من المذهب، وعليه الجمهور] اهـ.
وقال العلَّامة عبد القادر الشيباني الحنبلي في "نيل المأرب" (1/ 95، ط. مكتبة الفلاح): [(وله أن يصلِّيَ بتيممٍ واحدٍ ما شاء من الفرضِ والنفل) إن تيمم للفرض، (لكن لو تيمم للنفل لم يستبح الفرض)؛ لأنه تيمم للأدنى، فلا يجوز له الأعلى] اهـ.
من خلال ذلك: فقد أجاز جماعة من الفقهاء للمريض الذي يشق عليه استعمال الماء في كل فرض أن يصلي بتيمم أكثر من فريضة، والقاعدة الشرعية:
"أنَّ مَن ابتُلِيَ بشيء من المختلفِ فيه فليُقلِّد مَن أجاز"، ومتى وافق عمل العامي مذهبًا من مذاهب المجتهدين ممن يقول بالحِل أو بالطهارة كفاهُ ذلك، ولا إثم عليه اتفاقًا؛ كما قال الشيخ العلامة محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية الأسبق في "الفتاوى" (1/ 225، ط. دار وهبة).
بناءً على ذلك: فصلاة مريض كورونا لأكثر من فرض بتيمم واحد صحيحة لا شيء فيها، وله أن يُصلي ما تيسر من النوافل القبلية والبعدية بدون مشقةٍ؛ ما دامَ أنه لا يقدر على استعمال الماء لكل صلاة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
تم العثور على رسم هندسي لروضة الإمام محمد ماضي أبو العزائم، الصادر من محافظة القاهرة عام 1932م، محدد الأبعاد والموقع، يفيد أنَّ روضة الإمام أبو العزائم حدودها خارج المقصورة المقامة حاليًّا، وثم التأكد من ذلك بمعرفة المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية -مرصد حلوان- عن طريق الأجهزة العلمية الحديثة.
ومرفق تقرير ورسم هندسي صادر من مرصد حلوان وممهور بخاتم شعار الجمهورية يفيد ذلك، وبعرض الأمر على الشئون الهندسية بوزارة الأوقاف والسيد وكيل وزارة أوقاف القاهرة، تمَّ استصدار تصريح عمل لإنشاء درابزين حول الجزء المكشوف من روضة الإمام بمساحة 2متر في 2متر، وذلك بعد قيام أوقاف القاهرة والإدارة الهندسية بالتأكد من ذلك الأمر بالمعاينة على الطبيعة.
وحيث إنَّ بعض المُصَلِّين يعترضون على إنشاء درابزين لإحاطة الجزء المكشوف لروضة الإمام، بحجة أنَّ الصلاة فوق القبور والدوران حول الضريح جائز وعمل مبارك؛ لذلك نرجو التكرم بإصدار فتوى شرعية في هذا الأمر بناء على المستندات والرسومات وتصريح وزارة الأوقاف المرفق طيه. وتفضلوا بقبول فائق التحية والاحترام.
ما حكم تعجيل الولادة للتفرغ للعبادة في رمضان؟
ما حكم التَّحدُّث في الحمَّام أثناء قضاء الحاجة؟
ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟ فأنا أعاني من ألم في أسناني وذهبت إلى الطبيب لمعالجتها، فأخبرني بأنه سوف يقوم بحشوها بالذهب، فما حكم ذلك؟
ما هي حدود الاستمتاع بين الزوجين أثناء الحيض؟ فأنا قليلا ما أجتمع بزوجتي بسبب سفري، وغالبًا ما آتي في وقت تكون فيه حائضًا، وعادتها أن تحيض أربعة عشر يومًا؛ فلا نستطيع الاستمتاع إلا يومًا أو نحوه في مدة مكثي معها. فهل يجوز لي أن أستمتع بكامل جسد زوجتي وهي حائض إذا اجتنبت الجماع؟
نرجو منكم بيان الحكم الشرعي في عملية استنساخ الأشجار والنباتات. حيث أحدث التقدم التقني ثورةً هائلةً في علم الزراعة والنباتات على مَرِّ العصور والدهور، ومِن جملة ما أحدثته هذه الثورة ويسعى البحثُ العلمي في تطويره والاستفادة منه بشتى طُرُقه واختلاف أساليبه وأنواعه: تقنية الاستنساخ النباتي؛ ونلتمس الإفادة بالرأي الشرعي في استخدام هذه التقنية؟