صفة التسوية المطلوبة عند العطاء والهبة للأولاد

تاريخ الفتوى: 16 مايو 2013 م
رقم الفتوى: 5977
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الهبة
صفة التسوية المطلوبة عند العطاء والهبة للأولاد

كيف تكون التسويةُ بين الأولادِ عند الهبة لهم في العطايا؟ وهل تكون على قواعدِ الميراث أو لا؟

التسوية بين الأولاد في العطية مستحبةٌ وليست واجبةً، والمختار للفتوى أن صفة التسوية لا تكون على قواعد الميراث، وإنما تكون بإعطاء كل واحد من الأولاد مثل ما أُعطي الآخر، لا فَرق في هذا بين ذكر وأنثى.

المحتويات

 

صفة التسوية المطلوبة عند العطاء والهبة للأولاد

الأصلُ المقرر شرعًا أن الإنسان حرُّ التصرف فيما يدخل تحت ملكه؛ ببيعه أو هبته أو وقفه أو إجارته أو غير ذلك من التصرفات الشرعية التي هي فرع عن الملك؛ وقد روى الدارقطني والبيهقي عن حِبَّان بن أبي جَبَلَة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ أَحَدٍ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»، فهذا الحديث يقرِّر أصل إطلاق تصرف الإنسان في ماله.

ومع ذلك فقد طلب الشرع الشريف من المُكلَّف أن يُسَوِّي في خصوص هبته لأولاده فيما بينهم؛ فروى سعيد بن منصور في "سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «سَاوُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ، وَلَوْ كُنْتُ مُؤْثِرًا أَحَدًا لَآثَرْتُ النِّسَاءَ عَلَى الرِّجَالِ»، ولكن المختار أن هذا الطلب من الشرع محمول على الندب والاستحباب لا على الحتم والإيجاب؛ فإذا وهب الوالد أحد أولاده هبة وخصَّه بها دون باقي إخوته، كان هذا الوالد حينئذٍ تاركًا للمستحب وليس تاركًا للواجب، وترك المستحب لا يترتب عليه إثم.

آراء المذاهب الفقهية في حكم التسوية بين الأولاد في العطية

اختلف العلماء في التسوية المطلوبة بين الأولاد في الهبات والعطايا؛ فذهب الحنفية والشافعية وغيرهم إلى أن التسوية المطلوبة بين الأولاد تكون بإعطاء كل واحد من الأولاد مثل ما أُعطي الآخر، لا فَرق في هذا بين ذكر وأنثى، فتُعطَى الأنثى مثل ما يُعطَى الذَّكَر. انظر: "بدائع الصنائع" (6/ 127، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"روضة الطالبين" (5/ 379، ط. المكتب الإسلامي)، و"الإنصاف" (7/ 136).

وذهب المالكية والحنابلة إلى أن التسوية المطلوبة تكون بقسمة الهبة بين الأولاد على حسب القسمة الشرعية للميراث، فيُجعل للذَّكَر مثل حظ الأنثيين. انظر: "شرح العلامة الخرشي على خليل" (7/ 82)، و"كشاف القناع" (4/ 310، ط. دار الكتب العلمية).

المختار للفتوى في هذه المسألة ودليل ذلك

المختار عندنا هو الأول؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلب من بَشِير رضي الله عنه أن يهب كلَّ أولاده مثل ما وهب النُّعمان رضي الله عنه؛ وقال له: «أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَهُ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَلَا أَشْهَدُ عَلَى شَيْءٍ، أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ: «فَلَا إِذنْ» رواه النسائي، ولم يَستَفصِل منه عن بقية أولاده، أذكور هم أم إناث؟ فدلَّ هذا على أنه لا فَرق بين الذكور والإناث في التسوية المطلوبة بين الأولاد في العطية.

والقاعدة الأصولية أن: "ترك الاستفصال في وقائع الأحوال مع قيام الاحتمال يُنَزَّل مَنزِلة العموم في المقال". انظر: "حاشية العطار على شرح جمع الجوامع" (2/ 24-25، ط. دار الكتب العلمية).
ومعنى القاعدة: أن قضايا الأعيان إذا عُرِضَت على الشارع وهي مُحتَمَلة الوقوع على أحد وجهين أو وجوه، وتَرَك الشارع الاستفصال فيها، فتركُه الاستفصال فيها دليلٌ أن الحُكم فيها مُتَّحِدٌ في الوجهين أو الوجوه. انظر: "حاشية ابن الشاط على الفروق" للإمام القرافي (2/ 88، ط. عالم الكتب).
وقد استدل أصحاب المذهب الثاني بأن أَولَى ما اقتُدِيَ به قِسمةُ الله، والله تعالى قد قَسَم بينهم؛ فجعل للذَّكَر مثل حظ الأنثيين. انظر: "الاستذكار" (7/ 228، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" (5/ 388، ط. دار إحياء التراث العربي).
ولكن يجاب عنه بقيام الفارق بين الميراث من جهة وبين الهبة حال الحياة من جهة أخرى؛ من حيث إن الميراث مختص بما بعد الموت، ولكل حالٍ أحكام، ومن حيث إن الهبة تطوعٌ وليست فرضًا كالميراث، كما أن الذَّكَر والأنثى إنما يختلفان في الميراث بالعُصوبة، أما بالرحم المجردة فهما فيه سواء؛ كالإخوة والأخوات من الأم.

الخلاصة

عليه: فالمختار للفتوى أن التسوية بين الأولاد في العطية مستحبةٌ، وليست واجبةً، وتكون بإعطاء كل واحد من الأولاد مثل ما أُعطي الآخر، لا فَرق في هذا بين ذكر وأنثى.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم هبة السفيه؟ فقد سأل رجل من درنة ببلاد طرابلس الغرب في رجل سفيه معتوه لا يحسن التصرف، فأقام القاضي لتلك البلدة عليه عَمَّ ذلك السفيه المعتوه قيّمًا لينظر في مصالحه، ثم حصل من ذلك القيم المذكور ترغيب ذلك السفيه المذكور في أن ذلك السفيه المذكور يهب ثلث ما يملكه من العقارات لابن ذلك القيم المذكور، وبعد موت ذلك السفيه المذكور أبرز الموهوب له حجته، فهل تصح تلك الهبة أو لا تصح؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب.


ما حكم الرجوع في هبة الأب لابنه؛ فرجل وهب لابنه القاصر أملاكًا معلومةً مفرزةً محدودةً هبةً صحيحةً شرعيةً في يد والده بطريق ولايته عليه بعقد قانوني أمام قاضي العقود بالمحكمة المختلطة، ثم بعد مُضي زمن أثناء وجود ابنه الموهوب له في بلاد أوروبا لدرس العلوم والتربية في مدارسها باع والده -وابنه المذكور قاصر تحت ولايته- بعضًا من هذه الأملاك الموهوبة واشترى بثمنها أرضًا لنفسه لا لابنه، وذكر في عقد الشراء أنه اشتراها لنفسه، ودفع ثمنها من ماله الخاص؛ أي من مال الأب. ثم إن الأب المذكور وقف هذه الأرض بحجة إيقاف شرعية صادرة من محكمة مصر الشرعية، ثم توفي ابنه الموهوب له، وانحصر إرثه الشرعي في أبيه الواهب المذكور وأمه فقط. فهل الثمن الذي باع به الأب بعض الموهوب يكون دَينًا على الأب الواهب؟ وهل لوالدة الابن أن تطالب الأب الواهب بما خصها من ذلك الدَّين بالميراث الشرعي من ابنها الموهوب له المتوفى، أم كيف الحال؟ أفيدوا الجواب، ولفضيلتكم الثواب.


هل يجب على الإنسان التسوية بين الأولاد في العطاء حال الحياة؟


ما حكم الرجوع في الهبة بعد سنوات من تمليك الواهب للموهوب له العين الموهوبة؟ فهناك صديقان أهدى أحدهما للآخر مبلغًا كبيرًا من المال اشترى به الآخر وحدة سكنية، ثم حدث بينهما شجارٌ كبير وخلافٌ أدَّى إلى تعكير صفو ما بينهما من مودَّة، فجاء الصديق الأول "الواهب" -بعد سنوات- من استقرار صديقه الآخر "الموهوب له" في البيت الذي اشتراه بمال الهبة والذي رتَّب حياته عليه، وطالبه بأن يخرج من البيت ويعيده إليه بدعوى أنَّه قد بَذَلَ هذا المال لرجلٍ كان يظنه محبًّا مخلصًا، وبعد الشجار ظهر له خلاف ما كان يأمله فيه، لذلك هو يعتبر نفسه أنه قد بذل هذا المال منخدعًا، ويحق له أن يسترجعه،  فهل يجوز له أن يرجع في هبته تمسُّكًا بأنَّ السادة الحنفية يجيزون الرجوع في الهبة؟ وهل نسبةُ ذلك للحنفية صحيحة أو لا؟


في أثناء عمل أبي في عمل خاص أعطاه أصحاب العمل سيارة للعمل بها، وبعد وفاته قمت بالعمل مكانه، فأصر أصحاب العمل على إعطائي السيارة وتسجيلها رسميًّا على سبيل الهدية، علما بأن لي أربعة إخوة من أُمٍّ أُخرى، وأصحاب العمل يعرفون ذلك. فهل لهم حق في السيارة؟


ما حكم إهداء ثواب الأعمال الصالحة للأحياء والأموات؟ وهل ذلك يجوز شرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 25 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :16
الشروق
6 :49
الظهر
11 : 55
العصر
2:43
المغرب
5 : 2
العشاء
6 :25