ما حكم وضع الصائم دهان كريم على السُّرَّة؟
لا حَرَجَ في وضعِ الصَّائم دهان كريم على السرة، ولا يبطل الصَّوم بوضعه في نهار رمضان في أيِّ مكانٍ مِن ظاهر الجسم؛ لأنَّ ذلك ليس مِن جنس المفطرات.
المحتويات
اتفق أهلُ العلم على أنَّ الطعام والشَّراب مِن المفطِّرات حيث وصل شيء من ذلك إلى الجوف مِن منفذه الطبيعي؛ لقوله تعالى: ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187].
قال الإمام ابن حزم الأندلسي في "مراتب الإجماع" (ص: 39، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقُوا على أَن الأكل لما يغذِّي من الطَّعام ممَّا يسْتَأْنف إدخاله في الفَم، والشرب، والوَطء حرام من حِين طُلُوع الشَّمْس إلى غرُوبها] اهـ.
واختلفوا فيما وَصَلَ للجوف مِن غير ذلك؛ قال ابنُ رشد الحفيد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 52، ط. دار الحديث): [اختلفوا من ذلك في مسائل: منها مسكوتٌ عنها، ومنها منطوقٌ بها. أما المسكوت عنها: إحداها: فيما يَرِدُ الجوف مما ليس بمغذٍّ، وفيما يَرِدُ الجوف من غير منفذِ الطعام والشراب مثل الحقنة، وفيما يَرِدُ باطن سائر الأعضاء ولا يَرِدُ الجوف، مثل أن يَرِدُ الدماغ ولا يَرِدُ المعدة.
وسببُ اختلافِهم في هذه هو: قياس المغذِّي على غير المغذِّي، وذلك أن المنطوق به إنما هو المغذِّي، فمَن رأى أن المقصود بالصوم معنًى معقولٌ لم يُلْحِق المغذِّي بغير المغذِّي، ومَن رأى أنها عبادة غير معقولة، وأن المقصود منها إنما هو الإمساك فقط عما يَرِدُ الجوف سَوَّى بين المغذِّي وغير المغذِّي] اهـ.
أما وضعُ الصَّائم دهان كريم على السُّرَّة -وهو المسؤولُ عنه- فلا بأس بذلك، ولا يبطل الصَّوم بوضعه في نهار رمضان في أيِّ مكانٍ مِن ظاهر الجسم؛ لأنَّ ذلك ليس مِن جنس المفطرات.
وقد نصَّ فقهاءُ المذاهب الأربعة على ذلك بصدد كلامهم عن الاكتحال للصائم؛ لأنَّ وصول الدهن والكحل ونحوهما إلى الجوف -إن حصل- ليس مِن منفذ بل مِن المسام؛ وقياسًا على وجدانِ الرطوبة في الجوف بالاغتسال في الماء بجامع عدم الفطر في كلٍّ.
قال الشَّيخ محمد الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (2/ 395 -مع "حاشية ابن عابدين"-، ط. دار الفكر): [(أو ادَّهَنَ أو اكتَحَلَ أو احتَجَمَ) وإن وجد طعمه في حلقه] اهـ.
قال العلامة ابنُ عابدين مُحشِّيًا عليه: [(قوله: وإن وجَد طعمه في حلْقِهِ) أي: طعم الكحل أو الدهن كما في "السراج"، وكذا لو بزق فوجد لونه في الأصح "بحر". قال في "النهر": لأنَّ الموجود في حلقه أثر داخل من المسام الذي هو خلل البدن، والمفطر إنما هو الداخل من المنافذ؛ للاتفاق على أن من اغتسل في ماء فوجد برده في باطنه أنه لا يفطر] اهـ.
وقال سيدي أحمد الدردير المالكي في "الشرح الصغير" (1/ 698-699 -مع "حاشية الصاوي"-، ط. دار المعارف): [(وإنْ) كان وصول المائع للحلق (مِن غير فمٍ؛ كعين) وأنف وأذن، فمن اكتحل نهارًا أو استنشق بشيء فوصل أثره للحلق أفسد وعليه القضاء، فإن لم يصل شيء من ذلك للحلق فلا شيء عليه؛ كما لو اكتحل ليلًا أو وضع شيئًا في أذنه أو أنفه، أو دهن رأسه ليلًا، فهبط شيء من ذلك لحلقه نهارًا، فلا شيء عليه] اهـ.
قال العلامة الصاوي مُحشِّيًا عليه: [قوله: (كعين وأنف وأذن)، أي: ومسام رأس، كما يؤخذ من عبارته] اهـ.
وقال الشَّيخ زكريا الأنصاري الشافعي في "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" (2/ 73، ط. مطبعة الحلبي): [(فلا يضُرّ وصولُ دهْنٍ، أو كُحل بتشرُّب مسَام) جوفه، كما لا يضر اغتساله بالماء وإن وُجِد له أثرًا بباطنه؛ بجامع أن الواصل إليه ليس من منفذ، وإنما هو من المسام] اهـ.
قال العلامة البجيرمي مُحشِّيًا عليه: [(قوله: أو كحل) وإن وجد لونه في نحو نخامة وطعمه بحلقه؛ إذ لا منفذ من عينه لحلقه، فهو واصل من المسام. "شرح المحلي". ومنه يعلم أن قول المتن: (بتشرُّب مسام) متعلق بكلٍّ من الدهن والكحل] اهـ.
وقال الشَّيخ منصور البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 481، ط. عالم الكتب): [(أو اكتَحَلَ بما)؛ أي: شيء (علم وصوله إلى حلقه) لرطوبته أو برودته؛ (مِن كحل، أو صبر، أو قطور، أو ذرورة، أو إثمد كثير أو يسير مطيِّب) فسد صومه؛ لأن العين منفذ، وإن لم يكن معتادًا بخلاف المسام؛ كدهن رأسه] اهـ.
بناء على ذلك فنقول: لا حَرَجَ في وضعِ الصَّائم دهان كريم على السرة، ولا يفسُد صومه بذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما رأي الدين فيمَنْ يقومُ من الأطباء بتحنيط بعض أنواع الأجِنَّة من الحالات الشاذة والنادرة ناقصة النمو، ثم يقومُ بعرضها في عيادته للعظة والاعتبار؟
هل التخدير الطبي لإجراء العمليات في نهار رمضان يبطل الصيام؟ فقد قمت بإجراء عملية جراحية في نهار رمضان، وقد أخذت المخدر اللازم لإجراء هذه العملية حتى غبت عن الوعي تمامًا، وقد أفقتُ من هذا المخدر قبل أذان المغرب، ولم أتناول أكلًا ولا شُربًا، وكنت قد نويتُ الصيام من الليل، فما حكم صوم هذا اليوم؟ هل تؤثر هذه الفترة التي غبتُ فيها عن الوعي على صحة الصوم؟ أفيدوني أفادكم الله.
ما حكم عقد نية الصوم أثناء الصلاة؟ حيث قمتُ للصلاة قبيل الفجر في أَوَّل ليلةٍ من رمضان، وتذكرتُ أنني لم أنوِ الصوم، والوقت ضاق بحيث إنَّه لو انصرفت من الصلاة لكي أنوي الصوم خرج الوقتُ بطلوع الفجر، فهل يصح مني عقد نية الصوم في هذه الحالة وأنا في أثناء الصلاة؟ علمًا بأني قد نويت صوم الشهر كله بعد إعلان رؤية الهلال وثبوت دخول الشهر.
ما حكم استخدام عدسة في تصحيح عيوب الإبصار يدخل في تكوينها مادة جيلاتينية مكونة من عين الخنزير بنسبة ضئيلة جدًّا ويتم زراعتها داخل العين؟ علمًا بأنه لا يوجد بديل غير هذا.
ما حكم قيام الطبيب الذي يقوم بالإشراف على علاج المرضى ورعايتهم بترك صلاة الجمعة والجماعة من أجل هذا الأمر؟