ما هي الأدلة على استحباب إطلاق السيادة عند ذكر الاسم الشريف للنبي عليه السلام؟ لأني قرأتُ أنَّ ذكر السيادة عند ذكر اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستحبٌّ؛ فما هي الأدلة على ذلك؟
المحتويات
عَلَّمَنا الله تعالى الأدب مع سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين خاطب جميع النبيين بأسمائهم، أما هو فلم يخاطبه باسمه مجردًا بل قال له: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ﴾ [المائدة: 41] ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ [الأنفال: 64]، وأمرنا بالأدب معه وتوقيره فقال: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفتح: 8-9]، ومِن توقيره تَسوِيدُه؛ كما قال السديُّ فيما ذكره القرطبي في "تفسيره"، وقال قتادةُ: "أمر الله بتسويده وتفخيمه وتشريفه وتعظيمه" أخرجه عَبْدُ بنُ حُمَيدٍ، وابن جرير الطبري في "التفسير"، ونهانا أن نخاطبه صلى الله عليه وآله وسلم كما يخاطب بعضُنا بعضًا فقال سبحانه: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور: 63]، قال قتادة: "أَمَرَ الله عَزَّ وَجَلّ أنْ يُهَابَ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَنْ يُبَجَّلَ وَأَنْ يُعَظَّمَ وَأَنْ يُسَوَّدَ" أخرجه ابن أبي حاتم وغيره في "التفسير".
وقد أجمعت الأمة على ثبوت السيادة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى عَلَمِيَّته في السيادة، قال الشرقاوي: "فلفظ سيدنا عَلَمٌ عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وأما ما شذ به البعض للتمسك بظاهر بعض الأحاديث متوهمين تعارضها مع هذا الحكم فلا يُعتَد به".
قد أجاب الجمهور عن ما احتج به مَنْ رجح ترك السيادة بأجوبة منها:
1- أن كثيرًا من العبادات الشرعية تؤخَذ أحكامها من الأدلة الشرعية المتعددة، منها ما يدل عليها بخصوصه، ومنها ما يدل بعمومه، ومنها ما يدل بمنطوقه، ومنها ما يدل بمفهومه، ولا توجد أحكامها مجموعةً في دليل واحد، فألفاظ التشهد والأذان جاءت في موضع، والأمر بتعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتسويده اعتقادًا ونطقًا إذا خوطب أو ذُكِرَ جاء في موضع آخر، وليس في كلا الأمرين ما ينافي الآخر؛ فاستحباب التسويد خرج مخرج التعميم، ولم يَرِدْ في الشرع ما يُخرِج الأذانَ والإقامةَ والصلاةَ من ذلك، ولا يُلجَأ إلى الترجيح إلا عند تعذُّر الجمع، بل يُحمَل المطلَق على المقيَّد، والجمع بين الدليلين مقدَّم على العمل بأحدهما، فتعيَّن العمل بالأمرين معًا.
2- أنَّ غاية ما في الأمر أنّ ترك ذِكرِها في ألفاظ الأذان والإقامة والتشهد في السنة النبوية الشريفة قولًا وتقريرًا يدل على عدم وجوبها لا على عدم مشروعيتها؛ فلا يصحّ الاحتجاج بمجرد الترك على التحريم أو الكراهة أو البدعية، لا سيما فيما له أصل صحيح متقررٌ في الشرع لا مخصِّصَ له؛ كتعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، سواء كان ذلك الترك من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو من صحابته الكرام؛ يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه: [كل ما له مستند من الشرع فليس ببدعة ولو لم يعمل به السلف؛ لأن تركهم للعمل به قد يكون لعذر قام لهم في الوقت، أو لِمَا هو أفضل منه، أو لعله لم يبلغ جميعَهم عِلْمٌ به] اهـ. نقلًا عن "حسن التفهم والدرك لمسألة الترك" للحافظ عبد الله بن الصِّدِّيق الغماري (ص: 23، ط. مكتبة القاهرة).
3- أنَّ ذكر السيادة عند اسم الشخص المشرَّف والموقَّر من تمامه وكماله عادةً وعرفًا، سواءٌ في ذلك مخاطبتُه في حضورِه وذكرُه في غيبته، كما أن ترك ألقاب التوقير مما يُلام عليه بحيث قد يتّهم فاعل ذلك بمخالفة الأدب، وخاصة في هذه العصور المتأخرة التي صار ذكر السيادة في عرف أهلها من لوازم التقدير والاحترام، وقد جاء الشرع الشريف باعتبار العرف فيما لا يخالف الشرع؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199].
4- أن دعوى عدم الورود ليست صحيحة؛ فقد وردت السيادة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصحابيين الجليلين عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأرضاهما؛ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: "إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَأحْسِنُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ"، فَقَالُوا لَهُ: فَعَلِّمْنَا، قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَاتَكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَإِمَامِ المُتَّقِينَ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، إِمَامِ الخَيْرِ وَقَائِدِ الخَيْرِ وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ، اللَّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا يَغْبِطُهُ بِهِ الأوَّلُونَ وَالآخِرُونَ.." رواه ابن ماجه في "السنن"، وابن جرير في "تهذيب السنن والآثار"، وأبو يعلى في "مسنده"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والدارقطني في "العِلَل"، وأبو نُعَيم في "الحِلْيَة"، والبيهقي في "الدعوات والشُّعَب"، كلهم من طريق المسعودي، عن عون بن عبد الله، عن أبي فاختة مولى جعدة بن هبيرة المخزومي، عن الأسود بن يزيد، عن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفًا، وحسّنه الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب"، والحافظ الهيثمي في "إتحاف الخِيَرَة"، وصححه الحافظ مُغْلَطَاي؛ قال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "الدر المنضود" (ص: 134، ط. دار المنهاج): [وهو شامل للصلاة وخارجها] اهـ.
5- والجواب عمن قصر الأفضلية على التشهد دون الأذان: أن الدليل الشرعي الخارجي الذي دل على استحباب ذكر السيادة في التشهد مع عدم ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها فيه دالٌّ أيضًا على استحباب ذكرها في الأذان والإقامة من غير فرق، كما أن المقصود الأعظم من الأذان الإعلامُ بدخول وقت الصلاة، وهذا المقصود لا ينافيه التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه بذكر سيادته الدالَّة على تعظيمه وشرف قدره صلى الله عليه وآله وسلم.
قد نص على خصوص استحباب ذكر السيادة في الأذان والإقامة المتأخرون من الشافعية؛ كالشيخ الشبرامَلِّسي والجمل والشرواني في حواشيهم الفقهية، وكذلك أفتى به شيخ المالكية في عصره الإمام أبو محمد عبد القادر الفاسي، وكان عليه العمل ببعض مدن الإسلام كالقدس ودِمياط وغيرهما، كما ذكره الحافظ أحمد بن الصديق الغماري في "تشنيف الآذان" (ص: 71، ط. دار جوامع الكلم).
وقد ألَّف العلّامةُ شهاب الدين أحمد بن يونس الحِميَرِي القُسَنْطيني الجزائري المغربي المالكي رسالةً في ترجيح ذِكر السيادة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة وغيرها، كما ذكر الحافظ السخاوي في ترجمته مِن "الضوء اللامع".
وجاء العلامة الحافظ أبو الفيض أحمد بن الصِّدِّيق الغُمّاري الحَسَنِي رحمه الله فألف في هذه المسألة كتابًا حافلًا ماتعًا سماه "تشنيف الآذان بأدلة استحباب السيادة عند ذكر اسمه صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة والإقامة والأذان" جَمَع فيه كلَّ ما يتعلق باستحباب ذِكر الاسم الشريف مقترنًا بالسيادة، مقرِّرًا أنه لا تَنافيَ بين الأدب والاتباع؛ لأن في السيادة اتباعًا للأمر بتوقيره صلى الله عليه وآله وسلم والنهي عن مخاطبته كما يخاطِب الناسُ بعضُهم بعضًا، وليس في الشرع نهي عن تعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأذان أو الصلاة، بل من خصائصه صلى الله عليه وآله وسلم أنه هو وحده الذي يمكن أن يخاطبه المصلي دون أن يخرج من صلاته كما سبق.
ممَّا سبق ومِن النظر في كتب المذاهب الفقهية المعتمَدة يُعلَم أنه ذهب إلى استحباب تقديم لفظ سيدنا قبل اسمه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم جمهور فقهاء المذاهب الفقهية وغيرهم، وهذا هو ما عليه الفتوى؛ فالأدب مقدم دائمًا معه صلى الله عليه وآله وسلم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تحويل دار لتحفيظ القرآن الكريم إلى محلات تجارية؟ فقد تم جمع تبرعات لإقامة دار لتحفيظ القرآن الكريم، وبعد إقامتها قام المسؤول عنها بتحويلها إلى محلّات تجارية؛ لأغراض استثمارية. فما حكم الشرع الشريف في ذلك؟
الطلب المقدم من مكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر الوارد إليه من دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية ببيروت والذي تضمن قيام بعض المغنين في إحدى الدول العربية بغناء أنشودة "أنا يوسف يا أبي"، وفيها عبارة: "هل جنيت على أحد عندما قلت: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾"، وهو في هذه الأغنية يكرر الآية المذكورة بمصاحبة الآلة الموسيقية المسماة العود، وأرفق بالطلب صورة لهذه القصيدة بعنوان "أنا يوسف يا أبي"، وتنتهي بنص الآية الكريمة: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾. ويطلب بيان الحكم الشرعي في غناء مقطع من شعر أو نثر مرسل متضمن اقتباسًا لآية أو أكثر من القرآن الكريم مع مصاحبة العود أو أي آلة موسيقية أخرى، وما حكم من يغني ذلك؟
ما حكم تخصيص كل يوم من أيام رمضان بدعاء معين؟ فأنا أشترك مع زملائي في العمل داخل مجموعة على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، وأحيانًا ينشر أحدنا حكمة أو حديثًا أو دعاء ونحو ذلك، وقبل دخول شهر رمضان بأيام نشر أحد المشاركين في المجموعة مقالة طويلة بعنوان: "ثلاثون دعاء لأيام رمضان"، وعندما قرأناها وجدنا دعاء اليوم الأول، ثم دعاء اليوم الثاني.. وهكذا حتى اليوم الثلاثين، فأنكر عليه أحد الزملاء ذلك الأمر بحجة أن تخصيص كل يوم بدعاء معين يُعَدُّ بدعة لم ترد في السُّنَّة، فما حكم الشرع في ذلك؟
المطلوب معرفة الحكم الشرعي في آخر آية نزلت من القرآن الكريم.
ما حكم شراء السلع التي يعتقد المشتري أنها مسروقة؟ فقد ذهبَ رجلٌ لشراء بعض الأغراض من إحدى الأسواق الشعبية، وقد سَمِعَ من أحد الأشخاص أنَّ بعضَ السلع المعروضة في هذه الأسواق قد تكون مسروقة، فهل يجوز له الشراء من تلك السُّوق والحال هذه؟