ما فضل الدعاء بعد الانتهاء من الطاعات؟ لأني سمعت أنَّ الدعاء بعد فعل أيّ طاعة من الطاعات مُستجَاب؛ فما صحة هذا الأمر؟
يستحب الدعاء بعد الانتهاء من العبادات ومن فضل الله على عباده أنْ جعل لهم هيئاتٍ وأحوالًا وأمكنةً وأزمنةً يكون فيها الدعاء أقرب للقبول وأرجَى للإجابة؛ ومن هذه المواطن: خواتيم العبادات والطاعات، ويستحب دعاء المسلم لنفسه ولغيره؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو للحاج عند تمام حجه، ولصائم رمضان عند فطره وغير ذلك.
المحتويات
بيَّن الشرع أنَّ هناك هيئاتٍ وأحوالًا وأمكنة وأزمنة يكون فيها الدعاء أقرب للقبول وأرجَى للإجابة، وأنها من نفحات الله تعالى على عباده؛ ومن مواطن استجابة الدعوات: خواتيم العبادات والطاعات.
لقد دلت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة وأفعال السلف على استحباب دعاء المسلم لنفسه ولمَن معه عقب الفراغ من العبادة رجاء القبول:
فمن ذلك: دعاء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام عقب فراغه من بناء الكعبة في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: 127].
ودعاء امرأة عمران عليها السلام عقب نذرها ما في بطنها لله تعالى في قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [آل عمران: 50].
وقد جاء في خصوص الدعاء بالقبول للنفس والغير عقب الانتهاء من الصلاة: حديثُ ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ عِنْدَ الِانْصِرَافِ مِن الْجُمُعَةِ فَلْيَقُلْ: تَقَبَّلُ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ؛ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ أَدَّيْتُمُوهَا إِلَى رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ» رواه الحافظ أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" والديلمي في "مسند الفردوس".
وهذا الحديث من طريق نهشل بن سعيد، ونسخته عن الضحاك بن مزاحم وإن ضعّفها بعضُ الحفّاظ إلّا أنها "لا تنتهي إلى الوصف بالوضع"؛ كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "نكته على ابن الصلاح" (1/ 500، ط. الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة)، وقد استشهد الحافظ السخاوي بهذا الحديث في "المقاصد الحسنة" (1/ 271، ط. دار الكتاب العربي) على مشروعية التهنئة بالشهور والأعياد.
استحبت الشريعة للمسلمين أن يدعو بعضهم لبعض في خواتيم العبادات؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو للحاج عند تمام حجه، ولصائم رمضان عند فطره، وللتائب من الذنب عند توبته.
فمن ذلك الدعاء بالقبول بعد صلاة العيدين؛ فعن خالد بن معدان قال: لقيت واثلة بن الأسقع رضي الله عنه في يوم عيد، فقلت: تقبل الله منا ومنك، فقال: نعم، تقبل الله منا ومنك، قال واثلة رضي الله عنه: لقيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عيد فقلت: تقبل الله منا ومنك، قال: «نَعَمْ، تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" و"الدعاء"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
وعن جُبَير بن نُفَير قال: كان أصحاب النبي صلى اللهُ عليه وآله وسلَّم رضي الله عنهم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: "تقبَّل الله منا ومنك" أخرجه المحاملي في "المحامليات"، وإسناده حسن؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 446، ط. دار المعرفة)، وحسّنه أيضًا السيوطي والقسطلاني.
وبعد الانتهاء من أعمال الحج: فقد ورد أن الملائكة عليهم السلام هنأوا سيدنا آدم عليه السلام على حجه بيتَ الله الحرام؛ فقالوا له: "بَرَّ نُسُكُكَ يَا آدَمُ"، أو "بَرَّ حجُّكَ يا آدم" أخرجه قِوَامُ السُّنّة في "الترغيب والترهيب"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جاء غلامٌ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني أريد هذه الناحية الحج، فمشى معه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: «يَا غُلَامُ، زَوَّدَكَ اللهُ التَّقْوَى، وَوَجَّهَكَ الْخَيْرَ، وَكَفَاكَ الْهَمَّ»، فلما رجع الغلام سلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرفع رأسه إليه وقال: «يَا غُلَامُ، قَبِلَ اللهُ حَجَّكَ، وَكَفَّرَ ذَنْبَكَ، وَأَخْلَفَ نَفَقَتَكَ» أخرجه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وابن السني في "عمل اليوم الليلة".
وروي أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول لِلْحَاجِّ إِذَا قَدِمَ: "تَقَبَّلَ اللهُ نُسُكَكَ، وَأَعْظَمَ أَجْرَكَ، وَأَخْلَفَ نَفَقَتَكَ" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".
وقال اللَّيْث بن سعد: "كَانَ ابْن سِيرِين لَا يزِيد أَن يَقُول للرجل إِذا قدم من حج أَو غَزْوَة أَو فِي عيد: "قَبِلَ اللهُ منا ومنكم، وَغفر لنا وَلكم" أخرجه ابن الأبار في "التكملة لكتاب الصلة" (2/ 171، ط. دار الفكر).
وبعد ختم القرآن الكريم؛ فعن خيثمة قال: مرَّ عمران بن حصين رضي الله عنه برجل يقصُّ، فقال عمران: إنَّا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَسَلُوا اللهَ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجِيءَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند".
وعن شعبة بن الحجاج، عن الحكم قال: "بعث إليَّ مجاهد قال: إنما دعوناك أنَّا أردنا أن نختم القرآن وإنه بلغنا أنَّ الدعاء يستجاب عند ختم القرآن"، قال: "فدعوا بدعوات" أخرجه الدارمي في "السنن"، والبيهقي في "شعب الإيمان". وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صلاة المريض العاجز عن استقبال القبلة؟
ما حكم صلاة رجل لا يخرج الزكاة المفروضة عليه، علمًا بأنه لديه أموال بلغت النصاب وحال عليها الحول. فهل هناك علاقة بين إقامة الصلاة وأداء الزكاة؟
ما حكم المداومة على صلاة الضحى؟ فأنا أحافظ على أداء صلاة الضحى كلَّ يوم، وأخبرني صديقٌ بأنه قرأ في أحد الكتب أن المداومة على صلاة الضحى مكروهة، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُداوِم عليها.
ما حكم عمل سجادة للصلاة تقوم بِعَدِّ ركعات الصلاة أثناء الصلاة؛ وذلك لكبار السن وغيرهم ممَّن يكثر سهوُه ونسيانُه؟
ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟
ما حكم صلاة العيد في البيت؟ ففي ظل ما يعانيه معظم بلاد العالم من فيروس (كوفيد-19) والإجراءات الاحترازية التي قامت بها الدولة، ومنها غلق دور العبادة حفاظًا على حياة الناس؛ فهل تصح صلاة العيد في البيت سواء بعذرٍ أو بغير عذرٍ، وهل تشترط الخُطْبَة بعدها، وما هي كيفية أداء صلاة العيد في البيت؟