حكم التحايل على الشرع والقانون للتهرب من العقوبة

تاريخ الفتوى: 29 نوفمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8121
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: آداب وأخلاق
حكم التحايل على الشرع والقانون للتهرب من العقوبة

ما حكم التحايل على الشرع والقانون تهربًا من العقوبة؟ فبعض الناس الذين لا يلتزمون بالقوانين المنظِّمة للمرور، يستخدمون الحيل للتهرب من دفع الغرامات التي تلحقهم، كطمس معالم الملصق الإلكتروني أو بعض أرقام السيارة، أو تبديلها بغيرها، أو استخدام لوحات لأرقام سيارة من السيارات المتوقفة عن العمل "المُكهَّنة"، فما حكم الشرع في هذا التحايل؟

القوانين المنظِّمة لحركة المرور بما تشتمل عليه من غرامات وعقوبات مستقاة في أصلها من أحكام الشريعة الإسلامية، والتحايل في تطبيقها للمخالفة أو للتهرب من الغرامات المقررة أمرٌ ممنوع شرعًا ومُجرَّمٌ قانونًا، ولا يرفع عن فاعله المساءلة الشرعيَّة والقانونية.

المحتويات

 

مشروعية سنّ القوانين لرفع الأذى عن الطريق

الأمر بضرورة إعطاء الطريق حقه، والامتثال بآدابه، وإزالة الأذى عنه يشمل كلَّ مارٍّ فيه راكبًا أو ماشيًا، وسواء أكان هو المتسبب في حصول الأذى أم كان غيره.

ومِن سبل منعِ الأذى عن الطريق ورفعه: ما يُسن من قوانين تلزم الناس بآدابه وأحكامه وتضبط حركتهم، والتي منها تغريم أو معاقبة مَن خالفها بما يُقرَّر لمخالفته من عقوبة؛ فقد تواردت النصوص في تغريم مَن خرق آداب الطريق أو تسبَّب في إيذاء أهله من المارين فيه، فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ فَأَوْطَأَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَهُوَ ضَامِنٌ» أخرجه الدَّارَقُطْني في "السنن"، والبَيْهَقي في "السنن".

فتغريم كل من يخالف القواعد المنظِّمة لحركة سير الناس في الطريق هو مما جاء به التشريع الإسلامي وتناولته عبارات الفقهاء بما كان موافقًا مناسبًا لأحوال زمانهم ومتطلبات عصرهم، وما كان يستخدم وقتها من وسائل للتنقلات، إلا أن ما اعتبروه موجبًا للتغريم يتسق مع ما يوجب التغريم في عصرنا مع ما بينهما من خلاف في الصورة فقط؛ إذ إن المقصود بالدابة في نصوصهم هي وسيلة التنقل مما يُركب، فلا فرق في ذلك بين كونها دابة من الأنعام أو دابة من الوسائل الحديثة كالسيارات ونحوها.

حكم الالتزام بالقوانين المنظِّمة لحركة المرور

يتضح من ذلك: أن القوانين المنظِّمة لحركة المرور مستقاة في أصولها وفروعها مما يأمر به الشرع الشريف بصورة موافقة للواقع الذي نعيشه؛ مما يؤكد أن الالتزام بها التزام بما يأمر به الله تعالى من حيث هو أولًا على ما سبق وبَيَّنَّا، ثم من حيث كون ذلك طاعة لولي الأمر الذي أمر الله تعالى بطاعته، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم﴾ [النساء: 59]، ولأجل ذلك شدد المشرع المصري في إنزال العقوبة على كل من يتعدى أو يخترق هذه القوانين بأي فعل من الأفعال التي يقصد بها الإضرار بغيره أو التهرب عما يلزمه من تبعات مالية أو جزاءات، والذي يسميه البعض التحايل على القانون.

حكم التحايل على الشرع والقانون تهربًا من العقوبة

ضابط الحيلة المحرَّمة هو: كل فعل قُصد به مخالفة الشرع الشريف فيما يأمر به من أحكام، أو الإضرار بمصالح الناس والتعدي على حقوقهم، وذلك بإظهار عمل ممنوع شرعًا في صورة العمل الجائز، وهو الحاصل في التحايل بالملصقات الإلكترونية للسيارات وبأرقام لوحاتها المعدنية عن طريق إخفاء معالمها أو تغييرها أو استبدالها بغيرها من السيارات التي لا تعمل؛ للتهرب عما يلحقه من غرامات ومستحقات مالية بعدم التوصل إلى السائق الحقيقي.

قال العلامة ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (4/ 43، ط. مكتبة القاهرة): [والحِيَلُ كلُّها محرمة، غير جائزة في شيء من الدِّين، وهو أن يُظهِر عقدًا مباحًا يريد به محرمًا؛ مخادعةً وتوسلًا إلى فعل ما حرم الله، واستباحة محظوراته، أو إسقاط واجب، أو دفع حق] اهـ.

ولا يخفى ما في هذا الفعل من التحايل بطمس معالم الملصق الإلكتروني أو أرقام السيارة أو تبديلها، من إتاحة الفرصة لصاحبه للتجرؤ على القوانين التي تنظم المرور وعدم الالتزام بها، إذ يأمن ألا تلحقه الغرامة أو العقوبة المقررة لمخالفته، وذلك مما يضر بمصالح الناس ويعرضهم للضرر، وقد تقرر أن "الوسيلةَ إلى فِعل المحرَّم محرَّمةٌ"، وأن "للوسائل أحكام المقاصد"، كما جاء في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" للإمام العز ابن عبد السلام (1 /53، ط. مكتبة الكليات الأزهرية).

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإن القوانين المنظِّمة لحركة المرور بما تشتمل عليه من غرامات وعقوبات مستقاة في أصلها من أحكام الشريعة الإسلامية، والتحايل في تطبيقها للمخالفة أو للتهرب من الغرامات المقررة أمرٌ ممنوع شرعًا ومُجرَّمٌ قانونًا، ولا يرفع عن فاعله المساءلة الشرعيَّة والقانونية.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الدين في تجسس الزوج على زوجته أو العكس عن طريق وسائل الاتصال الحديثة؟


 ما رأي الشرع في إكرام أصدقاء الوالدين بعد موتهما؟ حيث قرأت  أن الشرع الشريف جعل صلة أصدقاء الوالدين بعد موتهما من صور البر بهما، فنرجو منكم توضيح ذلك الأمر.


سائل يسأل عن حكم الصور المرسومة على الملابس والمنازل وغيرهما، وهل تدخل في الصور التي ورد النهي عنها في الشرع الشريف؟


ما هي شروط صلاة الجنازة على الغائب؟ حيث تُوفِّيَ صديق لي أثناء عمله بالخارج ولم أعرف بذلك إلا بعد شهر من وفاته، وأريد أن أصلي عليه صلاة الغائب؛ فأخبرني شخص أنه بمرور شهر على وفاته لا تجوز الصلاة عليه؛ فهل يحق لي أن أصلي عليه؟ وهل هناك مدة معينة لصحة الصلاة على الغائب من بعد موته؟ وما شروط صلاة الجنازة على الغائب؟


ما حكم قضاء الحاجة بجوار المقابر؟ فقد سئل في رجل أجرى بناء حوش بجبانة المسلمين بأرض الإمام الليث رضي الله عنه، وجعل في بناء الحوش مرحاضًا عموميًّا بجوار المقابر، حتى إن حيطان هذا المجرور سالت منها المياه النجسة، وبها بعض من الغائط على المقابر التي بجوارها؛ حيث جئت بميت لي لدفنه، وبفتح القبر الذي بجوار المجرور فوجدته مملوءًا بالمياه ويتبعها شيء من الغائط، وشاهد ذلك كثيرٌ من المُعزّين -أي: المؤاجرين في الجنازة-، وقد أحضر بعضهم من الأتربة لتجفيف القبر ونزول الجثة، ولم يزل هذا المحل يصبُّ من جميع جوانبه إلى القبور المجاورة له، فهل يجوز فتح هذا المجرور بأرض وقف المسلمين وبها موتى المسلمين ويكون ذلك شرعًا؟ أفيدوا الجواب، ولكم الأجر والثواب.


ما مدى وقوع طلاق مريض الوسواس القهري؟ وهل يشترط لوقوعه التوثيق؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 21 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :34
الشروق
7 :1
الظهر
12 : 40
العصر
3:52
المغرب
6 : 18
العشاء
7 :35