حكم استنشاق الصائم في عمله غبار الملح رغمًا عنه

تاريخ الفتوى: 19 نوفمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8137
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
حكم استنشاق الصائم في عمله غبار الملح رغمًا عنه

ما حكم استنشاق الصائم في عمله غبار الملح رغمًا عنه؟ حيث يوجد شخص يعمل في معمل لتصنيع الملح ويستنشق غبار الملح وهو صائم رغمًا عنه، فما الحكم في ذلك؟ وهل يفسُد صيامه؟

استنشاق الصائم غبار الملح الناتج عن ممارسته صنعَتَهُ لا يؤثر في صحة صومه، وصيامه صحيح مجزئ ما لم يأتِ بمفطر آخر؛ لأنَّ الهواء المستنشَق والممتزج به الغبار إنما هو هواء ضروري للنفس، والغبار داخل دخولًا أوليًّا في المعفوَّات التي نصَّ عليها الفقهاء؛ مِن مِثل استنشاق الصائم لـ"غبار الطريق"، و"غربلة الدقيق"، و"دخان الحريق"، و"حبوب اللقاح"، و"ما تحمله الرياح"، ونحو ذلك مما لا يُستَطاعُ الامتناع منه ولا يمكن التحرز عنه مما يمتزج بالهواء ولا يتميز عنه.

المحتويات

 

حكم استنشاق الصائم في عمله غبار الملح رغمًا عنه

اتفق الفقهاء على أن العبرة في فساد الصوم بالداخل إلى جسم الصائم -إنما هي بتحقق وصول المفطِّر إلى الجوف أو غلبة ظن وصوله، بحيث إذا تُيُقِّن عدم الوصول: فلا يفسد الصوم.

و"غبار الملح"، وهو محل السؤال مما لا يفطر به الصائم، وكذا كل ما لا يُستَطاعُ الامتناع منه ولا يمكن التحرز عنه، حتى ولو امتزج غبار الملح بالهواء نتيجةَ ممارسة الصائم صنعَتَهُ؛ كالخباز والبنَّاء وذلك لضرورة التنفس، وللإذن في العمل والكسب بشتى الوسائل المباحة، بل والحث على ذلك، وقد تقرر في قواعد الفقه أنَّ "الْإِذْنَ فِي الشَّيْءِ إِذْنٌ فِي مُكَمِّلَاتِ مَقْصُودِهِ"؛ كما في "إحكام الأحكام" للإمام ابن دقيق العيد (2/ 289، ط. مكتبة السنة المحمدية).

وهذا التقرير مبناه ما اتفق عليه الفقهاء من أن استنشاق الغبار مما لا يفطر به الصائم؛ لأنَّ الهواء المستنشَق والمشتمل على الغبار ضروري لإتمام عملية التنفس الطبيعية؛ فاتحد الغبار بالهواء حتى صار من جنسه، فلا يمكن تمييزه عنه إلا بمحاولات فيزيائية عسيرة فصار كجزئه، وقد نَصَّ الفقهاءُ على عدم فسادِ الصومِ بتنفُّس مثل هذا الهواء الذي اختلط بالغبار؛ كـ"غبار الطريق"، و"غربلة الدقيق"، و"دخان الحريق"، و"حبوب اللقاح"، و"ما تحمله الرياح".

نصوص الفقهاء الواردة في ذلك

قد تواردت نصوص فقهاء المذاهب المتبوعة على ذلك.

قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (3/ 98، ط. دار المعرفة): [وإذا دخل الغبار أو الدخان حلق الصائم: لم يضره؛ لأن هذا لا يستطاع الامتناع منه، فالتنفس لا بد منه للصائم، والتكليف بحسب الوسع] اهـ.

وقال الإمام برهان الدين ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 384-385، ط. دار الكتب العلمية): [والغبار والدخان وطعم الأدوية وريح العطر؛ إذا وجد في حلقه: لم يفطِّره؛ لأن التحرز عنه غير ممكن... وفي "البقالي": إذا أمسك في فمه شيئًا لا يؤكل فوصل إلى جوفه لا يفسد صومه] اهـ.

وقال الإمام علاء الدين الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (ص: 145، ط. دار الكتب العلمية) عند ذكره ما لا يبطل الصوم: [(أو دخل حلقه غبار أو ذباب أو دخان) ولو ذاكرًا استحسانًا؛ لعدم إمكان التحرز عنه] اهـ.

وقال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 258، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية العدوي"): [(ص) أو دقيق، أو كَيْل، أو جِبْسٍ لصَانِعهِ (ش) أيْ: وكذلكَ لا قضاءَ في غُبَارِ دَقِيقٍ، أو جِبْسٍ، أو دِبَاغٍ، أو كَتَّانٍ لِصَانِعٍ] اهـ.

قال الشيخ العدوي مُحَشِّيًا عليه: [(قَوْلُهُ: أو دِبَاغٍ، أو كَتَّانٍ) ظَاهرُ العبارةِ: أو غُبَارِ دِبَاغٍ أو كَتَّانٍ؛ وهو ظاهرٌ. وفي عبارةٍ: وجعلَ بعضُهُم طَعْمَ الدِّباغِ كغبارِ الدَّقيقِ] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 327-328، ط. دار الفكر): [اتفق أصحابنا على أنه لو طارت ذبابة، فدخلت جوفه، أو وصل إليه غبار الطريق، أو غربلة الدقيق بغير تعمد، لم يفطر. قال أصحابنا: ولا يُكَلَّفُ إطباقَ فَمِهِ عند الغبار والغربلة؛ لأنَّ فيه حرجًا، فلو فتح فَمَهُ عمدًا حتى دخله الغبار ووصل جوفه: فوجهان؛ حكاهما البغوي والمتولي وغيرهما، قال البغوي: أصحهما: لا يفطر؛ لأنه معفوٌّ عن جنسه] اهـ.

وقال شمس الدين الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج" (3/ 168، ط. دار الفكر): [(فلو وصلَ جَوفَهُ ذبابٌ أو بعوضةٌ أو غبارُ الطريقِ وغربلةُ الدقيقِ لمْ يُفْطِر) وإنْ أمكنه اجتناب ذلك بإطباقِ الفمِ أو غيره؛ لما فيه من المشقةِ الشديدةِ، بل لو فتحَ فاهُ عمدًا حتى دخل جوفه لم يُفْطِر أيضًا؛ لأنَّه معفوٌّ عن جِنْسِهِ] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 441، ط. دار الكتب العلمية): [وما لا يمكن التحرز منه؛ كابتلاع ريقه، وغربلة الدقيق، وغبار الطريق، والذبابة تدخل في حلقه: لا يفطره؛ لأن التحرز منه لا يدخل تحت الوسع، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها] اهـ.

وقال الشيخ البُهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 482، ط. عالم الكتب) عند ذكره ما لا يفسد الصوم: [(ولا إن طار إلى حلقه ذباب أو غبار) طريق أو نخل نحو دقيق أو دخان بلا قصد؛ لعدم إمكان الحرز منه] اهـ.

الخلاصة

بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن استنشاق غبار الملح الناتج عن ممارسة الصائمِ صنعَتَهُ لا يؤثر في صحة صومه، وصيامه صحيح مجزئ ما لم يأتِ بمفطر آخر؛ لأنَّ الهواء المستنشَق والممتزج به الغبار إنما هو هواء ضروري للنفس، والغبار داخل دخولًا أوليًّا في المعفوَّات التي نصَّ عليها الفقهاء؛ مِن مِثل استنشاق الصائم لـ"غبار الطريق"، و"غربلة الدقيق"، و"دخان الحريق"، و"حبوب اللقاح"، و"ما تحمله الرياح"، ونحو ذلك مما لا يُستَطاعُ الامتناع منه ولا يمكن التحرز عنه مما يمتزج بالهواء ولا يتميز عنه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

كيف يتصرف الخيَّاط في الملابس التي يقوم بتفصيلها ويتأخر أصحابها في تسلمها عن موعدها المحدد؟ فهناك رجلٌ يعمل خياطًا، ويقوم الزبائن بإحضار أقمشةٍ إليه لتفصيلها وملابس لإصلاحها، ويواجه مشكلة أحيانًا؛ حيث يترك بعضُهم تلك الملابس مدةً طويلةً، قد تبلغُ السنةَ وأكثر، مما يُسبب له حرجًا وضيقًا في محلِ العمل، فما التصرف الشرعي المطلوبُ في مثل هذه الحالة؟


ما حكم من أفطرت من صيام يوم عرفة لعذر، وهل يُكتَب لها الأجر كاملًا، وما المراد بالسنتين في أجر صيامه؟ فإن ابنتي نوت الصيام وفاجأها الحيض بالنهار فأفطرت.


أيهما أفضل عند الله تعالى الغِنى أم الفقر؟ حيث دارَ حوارٌ بيني وبين أحد أصدقائي حول المفاضلة الأخروية بين الغنى والفقر، فكان ممَّا احتجَّ به قول النبي عليه السلام: «يدخل الفقراء الجنَّة قبل الأغنياء بخمسمائة عام نصف يوم»، معقِّبًا بأنَّ هذا النصَّ النبوي خير دليلٍ في مدح الفقر وأهله، فوقع في نفسي حينئذٍ أنَّ هذا الحديث قد يحمل بعض الناس على التكاسل وترك العمل والركون إلى الفقر لتحصيل ذاك الثواب، مع أنِّي أعلم تمام العلم أنَّ الشريعة الغراء تدعو دائمًا إلى العمل وتحثُّ على الإنتاج وتحذِّر من التكاسل؛ فما قولكم في ذلك؟


ما حكم استعمال المرضع الحليب الصناعي لطفلها من أجل الصيام؟ فأنا أرضع طفلي البالغ من العمر ثلاثة أشهر رضاعة طبيعية، وأريد صيام شهر رمضان. فهل يجوز لي إعطاء طفلي حليبًا صناعيًّا خلال شهر رمضان حتى أتمكن من الصيام؟


هل يجوز الإفطار في رمضان لرجلٍ  كبير في السن وعند صيامه شهر رمضان يصاب بصداع دائم في رأسه، ويشمل الصداع جميع الرأس والأذنين ولا يمكنه القيام بأي عمل في شهر رمضان؟


أنا مصري مقيم في دبي، وكنت في رحلة عمل إلى أمريكا، وأنا صائم صيام رمضان، ويوم رحلة العودة كان يوم الجمعة وبدأته بالصيام ولم أفطر حتى بعد أن صعدت الطائرة؛ حيث بدأت رحلتي قبل المغرب بحوالي 3 ساعات، واستغرقت رحلتي 14 ساعة بالطائرة، ولم أشهد غروب الشمس طوال الرحلة، فأكملت الصيام حتى وصلت الطائرة وقت المغرب من يوم الغد إلى دبي.
ونظرًا لفروق التوقيت بين البلدين وصلت يوم السبت إلى دبي، وعلى الرغم من أنه كان يوم صيام طويلًا حوالي 28 ساعة، ولكن كان بالنسبة لي يومًا واحدًا بدلًا من يومين، فما حكم صيامي؟ وهل يجب عليَّ أن أقضيَ اليوم الناقص؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57