كان جدي -رحمة الله عليه- يزرع قطعة أرض بالإيجار، ثم توفي وزرعها والدي وعمي، ثم أخذها المالك الأصلي للأرض سنة 1990م وأعطاهما قطعة أرض مقابل تركهما لها، ثم توفي والدي في ذلك الحين وكانت عماتي متزوجات بعيدًا عن المنزل أثناء تسليم الأرض الإيجار للمالك الأصلي، علمًا بأن أبي وعمي كانا يزرعان الأرض مع جدي لفترة طويلة قبل موته بعشرين عامًا، فهل الخلو من الأرض الذي أخذاه حلال؟ وهل لعماتي نصيب فيه؟ كان جدي ووالدي مقيمين في منزل واحد، وكان أبي يعمل واشترى قطعة أرض مساحتها قيراطان، ودفع ثمنها وكتبها باسمه، فهل لعماتي حق في الأرض المشتراة بعد وفاة جدي ووالدي؟
الخلو المأخوذ بالصورة الموصوفة بالسؤال جائزٌ شرعًا، والمقرر فقهًا أن العقود الإيجارية لا تورث وإنما تمتد بقوة القانون، وعليه: فالخلو المأخوذ نظير التنازل عن منفعة الأرض ليس ميراثًا، بل هو حقٌّ لوالدك وعمك اللَّذَين كانا يعملان مع أبيهما في الأرض قبل موته، وبالنسبة للأرض التي اشتراها الوالد وكتبها باسمه ومات وهي ملكٌ له فتعدّ تركةً عنه تقسم على ورثته الشرعيين من بعده كلٌّ حسب نصيبه الشرعي، فلا ميراث لأخواته؛ لحجبهن بأبناء الميت الأقرب منهن جهة.
أولًا: عقد الإيجار في الشريعة الإسلامية يجب أن يكون مؤقتًا بمدة، ولا يجوز أن يكون من غير أجل محدد على التأبيد، فإذا نُص في العقد أنه مؤبد بطل، وإذا نص فيه على مدة محددة يجب الالتزام بها، وإذا صدرت قوانين تمدّ أجله بشروط معينة فإن لولي الأمر أن يقيد المباح، وتنزل حينئذ مدة العلاقة الإيجارية منزلة المدة الطويلة التي تمتد إلى خمسين سنة عند بعضهم وإلى تسعين عند آخرين، والعلاقة بين المؤجر والمستأجر لازمة من طرف المؤجر جائزة من طرف المستأجر.
وعليه: فإن للمستأجر أن يبيع باقي المدة التي بين بدء عقده وبين التسعين سنة المذكورة لصاحب الملك أو للغير بحسب الحال، وهذا النظر يصحح عقود الإيجار المعمول بها الآن في عصرنا، ولا يبطل على الناس جُلّ عقودهم من ناحية، ولا يعارض ما ارتآه وليُّ الأمر لتحصيل المصالح الاقتصادية والاجتماعية لاستقرار الأمن في البلاد من ناحية أخرى، والأخير غرض شريف مطلوب في الشريعة ومرغوب إليه فيها.
إن ما يؤخذ اليوم مما يسمى بالفروغ أو خلو الرِّجل أو اليد لا مانع منه شرعًا في تقديري؛ فللمالك المؤجر أن يأخذ من المستأجر مقدارًا مقطوعًا من المال مقابل الخلو أو الفروغ، ويُعدُّ المأخوذ جزءًا معجلًا من الأجرة المشروطة في العقد.
وأما ما يدفع في المستقبل شهريًّا أو سنويًّا؛ فهو بالإضافة إلى ما تم تعجيله يُعدُّ جزءًا آخر مكملًا من الأجرة مؤجل الوفاء.
وأما ما يأخذه المستأجر من الفروغ مقابل تنازله عن اختصاصه بمنفعة العقار المؤجر لشخص آخر يحل محله فهو جائزٌ أيضًا إذا كانت مدة الإجارة باقيةً وإلا كان غصبًا حرامًا، فقد صرّح الشافعية أثناء كلامهم عن صيغة عقد البيع بما يقارب هذا المعنى فقالوا: لا يبعد اشتراط الصيغة في نقل اليد في الاختصاص أي: عند التنازل عن حيازة النجاسات لتسميد الأرض؛ كأن يقول: رفعت يدي عن هذا الاختصاص، ولا يبعد جواز أخذ العوض عن نقل اليد كما في النزول عن الوظائف، إلّا أنّ ذلك كله مقيدٌ شرعًا ضمن مدة الإيجار المتفق عليها.
وتنازل المستأجر لغيره بعوض بعد انتهاء المدة مرهون برضا المالك، وبالرغم من أن أصل المذهب الحنفي لا يجيز الاعتياض عن الحقوق المجردة كحق الشفعة، وكذا لا يجيز بيع الحق، فإن كثيرًا من الحنفية أفتى بجواز النزول عن الوظائف بمال كالإمامة والخطابة والأذان ونحوها، وتستند هذه الفتوى إلى الضرورة وتعارف الناس، وبالقياس على ترك المرأة قَسْمها لصاحبتها؛ لأن كلًّا منها مجرد إسقاط للحق، وقياسًا على أنه يجوز لمتولي النظر على الأوقاف عزل نفسه عند القاضي، ومن العزل الفراغ لغيره عن وظيفة النظر أو غيره، وقد جرى العرف بالفراغ بعوض.
هذا وقد وجدت رسالة للمتأخرين من علماء المالكية بعنوان: "جملة تقارير وفتاوى في الخلوات والإنزالات عند التونسيين" لمفتي المالكية إبراهيم الرياحي بتونس المتوفى سنة 1266هـ، والشيخ محمد بيرم الرابع التونسي، والشيخ الشاذلي بن صالح باس مفتي المالكية بتونس، والشيخ محمد السنوسي قاضي تونس يقررون فيها جواز المعاوضة عن الخلوات عملًا بالعرف والعادة، ولأن المستأجر يملك المنفعة فله أن يتنازل عنها بعوض كالإجارة وبغير عوض كالإعارة، فقد نقل البناني عن البرزلي في النزول عن الوظيفة ما يقتضي جوازه، ونقل فتوى الفاسيين بجواز بيع الخلو، وقال الشيخ محمد بيرم وما أشبه الخلو بالمغارسة، غير أن الخلو لا تحصل به ملكية الرقبة لتعلقه بالمنفعة.
قرار مجمع الفقه الإسلامي في جدة رقم 6 لعام 1408هـ الموافق 1988م: يحسن إيراد ما تضمنه هذا القرار:
[أولًا: إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغًا مقطوعًا زائدًا عن الأجرة الدورية وهو ما يسمى في بعض البلاد خُلوًّا فلا مانع شرعًا من دفع هذا المبلغ المقطوع على أن يعد جزءًا من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة.
ثانيًا: إذا تم الاتفاق بين المالك وبين المستأجر أثناء مدة الإجارة على أن يدفع المالك إلى المستأجر مبلغًا مقابل تَخَلِّيه عن حقه الثابت بالعقد في ملك منفعة بقية المدة، فإنَّ بَدَلَ خلو الرِّجل هذا جائز شرعًا؛ لأنه تعويض عن تنازل المستأجر برضاه عن حقه في المنفعة التي باعها للمالك، أما إذا انقضت مدة الإجارة ولم يتجدد العقد صراحة أو ضمنا عن طريق التجديد التلقائي حسب الصيغة المُفِيدة له، فلا يحل بدل الخلو؛ لأن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر.
ثالثًا: إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد أثناء مدة الإجارة على التنازل عن بقية مدة العقد لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية فإن بدل الخلو هذا جائز شرعًا، مع مراعاة مقتضى عقد الإيجار المبرم بين المالك والمستأجر الأول، ومراعاة ما تقضي به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية على أن في الإجارات الطويلة المدة خلافًا لنص عقد الإجارة طبقًا لما تسوغه بعض القوانين لا يُجَوِّز للمستأجر إيجار العين لمستأجِر آخر، ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة المالك، أما إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد بعد انقضاء المدة، فلا يحل بدل الخلو؛ لانقضاء حق المستأجر الأول في منفعة العين] اهـ.
وأخذ مقابل عن المدة المتبقية في العقد هو الأصل من فقه الشريعة فهو مباح، فإذا صدر من ولي الأمر ما يمنعه فلا يجوز الافتيات على الإمام في ذلك، فيحرم من جهة حرمة مخالفة ولي الأمر.
وبناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإن الخلو المأخوذ بالصورة الموصوفة بالسؤال جائزٌ شرعًا، والمقرر فقهًا أن العقود الإيجارية لا تورث وإنما تمتد بقوة القانون، وعليه: فإن الخلو المأخوذ نظير التنازل عن منفعة الأرض ليس ميراثًا، بل هو حقٌّ لوالدك وعمك اللَّذَين كانا يعملان مع أبيهما في الأرض قبل موته، وبالنسبة للأرض التي اشتراها الوالد وكتبها باسمه ومات وهي ملكٌ له فتعدّ تركةً عنه تقسم على ورثته الشرعيين من بعده كلٌّ حسب نصيبه الشرعي، فلا ميراث لأخواته؛ لحجبهن بأبناء الميت الأقرب منهن جهة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم أخذ مبلغ مقابل التنازل عن شقة بالإيجار؟ فنحن كنا نسكن مع والدنا في شقة بالإيجار، وقد توفي والدي، وكان قد ترك لنا قطعةَ أرضٍ فضاء قمنا ببنائها لمسكنٍ مناسبٍ في بلدنا وانتقلنا إليه وأغلقنا الشقة، والآن جاء صاحب الشقة وقال لأمي وأخي الأكبر: أنا أريد الشقة وسوف أعطيكم مبلغًا من المال مقابل التنازل عن العقد، فوافقت أمي وأخذت المبلغ الذي أعطاه لها، وتنازلت عن العقد. وتطلب السائلة بيان رأي الشرع في ذلك؟
اشترى السائلُ كراكةً بثمن مؤجل يزيد عن ثمنها المعجل، ويريد تشغيلها، فاتفق مع الأهالي على إيجار تشغيلها الحالّ النقدي المعجل الساعة بخمسة وعشرين جنيهًا، وعلى إيجارها المؤجل الساعة بخمسة وثلاثين جنيهًا. ويسأل عن حكم هذا الاتفاق شرعًا، وهل يدخل في دائرة الربا المحرم؟
أنا أرملة منذ خمس سنوات أقطن في شقة إيجار منذ أن تزوجت منذ اثنين وثلاثين عامًا، وكان لزوجي بنتان وابنان من طليقته قبل زواجي به، وكانوا صغار السن فقمت بتربيتهم، ورزقني الله من زوجي بطفلين، وقمت بتربيتهم أحسن تربية حتى كبروا، وترك زوجي يرحمه الله لكل ابن من أولاده شقة تمليك وشقة الإيجار التي أقطن بها أنا وولداي منذ أن توفاه الله، والآن أولاده من الزوجة الأولى يطمعون في شقتي متعللين أنها ورث عن والدهم، وعندما توفي زوجي كان يقطن معي بالشقة ولداي وأحدهما يساعدني على المعيشة. ما هو حكم الشرع؟
ما حكم تلقيح الحيوان مقابل مال؛ فأنا مهندس مصري الجنسية بالولايات المتحدة الأمريكية، ولدي مزرعة لتربية الخيول العربية الأصيلة، وتوجد في ولاية أخرى مزرعة لتربية الخيول العربية ولديهم حصان عربي أصيل، وقد صرف عليه صاحبه مبلغًا من المال حتى أصبح في مستوى عال، ويريد السائل أن يرسل أحد خيوله من مزرعته إلى هذه المزرعة الأخرى؛ لتنجب من هذا الحصان المشهور لمدة شهرين تقريبًا حتى يتم اللقاح مقابل مبلغ من المال يدفعه السائل لصاحب الحصان وإعادة الخيول إلى مزرعته. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي، وهل هذا حلال أم حرام؟
ما حكم أجرة مستودع في مشروع بين شريكين؟ فشخصان تشاركا على تعهُّدِ بناءٍ للحكومة أحدهما مهندس والآخر عامل ومُموِّل، وبعد عقد الشركة بينهما تذاكرا في استئجار مستودع لموادِّ البناء وآلاتِه، ثم فَطن العاملُ أن عنده مكانًا يصلح لأن يكون مستودعًا فذكره لشريكه المهندس فرضي شريكُه بذلك، وقد استعملا هذا المكان ولكن لم يذكرا شيئًا عن مقدار أجره، وبقي هذا الأجرُ مجهولًا إلى أن انتهت شركتهما وأرادا الانفصال. وقد طالب صاحب المستودع شريكه المهندس بدفع نصف أجرة المستودع فرضي شريكه بذلك بادئ الأمر، وبعث رجلًا مُختصًّا فخمَّن أُجرَته ورضي صاحبُ المستودع بذلك التخمين أيضًا، ثم قال له بعضُ أهلِ العلمِ إن هذا طالما من الشريك يعتبر تبرُّعًا، وإنكم سُئلتُم بوصفكم أمين إفتاء حماة فأفتيتم بأن هذا من قبيل الإجارة الفاسدة وفيها أجرُ المِثل؛ حيث لم يُذكر فيها بدلُ الإيجار، وليس هذا من قبيل التبرُّع؛ حيث لم يُذكر التبرع نصًّا ولا دلالةً ولا العرفُ يدلُّ عليه، بل يدل على الإجارة، وفي آخر الكتاب الرغبةُ في الإجابة عن هذه الواقعة.
هل يجوز إيجار شجر الفاكهة مقدَّمًا لسنين؟