سائل يقول: ما الحكم في زوجة انفعلت في أثناء مشادة كلامية بينها وبين زوجها، وقالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟ وهل هناك أثر شرعي لهذا القول منها؟
تحريم الزوجة نفسها على زوجها بغير عذر شرعي تصرف محرمٌ شرعًا، يلزمها به التوبة، ولا أثر لتحريمها نفسها على عقد الزواج وما يوجبه عليها أو يرتبه لها، ولا يلزمها بذلك كفارة يمين.
المحتويات
التحريم في اللغة ضد التحليل، وهو المنع والتشديد. ينظر: "لسان العرب" للإمام ابن منظور (12/ 125، ط. دار صادر) و"مختار الصحاح" للإمام الرازي (ص: 71، ط. المكتبة العصرية) و"مقاييس اللغة" للإمام ابن فارس (2/ 45، ط. دار الفكر).
وأما المقصود من تحريم الزوجة نفسها على زوجها فالظاهر أنه منعه من أن يقربها وأن يستمتع بها.
وتحريم المرأة نفسها على الزوج بهذا المعنى تصرف مُحَرَّم؛ وقد قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: 87].
وقال تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ [النحل: 116].
فالحلال هو ما أحلّه الله تعالى، والحرام هو ما حرمه الله تعالى، وليس لأحد أن يُغَيّر أحكام الله.
قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (10/ 196، ط. دار الكتب المصرية): [إن التحليل والتحريم إنما هو لله عز وجل، وليس لأحد أن يقول أو يصرح بهذا في عين من الأعيان، إلا أن يكون الباري تعالى يخبر بذلك عنه] اهـ.
ومنع الزوجة زوجها من الاستمتاع بها بغير عذر امتناعٌ عن أداء ما أوجبه الشرع عليها بالعقد، وهو أمر محرم، والمقرر عند جماهير الفقهاء أن هذا التصرف من المرأة يعتبر نشوزًا تأثم به.
جاء في "التاج والإكليل لمختصر خليل" للعلامة المواق المالكي (5/ 551، ط. دار الكتب العلمية): [منع الوطء والاستمتاع نشوز] اهـ.
وعرَّف العلَّامة شهاب الدين عميرة الشافعي النشوز في "حاشيته" على "كنز الراغبين" (3/ 300، ط. دار الفكر) بأنه: [الارتفاع والامتناع عن الحق الواجب] اهـ.
وقال العلامة بهاء الدين المقدسي الحنبلي في "العدة شرح العمدة" (ص: 436، ط. دار الحديث): [(وإن خاف الرجل نشوز امرأته)؛ بأن تظهر منها أمارات النشوز؛ بأن لا تجيبه إلى الاستمتاع.. الخ] اهـ المراد.
الزوجة ليس لها الامتناع عن زوجها بغير عذر شرعي، وليس لها إيلاؤه، أو ظهاره، أو أن تُحرِّم عليه الاستمتاع بها؛ لعدم قدرتها على قلب الحلال حرامًا؛ فلا أثر لتحريمها نفسها على عقد الزواج وما يوجبه عليها أو يرتبه لها.
قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (3/ 114، ط. الأميرية): [من حرم على نفسه شيئًا مما يملكه؛ بأن يقول: مالي عليّ حرام، أو ثوبي، أو جاريتي فلانة، أو ركوب هذه الدابة، لم يصر محرمًا عليه لذاته؛ لأنه قلب المشروع وتغييره، ولا قدرة له على ذلك، بل الله تعالى هو المتصرف في ذلك بالتبديل] اهـ.
وقال في "الرسالة" للإمام ابن أبي زيد القيرواني وشرحها "الفواكه الدواني" للإمام النفراوي (1/ 418، ط. دار الفكر): [(ومن حَرَّم على نفسه شيئًا ممَّا أحل الله له)؛ من طعام أو من شراب أو لبس ثوب أو نحو ذلك (فلا شيء عليه) سوى الاستغفار؛ لإثمه بهذه الألفاظ، ولا يحرم عليه ما حرمه على نفسه؛ لأن المحرِّم والمحلِّل إنما هو الله تعالى، وقد ذم الله فاعل ذلك بقوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: 59]، وقال تعالى: ﴿لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: 87]] اهـ.
وقال العلَّامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير للشيخ الدردير" (2/ 135، ط. دار الفكر): [ما أباحه الله للعبد ولم يجعل له فيه تصرفًا فتحريمه لغو، بخلاف ما جعل له فيه التصرف] اهـ.
اختلف الفقهاء في انعقاد تحريم الحلال يمينًا مكفَّرة؛ فذهب الأحناف والحنابلة إلى انعقاده يمينًا مع لزوم الكفارة.
قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (3/ 114): [إن أقدم على ما حرمه يلزمه كفارة اليمين؛ لأنَّه ينعقد به يمينًا، فصار حرامًا لغيره، وقال الشافعي رحمه الله: لا كفارة عليه؛ لأنَّه قلب الموضوع على ما ذكرنا، فلا ينعقد به اليمين، إلا في النساء والجواري] اهـ.
وقال العلَّامة البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (3/ 445، ط. عالم الكتب): [من حَرّم حلالًا سوى زوجته؛ من طعام، أو أمة، أو لباس، أو غيره؛ كثوب وفراش (كقوله: ما أحل الله عليّ حرام. ولا زوجة) له (أو نحوه)، كقوله: كَسْبي عليّ حرام (أو طعامي عليّ كالميتة والدم) أو لحم الخنزير لم يحرم عليه، وعليه كفارة يمين] اهـ.
ذهب المالكيّة والشافعيَّة إلى عدم انعقاده يمينًا وعدم لزوم الكفارة، وهو المختار للفتوى.
قال الإمام الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (2/ 135): [(وتحريم الحلال)؛ كأن يقول: إن فعلت كذا فالحلال على حرام أو فالشيء الفلاني عليّ حرام، وفعله (في) كل شيء أحله الله (غير الزوجة والأمة لغوٌ) لا يُعتَبَر، ولا يحرم عليه] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (8/ 29، ط. المكتب الإسلامي): [هل يصير لفظ التحريم يمينًا بالنية في غير الزوجات والإماء؛ كالطعام واللباس وغيرهما، أم يختص بالأبضاع؟ وجهان. قلت: أصحهما يختص. والله أعلم] اهـ.
وقال الإمام العمراني الشافعي في "البيان" (10/ 103، ط. دار المنهاج): [إذا قال الرجل: كل ما أملك عليّ حرام، فإن كان له مال، ولا زوجات له ولا إماء لم ينعقد بهذا اللفظ يمين، ولا يجب عليه شيء] اهـ.
ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: 87]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: 59].
قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في "أحكام القرآن" (4/ 294، ط. دار الكتب العلمية): [فذَمّ الله المحرِّم للحلال، ولم يوجب عليه كفارة] اهـ.
وكذلك فإنَّ التحريم ليس بيمين، فلم تجب به كفارة في الأموال، كغيره من الألفاظ. ويخالف الأبضاع؛ فإنَّ للتحريم تأثيرًا في الأبضاع بالرضاع، والظهار، والعتق، والطلاق، فأثر به التحريم. ينظر: "البيان" للإمام العمراني (10/ 103).
بناء على ما سبق: فتحريم الزوجة نفسها على زوجها تصرف مُحرَّمٌ، يلزمها به التوبة، ولا أثر لتحريمها نفسها على عقد الزواج وما يوجبه عليها أو يرتبه لها، ولا يلزمها بذلك كفارة يمين.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يسأل عن الحدود الشرعية التي يجب مراعاتها بين المعقود بينهما عقد الزواج لكن لم يتم زفافهما بعد.
سائل يسأل عن كون وكيل المرأة في عقد النكاح هو أحد الشاهدين في نفس العقد؟ وهل هذا يجوز؟ حيث لم يكن حاضرًا في مجلس العقد سوى الزوج والزوجة ووكيل الزوجة وشاهد واحد فاعتبرنا الوكيل شاهدًا ثانيًا.
سائل يقول: رجل خطب بنت عمه لأبيه، واتفقا على المهر على يد شهود، وقرآ الفاتحة، وتم تقديم الشبكة وإعادة قراءة الفاتحة مرة أخرى، ومنذ حوالي شهر فُوجِئ بوالد الزوجة يريد إرجاع قيمة الشبكة نقدًا، ورفض السائل التسلّم بحجة أنَّ الفاتحة بمثابة عقد قران.
1- هل قراءة الفاتحتين وموافقة والد العروس على الخطبة والاتفاق على المهر وتقديم الشبكة يُعْتَبَر بمثابة عقد، أو لا؟
2- هل يجوز زواجها للغير بدون موافقة الخاطب؟
سأل في صديق له تزوج وأنجب أولادًا، ثم أصيب بارتخاء أحرجه أمام زوجته، وهداه تفكيره السقيم إلى إيقاظ دوافعه الجنسية بالاحتكاك بدبر زوجته، ولكنه وقع من حيث لا يشعر في المحظور؛ إذ إنه كان أحيانًا قليلة يأتي امرأته في دبرها.
وطلب السائل الإفادة عما إذا كان إتيان صديقه زوجته في دبرها يحرمها عليه أو لا، علمًا أنه ندم على ما فعل، واستغفر وعزم مصمِّمًا على عدم العودة إلى ذلك مستقبلًا.
ما حكم زواج الرجل بابنة زوجته من رجل آخر بعد وفاتها؟ حيث تزوجت امرأةٌ برجلٍ ورُزقت منه بثلاثة أولاد ذكر وبنتين، ثم تُوفّي هذا الزوج فتزوجت بزوج آخر ورُزقت منه ببنتين وولد، ثم توفيت عن جميع المذكورين؛ فهل يجوز للزوج الثاني أن يتزوج بإحدى بنتي زوجته من زوجها المُتوفّى أولًا؟
ما حكم الزواج بقصد الإنجاب في المختبر من دون جماع والطلاق بعده؟ فأنا امرأة تجاوزتُ الأربعين من عمري، وكنت قد مررتُ بتجربة زواج سابقة، ولم يتيسَّر لي أمر الإنجاب، وذلك لوجود مشكلة صحية تتعلق بأني لا أُطيق العلاقة الزوجية؛ حيث عانيتُ في بداية حياتي الزوجية من وجود بكتريا حادَّة تمنع من الاتصال الجنسي، وحينما ذهبنا إلى الأطباء أخبروني بوجود فيروس يسمى "فيروس الهربس البسيط"، وأن العَدوَى به تستمر مدى الحياة، وعادة ما تكثر عند حصول العلاقة، وكنت أُعالَج أنا وزوجي في وقت واحد، واستمررنا على ذلك 3 سنوات، وإن تحسن الوضع قليلًا سرعان ما يرجع مرة أُخرى، فلم يتحمل طليقي الأمر، واتفقنا على الانفصال، وأنا الآن تعرفت على رجلٍ ذي خلق، واتفقنا على الزواج على أن لا يحدث بيننا معاشرة، ولكن نجري عملية الحقن المجهري بقصد الإنجاب الذي حرمتُ منه طول العمر، وهو قد رضي بذلك، إلَّا أنه أخبرني بيني وبينه بأنه بعدما يتم الإنجاب سوف ننفصل، وتراضينا على ذلك وتزوجنا.
فما حكم هذا الزواج شرعًا؟ وهل يدخل ضمن تأقيت النكاح المنهيِّ عنه؟
مع العلم أننا لم نكتب ما اتفقنا عليه وتراضينا في عقد الزواج، ومعي التقارير الطبية التي تفيد حالتي المرضية. أفيدونا أفادكم الله.