حكم تعديل سعر البيع بسبب ارتفاع الأسعار

تاريخ الفتوى: 01 سبتمبر 2008 م
رقم الفتوى: 615
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: البيع
حكم تعديل سعر البيع بسبب ارتفاع الأسعار

ما حكم تعديل سعر البيع بسبب ارتفاع الأسعار؟ فنحن شركة للاستثمار العقاري، نقوم بشراء الأرض وبنائها وبيع الوحدات بها، وفي عام 2005م بدأنا في عملية إنشاء مبنًى، وتمَّ حساب المدة المقدَّرة للتنفيذ وتسليم الوحدات في أغسطس 2008م، على أن تكون الوحدات بنظام نصف التشطيب -محارة، واجهات، كابلات كهرباء رئيسة- وتقدم بعض العملاء لشراء الوحدات التي سيتم إنشاؤها بالتقسيط حتى موعد التسلم ودفع مقدَّم تعاقد قدره خمسة وعشرون بالمائة من قيمة الوحدة، وتم تقدير قيمة الوحدة على حسب سعر الأرض -الأرض بالتقسيط أيضًا- وتكلفة الإنشاء وهامش ربح محدد من إدارة الشركة. وتم التعاقد على بيع عدد من الوحدات بالنظام السابق ذكره، لكن عند البدء في تنفيذ المشروع فوجئنا بارتفاع متتالٍ في أسعار المواد المختلفة؛ حديد، أسمنت، ألومنيوم، خشب، كابلات كهرباء، عمالة …إلى آخره من مواد لازمة للإنشاء والتشطيب الجاري العمل به حتى الآن.
فما مدى إمكانية تعديل سعر البيع للعقود السابقة؛ نظرًا للارتفاع في أسعار مواد البناء؟ حيث إن كل العقود السابقة تأثر إنشاؤها بالفعل -وما زال يتأثر- بارتفاع أسعار مواد البناء السابق ذكرها، خاصةً أننا الآن في مرحلة التشطيب الداخلي والخارجي لكافة الوحدات.

الأعدل في هذه المسألة والأقرب إلى مقصود الشرع الشريف، هو تعديلُ سعر البيع ليكون بالقيمة؛ وذلك نظرًا لوجود الزيادة الكبيرة في أسعار العمالة ومواد البناء المختلفة المعروفة لكل متابعٍ للأوضاع الاقتصادية المحلية والعالمية، وهذا إذا لم تتصالح الشركة مع كل عميلٍ على غير ذلك مما يرتضيانه من سعرٍ بينهما.

من المعروف أن أسعار السلع وقيم العُرُوض كانت تتعرض للزيادة والنقص على مدار عمر البشرية، وأن هذا التغير بالسلب أو الإيجاب كان بمُعدل قليل جدًّا على امتداد الزمن؛ بحيث لا يظهر أثر التغير في المكان الواحد إلا مع المُدَد الزمنية المتطاولة.

ومن المعروف كذلك أنه بدءًا من الحرب العالمية الأولى والثانية صارت الأسعار لا تكاد تعرف الانخفاض، ولا يتوقَّع لها في الأمد القريب بحسب آراء الاقتصاديين أن تنخفض، فهي إما إلى زيادة فاحشةٍ أو غيرها، وإما إلى استقرار يطول أو يقصر.

والنقودُ الورقية تُلحق بـ"الفلوس" -التي هي نوع من النقود تُتَّخذ من المعادن غير الذهب والفضة- وتكون ثمنيتها بالاصطلاح والمواضعة، وتلحق أيضًا بالنقود الناقصةِ الوزنِ والغالبةِ الغشِّ.

ولا خلاف بين الفقهاء حول عدم فساد العقد إذا ما تغيرت قيمتُها؛ لقيام الاصطلاح على ثَمَنِيَّتِها، وإنما الخلاف بينهم فيما يجب دفعه: هل عدد ما وقع عليه العقد أم قيمته؟

ومن استقراء آراء الذين تعرضوا لهذه المسألة يتبين أن الآراء فيها تتلخص فيما يأتي:

الرأي الأول: يجب مثل ما وقع عليه العقد عددًا، وهذا هو رأي الإمام أبي حنيفة ومعه بقية المذاهب الأربعة، وجرى عليه في "جامع المضمرات والمشكلات" حيث قال: [اشترى بدراهم نقد البلد فلم يقبض حتى تغيرت، فإن كانت لا تروج اليوم في السوق فسد البيع؛ لأنه هلك الثمن، وإن كانت تروج لكن انتقصت قيمتُها لم يفسد البيع وليس له إلا ذلك] اهـ بتصرف.

كما جرى عليه في "مجمع الأنهر"؛ حيث قال: [ولو اشترى به؛ أي بالذي غلب غشه وهو نافق، فنقصت قيمته قبل القبض فالبيع على حاله بالإجماع، ولا يتخيَّر البائع، وعكسه لو غلت قيمتها وازدادت، فكذلك البيع على حاله ولا يتخير المشتري] اهـ بتصرف. كذلك جرى عليه في "الفتاوى الحامدية"؛ حيث أجاب عن سؤال بقوله: [إذا غلت الفلوس التي وقع عقد الإجارة عليها أو رخصت فعليه رد مثل ما وقع عليه عقد الإجارة من الفلوس] اهـ. كما سُئل: [فيما إذا استدان زيد من عمرو مبلغًا من المصاري المعلومة العيار على سبيل القرض ثم رخصت المصاري ولم ينقطع مثلها، وقد تصرف زيد بمصاري القرض، ويريد ردَّ مثلها. فهل له ذلك؟ الجواب: الديون تُقضى بأمثالها] اهـ. وفي "فتاوى قاضي خان": [يلزمه المثل]، وهكذا ذكر الإسبيجابي، قال: [ولا ينظر إلى القيمة] اهـ.

الرأي الثاني: يَجب قيمة الفلوس في تاريخ التعاقد، وهذا هو رأي أبي يوسف، ففي "البزازية" مَعزوًّا إلى "المنتقى": [غلتِ الفلوسُ أو رخصت، فعند الإمام الأول (أي أبي حنيفة)، والثاني (أي أبي يوسف) أولًا (أي في قول أبي يوسف الأول الذي رجع عنه): ليس عليه غيرها، وقال الثاني (أي أبو يوسف) ثانيًا (أي في قوله الثاني الذي عدل إليه): عليه قيمتُها من الدراهم يوم البيع والقبض وعليه الفتوى] اهـ. وقوله: «يوم البيع»؛ أي في صورة البيع، وقوله: «يوم القبض»؛ أي في صورة القرض.

وجرى على هذا ابن عابدين وشيخه؛ حيث صرَّحا بأن الفتوى عليه في كثير من المعتبرات، فيجب أن يُعَوَّل عليه إفتاءً وقضاءً؛ لأن المفتي والقاضي واجب عليهما الميل إلى الراجح من مذهب إمامِهما ومُقَلَّدِهما، يقول ابن عابدين في رسالته "تنبيه الرقود في مسائل النقود" روايةً عن شيخه العلامة الغَزِّي: [وقد تتبعتُ كثيرًا من المعتبرات من كتب مشايخنا المعتمدة فلم أرَ مَن جعل الفتوى على قول أبي حنيفة رضي الله عنه، بل قالوا به كان يفتي القاضي الإمام، وأما قول أبي يوسف فقد جعلوا الفتوى عليه في كثير من المعتبرات، فليكن المعوَّل عليه] اهـ. "مجموعة رسائل ابن عابدين" (2/ 61).

وفي رسالته هذه أيضًا يتكلَّم عن المُفتى به والمُعوَّل عليه من القيمة: [وعند الثاني (يقصد أبا يوسف) قيمتها يوم القبض، وعند الثالث (يقصد محمد بن الحسن) قيمتها في آخر يوم رواجها، وعليه الفتوى] اهـ بتصرف. "مجموعة رسائل ابن عابدين" (2/ 64).

وخلاصة هذا الرأي المعول عليه هو وجوب قيمة الفلوس لا عددها، وهو رأي صاحبَي أبي حنيفة وبعض المالكية.

الرأي الثالث، للرهوني من المالكية: أنه تجب القيمة إذا كان التغير فاحشًا، ومعيار ذلك الزيادة على الثلث؛ لقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «والثلثُ كثيرٌ» رواه البخاري.

والذي يَتَرجَّح لنا: التفصيل بين التعاملات من ناحية، وبين قدر الزيادة من ناحية أخرى؛ فإعمال رأي الجمهور بوجوب المثل وعدم الزيادة ينبغي المصيرُ إليه إن كانت الزيادة قليلة ولم تكن ثَمَّ مماطلة من الذي عليه الحق؛ من مَدِين ومشترٍ ومستأجر وغيرهم، وكذلك إن كانت الزيادة كبيرة ولكن صاحب الحق كان كأنه ارتضى ذلك ضمنًا؛ بأن كان دَينُه طويل الأجل مثلًا، ويشمل ذلك الزوجة في مؤخر صداقها، حيث إنها ترتضي مبلغًا مَهمَا كان قدره، إلا أنه مِن المسلَّم به أن قيمته تنخفض انخفاضًا ملحوظًا عند زمن الاستحقاق، وهو موت أحد الزوجين أو الطلاق أيهما أقرب، فكأن الزوجة رَضِيَت بهذا الانخفاض عندما وافقت على جعل جزء من المهر مؤخرًا بأجل قد يكون هو الموت؛ وذلك يكون إعمالًا للأصل، وهو أن المسلمين عند شروطهم، وأن هذا يدخل في إطار رضا صاحب الحق، حيث إنه يَفتَرِض حدوثَ تغيُّر طفيف في الأسعار مقبول عنده، أو تغير كبير واقع تحت رضاه واختياره، فيكون قد تصرَّف في حق نفسه، ولا ظلم إن تصرف الشخص في حق نفسه، إنما يكون الظلم عندما يتصرف في حق غيره بغير إذن ولا موجِب.

وأما إن كان التغير كبيرًا، أو لم يكن كذلك ولكن وُجِدَت المماطلة ممن عليه الحق؛ فإن العدل والإنصاف يدفعان إلى القول بالسداد بالقيمة على رأي أبي يوسف ومَن وافقه من المالكية، وهنا يكون العدولُ عن الأصل سببُه عدمُ استبطانِ رضا صاحب الحق بالزيادة غير المعتادة الطارئة في حال كان التغير فوق المعتاد، ولا رضاه بمماطلة مَن عليه الحق في حال تسويفه به.

وفي هذا ما يكفي في رأينا في هذه العجالة، ومَن أراد المزيد فعليه الرجوع إلى قسم القضايا الصادر والمنشور عن دار الإفتاء المصرية لبسط المسألة والتعرض لأدلة كل فريق ووجه الدلالة والرد على المخالف والجمع بين الأقوال والترجيح بينها.

وعليه، وفي واقعة السؤال، ومع حدوث هذه الزيادة الكبيرة في أسعار العمالة ومواد البناء المختلفة المعروفة لكل معاصر ومتابع للأوضاع الاقتصادية المحلية والعالمية؛ فإن القول بتعديل سعر البيع ليكون بالقيمة هو ما نراه الأعدل في المسألة والأقرب إلى مقصود الشرع الشريف، هذا كله إذا لم تتصالح الشركة مع كل عميل على غير ذلك مما يرتضيانه من سعر بينهما، ولكن لا يجوز فسخ العقد بإرادة منفردة؛ فإما أن يُقيل العميلُ الشركةَ، وإما أن يسدد لها الزيادة بحسب ما يتفقان، أو بما يحكم به الخبراء المحايدون تبعًا لما طرأ من زيادات ملموسة في السوق كما سبق بيانه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم حرق البضاعة من أجل الحصول على المال؟ مثل شراء سلعة بالتقسيط وبيعها في نفس الوقت للحصول على سيولة مالية؟ حيث ظهر في هذه الأيام ما يسمّونه بـ"حرق البضائع" وهي طريقة بيع يلجأ إليها البعض للحصول على سيولة مالية، وصورته: أن يشتري من التاجر سلعة معينة بالتقسيط، ثم يبيعها لذات التاجر بسعر حالٍّ معجل، لكنه أقل؛ رغبة في توفير سيولة نقدية لقضاء بعض الحوائج الحياتية أو التجارية، فهل هذا جائز؟

وهل هذه المعاملة هي العِينَة التي ورد النهي عنها في السنة المشرفة؟

وهل يختلف الأمر لو كان المشتري للسلعة ثانيًا ليس هو بائعها الأول؟


ما حكم أخذ الوكيل فرق السعر من البائع لنفسه دون علم الموكل؟ فهناك رجلٌ وكَّل صديقَه في شراء سيارةٍ مِن نوعٍ معيَّن -لخبرته في هذا المجال- بمقابلٍ معلومٍ مِن المال، فذهب هذا الصَّديق (الوكيل) إلى أحد معارِض السيارات، وبعد معاينة السيارة والاتفاق على ثمنها عاد وأخبر الرجل (الموكِّل) بما اتفق عليه مع صاحب المعرض، فوافَقَ وأعطاه ثمن السيارة ليشتريها، ولَمَّا عاد الوكيلُ إلى صاحب المعرض أَلَحَّ عليه في عمل تخفيضٍ مِن ثمنها، فوافق صاحبُ المعرض وخَصَم له مبلغًا لا بأس به مِن المتَّفَق عليه مُسبَقًا، ويسأل: هل يجوز له أَخْذُ هذا المبلغ الذي تم خصمُه بعد تَعَبٍ ومجاهَدَةٍ مع صاحب المعرض دون إخبار الموكِّل بما جَرَى؟


يقول السائل: يدَّعي بعض الناس جواز الاتّجار في المخدرات من غير تعاطيها، وأنه ليس حرامًا؛ لأنه لم يرد نصٌّ في القرآن الكريم أو السنة المشرفة بحرمة ذلك. فنرجو من منكم الردّ على ذلك وبيان الرأي الشرعي الصحيح.


ما حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها؟ حيث تقوم شركة متخصصة بتصميم المنصات الإلكترونية بعمل منصة تجارة إلكترونية مخصصة لعرض المنتجات وبيعها لإحدى الشركات التي أطلقت سوقًا إلكترونيًّا خاصًّا بها، مع الاتفاق على التزام الشركة بتقديم التكنولوجيا اللازمة لتطوير وتشغيل المنصة كما يتراءى للعميل، ولا يتعدى دور الشركة القيام بالجانب التقني، المتضمن: تصميم البنية البرمجية، وواجهة الاستخدام، وأدوات إدارة المحتوى، ونظام المعاملات الإلكترونية، ثم عمل التطوير والتعديل البرمجي اللازم لاحقًا بحسب ما يتراءى للعميل، من دون علم منها بطبيعة هذه المنتجات.

وهذه المنصة لا يعدو دورُها دورَ الواجهة التي يعرض عليها آلاف البائعين منتجاتهم وبضائعهم، وقد وُجد أن عددًا قليلًا منهم يعرض على القسم الخاص به من المنصة منتجات محرَّمة، وليس لشركة البرمجيات أي سلطة على اختيار المنتجات المعروضة أو إدارتها، أو أي مشاركة في عمليات الشحن والتخزين ونحوها، ولا يتعدَّى دورُها تطويرَ البرمجيات بشكل مستمر بناءً على طلب العميل، وتسليمها في مواعيدها المتفق عليها، وتقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهل هناك أي مخالفة شرعية فيما تقوم به الشركة من أعمال في هذا الخصوص؟


هل يجوز انتفاع المشتري بالمبيع عند التأخر في دفع باقي الثمن؟ حيث باع رجل ثمانية أفدنة بمبلغ 1200 جنيه بعقد ابتدائي بتاريخ 2/ 8/ 1944م، قبض من ثمنها 200 جنيه عند تحرير العقد، واشتَرَط دفع باقي الثمن عند التوقيع على العقد النهائي الذي اشترط أن يحرره بمعرفة المشتري، ويُقَدَّم له لتوقيعه، كما اشترط أنه في حالة تأخير المشتري عن تحرير العقد المذكور لغاية نهاية أكتوبر سنة 1944م يكون ملزمًا بدفع 300 جنيه أخرى من الثمن، ولم يذكر بالعقد الابتدائي شيئًا عن موعد دفع باقي الثمن. وقد استمر المشتري ابتداءً من نوفمبر سنة 1944م في دفع أقساط من الثمن بلغ مجموعها 800 جنيه حتى نهاية مايو سنة 1945م ، ثم في 5/ 6/ 1945م حرَّر العقد النهائي، ودفع باقي الثمن. ونظرًا لأن المشتري وضع يده على الأطيان المذكورة واستغلَّها ابتداءً من تاريخ العقد الابتدائي ولم يدفع باقي الثمن ومقداره 400 جنيه إلا بعد انقضاء نحو ثلثي سنة 1945م الزراعية، فضلًا عن أن 800 جنيه التي دفعها من الثمن كانت تُدفع أقساطًا في مدة عشرة أشهر؛ لذلك قد أخذ من المشتري علاوة على 1200 جنيه الثمن المتفق عليه مبلغ عشرين جنيهًا كإيجار للقدر الذي استغله قبل أن يدفع ثمنه. فهل يحلُّ له أخذ مبلغ العشرين جنيهًا المذكورة، أو أنه لا يحلُّ له أخذها وتعتبر من قبيل الربا المحرم؟


ما حكم عمل الكيانات الموازية للشركات والمصانع بحيث لا يشملها الحجر عند الإفلاس؟ فأنا أعرف أحد الأصدقاء عليه ديون كثيرة، واقترب موعد سدادها، لكنه لا يرغب في السداد في الموعد المحدد، بدعوى أن أمامه فرصة استثمارية فيها ربح كثير، ففكر في أن يبيع بعض أملاكه لأحد أقاربه بيعًا صوريًّا مع بقاء انتفاعه بها؛ حتى لا يتم الحجز عليها، فما حكم هذا الفعل؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57