ما حكم افتتاح خطبة العيد بالتكبير؟ ففي خطبة عيد الفطر الماضي افتتح الإمام خطبة العيد كعادته بالتكبير، فأنكر عليه أحد أبناء قريتنا وأغلظ له القول، وتمسَّك بأن خطبة العيد لا تفتتح إلا بالحمد؛ فأفيدونا -بورك علمكم-.
افتتاح خطبتي العيد بالتكبير أمرٌ مسنون متوارث تواردت عليه نصوص فقهاء المذاهب الأربعة، فيفتتح الأولى بتسع تكبيرات، والثانية بسبع.
وتهيب دار الإفتاء المصرية بالمسلمين أن يتبعوا ما استقرَّ عليه العمل في بلدانهم وألَّا يجعلوا تلك المسائل المختلف فيها مثار فتنة وسببًا للتنازع والجدل.
المحتويات
شَرَع الله تعالى العيدين -الفِطْر والأضحى- إظهارًا للسُّرور بما تَمَّ قَبلَهُما مِن عِبادَتَي الصوم والحج وشكرًا على التوفيق لتلك الطاعات؛ يقول الإمام ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" (1/ 340، ط. مطبعة السنة المحمدية): [إنَّهما يقعان شكرًا لله تعالى على ما أنعم الله به من أداء العبادات المتعلِّقة بهما، فعيد الفطر: شكرًا لله تعالى على إتمام صوم شهر رمضان، وعيد الأضحى: شكرًا على العبادات الواقعة في العشر، وأعظمها: إقامة وظيفة الحج] اهـ.
وخطبة العيد مشروعة بأدلة كثيرة، منها: ما رواه البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: «خطبنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الأضحى بعد الصلاة...» أخرجه البخاري.
وهي سنة عند جمهور الفقهاء؛ من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. ينظر: "الدر المختار" للحَصْكَفِي (ص: 113، ط. دار الكتب العلمية)، و"منح الجليل" للعلامة عِلِيش (1/ 466، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للنووي (5/ 22، ط. دار الفكر)، و"الشرح الكبير" لشمس الدين ابن قدامة (2/ 245، ط. دار الكتاب العربي).
قد اتفق جمهور الفقهاء؛ من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في المعتمد على أنَّه يندب افتتاحها بالتكبير قبل التحميد على تفصيل بينهم في كيفيته وعدده:
فذهب الحنفية والإمامان مُطَرِّف وابن المَاجِشُون من المالكية، والشافعية والحنابلة إلى استفتاح الخطبة الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبع، غير أنَّ المالكية في المشهور قد جعلوا التكبير فيهما مِن غير حدٍّ بثلاثةٍ أو سبعةٍ أو غير ذلك.
قال الإمام بدر الدين العَيْنِي في "البناية شرح الهداية" (3/ 118، ط. دار الكتب العلمية): [في "جمع النوازل" يبدأ بالتحميد في خطبة الجمعة والاستسقاء والنكاح، وبالتكبيرات في خطبة العيدين، ويُستحبُّ أن يفتتح الخطبة الأولى بتسع تكبيرات وفي الثانية سبع، وبه قال الشافعي رحمه الله، وفي "النتف": التوارث في الخطبة افتتاحها بالتكبير] اهـ.
وقال العلامة الدردير في "الشرح الصغير" (1/ 530، ط. دار المعارف): [(و) ندب (استفتاحهما): أي الخطبتين (بتكبيرٍ) بلا حدٍّ، بثلاثةٍ أو سبعةٍ أو غير ذلك، (وتخليلهما به) أي بالتكبير (بلا حد)] اهـ.
وقال الإمام المَوَّاق في "التاج والإكليل" (2/ 580، ط. دار الكتب العلمية): [(واستفتاحٌ بتكبيرٍ) "الواضحة": من السُّنَّة أن يفتتح خطبته الأولى والثانية بالتكبير، وليس في ذلك حد (وتخلُّلُهُما به) مالك: يجري في خلال خطبته ولا حدَّ في ذلك (بلا حدٍّ) تقدَّم نصُّ الواضحة في التكبير أوَّل الخطبة، ونصُّ مالكٍ في التكبير في خلالها أنَّه لا حدَّ في كليهما، وقال مُطَرِّف وابن المَاجِشُون: يُكبِّر في الأولى قبل التحميد سبع تكبيرات وفي مبتدأ الثانية سبع تكبيرات ثم يمضي في خطبته] اهـ.
وقال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (2/ 73، ط. المكتب الإسلامي): [ويستحبُّ أن يفتح الخطبة الأولى بتسع تكبيرات متواليات، والثانية بسبع، ولو أدخل بينهما الحمد والتهليل والثناء جاز] اهـ.
وقال الإمام البُهُوتِي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 327، ط. عالم الكتب): [(ويُسنُّ أن يستفتح) الخطبة (الأولى بتسعِ تكبيرات) نَسَقًا، (و) يستفتح (الثانية بسبعِ) تكبيرات (نَسَقًا)] اهـ.
وقال العلامة ابن مُفْلِح في "المبدع في شرح المقنع" (2/ 190، ط. دار الكتب العلمية): [ويُسنُّ أن (يستفتح الأولى بتسع تكبيرات، والثانية بسبع) لما روى سعيد عن عبيد الله بن عتبة قال: "يُكبِّر الإمام يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات، وفي الثانية: سبع تكبيرات"، والتكبير في الأولى نَسَقًا وفاقًا، وظاهر كلامه جالسًا، وقيل: قائمًا كسائر أذكار الخطبة، وظاهره: أنَّه يبدأ بالتكبير في الثانية كالأولى، وعنه: بعد فراغها، اختاره القاضي. قال أحمد: قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: إنَّه من السنة، وقيل: التكبيرات شرط، واختار الشيخ تقي الدين أنَّه يفتتحها بالحمد؛ لأنَّه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه افتتح خطبة بغيره] اهـ.
خالف في ذلك ابن تَيْمِيَّة وابن القَيِّم، فذهبا إلى أنَّ خطبة العيدين تُفتتح بالحمد كسائر الخطب ولا تفتتح بالتكبير.
قال الشيخ ابن تَيْمِيَّة في "مجموع الفتاوى" (22/ 393، ط. مجمع الملك فهد): [خطبة العيد قد ذكر عبد الله بن عقبة: أنها تفتتح بالتكبير وأخذ بذلك من أخذ به من الفقهاء؛ لكن لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه افتتح خطبته بغير الحمد، لا خطبة عيد ولا استسقاء ولا غير ذلك... فالذي لا بد منه في الخطبة: الحمد لله والتشهد، والحمد يتبعه التسبيح، والتشهد يتبعه التكبير، وهذه هي الباقيات الصالحات] اهـ.
وقال الشيخ ابن القَيِّم في "زاد المعاد" (1/ 431، ط. مؤسسة الرسالة): [وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله، ولم يُحفظ عنه في حديث واحد أنَّه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير] اهـ.
قد استدل الجمهور بما جاء عن عبد الله بن عتبة رضي الله عنه أنه قال: «السُّنَّة في تكبير يوم الأضحى والفطر على المنبر قبل الخطبة أن يبتَدِيَ الإمام قبل الخطبة وهو قائم على المنبر بتسع تكبيرات تترَى، لا يفصل بينها بكلام، ثم يخطب، ثم يجلس جلسة، ثم يقوم في الخطبة الثانية فيفتتحها بسبع تكبيرات تترَى، لا يفصل بينها بكلام، ثم يخطب» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى".
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 273، ط. دار المعرفة): [أخبرني مَن أثق به مِن أهل العلم مِن أهل المدينة، قال أخبرني من سمع عمر بن عبد العزيز، وهو خليفة يوم فطر فظهر على المنبر فسلَّم، ثمَّ جلس، ثم قال: "إنَّ شعار هذا اليوم التكبير والتحميد" ثمَّ كبَّر مرارًا: الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، ثمَّ تشهَّد للخطبة، ثمَّ فصل بين التَّشهُّد بتكبيرة] اهـ.
وقال الإمام العراقي في "التقييد والإيضاح" (ص: 68، ط. المكتبة السلفية): [إذا قال التابعي مِن السُّنة كذا، كقول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: "السُّنة تكبير الإمام يوم الفطر ويوم الأضحى حين يجلس على المنبر قبل الخطبة تسع تكبيرات" رواه البيهقي في "سننه"، فهل هو مرسل مرفوع، أو موقوف متصل؟ فيه وجهان لأصحاب الشافعي حكاهما النووي في "شرح مسلم" و"شرح المهذب" و"شرح الوسيط"، قال: والصحيح أنَّه موقوف انتهى. وحكى الدَّاوُدِي في "شرح مختصر المزني" أنَّ الشافعي رضي الله عنه كان يرى في القديم أنَّ ذلك مرفوع إذا صدر من الصحابي أو التابعي ثم رجع عنه؛ لأنَّهم قد يطلقونه ويريدون سُنة البلد انتهى. وما حكاه الدَّاوُدِي من رجوع الشافعي عن ذلك فيما إذا قاله الصحابي لم يوافَق عليه؛ فقد احتجَّ به في مواضع من الجديد، فيمكن أن يُحمل قوله: "ثم رجع عنه" أي عمَّا إذا قاله التابعي، والله أعلم] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنَّ افتتاح خطبتي العيد بالتكبير أمرٌ مسنون متوارث تواردت عليه نصوص فقهاء المذاهب الأربعة، فيفتتح الأولى بتسع تكبيرات، والثانية بسبع.
وتهيب دار الإفتاء المصرية بالمسلمين أن يتبعوا ما استقرَّ عليه العمل في بلدانهم وألَّا يجعلوا تلك المسائل المختلف فيها مثار فتنة وسببًا للتنازع والجدل.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم مصافحة الناس بعضهم بعضًا، وقول كلمة (حرمًا) بعد الصلاة؟
ما الحكم لو نسي الإمام التكبيرات المتتالية بعد تكبيرة الإحرام في الركعة الأولى وتكبيرة الانتقال للركعة الثانية في صلاة العيد؛ سواء كلها أو بعضها في ركعةٍ واحدةٍ أو في الركعتين؟
ما حكم قصر الصلاة بعد الرجوع من السفر؛ فأخي يحب أن يتمسك بالرخص الشرعية، وهو كثيرًا ما يسافر لقضاء مصالح إلى القاهرة والإسكندرية -مسافة القصر- فيصلي قصرًا مع جمع الظهر والعصر، وكذا المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير، وفي يوم سفره نوى أثناء السفر عند سماعه أذان الظهر أن يصلي الظهر والعصر جمع تأخير ولكنه رجع إلى البلد قبل أذان المغرب، ولم يكن قد صلى الظهر والعصر أثناء سفره حسب نيته. فهل يصلي الظهر والعصر جمع تأخير قصرًا بعد أن رجع من السفر، أم أنه لا يجوز له أداء القصر ويكفي أن يصلي الظهر والعصر جمع تأخير بعد أن رجع من السفر؟
ما حكم إيقاظ النائم للصلاة؟
إذا لم يظهر شيء بعد صلاة الاستخارة على الرغم من تكرارها فماذا أفعل؟
حكم تنظيم أوقات الامتحانات بما يتناسب مع أوقات الصلاة؛ حيث تقوم إحدى الجامعات الأجنبية بالقاهرة بتقديم شهادة الماجستير في إدارة الأعمال الدولية، والذي يتطلب إجراء امتحانات دورية في نصف ونهاية كل فصل دراسي، ونوعية الدارسين من الموظفين؛ بما يتحتم معه أن تكون مواعيد الامتحانات من الساعة السابعة مساءً حتى التاسعة مساءً، وبعض الطلبة يطلبون الخروج أثناء وقت الامتحانات لدخول دورات المياه للوضوء والصلاة؛ مما يربك بقية الحاضرين من زملائهم في القاعة وخارجها ويشتت أفكارهم ويسمح لبعضهم بإجراء مكالمات تليفونية أو للغش في الامتحان.
فبرجاء الإفتاء عن وجوب الخروج من الامتحان للصلاة من عدمه، وبرجاء الإفادة عما إذا كان هذا النظام مُتَّبَعًا في كليات جامعة الأزهر من عدمه.