حكم الاستنجاء عند الوضوء

تاريخ الفتوى: 12 مايو 2024 م
رقم الفتوى: 8355
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطهارة
حكم الاستنجاء عند الوضوء

هل الاستنجاء من سنن الوضوء؟ فقد دخل شخص الميضأة في المسجد ليتوضَّأ، فلمَّا همَّ بالوضوء قال له أحد الأشخاص: كيف تتوضَّأ وأنت لم تستنجِ بعد؟! فاحتجَّ عليه بأنَّ الاستنجاء واجبٌ من قضاء الحاجة فقط، ولا يعدُّ من سنن ولا فرائض الوضوء، فحدث نقاش بينهما واختلاف ورفع أصوات، والسؤال: هل الاستنجاء واجب عند كل وضوء أم ماذا؟

الاستنجاء طهارة مستقلة، يجب عند وجود سببه -وهو: خروج النجاسة من أحد السبيلين-، ولا يعدُّ من سُنَن الوضوء ولا مِن فرائضه، وإنما هو من باب إزالة النجاسة المرتبط بها وجودًا وعدمًا.

أَمَر الشرع الشريف بالطَّهَارة، ورغَّب فيها، وحثَّ عليها، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: 6].

ومن الطهارات المطلوبة شرعًا: الاستنجاء، وهو: إزالة النجاسة والأذى الباقي على مخرج البول والغائط، وتطهير محلهما بالماء أو بالحجارة. يُنظر: "الاستذكار" للإمام ابن عبد البر (1/ 135، ط. دار الكتب العلمية)، وتدخل الأدوات الأخرى التي تزيل النجاسة كالورق والمناديل في معنى الحجارة.

وقد وَرَد في السنة المطهرة طلب الطهارة عامة والاستنجاء خاصة، فروى ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن الشعبي، قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 108]، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا أَهَلَ قُبَاءٍ! مَا هَذَا الثَّنَاءُ الَّذِي أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْكُمْ»؟ قالوا: ما منَّا أحد إلَّا وهو يستنجي بالماء مِن الخلاء.

وروى الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود في "سننه" عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ، فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ».

والاستنجاء واجبٌ إذا وُجِد السبب الـمُوجِب له -وهو الخارج النَّجس مِن أحد السبيلين-، وبه قال جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة، والحنفية حالة تَجاوُز النَّجاسة محل السَّبيلين -أي: القُبُل والدُّبُر-، على خلافٍ بينهم في حالة القِلَّة أو الكَثْرة للخارج الـمُجاوِز، وهو أيضًا أحد الأقوال عند المالكية حال الذِّكْر -أي: عدم النسيان- والقُدْرة عليه، وشَهَّر هذا القول أبو الحسن اللخمي، وجَعلَه مذهب "المدونة". ينظر: "البناية" للإمام بدر الدين العيني (1/ 748، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للإمام الحطاب (1/ 132، ط. دار الفكر)، و"روضة الطالبين" للإمام النووي (1/ 65، ط. المكتب الإسلامي)، و"كشاف القناع" للإمام البهوتي (1/ 80، ط. دار الكتب العلمية).

واستدلوا على ذلك بما أخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث أنس رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنَزة فيستنجي بالماء". (والعنَزَة عصا فيها سنان نحو نصف الرمح)، وأبو داود في "سننه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور أو ركوة فاستنجى"، وابن ماجه في "سننه" من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خَرَج من غائطٍ قط إلَّا مَسَّ ماء".

والاستنجاء طهارة مستقلة يُطلب عند وجود سببه، ولا ارتباط له بالوضوء، فليس شرطًا من شروطه ولا ركنًا من أركانه ولا سنة من سننه، وإنما هو من باب إزالة النجاسة المرتبط بها وجودًا وعدمًا، فمَن تَوضَّأ دون استنجاءٍ قَبْله لعدم وجود سببه فوضوؤه صحيحٌ مجزئ.

قال العلامة أبو زيد القيرواني في "الرسالة" (ص: 14، ط. دار الفكر): [وليس الاستنجاء مما يجب أن يوصل به الوضوء لا في سنن الوضوء ولا في فرائضه، وهو من باب إيجاب زوال النجاسة به أو بالاستجمار لئلا يصلي بها في جسده] اهـ. وينظر أيضًا: "الاختيار لتعليل المختار" للعلامة ابن مودود الموصلي (1/ 36، ط. دار الكتب العلمية"، و"المجموع" للإمام النووي (2/ 129، ط. دار الفكر)، و"المغني" للعلامة ابن قدامة (1/ 82، ط. مكتبة القاهرة).

وينبغي أَلا تكون هذه المسائل مثار جَدلٍ ونزاعٍ في المساجد، لا سيما وأنَّ المساجد بيوت الله تعالى، ومكان للعبادة والذِّكْر، والسَّكَينة والوَقَار، إعلاءً وتعظيمًا لشعائر الله، فلا يليق مع هذا الشِّجَارُ وارتفاعُ الصوت داخل المسجد، وإذا وجبت النصيحة من أخٍ لأخيه فيجب التَّحقُّق أَوَّلًا مِن صحة النصيحة وفهمها جيدًا، ثم عَرضها باللين والرِّفق، فإنَّ "الرِّفْقَ مَا كَانَ فِي شيءٍ إلَّا زانَه، ولا نُزِعَ من شيءٍ إلَّا شانَه" كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم.

وبناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنَّ الاستنجاء طهارة مستقلة، يجب عند وجود سببه -وهو: خروج النجاسة من أحد السبيلين-، ولا يعدُّ من سُنَن الوضوء ولا مِن فرائضه، وإنما هو من باب إزالة النجاسة المرتبط بها وجودًا وعدمًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم التلفيق بين مذهبين في بعض مسائل الطهارة؟ حيث جاء في حاشية العلامة السفطي المالكي ‏على الشرح المسمى بـ"الجواهر الزكية ‏على ألفاظ العشماوية" للشيخ أحمد بن ‏تركي المالكي في باب فرائض ‏الوضوء ما نصه: "واعلم أنهم ذكروا ‏للتقليد شروطًا.." إلى أن قال: ‏‏"الثالث: أنه لا يلفق في العبادة، أما إن ‏لفق كأن ترك المالكي الدلك مقلدًا ‏لمذهب الشافعي، ولا يبسمل مقلدًا ‏لمذهب مالك، فلا يجوز؛ لأن الصلاة ‏حينئذٍ يمنعها الشافعي؛ لفقد البسملة، ‏ويمنعها مالك؛ لفقد الدلك"، ثم قال بعد ‏ذلك: "وما ذكروه من اشتراط عدم ‏التلفيق رده سيدي محمد الصغير ‏وقال: المعتمد أنه لا يشترط ذلك، ‏وحينئذ فيجوز مسح بعض الرأس ‏على مذهب الشافعي، وفعل الصلاة ‏على مذهب المالكية، وكذا الصورة ‏المتقدمة ونحوها وهو سعة ودين الله ‏يسر".‏ فهل لو اغتسل غسلًا واجبًا أو توضأ ‏وضوءًا واجبًا من ماءٍ قليلٍ مستعمل ‏في رفع حدث مقلدًا لمذهب مالك ‏وترك الدلك مقلدًا لمذهب الشافعي ‏يكون غسله أو وضوؤه صحيحًا مثل ‏الصورتين المتقدمتين؟ وهل يجوز التلفيق في قضية ‏واحدة بين مذهبين في غسل واجب أو ‏وضوء واجب؟


رجل في الصحراء ومعه قليل من الطعام الذي يحتاج إلى طبخ وقليل من الماء وليس معه خبز مطلقًا. فهل يستعمل الماء الذي معه في طبخ الطعام ويتيمم، أو يتوضأ بالماء ولا يتيمم؟ علمًا بأن بينه وبين الماء أكثر من المسافة المحددة لسبب التيمم.


ما حكم الطواف بإحرام متسخ؛ فبعد أن انتهيت من الطواف للعمرة أخبرني أحد المعتمرين أن ملابس إحرامي متسخة بعض الشيء، وقال لي: كيف تؤدي العبادة على هذا النحو، فقمت بتغييرها، وأكملت باقي المناسك، فهل طوافي بإحرام متسخ صحيح؟


ما حكم صلاة الجنازة على الجثث المفقود بعض أجزائها في الكوارث والنوازل؟ فقد حدث إعصارٌ في إحدى البلاد الإسلامية، وعلى إثره مات الكثير، وقد أسرعَت الجهاتُ المعنية في انتشال جثث الضحايا من تحت الأنقاض، فبعض الجثث انتُشِلَت كاملةً، وبعض الجثث عُثِر على أجزاء منها ولم يُعثَر على باقيها، فهل يُغَسَّل ما عُثر عليه من أجزاء الجثث التي لم يُعثَر على باقيها، ويُصلَّى عليه؟


إذا مرَّ قبل إتمام الوضوء ريحٌ ولم يتم غسل كل الأعضاء الضرورية في الوضوء، هل يصح الاستمرار في إكمال بقية الأعضاء أو لا بد من البدء من جديد؟


شركة تسأل بخصوص منتج جديد خاص بالوضوء، حيث إنه في حالاتٍ كثيرةٍ عند وجود المصلين في الحرم المكي أو المدينة المنورة أو في طائرة تطير لمسافاتٍ وساعاتٍ طويلةٍ أو حافلةٍ تسير لمسافات طويلةٍ، يُنتَقضُ وضوء أحد المصلين وخاصَّة السيدات، وهو ما يسبب إحراجًا وإرباكًا لهم؛ لأن خروجهم للوضوء مرةً أخرى وعودتهم للصلاة مع الجماعة تكون صعبةً أو مستحيلةً.

وبعد دراسة مستفيضةٍ لحل هذا الوضع وصلنا إلى "منتجٍ جديد" تحت اسم: "Water Wipes" على هيئة مناديل ورقية صديقة للبيئة وتتحلل تلقائيًّا وهي مغموسة بماءٍ نظيفٍ 100% ومغلف تغليفًا جيدًا، ومقدار الماء للمغلف الواحد الذي يكفي لوضوءٍ شرعيٍّ -من وجهة نظرنا- هو: (60- 80 مللي لتر)، ومرفق طيُّه عيِّنة منه.

فهل يمكن أن يستعمل هذا المنتج كبديلٍ للوضوء في هذه الحالات؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 05 يوليو 2025 م
الفجر
4 :14
الشروق
5 :59
الظهر
1 : 0
العصر
4:35
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :33