معتمد الدار - دار الإفتاء المصرية

الشخصية الاعتبارية

يتردد في المؤلفات الفقهية الحديثة مصطلح "الشخصية الاعتبارية"، فما المقصود من هذا المصطلح، وهل هناك فارق بينه وبين مصطلح "الشخصية الطبيعية"؟
لقد أفرزت النُّظُم القانونية الحديثة ما يسمى بـ "الشخصية الاعتبارية"، وقد يعبَّر عنها بـ"الحُكمية" أو "المعنوية" أو "التقديرية"، ومهَّدت تلك النظم لها أحكامًا تتباين عن أحكام الشخصية الطبيعية، وعلى الرغم مِن حداثة مصطلح "الشخصية الاعتبارية" من ناحية التسمية إلا أنه لا يُعد غريبًا على التراث الفقهي من حيث المفهوم، بل إن تلك التسمية ومدلولها مستلَّة من الفقه الإسلامي بوجه من الوجوه كما سيأتي.

وقد برز الاهتمام بهذا النوع من الشخصية حتى بات الشخص الاعتباري حقيقة واقعة في قوانين البلاد العربية والإسلامية، وقد أخذ به القانون المصري، وحدَّده، وبيَّن صلاحياته والحقوق المُرتَّبة عليه في المادة رقم (52، 53) من القانون المدني رقم (131) لسنة 1948م.

والتعريف الاصطلاحي لـ "الشخصية الاعتبارية" لا نلحظ فيه المعنى اللغوي للفظة "الشخصية" رغم تعدده، فالشخصية في اللغة تأتي بمعنى التَّعَيُّن والبروز، يقال: شَخْصُ الإنسان؛ أي: سواده الذي يبدو للناظر من بُعد، وشَخَصَ السهمُ أي: ارتفع، وشَخَصَ إلى فلان، أي: برز وتعيَّن وجوده، ويقال: عين شاخصة، أي: ثابتة لا تتحرك(1)، فهذه المعاني لا تحمل في طيَّاتها المعنى القانوني المصطلح عليه للشخصية. وعلى الرغم من كثرة تعريفات الشخص الاعتباري إلا أنها كلها تهدف إلى تعريف الشخص الاعتباري بأنه: "مجموعة من الأشخاص والأموال يتوفر لها كيان ذاتي مستقل تستهدف تحقيق غرض معيَّن وتتمتع بالشخصية القانونية في حدود هذا الغرض".

والمراد بالكيان الذاتي المستقل: أن يُقَدَّر للشخص الاعتباري وجود مستقل عن الأفراد الطبيعيين المكوِّنين له، وبهذا الوجود يتمتع بحياة قانونية بحيث يصح منه التعاقد مع غيره من الشخصيات الطبيعية والاعتبارية، والمعنى: صلاحيته لتلقي الحقوق وتحمل الواجبات.

أما الشخصية الطبيعية: فهي ذات الإنسان التي تكتسب الحقوق القانونية بمولده. وقد يعبَّر عن الشخصية الطبيعية بالشخصية القانونية؛ لأن الأصل أن الشخصية القانونية لا تثبت إلا للشخص الطبيعي، إلا أن الشخصية القانونية -بتعريفها الاصطلاحي- تنتظم كلا النوعين من الشخصية: الطبيعية والاعتبارية، فقد قيل في تعريفها: إنها كل موجود يعده القانون صالحًا للحقوق والواجبات، والمراد بكل موجود: ما يعم الإنسان وغيره من الموجودات، فكل موجود لا يعده القانون أهلًا للحقوق والواجبات لا يعده شخصًا، حتى وإن كان إنسانًا، فبين الشخص الطبيعي والقانوني إذن عموم وخصوص مطلق، ويتضح هذا الكلام ببيان وجه الفرق بينهما، وكذا الأساس الذي تقوم عليه الشخصية الاعتبارية وشواهدها في التراث الفقهي، لكن قبل ذلك ينبغي أن نقول: إن الخلاف الفقهي المعاصر حول الشخصية الاعتبارية -من حيث القبول أو الرفض- أمر قليل الجدوى في بلادنا أو في غيرها من البلاد التي اعترفت قوانينها بالشخصية الاعتبارية وسنَّت ما يُنَظِّم التعامل معها؛ فمن المعلوم أنه إذا اختُلِف في شيء بين حلِّه وحرمته، ورُفِع الأمر إلى الحاكم فإن عليه أن يفتي بما يعتقده، وحكمه يرفع الخلاف، وقد أبدى المُشرِّع المصري رأيه في الشخصية الاعتبارية بالجواز ورفع الخلاف.
الفرق بين الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري:
المقارنة بين الشخص الطبيعي والاعتباري تنتج عدة فوارق جوهرية:
منها: الصفات والسِّمات، فالشخص الاعتباري له وجود قانوني، أي: تقديري اعتباري لا حسِّي، أما الشخص الطبيعي فذو وجود مادي محسوس، كما أن الشخص الاعتباري يُعرَف بتعدد الجهات حيث يمكن أن يوجد في أكثر من جهة في وقت واحد بتعدد فروعه، وأن يثبت له أكثر من وصف؛ كأن يكون بائعًا ومشتريًا ووكيلًا، أو نائبًا عن الغير، وغير ذلك من مختلف التصرفات. ومما يتصف به الشخص الاعتباري أنه لا نفس له ناطقة؛ لذلك لا يتحمل ما يتحمله الشخص الطبيعي الذي تفرض عليه طبيعته البشرية الاتصاف ببعض صفات البشر؛ كالشجاعة والكرم والنخوة وغير ذلك من مكارم الأخلاق، ولعل أبرز مثال على ذلك مسألة الكفالة والضمان؛ حيث اتفق الفقهاء -من المذاهب الأربعة والظاهرية- على عدم جواز أخذ الأجرة على الكفالة؛ لأنها من باب رفع الضيق عن الصديق، فأخذ الأجرة عليها ينافي كونها من عقود التبرعات، وكأن المعنى من ذلك: أن الشرع يربِّي عند الفرد المسلم معاني التضحية والشهامة، وأن ذلك ينبغي ألا يكون في مقابل مادي. لكن ذلك يختلف لو كنا نتعامل مع شخصية اعتبارية، لأن المصرف مثلًا – وهو أحد الكيانات الاعتبارية- عند كفالته أحد عملائه، وهو ما يعرف بـ "خطاب الضمان"، لا يخشى عليه ألا يربَّى على الشهامة إن هو أخذ أجرًا على ذلك؛ لأن الشخص الاعتباري يؤدي ما يؤديه من أعمال بواسطة ممثليه بأجر، فافتراض أن يُقَدِّم الشخص الاعتباري بعض خدماته دون مقابل استجابة لدواعي المروءة أو الشهامة أو الكرم قياسًا على ما يفرض على الشخص الطبيعي يحمِّل الأول تكلفة ويجعله يَغْرَم بلا غُنْم، والقاعدة الفقهية تقول: إن الغُنْم بالغُرْم.
ومنها: التبعية، فالشخص الاعتباري وجوده تبعي، أي: يكون تابعًا دائمًا لوجود مجموعة أشخاص طبيعيين أو أموال، أما الشخص الطبيعي فوجوده مستقل بنفسه في الواقع والاعتبار.
ومنها: الحقوق والواجبات، فليس كل ما ثَبُت للشخص الطبيعي يثبت للشخص الاعتباري، كالزواج والطلاق وأحكام الميراث ونحو ذلك مما يعد من الصفات الملازمة للطبيعة الإنسانية كما نصت المادة (53) من القانون المدني. كما لا يلتزم الشخص الاعتباري بأداء الخدمة العسكرية ولا يتمتع بالحقوق السياسية، ولا تطبق عليه العقوبات البدنية المحضة، كالجلد والرجم وقطع اليد؛ بل تطبق عليه العقوبات المدنية والإدارية، ومن نتيجة ذلك: أنه لا يمكن تطبيق الحبس في استيفاء ما يستحق عليها من ديون، بل الحجز فقط.
ومنها: أن الشخصية القانونية تثبت للشخص الطبيعي بمجرد ولادته كما سبق، خلافًا للشخص الاعتباري الذي يتوقف إعطاؤه الشخصية القانونية على الاعتراف القانوني.
ومنها: النشاط، حيث لا ينحصر نشاط الشخص الطبيعي في نشاط معيَّن، بل له كامل الحرية ما لم يخالف النظام العام أو القانون، بخلاف الشخص الاعتباري حيث ينص القانون المصري على أن نشاطه مقيَّد بما أنشئ من أجله.
كما أن من أهم ما يميِّز الشخص الاعتباري -حيث يعد من العلل الغائية لنشوء تلك الشخصية- هو الاستمرارية، فاستمرارية الشخص الطبيعي محدَّدة بموته، فلكل إنسان أجل مسمى، بينما الشخص الاعتباري وإن كان وجوده القانوني ينتهي بالانحلال أو التصفية؛ إلا أنه يتسم بالدوام، ولا يتأثر سلبًا بموت أحد أعضائه أو انسحابه في الغالب، بل من الممكن أن يمتد عبر أجيال لا تنتهي، وهو بذلك ينفصل عن أشخاص أصحابه أو مؤسِّسيه، ويستمر وجوده ولو قضي هؤلاء، بل ثمة أشخاص اعتبارية تتسم - بحسب الأصل - بالتأبيد مثل: الدولة وهيئاتها وجهات البر ودور العبادة، وهذه الخصيصة التي يتسم بها الشخص الاعتباري من شأنها إعطاء التأمين والحماية الكافية للمتعاملين معه.
على أن التفرقة بين الشخصيتين – الطبيعية والاعتبارية- تبدو ظاهرة بالمصالح التي تحقِّقها كل منهما، فبالإضافة إلى الاستمرارية فمصالح الشخص الطبيعي مصالح فردية خاصة به، بخلاف الشخص الاعتباري فالمصالح التي أُسِّس من أجلها عائدة على المؤسِّسين له أو المستفيدين، كما أن الشخص الاعتباري يحقِّق من المصالح ما قد يعجز عنه الشخص الطبيعي، فمن المصالح ما لا يستطيع الفرد بذاته تحقيقه: إما لحاجته لأموال طائلة، أو مجهودات تفوق المجهودات الفردية.

يضاف إلى ذلك: أن فكرة الشخص الاعتباري لها أثر على تَغيُّر الفتوى، فالأشخاص إحدى جهات الفتوى الأربع التي تتغير الفتوى بتغيرها، وهي: الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، ومن أمثلة تغير الفتوى باختلاف الشخص: كون محل الفتوى شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا، فعلى سبيل المثال: بعض المعاملات المالية المركَّبة قد لا تصح مع الشخص الطبيعي ويصح القول بجوازها مع الشخص الاعتباري؛ كبيع المرابحة للآمر بالشراء، وهو بيع مرابحة مع وعد بالشراء يتم فيه تقدُّم العميل إلى المصرف طالبًا منه شراء السلعة المطلوبة بالوصف الذي يحدِّده العميل وعلى أساس الوعد منه بشراء تلك السلعة فعلًا مرابحة بالنسبة التي يتفقان عليها ويدفع الثمن مقسَّطًا، وهو من العقود المستحدثة، ويعد أيضًا من العقود المالية المركَّبة، وقد اشترط القائلون بجوازه: أن لا يكون وكيل المؤسَّسة في الشراء هو العميل الآمر بالشراء نفسه، وهذا الشرط إنما يتماشى مع الشخصية الطبيعية، لا مع الاعتبارية بما تملكه من خصائص تخوِّلها كونها العميل الآمر بالشراء، وكونها في نفس الوقت وكيلًا عن الطرف الآخر، وهو المؤسَّسة.

ومثال آخر: زكاة شركات المساهمة، فعلى الرغم من كون المسألة فيها أربعة آراء لا داعي لتفصيلها إلا أنها أغفلت مسألة الشخصية الاعتبارية للشركة، حيث إن من شروط وجوب الزكاة: تمام الملك، والشركة - وهي شخصية اعتبارية - ملك لحملة الأسهم، فكل ملك لها هو ملك ناقص غير تام، ويقتضي ذلك أن لا زكاة على الشركة. وهذه المسألة بخصوصها تحتاج إلى اجتهاد جماعي حتى نصل إلى الحكم الشرعي الصحيح فيها، لا سيما وأنها تتنازعها جوانب عديدة.

ويضاف إلى هذين المثالين: أن الفقهاء أثبتوا بعض الأحكام للشخص الاعتباري لا تثبت للشخص الطبيعي، كعدم الزكاة مثلًا على المساجد وبيوت العلم ونحوها، وكعدم قطع يد السارق من بيت المال، يقول الشيخ زكريا الأنصاري في "شرح البهجة(2)": «لا زكاة في مال بيت المال من فيء وغيره، ومال المساجد والرُّبُط»، ويقول الخطيب الشربيني(3): « ثمار البستان وغلة القرية الموقوفَين على المساجد والقناطر والرُّبُط والفقراء والمساكين؛ لا تجب فيها الزكاة على الصحيح؛ إذ ليس له مالك معين»، وفي "الإنصاف" للمرداوي الحنبلي(4): «وإن كانت السائمة أو غيرها وقفًا على غير معيَّن أو على المساجد والمدارس والرُّبُط ونحوها؛ لم تجب الزكاة فيها, وهذا المذهب, وعليه الأصحاب قاطبة»، وقال ابن الهمام في "فتح القدير(5)": «(ولا يقطع السارق من بيت المال) وبه قال الشافعي وأحمد والنخعي والشعبي؛ لأنه مال العامة وهو منهم ... وعن عمر وعلى مثله»، وقال ابن قدامة في "المغني(6)": «وإن سرق باب مسجد منصوبًا, أو باب الكعبة المنصوب, أو سرق من سقفه شيئًا، ففيه وجهان...الثاني: لا قطع عليه، وهو قول أصحاب الرأي; لأنه لا مالك له من المخلوقين, فلا يقطع فيه, كحُصر المسجد وقناديله, فإنه لا يقطع بسرقة ذلك وجهًا واحدًا؛ لكونه مما ينتفع به، فيكون له فيه شبهة, فلم يقطع به, كالسرقة من بيت المال». فالقول بعدم الزكاة على هذه الجهة العامة التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية وعدم قطع السارق منه- يعني اختلاف هذا الحكم عما كان عليه لو كان للأفراد الطبيعيين.

ومن المسائل التي يفترق الحكم فيها للشخص الطبيعي عن الاعتباري: ما شرطه الفقهاء في عقد المضاربة من شروط تُحَقِّق التحديد النافي للغرر والجهالة، ومن هذه الشروط: أن تكون على دراهم أو دنانير مضروبة، وأن يوزع الربح بعد أن ينضَّ المال، أي: يتحول من بضاعة إلى نقود، يقول ابن رشد في "بداية المجتهد(7)": «ولا خلاف بينهم أن المقارض إنما يأخذ حظه من الربح بعد أن ينض جميع رأس المال»، ولا يتحقق ذلك الشرط إلا في الشخص الطبيعي، لأنه لا يصلح مراعاة هذا الشرط في المشاركة في المضاربة – وهي من صور الشخصية الاعتبارية - فمن المعلوم أن نظام المضاربة في المصارف الإسلامية لا يأخذ بالتنضيض الفعلي؛ لأنه متعذر أو مستحيل؛ لأن نتائج الاستثمار من ربح أو خسارة لا تنشأ في لحظة واحدة - لوجود مضاربات متتالية ومتداخلة - وإنما تنشأ تلك النتائج خلال فترة الاستثمار، وبالتالي فلو لم يتم تطبيق مفهوم التنضيض الحكمي، فإن نتائج الاستثمار -من ربح أو خسارة- يتم إثباتها فقط في الفترة المالية التي تم فيها تصفية هذه الاستثمارات، ويؤدي ذلك إلى حرمان أصحاب الحسابات التي شاركت في تمويل الاستثمار والذين قاموا بسحبها كليًا أو جزئيًا قبل تاريخ تصفيته من أرباحه أو إعطائهم من خسائره التي نشأت قبل تاريخ التصفية وقبل تاريخ سحب هذه الحسابات.

ومن الأحكام التي يختلف فيها الشخص الطبيعي عن الاعتباري أيضًا -وهي مما كان مرده إلى القانون-: مدة التقادم أمام القضاء، فسماع الدعوى في شأن الشخص الطبيعي مدته خمس عشرة سنة، وفي حق الشخص الاعتباري تسعون سنة [مادة 172، 180، 187، 374 - 388 من القانون المدني].
وقد حدَّد القانونُ المدني المصري في المادة (52) الشخصَ الاعتباري في عدة أشياء، كما بيَّن ما يترتب على وجوده في المادة (53)، فبيَّن أن الشخص الاعتباري ينحصر في:
أولًا: الدولة، وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التى يحدِّدها القانون، والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التى يمنحها القانون شخصية اعتبارية.
ثانيًا: الهيئات والطوائف الدينية التى تعترف لها الدولة بشخصية اعتبارية.
ثالثًا: الأوقاف، والشركات التجارية والمدنية، وكذا الجمعيات والمؤسَّسات، وكل مجموعة من الأشخاص أو الأموال تثبت لها الشخصية الاعتبارية بمقتضى نص فى القانون.
والملاحظ على هذه الأنواع التي حددتها هذه المادة أن وجود الشخص الاعتباري ونشوءه يتوقف على الاعتراف القانوني له، سواء بسن قانون يُنَظِّمه، أو بتوافر شروط الاعتراف القانوني، وهو ما نصت عليه المادة (506) من التقنين المدني المصري؛ حيث جاء فيه "أن الشركة بمجرد تكوينها تعتبر شخصًا اعتباريًّا، ولكن لا يُحتَج بهذه الشخصية على الغير إلا بعد استيفاء إجراءات النشر التي يقررها القانون". وبوجود الشخص الاعتباري وإصباغه بالشخصية القانونية يتمتع بجميع الحقوق، وتتعلق به كل الواجبات، إلا ما كان منها ملازمًا لصفة الإنسان الطبعية كما مرَّ، وذلك في الحدود التى قررها القانون، وهي:
      1) موطن مستقل، بحيث ينسب إليه ويعطى جنسيته، وقد فسَّر القانونُ الموطنَ بالمكان الذى يوجد فيه مركز إدارة الشخص الاعتباري.
      2) حق التقاضي، بمعنى أحقية كونه مُدَّعِيًا، أو مُدَّعًى عليه، ولا يكون ذلك إلا بمباشرة ممثِّل أو نائب عنه في رفع الدعوى أو إبطالها. 
      3) وهو المهم: الذمة المالية المستقلة عن ذمة المؤسِّسين له، ويترتب على ذلك إعطاء الشخص الاعتباري الحرية الكاملة لتحقيق ما أُنشئ من أجله، وعدم رجوع الدائنين على الأموال الخاصة للمؤسِّسين للتباين بين ذمم المؤسِّسين وذمة الشخص الاعتباري. وهذه الذمة التي تثبت للشخص الاعتباري هي نتاج الاعتراف القانوني بأهلية الوجوب له، ونعني بأهلية الوجوب صلاحية الإنسان لأن تثبت له الحقوق وعليه الواجبات؛ لأن مناطَ هذا النوع من الأهلية: الذمةُ، وهي بمقتضى القانون ثابتة للشخص الاعتباري. فإثبات الذمة المالية للشخص الاعتباري على هذا النحو إثبات لأهلية الوجوب تبعًا، وهذه وتلك – أي: الذمة وأهلية الوجوب – هما الأساس في بناء الشخصية الاعتبارية، فالذمة كما يعرِّفها جمهور الأصوليين والفقهاء: وصفٌ مقدَّرٌ يصير به الإنسان أهلًا للإيجاب له وعليه(8)، والذمة تبدأ مع الشخص منذ الحمل به وتبقى معه طيلة حياته، وجمهور الفقهاء على أنها تبقى بعد الموت حتى تصفَّى الحقوق المتعلقة بالتركة، وعليه فيصح للميت اكتساب حقوق جديدة بعد موته كان سببًا لها، كمن نَصَبَ شبكة للاصطياد فوقع فيها حيوان فإنه يملكه(9)، والشاهد من ذلك: أن إثبات الذمة بعد موت الإنسان حتى تصفَّى الحقوق المتعلقة بالتركة، وصحة اكتساب حقوق جديدة للذمة بعد موت الإنسان؛ يمثِّل قاعدة يصح بها التنظير للشخصية الاعتبارية بحيث يثبت لها الذمة، ويتكامل هذا التنظير بنصوص الفقهاء التي يفهم منها قابلية الذمة للثبوت لغير الإنسان: سواء الأشياء، كالوقف وبيت المال والمساجد ودور العلم أو أي جهة عامة، أو لمجموع الأشخاص والأموال، كالشَّرِكَة، ففي "العقود الدرية" لابن عابدين(10): «ناظر على مسجد، وللمسجد وقف، فأذن الناظر لحصري أن يكسو المسجد ويكون ثمن الحصير من ريع الوقف ففعل، وعزل الناظر ثم تولى ناظر وهو إلى الآن ناظر، والحال أن الناظر الأول لم يتناول من ريع الوقف شيئًا، فهل يلزم الناظر الثاني تخليص حق الحصري لأن حقه معلَّق بريع الوقف؟ أو يلزم الناظر الأول؟ الجواب: يلزم الناظر الثاني تخليص حق الحصري ودفعه له من ريع الوقف، ولا يلزم ذلك الناظر الأول حيث عُزل». حيث يفيد هذا النص وجوب ثمن الحصير في ذمة الوقف.

وقد نصَّ الفقهاء على أن المسجد يصح أن يكون شريكًا بل ويأخذ بالشفعة، ولا يكون ذلك إلا إذا كان لبيت المال ذمة مالية مستقلة، يقول الخَرَشي في شرحه على "مختصر خليل(11)": «للسلطان أن يأخذ بالشفعة لبيت المال»، ويقول الشيخ زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب(12)": «(فرع) لو كان (للمسجد شِقْصٌ) من أرض مشتركة (مملوك له بشراء أو هبة ليصرف في عمارته ثم باع شريكه) نصيبه (فللمقيم أن يَشْفَع) أي: يأخذه بالشفعة (إن رآه مصلحة) كما لو كان لبيت المال شريك في أرض فباع شريكه نصيبه فللإمام الأخذ بالشفعة إن رآه مصلحة».

كما أثبت الفقهاء التملك للمسجد، وبهذا التملك أثبتوا له الذمة؛ إذ لا يملك من له ليس ذمة؛ وأثبتوا له في هذا المجال ما يكون للإنسان الحر، فله أن يَمْلك ما يوهب له وينتفع بما يوقف عليه؛ ففي "أسنى المطالب(13)": «وجعل البقعة مسجدًا أو مقبرة؛ تحرير لها، كتحرير الرقبة في أن كلًا منهما انتقل إلى الله تعالى، وفي أنهما يملكان كالحر»، فكما أن تحرير الرقبة يعتقها ويجعل الرقيق شخصًا كامل الأهلية والحرية وله ذمة مستقلة، فكذلك إخراج المال عن ملكية صاحبه وجعله مسجدًا أو مقبرة؛ يجعله شخصًا قانونيًا له ذمة وأهلية.

ويقول شمس الدين الرملي عند كلامه على وظيفة ناظر الوقف: « (ووظيفته) عند الإطلاق: حفظ الأصول والغلات على وجه الاحتياط كولي اليتيم و (الإجارة والعمارة) وكذا الاقتراض على الوقف عند الحاجة»(14). وقال أيضًا في كتاب الوصايا(15): «(وتصح لعمارة) نحو (مسجد) ورباط ومدرسة -ولو من كافر- إنشاءً وترميمًا; لأنها من أفضل القرب ولمصالحه (وكذا إن أطلق في الأصح) بأن قال: أوصيت به للمسجد, وإن أراد تمليكه (وتحمل) الوصية حينئذ (على عمارته ومصالحه) عملًا بالعرف، ويصرفه الناظر للأهم والأصلح باجتهاده». وفي "الفروع" لابن مفلح(16): «وللناظر الاستدانة عليه بلا إذن حاكم؛ لمصلحة». ويقول ابن جزي في "القوانين الفقهية(17)": «وأما المُحْبَس عليه: فيصح أن يكون إنسانًا أو غيره، كالمساجد والمدارس».

فهذه النصوص تفيد صحة الاقتراض على الوقف، والوصية للمسجد والوقف عليه، ولا يكون ذلك إلا إذا فُرِضَ للوقف وللمسجد ذمة.
فصحة بعض التصرفات المتعلقة بما ذُكِر، كالوصية والشركة والاقتراض، وثبوت التملك والشفعة- دليل افتراض الفقهاء للذمة، ويزداد وضوح هذا الدليل بتحليل عقد الشَّرِكة الفقهي، فالشَّرِكة ما هي إلا خلط بين مالين أو شخصين ينتج عنها الاجتماعُ في الاستحقاق والتصرف، وبعض أحكام الفقه الإسلامي في المشاركات لا تفهم بوضوح إلا بالتسليم وفي إطار فكرة الشخصية الاعتبارية للشركة، خاصة المضاربة، فمن أحكام عقد الشَّرِكة في الفقه الإسلامي ما شرطه الفقهاء في الضمان على الشركة من الخلط بين المالين، بحيث إن أحد الشركاء يتحمل هلاك ماله إن كان قبل الخلط، أما لو كان بعد الخلط فيهلك على مال الشركة. يقول ابن الهُمَام في "فتح القدير(18)": «(إذا هلك مال الشركة كله بطلت الشركة) وكذا لو هلك أحد المالين قبل الخلط وقبل الشراء يهلك من مال صاحبه وحده، سواء هلك في يد مالكه أو يد شريكه؛ لأنه أمانة في يده، بخلاف ما بعد الخلط حيث يهلك عليهما؛ لعدم التمييز». ويقول الشيخ عليش في "منح الجليل(19)": «وإن اشترك شخصان أو أكثر شركة صحيحة ثم تلف مال أحدهما أو بعضه؛ ضمِنه شريكه معه (إن خلطا) -أي: الشريكان- ما أخرجاه للشركة به بعضه ببعض حقيقة، بل (ولو حُكْمًا)، وإلا فالتالف من ربه». فهذا التمايز بين الشَّرِكة –ككيان- وبين أشخاص الشركاء؛ دليل على الإقرار بوجود ذمة مالية منفصلة للشركة. يقول الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج(20)": «ويشترط خلط المالين بحيث لا يتميزان، ولابد من كون الخلط قبل العقد، فإن وقع بعده في المجلس لم يكفِ على الأصح، أو بعد مفارقته لم يكن جزمًا؛ إذ لا اشتراك حال العقد فيها، والعقد بعد ذلك، ولا يكفي الخلط مع التمييز بنحو اختلاف الجنس؛ كدراهم ودنانير، أو صفة؛ كصحاح ومكسرة ... فإن خُلطا حينئذ وتلف نصيب أحدهما، تلف عليه فقط، وتعذرت الشركة في الباقي» ا.هـ، فلابد من الخلط بين المالين، أي: المزج والاجتماع ليخرج من ذمة الشركاء إلى ذمة الشركة، وهذا يدل على أن الشركة لها نوع شخصية مختلفة عن شخصية الشركاء.

ومن أحكامها: أن الأصل في الشركة أنها تبطل وتنتهي بموت أحد الشركاء، جاء في "المدونة(21)": «إذا مات أحد الشريكين لم يكن للباقي منهما أن يحدث في المال الباقي ولا فصفي السلع قليلًا ولا كثيرًا إلا برضا الورثة؛ لأن الشركة حين مات أحدهما انقطعت فيما بينهما وصار نصيب الميت للورثة»، وفي "حاشية ابن عابدين"(22): «وتبطل شركة العقد بموت أحدهما، علِم الآخر أو لا؛ لأنه عزْل حكمي». لكن الفقهاء حكموا باستمرار الشركة حتى ولو مات أحد الشريكين أو الشركاء؛ في حالات: منها إذا كانوا ثلاثة أو أكثر، حيث تنفسخ في حقه فقط دون حق الباقين، يقول ابن عابدين: «فلو كانوا ثلاثة فمات أحدهم حتى انفسخت في حقه – أي: الشركة- لا تنفسخ في حق الباقين»، ومنها: إذن ورثة الميت، يقول البهوتي في "كشاف القناع(23)": «(إذا مات أحد الشريكين وله وارث رشيد فله) أي: الوارث (أن يقيم على الشركة، ويأذن له الشريك في التصرف) ويأذن هو أيضًا لشريكه فيه (وهو) أي: بقاؤه على الشركة (إتمام الشركة وليس بابتدائها)». فالحكم باستمرارية الشركة بعد بطلانها بموت أحد الشركاء دليل على ثبوت الذمة المستقلة لها، وتلك خصيصة من أهم الخصائص التي يتسم بها الشخص الاعتباري.

وقد نص الفقهاء على أن الشريك المأذون له بالتصرف له أن يبيع ويشتري وأن يتملك للشركة، وأن يشارك غيره، وأن يضارب وهو وكيل عن شريكه وأصيل عند نفسه، وكل هذا يتعلق بأهليتَي الوجوب والأداء، وهما تنتقلان للشركة باعتبارها شخصًا اعتباريًا في الحدود التي يمكن أن تقوم بها الشركة، وعلى هذا فللشركة أن تتملك وأن تتصرف، والتملك والتصرف من آثار ثبوت الذمة.

ولعل من أصرح المسائل التي تبيِّن ثبوت الذمة لغير الإنسان بعضَ الأحكام التي قررها الفقهاء في باب المضاربة، فقد نصَّ الحنفية على أن المضارب لو اشترى دارًا بمال المضاربة وكان رب المال جارًا لمن اشترى منه استحق رب المال الشفعة، يقول الكاساني في "البدائع(24)": «ولو اشترى المضارب دارًا ورب المال شفيعها بدار أخرى بجنبها فله أن يأخذ بالشفعة; لأن المشترى وإن كان له في الحقيقة لكنه في الحكم كأنه ليس له, بدليل أنه لا يملك انتزاعه من يد المضارب»، ويقول أيضًا : «ولو أن أجنبيًا اشترى دارًا إلى جانب دار المضاربة, فإن كان في يد المضارب وفاء بالثمن فله أن يأخذها بالشفعة للمضاربة, وليس لرب المال أن يأخذها لنفسه; لأن الشفعة وجبت للمضاربة وملك التصرف في المضاربة للمضارب». فهذا التفريق بين ذمة المضارب وذمة رب المال من ناحية وبين المضاربة ككيان معنوي من ناحية؛ دليل على افتراض الذمة لها، وقوله: «لأن الشفعة وجبت للمضاربة» صريح في هذا، ويؤيد هذا التفريق بين ذمة رب المال وذمة المضارب والمضاربة: تجويز الحنفية شراء رب المال من المضارب، وشراء المضارب من رب المال أيضًا وإن لم يكن في المضاربة ربح في الحالتين، بفرض مال المضاربة مالًا أجنبيًا بالنسبة لهما، يقول الكاساني(25): «ويجوز شراء رب المال من المضاربة وشراء المضارب من رب المال, وإن لم يكن في المضاربة ربح في قول أصحابنا الثلاثة ... لنا: أن لرب المال في مال المضاربة ملك رقبة لا ملك تصرف، وملكه في حق التصرف كملك الأجنبي, وللمضارب فيه ملك التصرف لا الرقبة, فكان في حق ملك الرقبة كملك الأجنبي، حتى لا يملك رب المال منعه عن التصرف, فكان مال المضاربة في حق كل واحد منهما كمال الأجنبي؛ لذلك جاز الشراء بينهما».

وبناء على ذلك: فلا مانع من ثبوت الذمة للشخصية الاعتبارية لا سيما وأن اعتبار الذمة ما هو إلا إجراء تنظيمي لضبط الأحكام، يقول فضيلة الشيخ/ علي الخفيف في كتابه "الشركات في الفقه الإسلامي(26)": «وجملة القول في ذلك: أن نظرية الذمة وما فرع عليها من الأحكام ليس إلا تنظيمًا تشريعيًا يراد منه ضبط الأحكام واتساقها، ويصح أن يتغير ويتطور لمقتضيات المعاملات وتطورها إذا ما اقتضت المصلحة ذلك، وليس فيما جاء به الكتاب ولا فيما أثر من السنة ما يمنع من أن تفرض الذمة لغير الانسان، وتفسَّر تفسيرًا يتسع لأن تثبت للشركات والمؤسَّسات والأموال العامة، على أن يكون ما يثبت لهذه الجهات من الذمة دون ما يثبت للإنسان على درجة من الكمال تجعله أهلًا لأن يكلَّف بما هو عبادة ولأن تشغل بما هو واجب ديني». والتعليل السابق الذي ذكره الحنفية في صورة الشفعة؛ من أن رب المال من حيث المعنى ليس مالكًا لمال المضاربة- هو ما عليه الفقه القانوني؛ حيث لا يعتبر المساهمون في الشركة مالكين لموجودات الشركة من حيث المعنى والظاهر، وإنما هم مالكون من حيث المآل، بدليل أنهم ليس لهم الحق في التصرف في موجوداتها ما دامت الشخصية الاعتبارية للشركة موجودة ومعترفًا بها، كما أن ما ذكره الفقهاء من أن مسؤولية رب المال في المضاربة لا تتعدى إلى ماله الخاص في حالة الاستدانة على مال المضاربة أو الشراء بأكثر من مال المضاربة- هو ما أقره القانون من عدم رجوع الدائنين على الأموال الخاصة للمؤسِّسين؛ للتباين بين ذمم المؤسِّسين وذمة الشخص الاعتباري.

ولا يصح الاعتراض على التنظير بين الشركة في الفقه الإسلامي والشخصية الاعتبارية في القانون بأن الشركة لا وجود لها في الواقع إلا من خلال الشركاء المكوِّنين لها، فالشركة من قبيل الكلي الذي لا يتحقق إلا بجزئياته، وعليه فالقول بوجود الكلي منفكًا عن جزئياته وأنه يتمتع بأهلية مستقلة عن أهلية جزئياته- كلام لغو لا معنى له. والرد على ذلك: أن المصلحة التي تحققها الشركة مصلحة جماعية قوامها المال والإرادة الجماعية التي تتجه لتحصيل هذه المصلحة، وهذه الإرادة تتمثل في أن الشركة لا بد لها من عدد من الأفراد (الشركاء) يُعهَد إلى بعضهم حق التصرف وتمثيل الشركة حسب ما تمليه الاعتبارات العملية، وليس هذا إلا وسيلة لتسهيل وتيسير وإدارة هذا الكيان (الشركة)، كما أن هذه الإرادة الجماعية إذا ثبت انحرافها وبُعدها عن تحقيق هذه المصلحة الجماعية فلا يعتد حينئذ بالشخصية الاعتبارية للشركة، يضاف إلى ذلك ما سبق من أن اعتبار الذمة ما هو إلا إجراءٌ لضبط الأحكام وتنظيم المسائل.

وخلاصة القول: أن هناك تباينًا بين الشخصية الطبيعية والاعتبارية، وكان لهذا التباين بين الشخصيتين أثره على الأحكام المتعلقة بكل منهما، وهذه الأخيرة بمفهومها القانوني لم تكن غريبة على الفقه الإسلامي، بل تصوَّرها الفقهاء وإن لم ينصُّوا على اسمها، وقد أخذ بها القانون المدني المصري كغيره من قوانين الدول العربية، ونظَّم التعامل معها في شخص مَن يمثِّلها. 
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) [لسان العرب لابن منظور (7/ 45)، ط. دار صادر].
(2) [2/158، ط. المطبعة الميمنية].
(3) [مغني المحتاج 2/82، ط. دار الفكر].
(4) [3/15، ط. دار إحياء التراث العربي].
(5) [5/376، ط. دار الفكر].
(6) [9/101، ط. دار إحياء التراث العربي].
(7) [2/240، ط. دار الكتب العلمية].
(8) [كشف الأسرار لعلاء الدين البخاري 4/238، ط. دار الكتاب الإسلامي، والفروق للقرافي 3/231، ط. عالم الكتب].
(9) [راجع: الموسوعة الفقهية (21/277)، مصطلح (ذمة)، ط. وزارة الأوقاف الكويتية].
(10) [ص203، ط. دار المعرفة].
(11) [6/163، ط. دار صادر].
(12) [2/363، ط. دار الكتاب الإسلامي].
(13) [2/470 بتصرف] .
(14) [نهاية المحتاج 5/399، 400، ط. دار الفكر].
(15) [نهاية المحتاج 6/47، 48].
(16) [4/600، ط. عالم الكتب].
(17) [ص273، ط. دار الكتب العلمية].
(18) [6/179].
(19) [6/254، ط. دار الفكر].
(20) [2/ 213، 214].
(21) [4/45، طبعة دار الفكر].
(22) [4/327، ط. دار الكتب العلمية].
(23) [3/506، ط. عالم الكتب].
(24) [بدائع الصنائع 6/101، ط. دار الكتب العلمية].
(25) [بدائع الصنائع 6/102].
(26) [ص 26، ط. دار النشر للجامعات المصرية].