هل يجوز للمشتري أن يطلب من الشفيع ثمنًا زائدًا عما دفعه؟ حيث باع شخص شقته لشخص آخر، وعندما علم جاره بذلك أخبره أنه كان يرغب في شرائها توسعة على أولاده، فطلب من البائع أن يستردها، فأخبر المشتري برغبة الجار في أخذ الشقة لنفسه، فرفض إلا بإعطائها له بمبلغ أكبر من المبلغ الذي اشتراها به، فهل من حقِّ الجار أن يطلب أخذ الشقة لنفسه؟ وهل يحِقُّ للمشتري أن يطلب ثمنًا زائدًا عما دفعه؟
لا يجوز للمشتري أن يطلب من الشفيع ثمنًا زائدًا عما دفعه للبائع الأول؛ لوجُوب أخذِها بالثمن الأول باتفاق الفقهاءِ، على أن يتم ذلك بالتوافق والتراضي بين الأطراف وإلا فيرفع الأمر إلى القضاء للفصل بينهم.
المحتويات
الشُّفعة هي حق تملُّك العقار المبيع أو بعضه ولو جبرًا على المشتري بما قام عليه من الثمن والمُؤَن، وسبَبُها: اتصال مِلك الشفيع بالمشتري؛ لأن الأخذ بالشفعة رخصةٌ جائزة للشفيع، بهدف دفع الضرر الدائم الذي يلحقه من جهة المشتري، وهي بمنزلة شراء مُبتدأ حتى يثبت بها ما يثبت بالشراء، مثل: الرد بخيار الرؤية والعيب.
ومن شروطها: أن يكون العقد الذي تَمَّ بين البائع والمشتري عقد معاوضة مال بمال. يُنظر: "مرشد الحيران" للعلامة محمد قدري باشا (ص: 16، ط. المطبعة الأميرية الكبرى)، و"البحر الرائق" للإمام ابن نُجَيْم الحنفي (8/ 143، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"الشرح الصغير" للشيخ أحمد الدردير المالكي (3/ 630، ط. دار المعارف)، و"مغني المحتاج" للإمام الخطيب الشربيني الشافعي (3/ 372، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للشيخ البُهُوتي الحنبلي (4/ 164، ط. دار الكتب العلمية).
والأصل في مشروعيتها ما رُويَ عن جابر رضي الله عنه أنه قال: "قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكٍ لَمْ يُقْسَمْ، رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ" أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَضَى بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي الْأَرَضِينَ وَالدُّورِ" أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".
ونقل الإجماع على إثبات الشفعة للشريك غير واحد من الفقهاء، قال الإمام ابنُ القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (2/ 207، ط. دار الفاروق الحديثة): [وأجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض أو دار أو حائط] اهـ.
ذهب الحنفية إلى ثبوتِ الشفعة بالجوار للجار فيما بيع من عقار، قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (14/ 94، ط. دار المعرفة): [الشفعة عندنا على مراتب يقدم الشريك فيها في نفس المبيع، ثم الشريك في حقوق المبيع بعده، ثم الجار الملاصق بعدهما] اهـ.
فيَحِقُّ للجار -في مسألتنا- أن يطلب أخذ الشقة لنفسه بالشفعة ولو جبرًا على المشتري.
والأصل أن الشفيع يتملَّك الحِصَّة -مِن العَقَارِ مثلًا- بالثمن الذي تم عليه العقد والاتفاق بين البائع القديم والمشتري، وبهذا قال عامةُ الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. يُنظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (5/ 11، ط. دار الكتب العلمية)، و"الشرح الصغير" للشيخ الدردير المالكي (3/ 635)، و"الإقناع" للخطيب الشربيني الشافعي (2/ 337، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للعلامة البهوتي الحنبلي (4/ 194).
أمَّا طلبُ المشترِي من الشفيع ثمنًا زائدًا عما دَفَعَهُ للبائع -وهو المسؤول عنه- فلا يلزَم الشَّفيع أداؤه، فإن أدَّى إليه هذا الزائد على الثمن الأوَّلِ وجب على المشتري ردُّه للشفيع؛ لوجُوب أخذِها بالثمن الأول، وقد تتابعت نصوصُ فقهاء المذاهب الأربعة على هذا المعنى.
قال العلامة شيخي زاده الحنفي في "مجمع الأنهر" (2/ 477، ط. دار إحياء التراث العربي): [(وإن زاد المُشترِي في الثَّمَنِ) بعد عقد البيع (لا تَلْزَمُ الشفيعَ الزيادةُ) أي: أخذه بالثمن الأول بالإجماعِ؛ لأنه حق الشفيع، فتكليف الزيادة إبطال حقه] اهـ.
وقال العلامة الدردير المالكي في "الشرح الصغير" (3/ 653، ط. دار المعارف): [(كما يَرُدُّ) من أُخِذَ الشقص منه (ما زادَ) على ما غرمه (إنْ كان) الثمنُ الذي دفع له (أكْثَرَ) ممَّا اشترى به] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (2/ 370، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وخرج بقوله: (في مُدَّةِ الخيارِ) ما زِيدَ أو حُطَّ بعدها فلا يُلْحَق بالثمن] اهـ.
وقال العلامة البُهُوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (4/ 196): [و(لَا) يُلحق به (ما) زيد، أو حط من الثمن (بَعْدَها) أي: مدة الخيار؛ لأنَّ الزيادة حينئذ هبة يشترط لها شروطها، والنقصان إبراءٌ، فلا يثبت شيء منهما في حق الشفيع لكونه وجد بعد استقرار العقد، أشبه ما لو وهب أحدهما الآخر عينًا أخرى] اهـ.
لأجل هذا؛ فلو احتال البائعُ القديم مع المشتري على إسقاطِ الشفعة بعد ثبُوتها كان فعلُهما حرامًا؛ لما في ذلك من تفويت الحق بعد ثبوته، وذلك: أن يتوافقا باطنًا على ثمن قليل، ثم يُسَمِّيا بين الناس أكثر منه، ثم يدفع عرضًا يساوي ما تراضيا عليه باطنًا ويجعلاه عوضًا عن الثمن المُسَمَّى ظاهرًا. يُنظر: "حاشية البجيرمي على الخطيب" (3/ 182، ط. دار الفكر).
التزامُ الشفيع بالثمن الذي تَمَّ عليه الاتفاقُ بين البائع والمشتري وانعقد به البيع، ووجوب ردِّ الزائد عليه للشفيع هو ما استقرت عليه محكمة النقض المصرية، حيث قضت في الطعن رقم (27 لسنة 29ق جلسة 5/ 12/ 1963م) بأنَّ: [الثمن الذي توجب المادة (942) من القانون المدني على الشفيع إيداعه حتى لا يسقط حقُّه في الأخذ بالشفعة: هو الثمن الذي حصل الاتفاق عليه بين البائع والمشتري وانعقد به البيع، ولا يكون هذا الثمن هو الثمن المسمى في العقد؛ إذ يحتمل أن يكون هذا الثمن غير حقيقي بقصد تعجيز الشفيع عن الأخذ بالشفعة، وللشفيع أن يطعن في هذا الثمن بالصورية وبأنه يزيد على الثمن الحقيقي، وعندئذ يقع عليه عبء إثبات هذه الصورية وله أن يثبتها بطرق الإثبات القانونية كافة] اهـ.
بناءً عليه وفي واقعة السؤال: فإن من حقِّ الجار أن يطلب أخذ الشقة المُباعة (المشفوع فيه) لنفسه بالشفعة، ولا يحق للأخير أن يطلب ثمنًا زائدًا عما دفعه للبائع الأول؛ لوجُوب أخذِها بالثمن الأول باتفاق الفقهاءِ، على أن يتم ذلك بالتوافق والتراضي بين الأطراف وإلا فيرفع الأمر إلى القضاء للفصل بينهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الاستفادة من نقاط الخصم التي تهديها إحدى المحلات التجارية للمشتري عند قيامه بعملية الشراء ؟ فهناك رجلٌ حصل على مجموعةٍ مِن نقاط الخصم مِن أحد المتاجر، مما يُتيح له شراء السِّلع مِن ذلك المتجر بتخفيض يكافئ تلك النقاط عند الطلب، فما حكم الشراء بهذه النقاط؟
ما حكم اقتناء الحيوانات الطاهرة والانتفاع بها وتداولها بالبيع والشراء؟ وما حكم لعب الأطفال الصغار مع الطيور؟
أقوم ببيع الآلات الموسيقية بكل أنواعها، فهل ما أقوم به جائزٌ شرعًا أم لا؟
ما حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها؟ حيث تقوم شركة متخصصة بتصميم المنصات الإلكترونية بعمل منصة تجارة إلكترونية مخصصة لعرض المنتجات وبيعها لإحدى الشركات التي أطلقت سوقًا إلكترونيًّا خاصًّا بها، مع الاتفاق على التزام الشركة بتقديم التكنولوجيا اللازمة لتطوير وتشغيل المنصة كما يتراءى للعميل، ولا يتعدى دور الشركة القيام بالجانب التقني، المتضمن: تصميم البنية البرمجية، وواجهة الاستخدام، وأدوات إدارة المحتوى، ونظام المعاملات الإلكترونية، ثم عمل التطوير والتعديل البرمجي اللازم لاحقًا بحسب ما يتراءى للعميل، من دون علم منها بطبيعة هذه المنتجات.
وهذه المنصة لا يعدو دورُها دورَ الواجهة التي يعرض عليها آلاف البائعين منتجاتهم وبضائعهم، وقد وُجد أن عددًا قليلًا منهم يعرض على القسم الخاص به من المنصة منتجات محرَّمة، وليس لشركة البرمجيات أي سلطة على اختيار المنتجات المعروضة أو إدارتها، أو أي مشاركة في عمليات الشحن والتخزين ونحوها، ولا يتعدَّى دورُها تطويرَ البرمجيات بشكل مستمر بناءً على طلب العميل، وتسليمها في مواعيدها المتفق عليها، وتقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهل هناك أي مخالفة شرعية فيما تقوم به الشركة من أعمال في هذا الخصوص؟
ما هو الرأي الشرعي حول بيع السمك في الماء في الحالات الآتية:
- المزارع السَّمكية: تُعرَض عيّنةٌ من السمك على المشتري، ويُتَّفق على الكمية والسعر، ثم يتم التسليم.
- أسماك الزينة في الأحواض الزجاجية: تُعرَض الأسماك بأسعارها وهي في الحوض.
- الأحواض في المطاعم الكبرى: يختار الزبائن الأسماك وهي في الأحواض، ويكون البيع بالوزن أو بالعدد.
والسؤال: هل تتفق هذه البيوع -التي يتم فيها بيع السمك في الماء- مع ما هو موجودٌ في الفقه الإسلامي الموروث من نصوصٍ تُفيدُ النهيَ عن بيع السمك في الماء؟ مع العلم بأنَّ هذه الأحواض محددة المساحة ومُقسَّمة؛ بحيث يتم الوصول إلى ما فيها من أسماك بسهولةٍ ويسر حسب الكمية المتفق عليها بين البائع المشتري.