الاعتكاف ومكانه ومدته

تاريخ الفتوى: 07 يونيو 2012 م
رقم الفتوى: 2306
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: الصوم
الاعتكاف ومكانه ومدته

ما حكم الاعتكاف: فرضٌ أمْ سنة؟ وهل يجوز لأحد أن يعتكف لشهرٍ كامل؟ أم لبعض الأيام؟ هل يعتكف في المسجد الجامع أم في المسجد الذي بجوار البيت، ويصلي مع ذلك صلاة الجمعة في هذا المسجد الذي في جانب البيت؟

الاعتكاف مستحبٌّ شرعًا، ولا يكون واجبًا إلا بالنذر، ويجوز أن يكون في أي مسجدٍ، وأقله: أقلُّ ما يطلق عليه اسم الاعتكاف لغةً، حتى إن المصلِّي إذا دخل المسجد له أن ينوي الاعتكاف مهما كان مكثه فيه ويحصل له ثوابه. وليس لأكثر أيام الاعتكاف حدٌّ؛ فيجوز أن يعتكف المرء شهرًا أو أكثر بشرط أن لا يضيع من يعول أو واجباته الدينية أو الدنيوية.

المحتويات

حكم الاعتكاف

الاعتكاف سنةٌ باتفاق، ولا يلزم إلا بالنذر، أو بالشروع فيه عند السادة المالكية، وقال الحنفية: إنه سنَّة مؤكَّدة في العشر الأواخر من رمضان، ومستحب فيما عدا ذلك؛ بناءً على التفريق بين معنى السنة والمستحب عندهم.

قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 441، ط. دار الفكر): [وهو-أي النذر- ثلاثة أقسام: (واجب النذر) بلسانه وبالشروع وبالتعليق ذكره ابن الكمال، (وسنَّة مؤكدة في العشر الأخير من رمضان) أي سنة كفاية؛ كما في "البرهان" وغيره؛ لاقترانها بعدم الإنكار على من لم يفعله من الصحابة، و(مستحب في غيره من الأزمنة) هو بمعنى غير المؤكدة] اهـ.

وقال الإمام العدوي المالكي في "حاشيته" على "شرح كفاية الطالب الرباني" (1/ 464، ط. دار الفكر): [الاعتكاف من نوافل الخير المرغب فيها على المشهور] اهـ.

وقال الإمام الخرقي الحنبلي في "مختصره" (ص 52، ط. دار الصحابة): [الاعتكاف سنَّة إلا أن يكون نذرًا فيلزم الوفاء به، ويجوز بلا صوم إلا أن يقول في نذره بصوم] اهـ.

وقال العلامة ابن المنذر في "الإجماع" (ص 50، ط. دار المسلم): [أجمعوا على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضًا إلا أن يوجبه المرء على نفسه، فيجب عليه] اهـ.

مكان الاعتكاف وأفضله

مكان الاعتكاف هو المسجد؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187]، ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يعتكف إلا في المسجد.

واتفقوا على أن المساجد الثلاثة أفضل من غيرها، والمسجد الحرام أفضل، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى؛ قال العلامة ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 50): [أجمعوا على أن الاعتكافَ جائزٌ في المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومسجد إيليا] اهـ.

ثم اختلفوا في المسجد الذي يصح الاعتكاف فيه؛ فذهب المالكية والشافعية إلى جواز الاعتكاف في أيِّ مسجد من المساجد؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187]؛ فقد عَمَّ الله المساجد كلها ولم يخص منها شيئًا، فلا دليل على تخصيص بعضها بالجواز.

قال العلامة العدوي المالكي في "حاشيته" على "شرح كفاية الطالب الرباني" (1/ 465، ط. دار الفكر): [ولا يكون الاعتكاف إلا في المساجد فلا يصح في البيوت والحوانيت ونحوها؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187] فيصح الاعتكاف في أي مسجدٍ كان، ولو كان غيرَ المساجد الثلاثة في أي بلدٍ كان] اهـ.

وقال الإمام الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" (2/ 189، ط. دار الكتب العلمية): [(وإنما يصح الاعتكاف في المسجد)؛ للاتِّباع رواه الشيخان؛ وللإجماع؛ ولقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187]، (و) المسجد (الجامع) وهو ما تقام فيه الجمعة (أولى) بالاعتكاف فيه من غيره؛ للخروج من خلاف من أوجبه؛ ولكثرة الجماعة فيه؛ وللاستغناء عن الخروج للجمعة، ويجب الجامع للاعتكاف فيه إن نذر مدة متتابعة فيها يوم الجمعة وكان ممن تلزمه الجمعة ولم يشترط الخروج لها؛ لأن الخروج لها يقطع التتابع لتقصيره بعد اعتكافه في الجامع، ويستثنى من كون الجامع أولى ما إذا كان قد عيَّن غير الجامع فالمُعَّين أولى إذا لم يحتج إلى الخروج إلى الجمعة] اهـ.

وذهب الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد إلى اشتراط كون المسجد جامعًا عامًّا تُقَام فيه الصلوات الخمس وصلاة الجماعة.
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 440، ط. دار الفكر) في تعريفه للاعتكاف: [(هو) لغة: اللبث وشرعًا: (لبث) بفتح اللام وتضم المكث (ذكر) ولو مميزًا في (مسجد جماعة) هو ما له إمام ومؤذن أديت فيه الخمس أَوْ لا، وعن الإمام اشتراط أداء الخمس فيه وصححه بعضهم، وقال: لا يصح في كل مسجد وصححه السروجي، وأما الجامع فيصح فيه مطلقًا اتفاقًا] اهـ.
[والمسجد الجامع وإن لم يكن مشروطًا لصحة الاعتكاف، فالاعتكاف فيه أفضل؛ للخروج من خلاف من أوجب الاعتكاف فيه، ولكثرة الجماعة فيه، وللاستغناء عن الخروج للجمعة] اهـ. "مغني المحتاج" (2/ 190).

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (2/ 352، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يصح الاعتكاف من رجل تلزمه الصلاةُ جماعةً إلا في مسجد تقام فيه الجماعة فلا يصح بغير مسجد بلا خلاف، ولا يصح ممن تلزمه الجماعة إلا بمسجد تقام فيه حذرًا من ترك الجماعة، وإن لم يكن المعتكف رجلًا تلزمه الصلاة جماعة بأن كان امرأةً أو عبدًا أو صبيًّا أو معذورًا أو لم يأتِ عليه زمن اعتكافه فعل صلاة؛ كما لو اعتكف من طلوع الشمس إلى الزوال صح اعتكافًا في كل مسجد، ولا يصح الاعتكاف ممن تلزمه الجماعة في مسجد تقام فيه الجمعة دون الجماعة إذا كان يأتي عليه وقت صلاة لما مر وظَهْرُه أي: المسجد منه، ورحبته المحوطة وعليها باب نصًّا منه] اهـ.

اعتكاف العشر الأواخر من رمضان وأقل مدة الاعتكاف وأكثره

السنة اعتكاف العشر الأواخر من رمضان؛ تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك.

وأقلُّ مدَّةٍ للاعتكاف هي أقل ما يُطْلَقُ عليه اسم الاعتكاف عُرْفًا، وهذا ما ذهب إليه الجمهور؛ فإن الاعتكاف في اللغة يقع على القليل والكثير، ولم يحده الشرع بشيء يخصه فبقي على أصله؛ ولذلك استحب جماعة من الفقهاء للمصلِّي إذا دخل المسجد أن ينوي الاعتكاف مهما كان مكثه فيه؛ ليحصل له ثوابه.

وأَمَّا أكثر مُدَّة للاعتكاف فلا حَدَّ لها؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (6/ 514): [وكُلَّما كثُر كان أفضل، ولا حَدَّ لأَكْثَرِه، بل يصحُّ اعتكافُ عُمْرِ الإنسان جميعه، ويصحُّ نذرُ اعتكاف العمر] اهـ.

وقال العلامة ابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (5/ 430، ط. دار العاصمة): [وأَجْمَع العلماءُ على أن لا حدَّ لأكثره] اهـ.
[وبداية الاعتكاف ونهايته يحددها الْمُعْتَكِف بنفسه، فإن نوى اعتكاف مدة معلومة استُحب له الوفاء بها بكمالها، فإن خرج قبل إكمالها جاز؛ لأن التطوع لا يلزم بالشروع، وإن أطلق النِّيَّة ولم يُقَدِّر شيئًا دام اعتكافُه ما دام في المسجد] اهـ. "المجموع" (6/ 514).

الخلاصة

عليه: فإن الاعتكاف مستحبٌّ شرعًا، ويلزم بالنذر قولًا واحدًا، ولا يلزم بالشروع فيه إلا عند المالكية، ويجوز أن يكون في أي مسجدٍ، وأقله: أقلُّ ما يطلق عليه اسم الاعتكاف لغةً، وليس لأكثر أيام الاعتكاف حد فيجوز أن يعتكف المرء شهرًا أو أكثر بشرط أن لا يضيع من يعول أو واجباته الدينية أو الدنيوية.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الوقت المحدد شرعًا لإفطار الصائم؟ حيث بعض الناس يشككون في موعد إفطار الصائمين ويدَّعون أنَّ وقته دخول ظلمة الليل.


ما حكم صيام مرضى السكر؛ حيث تم إعداد برنامج جديد بالنسبة لتقييم حالة مرضى السكر، يحتوي على كل العوامل المسببة للخطورة، وإعطائها نقاطًا مختلفة حسب أهميتها، بشكل متناسب مع وضع كل مريض، ويقوم الأطباء بمراجعة حالة المريض بالتفصيل، وتضاف النقاط حسب المعلومات (عوامل الخطورة تتحدد بناءً على مدة المرض، ونوعه، ونوع العلاج، والمضاعفات الحادة من الحمض الكيتوني وارتفاع السكر الشديد مع الجفاف، والمضاعفات المزمنة، وهبوط السكر، وخبرة الصوم السابقة، والصحة الذهنية والبدنية، وفحص السكر الذاتي، ومعدل السكر التراكمي، وساعات الصيام، والعمل اليومي والجهد البدني، ووجود الحمل).
ويتم بعدها جمع النقاط لكل مريض لتحديد مستوى الخطورة في حال قرر صيام رمضان كما يلي: من 0: 3= خطورة خفيفة، ومن 3.5: 6= خطورة متوسطة، وأكبر من 6= خطورة مرتفعة.
نصائح وإرشادات:
أولًا: يجب تقديم النصائح الطبية لكل المرضى مهما كان مستوى الخطورة عندهم، وتعديل العلاج الدوائي بما يناسب كلِّ حالةٍ.
ثانيًا: يجب تقديم النصائح والمتابعة الدقيقة لكل المرضى، حتى في حال الإصرار على الصيام ضد نصيحة الطبيب.
ثالثًا: يُنصح المرضى الذين يقدر وضعهم على أنه مرتفع الخطورة بعدم الصيام مع توضيح احتمالات الضرر عليهم.
رابعًا: في حال المرضى متوسطي مستوى الخطورة، يتم التشاور بين الطبيب والمريض ومراجعة الوضع الصحي وخبرات المريض السابقة وأدويته، ويجب توضيح احتمال الخطورة المرافق، بشكل عام يسمح للمريض بالصيام مع الانتباه لضرورة المراقبة المستمرة لمستوى السكر في الدم حسب تعليمات الطبيب، وفي حال خوف المريض الشديد، دون وجود سبب طبي مقنع يتم اللجوء إلى الاستشارة الدينية.
خامسًا: في حال مستوى الخطورة المنخفض، يشجع المرضى على الصيام، مع ضرورة المراقبة الطبية الموصوفة.
سادسًا: يجب على كل المرضى الذين قرروا الصيام بنصيحة طبية أو حتى ضد النصيحة الطبية معرفة ضرورة التوقف عن الصيام في الحالات التالية:
حدوث ارتفاع السكر إلى أكثر من ٣٠٠ مع/ دل.
انخفاض السكر أقل من ٧٠ مع/ دل.
وجود أعراض الانخفاض أو الارتفاع الشديدة.
وجود أمراض حادة تسبب حدوث الحرارة أو الإسهال أو التعب أو الإرهاق العام.
الخلاصة: يجب على الأطباء مراجعة كل عوامل الخطورة المذكورة عند مرضاهم للوصول إلى تحديد مستوى الخطورة الصحيح، وستساعد هذه الوسيلة في تقييم خطورة الصيام عند المرضى في الوصول إلى تقييمات حقيقية للمرضى، حتى وإن اختلف الأطباء واختصاصاتهم، وستساعد الأطباء الأقل خبرة في الوصول إلى تقييم أقرب إلى الدقة؛ فنرجو من فضيلتكم بيان الرأي الشرعي في هذا الأمر.


سأل فضيلة الشيخ خطيب المسجد الأقصى المبارك ومدير الوعظ والإرشاد بالقدس، وقال: في الوقت الذي نعيد النظر في التوقيت الدهري لمواقيت الصلاة المعمول به في مدينة القدس ليقوم على أسس علمية فلكية. نرجو التكرم بالإجابة عما يلي:

1- بيان الفارق الزمني بين مدينة القدس والقاهرة، علمًا بأننا لاحظنا تضاربًا في التوقيت بين عاصمة عربية وأخرى.

2- هل يمكننا الاعتماد على توقيت القاهرة كأساس ثابت لتوقيت القدس؟


ما حكم صيام المرأة عند انقطاع حيضها مع عدم التيقن من الطهر قبل الفجر؟ لأن امرأة كان عليها الحيض في رمضان، ثُمَّ في أثناء الشهر انقطع الدَّمُ، ولم تلتفت إليه إلَّا بعد طلوع الفجر، ولم تتيقَّن هل حَصَل النَّقَاءُ من الحيض وانقطاعُ الدَّمِ قبل الفجر أو بعده، فَنَوَتْ صيام هذا اليوم على أنَّه إِنِ انقطع الدَّم قبل الفجر فالصيام صحيحٌ، ولو كان الانقطاعُ بعد الفجر فستقضي هذا اليوم بدلًا عن أيام حيضها، فهل هذا الصوم صحيحٌ؟


ما هو وقت إخراج فدية صيام رمضان لغير المستطيع للصيام بعذرٍ دائمٍ؟ وهل يجوز إخراجها قبل حلول الشهر الكريم؟


ما حكم إفطار المسافر بعد نيته السفر وقبل شروعه فيه؟ فرجلٌ كثير السفر بسبب عمله، وأحيانًا يكون سفره في شهر رمضان، ويسأل: هل يُباحُ له الترخُّص بالفطر قبل شروعه في السفر؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57