حكم مصرف الركاز

تاريخ الفتوى: 03 يناير 2018 م
رقم الفتوى: 5060
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
حكم مصرف الركاز

هل الركاز للفيء أو للزكاة؟

الأصل أن الركاز -على خلاف بين الفقهاء في تعريفه- يجب فيه الخمس، وهذا الخمس يصرف في مصارف الزكاة لا الفيء، لكن لو كان هناك قانون ينظم الأمر على وجه يراعي المصالح العامة في ذلك فيجب العمل به؛ فلو كان الركاز من جملة الآثار التي يعثر عليها في أرض مصر فإنه يعتبر من الأموال العامة التي لا يجوز للفرد تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها بغير تصريح من الدولة، سواء عثر عليها في أرض تملكها الدولة أو يملكها الأفراد.

المحتويات

 

بيان المقصود بالفيء والركاز وأقوال الفقهاء في ذلك

الفيء: مصدر مستعمل في المال الراجع من الكفار إلى المسلمين بلا قتال، وبلا إيجاف الخيل، وبلا ركاب؛ من استعمال المصدر في اسم الفاعل؛ لأنه راجع، والمفعول؛ لأنه مردود. انظر: "مغني المحتاج" للشربيني (4/ 145، ط. دار الكتب العلمية).
والرِّكاز لغة: بمعنى المركوز، كالكتاب بمعنى المكتوب، وهو من الركز أي: الإثبات، يقال: ركز شيئًا في شيء ركزًا: إذا أقره وأثبته. ورَكَزَ الله المَعادِنَ في الجبال: أَثْبَتَها. وشيء مركوز في العقول؛ أي: ثابت فيها. ومَركوزٌ في الأَرض: أَي ثابتٌ ومَدفُون. انظر: "المعجم الوسيط" (1/ 766، ط. مجمع اللغة العربية)، و"تاج العروس" (15 / 160، ط. دار الهداية).
وقد ذهب الحنفية إلى أن الركاز اسم يطلق على ما كان ذا قيمة مدفونًا في باطن الأرض؛ سواء أكان بفعل المخلوق أم بفعل الخالق سبحانه وتعالى، فهو عندهم أعم من الكنز ومن المَعدِن. انظر في ذلك: "تبيين الحقائق" للزيلعي (1/ 287-288، ط. دار الكتاب الإسلامي).
وأما الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة: فإن الركاز عندهم هو عبارة عن دفين الجاهلية خصوصًا على تفصيل عندهم في ذلك.
فيرى المالكية أن الركاز عبارة عن دفن جاهلي: أي مال مدفون كان يمتلكه شخص جاهلي، وفسروا مرادهم بالجاهلي أنه غير المسلم والذمي، فيشمل من كان قبل الإسلام ومن كان بعده. انظر: "منح الجليل شرح مختصر خليل" للشيخ عليش (2/ 81، ط. دار الفكر).
ويرى الشافعية أن الركاز عبارة عن دفين الجاهلية وأموالها من النقدين الذهب والفضة، وفسروا الجاهلية بأنها ما كان قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ويعتبر في كون الدفين الجاهلي ركازًا أن لا يُعلم أن مالكه بلغته الدعوة، فإن علم أنها بلغته وعاند ووجد في بنائه أو بلده التي أنشأها كنز فليس بركاز، بل فيء. انظر: "مغني المحتاج" (2/ 103، ط. دار الكتب العلمية)، و"أسنى المطالب" (1/ 386، ط. دار الكتاب الإسلامي).
ويرى الحنابلة أن الركاز هو الكنز من دِفن الجاهلية، أو مَنْ تَقَدَّم مِنْ كفار في الجملة، عليه أو على بعضه علامة كفر. انظر: "مطالب أولي النهى" (1/ 426، ط. عالم الكتب). ولا يشترط فيه أن يكون من النقدين، بل يكون من أي نوع من المال قل أو كثر. انظر: "الإنصاف" (3/ 123، ط. دار إحياء التراث العربي).

المقدار الواجب في الزكاز وما مصرفه

الركاز يجب فيه الخمس؛ لما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ»، ولا يجب ذلك إلا على من تجب عليه الزكاة؛ لأنه زكاة.
وهذا الخمس يجب صرفه في مصرف الزكاة لا في مصرف الفيء؛ وذلك لما رواه ابن ماجه عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ».
قال الإمام الماوردي في "الحاوي" (3/ 337، ط. دار الكتب العلمية): [فلما نفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما سوى الزكاة، وأثبت الزكاة، وكان في المعادن والركاز حق ثابت، علم أنه زكاة؛ لنفيه ما سواها، ولأن مال الفيء مأخوذ من مشرك على وجه الصغار والذلة، وهذا مأخوذ من مسلم على وجه القربة والطهرة، فلم يجز أن يجمع بينهما مع اختلاف أحكامهما وموجبهما] اهـ.

التحذير من الاستيلاء على ما في باطن الأرض من آثار

المفتى به أن انتقال ملكية الأرض من المالك الأول عند الفتح إلى المالك الحالي لا يستتبع انتقال ملكية الركاز المدفون في الأرض ما لم يكن المالك الحالي أحد ورثة المالك الأول، وإذا عُدِم انتقال ملكية الركاز للمالك الحالي مع التأكد من تعذر الوصول إلى المالك الأول وورثته فمِن ثَمَّ يكون ذلك الركاز مملوكًا لعموم المسلمين أو لبيت المال ويصير لقطة يجب ردها إليه.
ولو كان هناك قانون ينظم الأمر على وجه يراعي المصالح العامة في ذلك فلا بد من العمل به؛ لأن القاعدة الشرعية أن "تصرف ولي الأمر على الرعية منوط بالمصلحة". انظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص: 121، ط. دار الكتب العلمية).
والركاز هذا قد يكون من الأموال التي يتضرر مجموع الأمة لو اقتصر تملكها على بعضهم وتصرف فيها بما لا يحقق المصلحة العامة، فمثلها في ذلك كالماء العِدّ -وهو الماء الدائم الذي لا انقطاع له؛ كماء العيون- والمعادن وما لا يستغنى عنه؛ لما لها من قيم تاريخية وحضارية وعلمية واقتصادية تصب جميعها في مصلحة المجتمع ونمائه وتقدمه.
وقد روى أبو داود وغيره عن أبْيَضَ بن حَمَّالٍ رضي الله عنه أنه وفَدَ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم، فاستقطَعَه المِلحَ الذي بمأرِبَ، فقطعه له، فلما أن وَلَّى قال رجلٌ من المجلِس: أتدري ما قطعتَ له؟ إنما قطعتَ له الماء العِدَّ، قال: فانتُزِع منه.

موقف القانون المصري من الآثار التي يعثر عليها الشخص

اعتبر القانون المصري الآثار التي يعثر عليها في أرض مصر من الأموال العامة التي لا يجوز للفرد تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها بغير تصريح من الدولة، سواء عثر عليها في أرض تملكها الدولة أو يملكها الأفراد.
جاء في المادة (6) من القانون المذكور: [على أن جميع الآثار تعتبر من الأموال العامة -عدا ما كان وقفًا-، ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات المنفذة له] اهـ.
وجاء في المادة (24) منه أنه: [على كل من يعثر مصادفة على أثر منقول، أو يعثر على جزء أو أجزاء من أثر ثابت فيما يتواجد به من مكان، أن يخطر بذلك أقرب سلطة إدارية خلال ثمان وأربعين ساعة من العثور عليه، وأن يحافظ عليه حتى تتسلمه السلطة المختصة، وإلا اعْتُبِرَ حائزًا لأثر بدون ترخيص، وعلى السلطة المذكورة إخطار الهيئة بذلك فورًا، ويصبح الأثر ملكًا للدولة، وللهيئة إذا قدرت أهمية الأثر أن تمنح من عثر عليه وأبلغ عنه مكافأة تحددها اللجنة الدائمة المختصة] اهـ.

الخلاصة

عليه: فالأصل أن الركاز يجب فيه الخمس؛ وهذا الخمس يجب صرفه في مصرف الزكاة لا في مصرف الفيء.
ولكن لو كان هناك قانون ينظم الأمر على وجه يراعي المصالح العامة في ذلك فيجب العمل به؛ فلو كان الركاز من جملة الآثار التي يعثر عليها في أرض مصر فإنه يعتبر من الأموال العامة التي لا يجوز للفرد تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها بغير تصريح من الدولة، سواء عثر عليها في أرض تملكها الدولة أو يملكها الأفراد.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الزكاة لمن عليه دين بسبب كساد تجارته؟ فرجل تاجر أخذ مبالغ مالية من بعض الأشخاص بغرض التجارة ولكن تجارته كسدت، وأصبح مدينًا للعديد من الأشخاص بمبالغ طائلة لا يستطيع الوفاء بها، وتريد جهة خيرية الوفاء بهذه الديون عنه من أموال الزكاة بصفته من الغارمين، فهل يصحُّ؟ وهل هذا الشخص ينطبق عليه صفة الغارم وبالتالي يستحق في أموال الزكاة؟


هل يصح العمل بهذه المقولة: "اللي يحتاجه البيت يحرم على الجامع"؟ فقد دار نقاش بين مجموعة من الأشخاص على إثر دعوة أحد الدعاة في القرية من إكثار الجميع من التبرعات والصدقات؛ لصرفها على توسيع المسجد وترميمه وعلى بعض أعمال النفع العام، وكذلك لمساعدة بعض المحتاجين من الفقراء والمساكين في ظل الظروف الراهنة، فذكر البعض أن ضعيف الحال يجب عليه عدم الإنفاق من ماله في تلك الأحوال وأَنَّ بيته وأهله أولى من ذلك، مسترشدًا بمقولة: "اللي يحتاجه البِيت يحرم على الجامع"، فما صحة ذلك؟


ما حكم إعطاء الأضحيات إلى اللاجئين الأجانب في مصر؟ وما حكم إعطائهم من الصدقات؟ وما حكم عمل أوقاف يصرف من ريعها عليهم؟ وما حكم إعطائهم من الزكاة المفروضة؟


هل يشترط لوجوب الزكاة العلمُ بفرضيتها؟ وإن وجد إنسان مسلم في بلاد المسلمين يجهل وجوبها، ومرَّ عليه أعوام، فهل يجب عليه قضاء ما فات؟


هل يجوز احتساب الزيادة عند أداء الزكاة في موعدها عن العام المقبل؟ فهناك شخصٌ وجبَت عليه الزكاة في ماله هذا العام فأخرجها في موعدها آخر الحول، ثم تبيَّن له أنه أخرج أكثر ممَّا يجب عليه؛ فهل يجوز له أن يحتسب هذه الزيادة من زكاة العام القادم؟


هل يجوز لـمَنْ يعمل موظفًا في جمعيات قائمة على جمع وتوزيع الزكاة أن يأخذَ راتبًا على عمله؛ علمًا بأنَّ كلّ أموال الجمعية من أموال الزكاة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57