تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: ما هو حكم أراضي مدن داغستان اليوم؛ هل تعد ملكًا للحكومة الروسية، وهل يجوز للمسلمين شرعًا أن يتمَلَّكوا ما خصَّصَتْه الحكومة لكلٍّ منهم من أراضٍ لأغراض البناء، والغراس، وسجلتها باسمِ مَن ملَّكَتْهم إياها في سجلاتها الخاصة بهذا الشأن، بأن يتصرفوا فيها بالبناء والغراس أو البيع والشراء؟
أراضي مدن داغستان ليست ملكًا لحكومة داغستان ولا غيرها، بل ما يكون فيها من ملكية خاصة فهو مملوكٌ لأصحابه، وما لا يكون من ذلك فهو مملوكٌ لأهل داغستان ملكيةً عامةً تنظمها الدولة عبر قوانينها، وإذا قررت الحكومة بمقتضى القانون ومراعاة المصلحة تقسيم الأرض بين المواطنين فإن هذا التقسيمَ يصير ساريًا شرعًا وقانونًا على المسلمين وغيرهم، ويكون من خُصِّصَت لهم الأرضُ مُلَّاكًا لها، ولهم أن يتصرفوا فيها بالبناء والغرس حسبما تقتضيه القوانين المعمول بها في الدولة.
المحتويات
من المعلوم أن النظام الذي يقوم عليه الحكم في داغستان حاليًّا هو ما يعرف بــ"الحكم الذاتي"، وهو جارٍ على مقتضى الدستور والقانون الروسيين، وعلى ذلك فالأراضي الواقعة تحت هذا الحكم تُعَدُّ ملكًا عامًّا تنظمه الدولة بمقتضى القانون والدستور الذي يحكمها.
وأرض داغستان كانت قد استولت عليها روسيا القيصرية سابقًا ثم الشيوعية بعدها وحكمتاها بنظاميهما فأصبحت داغستان بهذا الاستيلاء دارَ حرب بعد أن كانت دار إسلام؛ اعتبارًا بحكومتها، وبهذا دخل ما تصرف فيه المحتلُّ من أملاكٍ للمسلمين تحت حكم التصرفات الصحيحة النافذة من الحاكم، وهي في الحقيقة تصرفاتٌ حكمية وقضائية نافذة لا تصرفات مبنية على التملك بالغصب؛ لأنه وإن كان الكافر لا ولاية له على المسلم فإن الفقهاء قد ذهبوا إلى أن الأحكام والتصرفات العامة من الأئمة الذين لا ولاية لهم في الشرع، بمعنى أنهم ليسوا بأهل للولاية، تنفُذُ لضرورة الرعايا وإمضاء مصالح العباد وأمور حياتهم، وممن نصَّ على ذلك الإمام المجتهد عز الدين بن عبد السلام الشافعي في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (1/ 79، ط. مكتبة الكليات الأزهرية)، فقال: [وقد ينفذ التصرف العام من غير ولاية كما في تصرف الأئمة البغاة فإنه ينفذ مع القطع بأنه لا ولاية لهم، وإنما نفذت تصرفاتهم وتوليتهم لضرورة الرعايا، وإذا نفذ ذلك مع ندرة البغي فأولى أن ينفذ تصرف الولاة والأئمة مع غلبة الفجور عليهم، وإنه لا انفكاك للناس عنهم] اهـ. ويقول (1/ 85-86): [ولو استولى الكفار على إقليم عظيم فولوا القضاء لمن يقوم بمصالح المسلمين العامة، فالذي يظهر إنفاذ ذلك كله جلبًا للمصالح العامة ودفعًا للمفاسد الشاملة، إذ يبعد عن رحمة الشرع ورعايته لمصالح عباده تعطيل المصالح العامة وتحمل المفاسد الشاملة لفوات الكمال فيمن يتعاطى توليتها لمن هو أهل لها] اهـ.
ويقول الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (12/ 108، ط. دار إحياء التراث العربي): [وإنما ينفذ من تصرفات الكفار ما تُنفِذه الضرورة] اهـ. والتصرف في المال من ضمن تصرفاتهم النافذة، يقول الإمام العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (1/ 82): [لا يتصرف في أموال المصالح العامة إلا الأئمة ونوابهم] اهـ.
حَمْل تصرفات المستَعْمِر السابق لبلادكم على الحكم والقضاء لا على التملُّك مبنيٌّ على أن هذا الاستعمار لم يكن لغرض الاستيلاء المحض ونهب الأراضي والأملاك وسرقة الأموال، بمعنى أنه ليس سطوًا مسلحًا تخريبيًّا محضًا؛ وإنما كان احتلالًا لتحقيق مصالح دينية أو سياسية أو اجتماعية وهي كلها مصالح مبنية على استعمار البلد المحتلِّ، والاستعمار هو طلب العمران والعمل عليه، ولكن من وجهة نظر المحتل فقط ولتحقيق أغراضه ومصالحه بفرضِها على البلد المستَعْمَر وأهله، وهذا هو الغالب في غرض الاستعمار في عصورنا المتأخرة.
ولذلك فإن بلادكم التي كانت تحت الحكم الاستعماري لم تكن تعدو كونها بلد حرب مستقرَّة اجتماعيًّا، لها حكمها وقوانينها ونظامها وجيشها الذي يحميها وبيت مالها الذي تصلح به شأنها وتنفق منه على رعاياها الذين هم تحت الاحتلال، قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (4/ 175، ط. دار الفكر) وهو في سياق بيان ما تصير به بلاد الإسلام بلادَ حرب: [(قوله: لا تصير دار الإسلام دار حرب … إلخ) أي بأن يغلب أهل الحرب على دار من دورنا أو ارتد أهل مصر وغلبوا وأجروا أحكام الكفر أو نقض أهل الذمة العهد، وتغلبوا على دارهم، ففي كل من هذه الصور لا تصير دار حرب، إلا بهذه الشروط الثلاثة، وقالا: بشرط واحد لا غير وهو إظهار حكم الكفر وهو القياس "هندية"، ويتفرع على كونها صارت دار حرب أن الحدود والقود لا يجري فيها، وأن الأسير المسلم يجوز له التعرض لِمَا دون الفرج، وتنعكس الأحكام إذا صارت دار الحرب دار الإسلام فتأمل ط، وفي "شرح درر البحار" قال بعض المتأخرين: إذا تحققت تلك الأمور الثلاثة في مصر المسلمين، ثم حصل لأهله الأمان، ونصب فيه قاضٍ مسلم ينفذ أحكام المسلمين عاد إلى دار الإسلام] اهـ.
وقد فصَّل الفقهاءُ القول في حكم ما يعطيه الحكام البغاة لأحدٍ من المسلمين تفصيلًا دقيقًا؛ فقال الإمام عز الدين بن عبد السلام الشافعي في "قواعد الأحكام" (1/ 83-84): [فصل فيما يجوز أخذه من مال بيت المال: إن قال قائل: إذا دفع الظلمة مما بأيديهم من الأموال إلى إنسان شيئًا فهل يجوز له أخذه منهم أم لا؟ قيل له: إن علم المبذول له أن ما يدفع له مغصوب فله حالان:
الأولى: أن يكون ممن يُقتدى به ولو أخذ لفسد ظن الناس فيه بحيث لا يقتدون به ولا يقبلون فتياه، فلا يجوز له أخذه لما في أخذه من فساد اعتقاد الناس في صدقه ودينه، لا يقبلون له فتيا، فيكون قد ضيع على الناس مصالح الفتيا. ولا شك أن حفظ تلك المصالح العامة الدائمة أولى من أخذ المغصوب ليرده على صاحبه. وكذلك الشهود والحكام ما لم يصرحوا بأنهم أخذوه للرد على مالكه.
الحالة الثانية: ألا يكون المبذول له كذلك، فإن أخذه لنفسه حَرُم عليه، وإن أخذه ليرده إلى مالكه جاز ذلك، وإن جهل مالكه بحَث عنه إلى أن يعرفه، فإن تعذرت معرفته صرفه في المصالح العامة أهمها فأهمها، وأصلحها فأصلحها، فإن لم يعرف تلك المصالح دفعه إلى من يعرفها، فإن لم يجد من يعرفها تربص بها إلى أن يجده فيتعرفها منه، أو يدفعها إليه ليصرفها في مصالحها إن كان عدلًا، وإن كان المال الذي يبذلونه مأخوذًا بحق، فإن كان المال لمصالح خاصة كالزكاة لأربابها والخمس لأربابه، والفيء للأجناد على قول، فإن كان المبذول له من أهل ذلك المال الخاص فإن أعطي قدر حقه فليأخذه، وإن أعطي زائدًا على حقه فليأخذ قدر حقه ويكون حكم الزائد على حقه ما ذكرناه في المال المغصوب، وإن كان ذلك من الأموال العامة فليأخذه إن لم تفت بأخذه مصلحة الفتيا، وليصرفه في المصارف العامة أصلحها فأصلحها، وإن لم يكن من أهل ذلك فعل ما ذكرنا في المال المغصوب] اهـ.
ولما كانت معظم الأراضي تدخل تحت نطاق "الملك العام للدولة" ولا تخص أفرادًا بأعينهم فإنه يجوز لمن تُملِّكه الحكومة أيًّا منها بالقانون والدستور أن يتملَّك ما ملَّكَتْه إياه الحكومة ويضع يده عليه بلا حرج؛ لأن هذا التصرف من الحكومة وإن كان أساسه المصلحة الخاصة ببعض المواطنين إلا أنه يئول إلى المصلحة العامة التي تعود على البلد كلها بالنفع العام بتعميرها واستثمار خيراتها وتنشيط اقتصادها، وذلك ما دام المُتملِّك لم يغتصب مالًا من أحد، ولم يخرج عن القانون بوضع يده على ما لم تُمَلِّكه إياه الحكومة؛ وذلك لأن المالك لأراضي الدولة -غير المملوكة أصلًا لأشخاص بأعيانهم- هو الشخصية الاعتبارية المسماة بـ"الدولة" التي يمثلها عدد من الأشخاص الاعتباريين والمؤسسات والقوانين والقواعد الإدارية وهم يتصرفون في الدولة بحسب قانونها ومصلحتها المنوطة بهم.
على ذلك: فإن أرض داغستان ليست ملكًا لحكومة داغستان ولا غيرها، بل ما يكون فيها من ملكية خاصة فهو مملوكٌ لأصحابه، وما لا يكون من ذلك فهو مملوكٌ لأهل داغستان ملكيةً عامةً تنظمها الدولة عبر قانونها، وما تخصصه الحكومة بمقتضى القانون والنظام العامُّ لا يعني بحالٍ أنها تملكه، بل تصرفها فيه منوطٌ بمصلحة المواطنين.
وعليه: فإذا قررت الحكومة بمقتضى القانون ومراعاة المصلحة تقسيم الأرض بين مواطني البلد فإن هذا التقسيمَ يصير ساريًا شرعًا وقانونًا على المسلمين وغيرهم، ويكون من خُصِّصَت لهم الأرضُ مُلَّاكًا لها، ولهم أن يتصرفوا فيها بالبناء والغرس حسبما تقتضيه القوانين المعمول بها في الدولة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
جمعية ومنظمة مصرية أهلية مشهرة بالوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي، وتخضع لقانون ممارسة العمل الأهلي رقم (149) لسنة 2019م ولائحته التنفيذية.
وحيث إن الجمعية تمارس العديد من الأنشطة التي تتلخص في الآتي:
أولًا: دُور رعاية الأيتام، حيث تقوم الجمعية برعاية الأيتام الأسوياء والمعاقين، ويقوم على رعايتهم أمهات بديلات ومجموعة متكاملة من المشرفين.
ثانيًا: دار ضيافة مرضى الأورام، حيث تقدم خدماتها للمرضى من جميع أنحاء الجمهورية ممن يتلقون العلاج، وتستضيف الدار المريض والمرافق.
ثالثًا: المساعدات الإنسانية المتمثلة في: زواج اليتيمات بتقديم مساعدات عينية ومساعدات نقدية للحالة المستفيدة، ومساعدات نقدية شهرية لغير القادرين على العمل وذوي الاحتياجات الخاصة الذين ليس لهم مصدر دخل، وتبرعات عينية من الأثاث المنزلي للفقراء، وسداد مصروفات المدارس للأيتام، وتوزيع أجهزة لاب توب على ذوي الإعاقة البصرية في الجامعات المصرية.
رابعًا: الأنشطة الصحية، ومنها: عمليات القلب المفتوح والقسطرة العلاجية للمرضى غير القادرين، وعمليات العيون للمرضى من المحافظات المختلفة من مختلف الأعمار في كبرى المستشفيات المتخصصة، وتوفير الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية وكراسي متحركة، وتوفير السماعات الطبية للمرضى غير القادرين، وتوفير الأدوية المستمرة بصفة شهرية للمرضى غير القادرين.
خامسًا: المشروعات التنموية تحت شعار (اكفُل قريةً فقيرة)، ومنها: مشروع تسليم رؤوس المواشي للأرامل والأُسر الأكثر احتياجًا في القرى المختلفة، شاملة التغذية لمدة سنة ونصف، والتأمين، ومشروع تسليم الأكشاك (الكشك شامل الثلاجة والبضاعة) إلى الأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة والأُسر الأكثر احتياجًا، وإعادة إعمار ورفع كفاءة المنازل في القرى الأكثر فقرًا، وذلك عن طريق بناء دورات مياه، وتعريش أسقف المنازل، وإضافة مواد عازلة للأسقف، وتركيب أبواب وشبابيك، ومحارة داخلية، وسيراميك للأرضيات، وتزويد هذه المنازل بالأثاث الخشبي والأجهزة الكهربائية، والمفروشات، وإقامة محطات تنقية المياه في القرى التي لا يوجد بها مصادر لمياه الشرب النقية لخدمة أهالي القرية بالمجان، وحفر آبار مياه في المناطق الصحراوية لخدمة أهالي المنطقة، وتوصيل كهرباء إلى المنازل التي لا يوجد بها كهرباء، والمساهمة في بناء واستكمال المساجد، وتأسيس المعاهد الأزهرية في المحافظات، وتكريم حفظة القرآن الكريم والمتفوقين.
سادسًا: الأنشطة الموسمية، وتتمثل في الآتي: توزيع كرتونة رمضان سنويًّا على الأُسر الأكثر احتياجًا، وذبح الأضحية وتوزيع لحومها على الأُسر الأكثر احتياجًا، وتوزيع البطاطين في موسم الشتاء على الأُسر الأكثر احتياجًا، وقوافل الخير الأسبوعية للجمعيات الصغيرة (معارض ملابس مجانًا في الجامعات والمدارس، وتوزيع مواد تموينية).
سابعًا: مستشفى لعلاج الأورام، حيث تقوم الجمعية بالإشراف على تمويل المستشفى بالمجان، ويهدف ذلك المستشفى إلى تقديم خدمات طبية متميزة طبقًا لأحدث المعايير والاعتمادات الطبية في العالم، ليكون هدية إلى أهلنا مرضى السرطان في صعيد مصر.
فهل تعد هذه الأنشطة سالفة الذكر ضمن مصارف الزكاة؟
ما حكم بيع الأدوية المرسومة بسعر قديم بسعرها الجديد؟ فهناك رجلٌ يملِك صيدلية، وفي ظلِّ ارتفاع الأسعار تُوَرَّدُ إليه الأدوية مُسَعَّرَةً بأسعارها الجديدة، ويوجد في الصيدلية أدويةٌ أخرى بأسعارها القديمة، فهل يجوز له بيع الأدوية المُسَعَّرَة بالسِّعر القديم بسِعر التوريد الجديد مِن باب توحيد سِعر الدواء؟ علمًا بأنه يسدد ثمن الدواء القديم لشركات الأدوية بالسِّعر القديم المنقوش عليه ولو كان السداد بعد تحرُّك الأسعار.
أنا مقبلٌ على الزواج ولا أعلم أحكامه؛ فنصحني البعض بضرورة تعلم أحكام عقد الزواج؛ حتى لا أوقع نفسي أو غيري في حرج أو إثم بسبب عدم علمي بذلك، وذلك من خلال الدورات التي تنظمها الجهات المتخصصة في هذا الشأن؛ فما قولكم في ذلك، وهل يجب عليَّ ذلك؟
ما حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد؟ فنحن مجموعة من الشباب خرجنا معًا في رحلة، وجلسنا في استراحة الطريق لنتناول الغداء، فكنا نأكل في طبق واحد، ونتناوب زجاجة الماء نشرب منها جميعًا، فأَنِف أحدنا من هذا الفعل، وأنكر علينا إنكارًا شديدًا بحجة أنه قد تنتقل بسبب ذلك الأمراض، فرد عليه أحد الزملاء بأن ما نقوم به من التشارك في إناء الطعام والشراب سنة نبوية، فلا يجوز أن تنكر علينا ذلك، فما صحة هذا الكلام؟
ما حكم المشاركة في دعوات الامتناع عن التجارة في أوقات الغلاء؟ فأنا صاحب نشاط تجاري وسمعت أنَّ هناك دعوات ومبادرات لبعض أصحاب المحلات التجارية التي تبيع المواد الغذائية وكذا محلات جزارة اللحوم والطيور لغلق النشاط والامتناع عن ممارسة التجارة بسبب غلاء الأسعار مدعين أن هذا هو مصلحة الفقير، فما حكم المشاركة في تلك المبادرات؟ وما التصرف الشرعي تجاه ذلك؟
ما حكم التهنئة بأعياد رأس السنة الميلادية؟ وهل هي حرامٌ شرعًا كما يشيع البعض؛ بدعوى أنها مشاركة في طقوسهم الدينية؟