حكم عمل وديعة من أموال التبرعات

تاريخ الفتوى: 16 نوفمبر 2020 م
رقم الفتوى: 5143
من فتاوى: أمانة الفتوى
التصنيف: الوقف
حكم عمل وديعة من أموال التبرعات

ما حكم عمل وديعة من أموال التبرعات؟ فقد تشرفت مؤسسة خيرية لخدمة وتنمية المجتمع بإنشاء مركز نموذجي لتحفيظ القرآن الكريم بالجهود الذاتية على نفقتها الخاصة، بهدف تعليم أطفالنا تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وتحفيظهم القرآن، وتجويده، إلى جانب اللغة العربية، والعلوم، والرياضيات، واللغات وكل ذلك مجانًا، وتفتح المؤسسة باب التبرع لأهل الخير، وإيداع تبرعاتهم في حساب المؤسسة في صورة وديعة، يتم استخدام عائدها في الإنفاق على تشغيل المركز للرعاية العلمية لأكثر من (300) طفل بالطاقم الإداري والتعليمي وكل متطلبات تشغيل المركز. برجاء التكرم من فضيلتكم بإبداء رأي الدين في هذا الإجراء؟

فتح الودائع من أموال التبرعات بقصد وقف أرباحها وعوائدها لاستخدمها في الإنفاق على تشغيل المركز النموذجي لتحفيظ القرآن الكريم، وللرعاية العلمية للأطفال، وكذلك للطاقم الإداري، هو أمر مستحب شرعًا، وهو من صور الوقف المشروع والصدقات الجارية، وهو من أنفع الصدقات للمحتاجين والمتعلمين؛ لما فيه من تكثير الأجر للمتصدق، واستمرار النفع للمحتاج.

المحتويات

 

حكم عمل وديعة من أموال التبرعات

سعى الشرع الشريف إلى أن يعيش الإنسان حياة طيبة كريمة، فشرع لأجل ذلك عبادة الإنفاق في سبيل الله، وجعلها سببًا للوصول إلى البر، فقال تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: 92]، ونوَّع مجالات الإنفاق في سبيل الله تعالى حتى يتسارع الناس في ميادين البر والإحسان؛ سَدًّا لحاجة كل ذي حاجة، فشرع الزكاة، والصدقات، والأوقاف، والكفارات؛ ما بين إطعام وكسوة، وأباح الوصايا والنذور.
وعمل وديعة من أموال الصدقات، والإنفاق من ريعها، أو عائدها هو: بمثابة وقف لهذا المال، والوقف من أبرز وجوه الإنفاق وأنفعها، فهو من الصدقات جارية الأثر للمتصدق والمُتَصدق عليه؛ فبه يستزيد المنفق من الأجر، والفقير من النفع؛ لذا فإن له دَوْرًا فعالًا وبارزًا في نهضة البلاد بإنفاقه على العديد من المجالات التي تحتاج لها المجتمعات؛ من صحة، وتعليم، وتدريب، وتزويج للشباب، وسد لديون الغارمين وغير ذلك، كما أنه من الصدقات التي لها دور حقيقي في إغناء الفقراء وتحقيق معنى التكافل الاجتماعي.
والوقف هو حبس العين والتصدق بمنفعتها في أوجه الخير إلى أن تفنى أو ينتهي نفعها.
قال الإمام الميرغيناني في "الهداية" (3/ 15، ط. دار إحياء التراث العربي): [الوقف لغة: هو الحبس، تقول: وقفت الدابة وأوقفتها بمعنى. وهو في الشرع عند أبي حنيفة: حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة بمنزلة العارية] اهـ.

الأحاديث النيوية الواردة على استحباب الوقف

قد جاءت النصوص الشرعية باستحباب أن يوقف المسلم مالًا يجري ريعه وثمرته في أوجه الخير.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال: كان أبو طلحة رضي الله عنه، أكثر الأنصار بالمدينة مالًا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس رضي الله عنه: فلما أنزلت هذه الآية: ﴿لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: 92]، قام أبو طلحة رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾، وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ»، فقال أبو طلحة رضي الله عنه: أَفْعَل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. متفق عليه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في أرض خيبر التي سأله عنها: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا»، فتصدق بها عمر رضي الله عنه؛ أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء، وفي القربى وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير مُتَمَوِّل. متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
وتبرع أهل الخير، وإيداع هذه التبرعات في الحساب الخاص بالمؤسسة، واستخدام عائدها في الإنفاق لرعاية الأطفال، هو صورة من صور الوقف المندوب إليها شرعًا.

نصوص الفقهاء الواردة على جواز الوقف في الأموال

قد نص الفقهاء على جواز الوقف في الأموال، وذلك بالمضاربة به والتصدق به في أوجه الخير.
قال العلامة برهان الدين بن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (6/ 119، ط. دار الكتب العلمية): [وفي "وقف الأنصاري" وكان من أصحاب زفر إذا وقف الدراهم، أو الطعام، أو ما يكال، أو يوزن أنه يجوز ويدفع الدراهم مضاربة ويتصدق بفضلها في الوجه الذي وقف عليه] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (4/ 364، ط. دار الفكر): [وعن الأنصاري وكان من أصحاب زفر فيمن وقف الدراهم، أو ما يكال أو ما يوزن أيجوز ذلك؟ قال: نعم، قيل: وكيف؟ قال: يدفع الدراهم مضاربة، ثم يتصدق بها في الوجه الذي وقف عليه] اهـ.
وقال أيضًا: [(قوله: ويدفع ثمنه مضاربة أو بضاعة)، وكذا يفعل في وقف الدراهم والدنانير، وما خرج من الربح يتصدق به في جهة الوقف، وهذا هو المراد في قول "الفتح" عن "الخلاصة": ثم يتصدق بها؛ فهو على تقدير مضاف، أي: بربحها] اهـ.
وقال العلامة بهرام الدميري المالكي في "الشامل في فقه الإمام مالك" (2/ 810، ط. مركز نجيبويه للمخطوطات): [وأما في السبيل، أو ما له غلة تُصْرَفُ في إصلاحٍ لمسجدٍ وطريقٍ فلا خلاف في جوازه. وفيها: جواز وقف الدنانير والدراهم، وَحُمِلَ عليه الطعام. وقيل: يكره] اهـ.
وقال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (7/ 80، ط. دار الفكر): [ثم إن المذهب جواز وقف ما لا يعرف بعينه كالطعام والدنانير والدراهم كما يفيده كلام "الشامل"، فإنه بعد ما حكى القول بالجواز حكى القول بالكراهة بقيل، والقول بالمنع أضعف الأقوال، ويدل للصحة قول المؤلف في باب الزكاة وزكيت عين وقفت للسلف] اهـ.
وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" (2/ 323، ط. دار الكتب العلمية): [واختلف أصحابنا في الدراهم والدنانير، فمن أجاز إجارتها أجاز وقفها، ومن لم يجز إجارتها لم يجز وقفها] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (6/ 34، ط. مكتبة القاهرة): [وقيل في الدراهم والدنانير: يصح وقفها، على قول من أجاز إجارتهما] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: ففتح الودائع من أموال التبرعات بقصد وقف أرباحها وعوائدها لاستخدمها في الإنفاق على تشغيل المركز النموذجي لتحفيظ القرآن الكريم، وللرعاية العلمية للأطفال، وكذلك للطاقم الإداري، هو أمر مستحب شرعًا، وهو من صور الوقف المشروع والصدقات الجارية، وهو من أنفع الصدقات للمحتاجين والمتعلمين؛ لما فيه من تكثير الأجر للمتصدق، واستمرار النفع للمحتاج.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الإقراض من الصدقة الجارية لمشروعات الأسر المحتاجة؟ حيث تم إشهار مؤسسةٍ خيرية وفقًا لأحكام القانون، وطبيعة عملها هي تنمية الأسر المصرية المعدومة أو المحدودة الدخل في كافة جوانب حياتها، مثل: التعليم والصحة والغذاء وعمل مشروعاتٍ تجارية لهذه الأسر حتى يتسنى لها من خلال العائد الصرف على احتياجاتها الأساسية حتى لا تحتاج لمساعدات شهرية. وتتم متابعة هذه المشروعات لتذليل أي عقبات تعترضها، ويتم استرداد إجمالي التكلفة بأقساط شهرية على خمس سنوات وتوجَّه لِأُسَرٍ أخرى، وهكذا.
علمًا بأن الأسر محل الرعاية يتم اختيارها وفقًا لمعايير محددة، منها: ألا يكون لديها عائلٌ، وأن يكون دخلها محدودًا لا يكفي المتطلبات الأساسية للمعيشة، وفي معظم الأحيان يكون مسكنها مشتركًا مع آخرين أو مؤقتًا.
فهل يعتبر نشاط المؤسسة مصرفًا من مصارف الصدقة الجارية؟


ما حكم استثمار مال الوقف بوضعه في البنك؛ فنتشرف بأن نعلمكم أننا في مستشفى سرطان الأطفال بصدد إنشاء صندوق وقف لخدمة الأغراض المختلفة للمستشفى، يتم وضع المال الموقوف فيه في البنوك لتنميته. فنرجو إفادتنا: هل يجوز نقل الأموال التي يتم تجميعها في أوعية الوقف من بنك لآخر لتحقيق أقصى استفادة ممكنة لهذه الأغراض؟


ما حكم تغيير النية من بناء مسجد إلى أغراض خيرية أخرى؟ حيث أني اشتريت قطعة أرض معدة للسكن في مدينة العاشر من رمضان وذلك منذ سنوات عديدة، ولما شعرت أنني لست بحاجة إليها كما أنني لن أُعَمِّرها بالبناء والتأجير بسبب هجرتي خارج البلاد آنذاك اتصلت بإدارة المدينة عن طريق وكيل وأبلغتهم أنني أرغب في تخصيصها لبناء مسجد، فأجابوني بأن الأرض تقع في منطقة مخصصة للسكن فقط، وأنه يمكنني عرضها للبيع ثم تخصيص ثمنها لبناء مسجد أو للإسهام في بناء مسجد في الأمكنة المخصصة لذلك في المدينة، ووافقت على ذلك الاقتراح، وعرضتها للبيع. ولكنني عندما عدت من الهجرة، وتبين لي أن هناك العديد من أوجه الخير المُلِحَّةِ والأَوْلَى من بناء المساجد، فَكَّرتُ في توجيه ثمن الأرض في جهات خيرية أخرى، من بينها الإسهام في أوقاف مخصصة لأعمالٍ فكريةٍ إسلامية، وكفالة يتامى، وتمويل مشروعاتٍ اجتماعية في قريتنا، وغير ذلك مما كان بعيدًا عن إدراكي وأنا في الغربة.
والسؤال هو: هل يجوز لي شرعًا تغيير النية من بناء مسجد إلى أغراض خَيرٍ أخرى مختلفة في طبيعتها وغير قاصرة على مدينة العاشر من رمضان؟


السيد الأستاذ الدكتور وكيل أول وزارة الأوقاف، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، فردًّا على كتاب سيادتكم المتضمن الإفادة عن رأي الشرع في مدى مشروعية البناء فوق أسطح المساجد، وهل يتفق ذلك مع حكم الدين؟ ومدى شرعية مزاولة الأنشطة المختلفة في المنشآت المُقامةِ فوق أسطح المساجد؟


تم العثور على رسم هندسي لروضة الإمام محمد ماضي أبو العزائم، الصادر من محافظة القاهرة عام 1932م، محدد الأبعاد والموقع، يفيد أنَّ روضة الإمام أبو العزائم حدودها خارج المقصورة المقامة حاليًّا، وثم التأكد من ذلك بمعرفة المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية -مرصد حلوان- عن طريق الأجهزة العلمية الحديثة.
ومرفق تقرير ورسم هندسي صادر من مرصد حلوان وممهور بخاتم شعار الجمهورية يفيد ذلك، وبعرض الأمر على الشئون الهندسية بوزارة الأوقاف والسيد وكيل وزارة أوقاف القاهرة، تمَّ استصدار تصريح عمل لإنشاء درابزين حول الجزء المكشوف من روضة الإمام بمساحة 2متر في 2متر، وذلك بعد قيام أوقاف القاهرة والإدارة الهندسية بالتأكد من ذلك الأمر بالمعاينة على الطبيعة.
وحيث إنَّ بعض المُصَلِّين يعترضون على إنشاء درابزين لإحاطة الجزء المكشوف لروضة الإمام، بحجة أنَّ الصلاة فوق القبور والدوران حول الضريح جائز وعمل مبارك؛ لذلك نرجو التكرم بإصدار فتوى شرعية في هذا الأمر بناء على المستندات والرسومات وتصريح وزارة الأوقاف المرفق طيه. وتفضلوا بقبول فائق التحية والاحترام.


هل يجوز التبرع بريع أرض موقوفة بما يخالف شرط الواقف؟ حيث أوقف والدي أرضًا زراعية وقفًا خيريًّا للصرف منه على مسجد عائلته بحيث يزرعها زوجي ناظرُ الوقف ويُنفِق الريعَ لإمام المسجد وما يحتاجه المسجد من مصروفات وإصلاحات. وقد تم ضم المسجد للأوقاف، وأصبحت الوزارة مسؤولة عنه، والعائلة التي يوجد بها المسجد ثرية وقادرة على الإنفاق على المسجد، فهل يجوز لي أن أتبرع بريع هذه الأرض إلى أي مؤسسة خيرية أو أي دار أيتام؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 04 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :4
الشروق
6 :36
الظهر
11 : 45
العصر
2:36
المغرب
4 : 55
العشاء
6 :17