ما حكم بيع شهادة الاستثمار على أن يدفع صاحبها قيمتها إلى المشتري مع أرباحها؟ فهناك رجلٌ يمتلك شهادة استثمار بأحد البنوك، واحتاج مبلغًا من المال، ولا يمكن فك الشهادة إلا بعد عام كامل، ويرغب في الاتفاق مع أحد الأشخاص على أن يبيع له هذه الشهادة بمقابل مادي على أن يدفع قيمتها إليه مع أرباحها عند فكها. فهل تصح هذه المعاملة شرعًا؟
الاتفاق الذي يرغب فيه صاحب شهادة الاستثمار البنكية أنْ يُبْرِمَهُ مع أحد الأشخاص ببيع هذه الشهادة لا يصح شرعًا، ولا يترتب عليه أيُّ أثرٍ من آثار عقد البيع الصحيح.
المحتويات
الأصل في أحكام المعاملات المالية في الشريعة الإسلامية أنها شُرُعت لتحقيق منافع الخلق وتلبية احتياجاتهم، وذلك في إطار جملةٍ من الأوامر والنواهي الشرعية التي تعمل على تحقيق العدالة في تحصيل كل طرفٍ لمنفعته بتعامله مع الطرف الآخر، ولذلك يشترط أن تكون خالية من نحو: الغش والغرر والضرر والربا.
من أهم العقود التي أباحها الشرع الشريف: عقد البيع، وهو "معاوضة مالية تفيد ملك عين أو منفعة على التأبيد لا على وجه القربة" ينظر: "حاشية الشيخ الجمل على شرح المنهج" (3/ 4، ط. دار الفكر).
من المقرر شرعًا حِلُّ البيع والشراء في أصلهِما؛ قال تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]؛ فبينَّ سبحانه أَنَّ جنس البيع حلال، وهذا الحِلُّ ينسحبُ على كلِّ أنواع البيوع إلّا ما نصَّ الشرع على حرمته واستثناه من حكم الأصل؛ وذلك كالبيوع المشتملة على الرَّبا أو غيره من المحرمات؛ قال الإمام الشافعي في "الأم" (3/ 3، ط. دار المعرفة): [فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها. وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محرم بإذنه داخل في المعنى المنهي عنه، وما فارق ذلك أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب الله تعالى] اهـ.
فإذا تحققت أركان البيع؛ من العاقدين -البائع والمشتري-، والمعقود عليه -الثمن والمثمن-، والصيغة -الإيجاب والقبول-، وخلا مما يفسده أو يبطله: فقد صَحّ العقد.
من الشروط التي تشترط في المثمن حتى يكون البيع صحيحًا، كونه مقدورًا على تسليمه، وهذا يقتضي خروجه عن ملك البائع ودخوله في ملك المشتري وتمكنه من التصرف فيه، مع استحقاق التسليم والتسلم في كلٍّ من الثَّمن والمثمن.
قال الإمام ابن عَابِدِين الحنفي في "ردِّ المحتار" (5/ 397، ط. دار الفكر): [البيع الصحيح مقتضاه: خروج المبيع عن مِلْك البائع، ودخوله في مِلْك المشتري، واستحقاق التسليم والتسلم في كلٍّ من الثَّمن والمثمن ونحو ذلك] اهـ.
وقال الإمام أبو عبد الله المازري المالكي في "شرح التلقين" (2/ 1036، ط. دار الغرب الإسلامي): [مقتضى البيع في الشرع التسليم، وإذا شرط ألَّا تسليم للمبيع فسد البيع] اهـ.
وقال إمام الحرمين الجويني الشافعي في "نهاية المطلب" (5/ 403-404، ط. دار المنهاج): [البيع يقتضي تسليمَ المعقود عليه، فينبغي أن يكون التسليم ممكنًا، فإذا عُدَّ متعذِّرًا في العرف، قُضي ببطلان العقدِ] اهـ.
وقال العلامة برهان الدين ابن مفلح الحنبلي في "المبدع" (4/ 58، ط. دار الكتب العلمية): [مقتضى البيع نقل الملك حال التبايع] اهـ.
وهذا المقتضى لعقد البيع الصحيح -وهو إمكان تسليم المبيع وخروجه عن مِلْك البائع، ودخولُه في مِلْك المشتري وتمكنه من التصرف فيه- لا يُتصوَّر حصولُه في مسألتنا؛ لأنَّ شهادات الاستثمار عبارةٌ عن عقودٍ اسمِيَّة لا يمكن تداوُلُها أو تظهيرُها أو تحويلُ قيمتها أو خصمُها أو رهنُها لغير البنك مُصدِرِها، وكذا لا يمكن التصرف فيها بأيِّ صورة من صُوَر التصرفات الناقلة للمِلكية إلا من خلال البنك بحسب ما استقر عليه العُرف المصرفي، وما نُصَّ عليه في قرار وزير الاقتصاد المصري والتجارة الخارجية المصريِّ بشأن شهادات الاستثمار التي يصدرها البنك الأهلي المصرى (رقم 392 لسنة 1965م، والقرار رقم 163 لسنة 1990م، في المادة رقم 4 منهما).
وما تقرر اقتصاديًّا -من بيان طبيعة شهادات الاستثمار وكيفية تداوُلها- يجعل حقيقة الاتفاق الذي يرغب في إبرامه صاحب الشهادة مع شخصٍ آخَر أنه اتِّفَاقٌ على عقد بيعٍ صوريٍّ لا حقيقي، ولا يترتب عليه أيُّ أثرٍ من آثار عقد البيعِ الصحيح.
ومن ثم يدخل فيما لا يصح بيعه؛ لعدم القدرة على تسليمه، كالطير في الهواء والسمك في الماء؛ لأن القصد بالبيع تمليك التصرف، وذلك متعذر فيما لا يُقدر على تسليمه، كما في "المهذب" للإمام الشيرازي (2/ 14، ط. دار الكتب العلمية)، و"الكافي" لموفق الدين ابن قدامة (2/ 8، ط. دار الكتب العلمية).
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الاتفاق الذي يرغب فيه صاحب شهادة الاستثمار البنكية أنْ يُبْرِمَهُ مع أحد الأشخاص ببيع هذه الشهادة لا يصح شرعًا، ولا يترتب عليه أيُّ أثرٍ من آثار عقد البيع الصحيح.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم شراء السلع التي يعتقد المشتري أنها مسروقة؟ فقد ذهبَ رجلٌ لشراء بعض الأغراض من إحدى الأسواق الشعبية، وقد سَمِعَ من أحد الأشخاص أنَّ بعضَ السلع المعروضة في هذه الأسواق قد تكون مسروقة، فهل يجوز له الشراء من تلك السُّوق والحال هذه؟
ما حكم شراء الزكاة بعد التسليم للفقير؟ فأنا صاحب محل تجاري أُخرج زكاة مالي حبوبًا لمستحقيها، ثم يأتيني أحد المستحقين لبيع ما أخَذَه، فأشتريه منه بأقل من ثمنه الحقيقي؛ فما حكم ذلك؟
يرغب أحد الأشخاص [طرف ثان] في الحصول على آلات وأجهزة ما؛ لاحتياجه إليها في مشروع أقدم عليه، لكنه لا يمتلك ثمنها، ولديه صديق [طرف أول] يتعامل بنظام الإجارة المنتهية بالتمليك، فطلب الطرف الثاني من الطرف الأول أن يوفر له تلك الآلات والأجهزة، ثم حررا عقد إجارة اشتمل على الآتي:
1- يدفع الطرف الثاني ثمن الآلات والأجهزة على مدى عشر سنوات في صورة أجرة شهرية تزيد قيمتها عن أجرة المثل، زيادة متعارف عليها بسعر السوق والعرف بين التجار؛ نظرًا لتملك الطرف الثاني لها بعد مرور السنوات العشر دون دفع أي زيادة.
2- ضمان الآلات والأجهزة طوال السنوات العشر من مسئولية الطرف الثاني.
3- لا يحق للطرف الثاني التصرف في الآلات والأجهزة بالبيع أو الهبة أو أي تصرف فيه نقل للملكية طوال السنوات العشر.
4- العقد ملزم للطرفين، ليس لأحدهما فسخه أو الرجوع فيه إلا بالاتفاق والتراضي مع الطرف الآخر.
والسؤال: هل هذه الصورة التعاقدية جائزة شرعًا أو لا؟
ما حكم بيع المنتجات منتهية الصلاحية؟
هل يجوز انتفاع المشتري بالمبيع عند التأخر في دفع باقي الثمن؟ حيث باع رجل ثمانية أفدنة بمبلغ 1200 جنيه بعقد ابتدائي بتاريخ 2/ 8/ 1944م، قبض من ثمنها 200 جنيه عند تحرير العقد، واشتَرَط دفع باقي الثمن عند التوقيع على العقد النهائي الذي اشترط أن يحرره بمعرفة المشتري، ويُقَدَّم له لتوقيعه، كما اشترط أنه في حالة تأخير المشتري عن تحرير العقد المذكور لغاية نهاية أكتوبر سنة 1944م يكون ملزمًا بدفع 300 جنيه أخرى من الثمن، ولم يذكر بالعقد الابتدائي شيئًا عن موعد دفع باقي الثمن. وقد استمر المشتري ابتداءً من نوفمبر سنة 1944م في دفع أقساط من الثمن بلغ مجموعها 800 جنيه حتى نهاية مايو سنة 1945م ، ثم في 5/ 6/ 1945م حرَّر العقد النهائي، ودفع باقي الثمن. ونظرًا لأن المشتري وضع يده على الأطيان المذكورة واستغلَّها ابتداءً من تاريخ العقد الابتدائي ولم يدفع باقي الثمن ومقداره 400 جنيه إلا بعد انقضاء نحو ثلثي سنة 1945م الزراعية، فضلًا عن أن 800 جنيه التي دفعها من الثمن كانت تُدفع أقساطًا في مدة عشرة أشهر؛ لذلك قد أخذ من المشتري علاوة على 1200 جنيه الثمن المتفق عليه مبلغ عشرين جنيهًا كإيجار للقدر الذي استغله قبل أن يدفع ثمنه. فهل يحلُّ له أخذ مبلغ العشرين جنيهًا المذكورة، أو أنه لا يحلُّ له أخذها وتعتبر من قبيل الربا المحرم؟
ما حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها؟ حيث تقوم شركة متخصصة بتصميم المنصات الإلكترونية بعمل منصة تجارة إلكترونية مخصصة لعرض المنتجات وبيعها لإحدى الشركات التي أطلقت سوقًا إلكترونيًّا خاصًّا بها، مع الاتفاق على التزام الشركة بتقديم التكنولوجيا اللازمة لتطوير وتشغيل المنصة كما يتراءى للعميل، ولا يتعدى دور الشركة القيام بالجانب التقني، المتضمن: تصميم البنية البرمجية، وواجهة الاستخدام، وأدوات إدارة المحتوى، ونظام المعاملات الإلكترونية، ثم عمل التطوير والتعديل البرمجي اللازم لاحقًا بحسب ما يتراءى للعميل، من دون علم منها بطبيعة هذه المنتجات.
وهذه المنصة لا يعدو دورُها دورَ الواجهة التي يعرض عليها آلاف البائعين منتجاتهم وبضائعهم، وقد وُجد أن عددًا قليلًا منهم يعرض على القسم الخاص به من المنصة منتجات محرَّمة، وليس لشركة البرمجيات أي سلطة على اختيار المنتجات المعروضة أو إدارتها، أو أي مشاركة في عمليات الشحن والتخزين ونحوها، ولا يتعدَّى دورُها تطويرَ البرمجيات بشكل مستمر بناءً على طلب العميل، وتسليمها في مواعيدها المتفق عليها، وتقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهل هناك أي مخالفة شرعية فيما تقوم به الشركة من أعمال في هذا الخصوص؟