ما حكم زكاة الوديعة المرهونة في قرض؛ فقد ورد سؤال ما نصه عندي وديعة في البنك تبلغ النصاب وقد أخذت قرضًا بضمانها، فهل على هذه الوديعة زكاة أم لا؟
لا تجب الزكاة في المال المودع في البنك إذا أخذ صاحبه قرضًا بضمانه؛ لأنه مقيد بدينه ولا يد له عليه.
المحتويات
من المقرر أَنَّ الودائع البنكيَّة تجب فيها الزكاة إذا بلغت الوديعة النصاب، أما إذا أخذ المودع قرضًا من البنك بضمان وديعته فإن هذه الوديعة تصبح مالًا مرهونًا، وقد اختلف الفقهاء في حكم زكاة المال المرهون:
فذهب جمهور فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المال المرهون تجب فيه الزكاة؛ لأنه لم يخرج عن ملك صاحبه، وإنما يضمن فقط حق المرتهن لحين رد ماله، فيجب على الراهن إخراج الزكاة إذا بلغ هذا المال النصاب وحال عليه الحول؛ لأنه يملكه مِلكًا تامًّا، ويخرج الزكاة من غير المال المرهون إذا كان عنده مال يمكنه الإخراج منه، أما إذا لم يكن يملك غيره فإنه يستأذن المرتهن ويخرج زكاته من المال المرهون؛ لأن حق المرتهن يتعلق بهذا المال وإخراج الزكاة منه تنقصه؛ قال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (4/ 255، ط. دار الفكر): [الرهن باقٍ على ملك الراهن] اهـ.
وقال العلامة الخراشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 179، ط. دار الفكر): [شرط الزكاة في العين وغيرها أن يكون المال مملوكًا مِلكًا تامًّا] اهـ.
وجاء في كتاب "الأم للشافعي" (2/ 54، ط. دار المعرفة): [(قال الشافعي): .. وإذا حال الحول على الدراهم المرهونة قبل أن يحل دين المرتهن، أو بعده فسواء، ويخرج منها الزكاة قبل دين المرتهن. (قال الشافعي): وهكذا كل مال رهن وجبت فيه الزكاة] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (5/ 343، ط. دار الفكر): [لو رهن ماشية أو غيرها من أموال الزكاة وحال الحول فطريقان؛ المذهب وبه قطع الجمهور وجوب الزكاة لتمام الملك] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 174، ط. دار الكتب العلمية): [(وتجب) الزكاة أيضًا (في.. مرهون ويخرجها الراهن منه)؛ أي: من المرهون (إن أذن له المرتهن أو لم يكن له مال يؤدي منه) الزكاة غير المرهون كأرش جناية العبد المرهون على دينه. (وإلا) بأن كان للمرتهن مال يؤدي منه الزكاة غير الرهن فإنه يؤديها (من غيره) لتعلق حق المرتهن به] اهـ.
وقال الإمام الزركشي الحنبلي في "شرحه على مختصر الخرقي" (2/ 465، ط. دار العبيكان): [ومن رهن ماشية فحال عليها الحول أدى منها إذا لم [يكن] له مال يؤدي عنها، والباقي رهن. ش: قد دلَّ كلام الخرقي رحمه الله على أحكام (أحدها): أن الزكاة تجب في العين المرهونة وهو واضح؛ لأن الملك فيها تام] اهـ.
أما فقهاء الحنفيَّة فيرون عدم وجوب الزكاة في المال المرهون؛ لعدم تمام الملك الذي هو شرط في الزكاة، أي أنه يجب أن يكون المال تحت يد صاحبه يتصرف فيه كيفما شاء، والمال المرهون وإن كان مملوكًا للراهن إلا أنه تحت يد المرتهن بمثابة ضمان لحقه في حالة ما إذا عجز الراهن عن سداد ما عليه فيكون للمرتهن حق استيفاء ماله منه؛ ولذا قالوا بأنه لا زكاة على المال المرهون حتى تنتهي مدة الرهن ويستعيده الراهن فتكون له حرية التصرف فيه، فعند ذلك تجب فيه الزكاة إذا ما بلغ النصاب وحال عليه الحول، أما إذا عجز الراهن عن سداد الدين فإن المال المرهون يصير مِلكًا للمرتهن وعندئذ تجب عليه هو الزكاة فيه بشروطها؛ قال العلامة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (21/ 85، ط. دار المعرفة): [ولو كان الرهن إبلًا أو بقرًا أو غنمًا سائمة لم يكن فيها زكاة؛ لأن على صاحبها من الدين ما يستغرق رقابها، ووجوب الزكاة من المال النامي باعتبار عناء المالك، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى»، وبالدَّين المستغرق ينعدم الغناء، والسبب إذا وجب الحكم بواسطة لم يثبت الحكم بدون تلك الواسطة كشراء القريب يوجب العتق بواسطة الملك، فإذا اشتراه لغيره لا يكون إعتاقًا لانعدام الواسطة] اهـ.
وقال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 9، ط. دار الكتب العلمية): [لأن المال إذا لم يكن مقدور الانتفاع به في حق المالك لا يكون المالك به غنيًّا ولا زكاة على غير الغنى] اهـ.
وقال الإمام الحصكفي في "الدر المختار" (ص: 126، ط. دار الكتب العلمية): [(فلا زكاة على مكاتب) لعدم الملك التام، ولا في كسب مأذون، ولا في مرهون بعد قبضه] اهـ.
وقال الشيخ ابن عابدين الحنفي في حاشيته على "الدر المختار" (2/ 263، ط. دار الفكر): [(قوله: ولا في مرهون) أي لا على المرتهن لعدم ملك الرقبة، ولا على الراهن لعدم اليد، وإذا استرده الراهن لا يزكي عن السنين الماضية، وهو معنى قول الشارح بعد قبضه، ويدل عليه قول "البحر": ومن موانع الوجوب الرهن، وظاهره ولو كان الرهن أزيد من الدين، قلت: لكن أرجع شيخ مشايخنا السائحاني الضمير في قول الشارح بعد قبضه إلى المرتهن كما رأيته بخطه في هامش نسخته، ويؤيده أن عبارة "البحر" هكذا: ومن موانع الوجوب الرهن إذا كان في يد المرتهن لعدم ملك اليد] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال، وعلى ما ذهب إليه السادة الأحناف: فلا تجب الزكاة في المال المودع في البنك إذا أخذ صاحبه قرضًا بضمانه؛ لأنه مقيد بدينه ولا يد له عليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجوز انتفاع الدائن بالأرض المرهونة في مقابل مبلغٍ اقترضَه منه صاحبُ الأرض إلى أن يتم السداد؟ وهل رفض مالك الأرض المدين تسديد الدين في ميعاده يُعَدُّ مبررًا للدائن المرتهن في استغلال الأرض لحين السداد؟
ما هي كيفية سداد الدين المرهون بالذهب؟ وما حكم أخذ الأجرة على حفظه؟ فقد اقترض رجلٌ من صاحِبٍ له مبلغًا قدرُه سبعة آلاف جنيه، ورهن بهذا الدَّين مشغولاتٍ ذهبيةً قيمتُها وقت الاقتراض اثنا عشر ألف جنيه، وقبل حلول أجَل الدَّين عَرَض على الدائن أن يدفع ما عليه من الدَّين، فقال له: إن سعر الذهب قد ارتفع كثيرًا، وإنه يريد منه زيادة على المال المقتَرَض بما يساوي نسبته من الذهب وقت الاقتراض، فما حكم ذلك شرعًا؟ وهل يجوز له أن يطلب أجرةً مقابل حفظ الذهب المرهون؟
هل يجوز للمرتهن الانتفاع بالأرض الزراعية المرهونة إليه؟ وما رأي فضيلتكم فيما ورد في المجلد الثاني من كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة" في الصفحات 332: 337؟
سئل في تاجر اقترض مبلغًا، ورهن عليه عند دائنه بضاعة -منقولات- تساوي أكثر من قيمة الدين وقت الرهن بكثير كما هي العادة المتبعة في مثل ذلك، وقد اتفق المدين مع الدائن المرتهن على أن يرسل الدائن البضاعة المرهونة لخارج القُطر لأجل بيعها هنالك، وفعلًا شُحِنت البضاعة بعد أن ضمنت إحدى شركات التأمين أخطار البحر كما جرت العادة بذلك، وبعد هذا حصلت عوارض بحرية للبضاعة المرهونة لم تنقص بها قيمة البضاعة عن مقدار الدين، بل ظلت زائدة عليه، وعلم بذلك التاجر، فطالب شركة التأمين بالتعويض عن الضرر الذي نتج من العوارض المذكورة، وقد حصل في أثناء المطالبة أن المدين مالك البضاعة وقف ما كان يملكه من العقارات التي لا علاقة لها بالدين مباشرة، وفي وقت الوقف كانت قيمة البضاعة لا تزال أكثر من مقدار الدين، ثم إنه قد ظهر أخيرًا بعد مضي مدة تغيرت فيها الأسعار وحالة البضاعة أن عملت التصفية بين الدائن والمدين، فتبين منها أن قيمة الأشياء المرهونة والتعويض لا يكفي لسداد الدين والمصاريف والملحقات.
فهل والحالة هذه يكون الوقف صحيحًا؛ لأن الدائن كان معتمدًا وقت الإدانة على البضاعة المرهونة وعلى مركز التاجر الذي كان متينًا وقتئذٍ، ولأن الوقف حصل في وقت كانت فيه البضاعة المرهونة أكثر قيمة من الدين خصوصًا إذا ضم إليها التعويض الذي كان مطلوبًا من شركة التأمين، أو أنه يكون باطلًا؟ وإذا كان صحيحًا فهل يمكن إبطاله والعود على أعيانه بما بقي من الدين بعد المحاسبة واستنزال ما تحصل من التعويض وقيمة الدين المرهونة على حسب ما تساويه الآن لا وقت الاستدانة ولا وقت الوقف؟ أرجو أن تفيدونا بالجواب، ولفضيلتكم الثواب.
ما حكم الانتفاع بالمرهون؛ فقد رهن رجلٌ جزءًا من منزله لآخر على مبلغ معين، واشترط المُرتهِن أخذ الجزء المرهون تحت يده إلى أن يُوفِّيه الراهن بالدين، ولم يُعَيِّن الراهن والمُرتَهِن مدة معينة لسداد الدين، فهل يجوز للمُرتهن أخذ ريع الجزء المرهون شرعًا أم لا؟
ما حكم زكاة الوديعة المرهونة في قرض؛ فقد ورد سؤال ما نصه عندي وديعة في البنك تبلغ النصاب وقد أخذت قرضًا بضمانها، فهل على هذه الوديعة زكاة أم لا؟